الفصل 02
لم يُصَب جي يان شي بأذى بالغ، وبعد بقائه في المستشفى لعدة أيام، عاد إلى المنزل.
لكن شخصيّته تغيّرت تمامًا.
في السابق، لم يكن هذا المنزل بالنسبة له سوى مكانٍ يأكل فيه وينام، ويؤدّي فيه أحيانًا واجباته كزوج.
أمّا الآن، فأينما ذهبتُ، كان يتبعني.
حتى حين أذهب إلى الحمّام، ينتظر عند الباب.
لقد كان الأمر مرهِقًا بحقّ.
في المرّة الثالثة عشرة التي طردتُه فيها من المطبخ، نظر إليّ جي يان شي بعينين مُتوسِّلتَينِ، وقال، “يان يان، قبل أن تَرحَلِي في المرّة الماضية، أعددتِ لي ضلوعي المفضّلة بالحلو والحامض.”
“…….”
أمسكتُ المِقلاة، وأحسستُ برغبة في تهشيم رأسه لأرى أين نبت هذا الجزء الزائد من دماغ الحب لديه.
في هذه المرحلة، كنتُ قادرةً على سرد كلّ تفاصيل حياته قبل أن يعود إلى الحياة من جديد بعد موته، بل وبالعكس أيضًا.
تظاهرتُ بعدم سماعه، وركّزتُ على الضلوع التي في المقلاة.
اقترب جي يان شي من خلفي بِصَمْتٍ، ووضع يديه على خصري، وصوته مبحوحٌ، “يان يان، أنا جائع.”
نظرتُ إليه جانبًا.
“ستكون جاهزة قريبًا. انتظر بالخارج.”
لكن جي يان شي لم يُطِع.
تساقطت قُبلاته على جبهتي، وصدغَيّ، وخدّي، ثم همس لي بلطف.
“يان يان، أنا أحبكِ…….”
وسط رائحة جي يان شي النقيّة والعطرة، دفعتُه بعيدًا.
“الضلوع ستحترق.”
“إن احترقت، فلن نأكلها. يان يان، وجودكِ وحده يكفيني.”
أطفأ جي يان شي الموقد، ثم قال بهدوء، “دعينا نرتاح قليلًا.”
تقدم نحو الغرفة بهدوء، وحملني بين ذراعيه بهدوء إلى مكانٍ خاص بنا.
لم يكن جي يان شي يومًا بهذا الاهتمام.
كان كمسافرٍ ضائع في صحراء واسعة، يسير بلا هدف واضح، متردّدًا ومتوتّرًا في كل خطوة.
رفعتُ يديّ ولمستُ الندبة الصغيرة خلف أذن جي يان شي.
كانت صغيرة لدرجة أنه لم يلاحظها بنفسه.
وقد تشكّلت لها قشرة الآن.
لكنني وحدي كنتُ أعرف ما تحت تلك الندبة.
شريحة. شريحة جعلت جي يان شي يظن أنه واقعٌ في حبّي.
منذ أربع سنوات، استثمرتُ في معهد أبحاثٍ كان على شفا الإفلاس.
كانوا يدرسون علاجاتٍ للأمراض المستعصية، كما كانوا يعملون على تطوير شريحة ذاكرة.
لم تكن تلك الشريحة تُغيّر الذكريات أو تخلق أخرى جديدة، بل تزرع فرضيّةً أساسيّة في عقل مَن تُزرع فيه، وتُضخّم شعورًا معيّنًا. تحفّز الدماغ ليعامل ذلك الشعور كما لو كان ذكرى حقيقيّة.
أما التفاصيل غير المرتبطة بذلك الشعور، فكانت الشريحة تدفع الدماغ لتشويهها أو ملء الفجوات بما يناسب.
تمامًا كقصّة جي يان شي عن عودته إلى الحياة من جديد بعد موته. فهو لا يتذكّر سوى شعوره بالذنب والحب تجاهي، دون أن يعي أيّ شيء ممّا سبق تلك العودة الغامضة.
في السنوات الخمس التي عشتُها مع جي يان شي كزوجين، رغم أنه كان باردًا ومملًّا ولم يُظهر ليّ اهتمامًا حقيقيًّا، إلا أنه لم يُقِم أيّ علاقة مع امرأة أخرى.
كنتُ أظنّ أننا سنبقى هكذا.
لكن منذُ الشهر الماضي، بدأت امرأة تظهر كثيرًا حول جي يان شي.
كانا يلتقيان، يتناولان الطعام سويًّا، بل ويتحدثان عبر الهاتف في وقتٍ متأخر من الليل.
وفي إحدى الليالي، حين استيقظتُ لأشرب ماءً، رآني جي يان شي وأغلق المكالمة على الفور.
إذن، حتى الرؤساء التنفيذيين المتسلّطين يشعرون بالذنب عند الخيانة.
ورغم أن السيناريو الذي كتبتُه له صوّرني كامرأة لا تقاتل ولا تُثير المشاكل، إلّا أنني في الواقع لم أكن مستعدّة لقبول ذلك.
فدبّرتُ حادث سيارة، وأثناء علاجه، تمّت زراعة الرقاقة في دماغه، وعدّلتُ ذاكرته.
أردته لي وحدي، دون منازع.
لطالما علمتُ أنّني لا أتمتّع بعقلٍ سليم.
فمنذ الطفولة، لم يكن هناك شيء يثير اهتمامي، سوى جي يان شي.
لا أحد يقدر أن يأخذه منّي.
هو لي وحدي.
إلى الأبد.
***
التقيتُ جي يان شي لأوّل مرّة عندما كنتُ في الثالثة عشرة من عمري.
كانت حفلة عيد ميلاد أختي غير الشقيقة في الخامسة عشرة، مناسبة ضخمة، حضرها كلّ نُخبة المجتمع في العاصمة.
ارتدت فستان أميرة من أحدث صيحات الموضة، وكانت تتنقّل بخفّةٍ في قاعة الحفل، بينما جلستُ أنا في الحديقة الصغيرة، أرتدي فستانًا مضى عليه عامان.
أمسكتُ بفراشة، وقبل أن أتأمّلها جيّدًا، خطفتها تشاو وان من يديّ.
“تشاو يان يي، فستانكِ قبيح جدًا.”
نظرتْ إليّ بابتسامة مشرقة، لكن كلّ ما كنتُ أراه هو الفوضى على الأرض.
فراشةٌ ماتَتْ، جَناحاها تَمَزَّقَا.
حالتها البائسة ذكّرتني بتلك الدُمى وفساتين الأميرات التي مزّقتها تشاو وان وأمّها إلى أشلاء.
وتلك النجوم الورقيّة التي رُميت في سلة المهملات.
لم أكن غاضبة على الإطلاق، فقط أفكّر فيما سأضعه على سرير تشاو وان هذه الليلة.
فأرٌ ميّت؟ أم صرصورٌ حيّ؟
أضحكني مجرّد تخيّل تشاو وان وهي تقفز هلعًا.
أسرعت نحوي، مستعدّةً للهجوم، لكنّها توقّفت حين رأت جي يان شي.
كان جي يان شي في الخامسة عشرة، ومع ذلك، كانت تبدو عليه بالفعل هيبة المدير التنفيذي المستقبلي، هادئ، بارد، ووسيمٌ بصورة لا تُصدّق.
يرتدي بدلةً صغيرةً مُفصَّلةً بعنايةٍ، وربطةَ عنقٍ أنيقةً تُحيطُ بعُنُقِه.
كان يكفي أن يقف هناك، ليجذب أنظار الجميع.
بادرت تشاو وان بالتحيّة، متدلّلة كعادتها، لكن جي يان شي اكتفى بإبلاغها أن والدتها تبحث عنها، فتركتني وانصرفت دون أن تلتفت.
ظلّ جي يان شي واقفًا في مكانه، ساكنًا وصامتًا.
نظرتُ إلى الفراشة الممزقة على الأرض، فقدتُ اهتمامي بها، ثم غادرتُ المكان.
بعد شهرين، التقيتُ جي يان شي مرّةً أخرى.
في مكانٍ هادئ، بعيدٍ عن أعين الجميع، ناولني إطارًا خشبيًّا صغيرًا. بداخله كانت الفراشة التي اصطدتُها، محفوظة بدقّة، وكأنها لا تزال حيّة.
لكن في الحقيقة، كانت عيّنة لفراشة.
كان الإطارُ صغيرًا، بِحَجْمِ راحَةِ يَدَيَّ تَمامًا.
جي يان شي كان يحمل نفس التعبير الصارم على وجهه، لم ينبس بكلمة، وما إن سلّمني الإطار حتى استدار ورحل.
راقبتُه وهو يبتعد، ثم شددتُ قبضتي بهدوء على الفراشة في يديّ.
جي يان شي، لقد جئتَ طواعية إلى راحة يديّ.
يُتبع….
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 2"