الفصل 1 :
المقصود بـ(القدر) هو حظ الإنسان طوال حياته.
لذَلك، كنتُ أظنّ أنه عندما عُدت مِن جديد، سيتغيّر قدري كذَلك.
كنتُ أتمنى أنْ تكون القصة مثل تلكَ الحكايات التي يُصبح فيها الإنسان سعيدًا بعد معاناةٍ سابقة… ولكن، وكما هو حال المآسي التي تبدأ بأملٍ ممل، فقد جرى الواقع في الاتجاهٍ المعاكسٍ تمامًا.
“…هل هَذا هو المكان الصحيح؟”
أومأ سائق العربة الوحيد في أسرتنا مرارًا برأسه، ووجهُه شاحب، ردًّا على سؤالي.
“ن-نعم. هًذا هو المكان الصحيح بلا شك.”
حتى في أسرتنا التي تقع في أعماق المناطق النائية، وبعد أنْ قطعنا أسبوعًا كاملًا بالعربة مُتجاوزين الجبال والأودية، وصلنا إلى مكانٍ لا يُمكن تصديق أنْ بشرًا يعيشون فيه… مُجرد أرضٍ قاحلة.
‘ألم يقولوا إنهُ قصر دوق؟’
صحيح أنْ الإمبراطورية غرقت في الحروب، وكثيرٌ مِن النبلاء سقطوا، لكن مهما كان الحال، لا يبدو منطقيًا أنْ يحتفظ منزل الدوق بأرضهِ في مكانٍ كهَذا.
وعند التمعن جيدًا، رأيتُ قلعةً شامخة في وسط هَذهِ الصحراء المُمتدة بلا نهاية.
‘يُفترض أنْ زوجي موجودٌ هُناك.’
لقد مضت خمسة عشر سنة منذُ أنْ عُدت مُجددًا كابنةٍ لعائلةٍ فقيرة، وها أنا أُرغَم على الارتباط بالدوق الذي يُقيم في تلكَ القلعة.
زواجٌ صوريّ، بلا حفل زفاف ولا حتى لقاء تعارفٍ رسمي.
ذاك الذي اشتراني زوجةً له مُقابل دعمٍ مالي ضخم، كان يعيشُ هناك.
‘كنتُ أعرف أنْ زيجات النبلاء في هَذا العصر تتم بهَذهِ الطريقة… لكن لا زلتُ غير مصدقة.’
ظننتُ أنهم سيتظاهرون على الأقل بالتردد مِن أجل ابنتهم الوحيدة، لكنهم باعوني بكُل برودٍ مُقابل أكوامٍ مِن العملات الذهبية.
عادت إلى ذهني وجوه والديّ الذين لَمْ أستطع قط أنْ أرتبط بهما عاطفيًا.
فبِمُجرد أنْ وردهم خطابٌ يعرض تزويجي مقابل ثمن، استدعوني وقالوا:
“مباركٌ لكِ الزواج، ابنتنا. والآن، اخرجي.”
لقد كانت النقود أهم عندهم مِن الابنة.
وهَكذا، لَمْ أتمكن حتى مِن توديع أصدقائي، واضطررتُ للرحيل مع السائق وحدنا.
آه، لو كان هَذا العصر حديثًا، لكان أولئكً الأوغاد خلف القضبان الآن. لَمْ يسعني سوى أنْ أتنهد بمرارة.
‘ترى، مًن سيكون زوجي؟ بما أنْ الأمور مستعجلةٌ لديهم أيضًا… رُبما يكون عجوزًا فوّت فرص الزواج، أو أحمقًا هجرتهُ زوجته، أو…’
كلما اقتربنا مِن القلعة، تفاقمت الأفكار السيئة في رأسي.
“آه، يا آنسة… أعتقد أنه ينبغي عليّ العودة مِن هُنا.”
“ماذا؟! تُريدني أنْ أكمل الطريق وحدي؟”
لَمْ تدم دهشتي طويلًا، إذ فتحت عينَيّ على اتساعهما عندما قال سائق العربة هًذا الكلام المُفاجئ. حتى بالتقدير السريع، كان لا يزال أمامنا نصف يومٍ مشيًا على الأقدام.
سائق العربة انحنى وهو يربت على ظهر حصانه العجوز قائلًا:
“الحصان ليس بحالةٍ جيدة. لو دخل هَذهِ الأرض، قد يسقُط ميتًا…”
ولَمْ يكُن يكذب. فقد كان الحصان يلهث ناظرًا إلى القلعة عبر الصحراء، وقد تجمعت الرغوة عند فمه، في مشهدٍ يوحي لا بالتهديد بل بالمرض.
إنْ أرغمته على التقدم أكثر، قد يسقط ميتًا حقًا.
“…حسنًا، عد إذًا.”
“شكرًا جزيلاً!”
كنتُ ممتنةً أنه أوصلني حتى هُنا، في عمره هَذا.
وكان هو الشخص الوحيد في عائلتي الذي وقف إلى جانبي، فلَمْ أرغب في أنْ أُتعبه أكثر.
إنْ كانت المسافة المُتبقية لا تتجاوز نصف يوم، فلا بأس بالمشي.
لوّحت له بيدي مشيرةً له بالعودة بحذر، فانحنى مُجددًا مرارًا قبل أنْ ينصرف.
“حسنًا، فلننطلق إذًا.”
لحُسن الحظ، لَمْ يكُن معي الكثير مِن الأمتعة. الطرف الآخر أوضح منذُ البداية أنه لا حاجة لها، ولَمْ تكُن لديّ ثرواتٌ أُذكر على أيِّ حال.
حفنةٌ مِن الفساتين، وصندوق مجوهراتٍ ورثته عن جدتي، وأدواتٌ للدفاع عن النفس قدمها لي صديق، كانت كل ما أملكه.
حملتُ حقيبتي بيدٍ واحدة، وتوجهت ببطء نحو القلعة.
“المسافة أطول مِما ظننت.”
حسبتُ أنني سأصل قبل حلول المساء، لكن الشمس كانت قد أوشكت على الغروب.
وعندما وصلت إلى بوابة القلعة، كان الليل قد حلّ.
لهثي وصل إلى حنجرتي، وعرقي جعل ملابسي تلتصق بجسدي بانزعاج.
كنتُ أود أنْ أترك انطباعًا جيدًا في لقائي الأول مع زوجي المستقبلي، لكن يبدو أنْ ذَلك مستحيلٌ الآن.
“ألا يوجد أحدٌ هُنا؟”
وقفت أمام بوابة القلعة الضخمة التي لا تُقارن حتى بمنزلنا، ونظرتُ حولي. لَمْ أجد مقبضًا للطرق، ولا حارسًا يحرس البوابة.
حين لمحت أنْ عليّ فتح الباب الثقيل بنفسي، وضعتُ يدي عليه.
و…
صريررر—
بدأ الباب يُفتح ببطء.
وبينما كنتُ أحاول أنْ أنظر نحو السور لمعرفة مَن الذي فتحه، التقت عيناي فجأةً بشيءٍ ظهر مِن بين فتحة الباب.
‘عين…’
عَينٌ ضخمة برزت مِن الفتحة.
لَمْ يكُن هَذا مجازًا، بل كانت عينًا ضخمةً حقيقية.
مغطاةً بمادةٍ لزجة طويلة تُشبه تلكَ التي تفرزها الحلزونات، وكانت تُحدق بي بثبات.
في هَذا المشهد الغريب، تجمد جسدي مِن الرعب.
مقلةُ عينٍ أكبر مِن رأسي كانت تُحدّق بي مُباشرةً.
ومِن خلفها، كان السور الحجري للقلعة ممسوكًا بأصابع رطبة لزجة. لَمْ أحاول حتى عدّ الأصابع، إذ لَمْ تكُن تبدو بأيِّ حالٍ مِن الأحوال أصابع بشرية.
“مَن… أنتِ…”
سمعتُ صوتًا لا يطرق الأذن، بل كأنه يهزّ الدماغ مُباشرةً.
وحشٌ لَمْ أرَه سوى في الأفلام كان يقف أمامي حيًّا. كان عليَّ أنْ أهرب، ولكن حدسي أخبرني أنْ الوقت قد فات. كلا الإحساسين اختلطا في رأسي وأربكاه.
“مُتسلِّل…؟”
حين شعرتُ أنْ ذَلك الوحش بدأ يتعرف عليَّ كعدو، انطلقتْ لساني مِن تلقاء نفسه.
“أنا، السيدة الجديدة هُنا. انتقلتُ حديثًا. دعني أدخل، حسنًا؟”
قلتُ ذَلك بطريقةٍ ركيكة كأنني أجنبية تتعلم اللغة الإمبراطورية للمرة الأولى، بل إنني خلطتُ حديثي ببعض الكلمات الكورية في النهاية.
‘ما الذي فعلتُه الآن…؟’
رغم صدمتي، كان عليَّ الهروب لا التحدث بهَذا الهراء. هل أخطأتُ بالكلام مِن شدة الخوف؟
“…..”
لكن، سواء كان قد فهمني أم كان يُفكر بكيفية التهامي بطريقةٍ ألذ، فإنَّ مقلة العين الضخمة كانت تُمعن النظر بي مِن أعلى إلى أسفل.
بعد ثوانٍ مرت وكأنها دهر، انفتح باب القلعة بشكلٍ أوسع.
“السيدة… تفضلي بالدخول…”
في تلكَ اللحظة، خُيِّل لي أنْ مقلة العين العملاقة تبتسم.
رغم الأصوات اللزجة الضخمة التي كانت تُسمع، تجاهلتها مُتعمدة.
[كيهي-]
“…..!”
عندها، تحركت قدماي تلقائيًا ودخلتُ إلى داخل القلعة.
شعرتُ فجأةً وكأنَّ شيئًا ما يُطاردني مِن الخلف، فاندفعتُ إلى الأمام.
كأرنبٍ يهرب غريزيًا مِن وحشٍ مفترس، قفزتُ قفزةً طويلة ودخلت إلى ساحة القلعة.
“م-ماذا كان هَذا؟”
استدرتُ بسرعة للخلف، لكن لَمْ يكُن هُناك شيءٌ في الأرض القاحلة خارج الباب.
بدلًا مِن ذَلك، سمعتُ صوت طحن أسنان وصوت ضحكٍ غريب ‘كيهيهي’.
مُتجمدة مِن الخوف، ظللتُ أحدق خارج الباب، وقد أسقطتُ حقيبتي.
وبينما كنتُ أنظر، أغلق الباب الضخم نفسه وكأنَّ شيئًا قد أنجز مهمته.
ومع إغلاق الباب، توقفت الأصوات الغريبة أيضًا.
‘…مهلًا، أين ذهب ذَلك الوحش؟’
حين بدأتُ أستعيدُ وعيي، نظرت حولي بسرعة.
مقلة العين العملاقة التي فتحت لي الباب لَمْ تكُن موجودةً في أيِّ مكان. بدا وكأنه لَمْ يكُن أحدٌ موجودًا منذ البداية.
شعرتُ أنني ربما كنتُ تحت تأثير سحرٍ أو خدعةٍ ما، إذ لَمْ أستطع تفسير ما حدث وبقيتُ واقفةً مذهولة.
‘غريب، أهَذا فعلًا عالم البشر؟’
كان ما مررتُ بهِ تجربةً غريبة جعلتني أشك في أنني دخلتُ إلى عالمٍ آخر دوّن أنْ أدري.
“همم؟ زائر؟”
كم مِن الوقت بقيتُ واقفةً هَكذا؟ حين بدأت أشعر بالبرد بعد أنْ برد عرقي، سمعتُ صوت رجلٍ مِن داخل القلعة.
فرحتُ لسماع صوت إنسان بعد كل هَذا الوقت، فاستدرتُ بسرعة…
‘تبًا.’
ولما رأيتُ الرجل، أغمضتُ عيني بإحكام.
مصدر الصوت كان رجلًا لهُ أرجل أخطبوط بدلًا مِن ساقين بشرية.
لو كانت رجلاهُ وحدهما كذَلك، لما كنتُ ارتعبت بقدر ما ارتعبتُ مِن مقلة العين العملاقة. لكن مظهرُه المُفزع جعل العرق البارد يتصببُ مني مُجددًا.
كان يحمل في إحدى يديه كبدًا طازجًا يقطر دمًا، وكانت بقايا الأحشاء ملتصقةً حول فمه، وملابسُه ملوثةً بسائلٍ مجهول المصدر.
كان واضحًا أنه كان يأكل إنسانًا وخرج على عجل.
ووسط كل ذَلك، كان وجهُه يبدو مدهشًا ببراءته.
“غريب. لا يُفترض أنْ يدخل إنسانٌ إلى هُنا في مثل هَذا الوقت.”
‘لقد قال إنسان، أليس كذَلك؟’
طريقة كلامهِ كانت تدل بوضوح أنه لا يعتبر نفسهُ إنسانًا. تسلل الرعب البارد إلى عمودي الفقري.
“حسنًا، لا بأس. قبل أنْ يراكِ أحدٌ غيري، سأقوم بالتخلص منكِ…”
“عذرًا.”
“هممم؟”
لو بقيت هَكذا، كان هًذا الكائن الغريب سيتخلص مني.
شعرتُ بخطرٍ وشيك على حياتي، فانطلق لساني مرةً أخرى بلا وعي.
“تناول الكبد نيئًا قد يُسبب لكَ التسمم.”
“هاه…؟”
“التسمم الغذائي خطر، وقد يحتوي على طفيلياتٍ أيضًا. إذا لَمْ يكُن مِن مصدرٍ موثوق، عليكَ طهيه قبل الأكل.”
لَمْ أعد أعرف ماذا كنتُ أقول.
“هَكذا إذن؟”
ولماذا أنتَ مقتنعٌ بهَذا الكلام أصلًا؟!
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿《التليغرام》
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 1"