3
“…”
كنت في حـيرة لدرجة انني أصبـحتُ عاجـزةً عن الكلامِ.
“كان مصـير والدتكِ هو ما قد صنعـتهُ بِنفسها، لا أريد حتى التـفكير في الأمر بعد الآن، من فضـلكِ، دعـينا نتوقـفُ، لن يحـدث شـيءٍ جيد إذا واصـلنا الحديـث عن هذا… “
الجواب الذي قالـهُ للتو كان مملـوءً بالصدق
الخالص، بدون كذبـة واحـدة.
“أرحـل.”
“إيديث…؟”
كان تعـبيرُ روبرت يـدلُ على مدى حيـرتهِ.
“ارحل بعـيداً، ولا تعـد مـرةً أخـرى أبدًا.”
كان صوتـي باردًا بِشكلٍ مُـثيرٍ للدهـشةِ.
“انتظري لحـظة، إيديث!”
قام روبرت بِمُـناداتيَّ ومـدَّ يـدهُ.
“لماذا تتمـسك بـيَّ هكذا ؟ أنا ابنـةُ أمي
فقط يا عم، أبنـةُ المرأة التي تكرهـها.”
في تلك اللحـظة، توقفـت يد روبرت كما لو تم حجـبها بجدارٍ غير مرئـي ولم تعـد قادرةً على الحـركة.
“ماذا تقـصدين بهذا، أنتِ طفلـتي!”
بعد لحظة، اندلعـت صرخـة تصـم الآذان من روبرت.
رفعـت يدي لتغـطيةِ أذنـي.
“آه ، إيديث…”
غطى روبرت فمهُ بتعـبيرٍ يدلُ على توتـرهِ بوضـوحٍ.
“أنا آسف، لم أقصد اخافتكِ… “
فـكرت وأنا أحـدق فيهِ بقلـق.
‘روبرت يشـعرُ بالذنـب تجاهـيَّ.’
حتى الآن، لم يكـن يعـرفُ حتى بوجـودي، ومن وجهة نظـره، تم إهـماليَّ فـي بيـئةً فقـيرة.
لذا فهو يريـد أن يعوضـني قدر استـطاعته و منـحيَّ الحُـبَ الذي لم يستـطع اعـطائهُ لأنه كان يجـهلُ بوجـودي حتى الآن.
ومع ذلك، لم تكـن مارييت جـزءًا من هذا الاحـساس.
فجأة مر نـصٌ من الروايـةِ الأصلـية فـي ذهنـي.
[اقتربـت مارييت الصغـيرة من روبرت، الذي قد جفـت دموعـهُ، وهو يعانـي مِن ذكرى والده الذي يُجـر إلى الخارجِ بِعـنف أمام عيـنيهِ.
حتى لو رفـض روبرت التكـلم معـها، مـدّت
تلك الفتاة الصغـيرة يدها مرارًا وتكرارًا لمـساعدتهِ.
في أحد الأيام حيـثُ قد مرت الفـصولُ بالفـعلِ
وقد عادَ الشـتاءُ مرةً أخرى.
لسببِ ما، لم يبـعد روبرت اليد الصغـيرة التي كانت ممــدودةً بإصـرار هذه المرة، بل قد تمـسكَ بِها.
وعنـدما مرت الفـصولُ مرةً أخرى، وقد
ظـهرت براعـمُ الربيـعِ بالفـعل.
تمكـنَ روبرت أخيـرًا من اسـتعادة ابتـسامتهِ
الشبيـهة بأشـعةِ الشـمس الدافـئة.
عند النـظرِ إلى وجه روبرت المُبتـسمِ، لم تظـهر مارييت أيَّ ردة فعـلٍ، لكن فـي الواقـع لقد غمـرت السعادةُ قلـبها فـي تلك اللحـظة.
الفتاة التي أرادت تحـرير الصـبي الذي فقـد كُل شيء وكان مُحـاصرًا في سجـنِ قلـبهِ، أعطـتهُ قلـبها الحقـيقي وصِدقـها.
قلبٌ ملـيء بالحـبِ الرقيـق الذي لا يستـطيع أحدٌ الحصولَ عليـهِ بسـهولةٍ]
وذات يومٌ، لقد ابلغ مارييت، التي كرسـت لهُ نفـسها، بفسـخ خطوبتهما، قائلًا إنهُ يحـبُ امرأةً أخرى في النهاية.
وتم رفـضُ مارييت، التي كافحـت وعانـت من مرارة الجـروحِ التي خدشـتها الخيانة، باعـتبارها مُجرد غيرةً وحشـيةً.
لقد تركَ اليد التي أنقذتهُ ذات مرة وأسقط في نهاية المطاف فاعل الخير الذي ساعده وعائلته.
ومع ذلك، كُل تلك الأشـياء التي يجـب أن ينـدم عليها بالفعل، لم يبـدُ علـيهِ النـدم أبدًا حـولَ هذا.
“إيديث…من فضلكِ…ما خطبكِ ؟”
ركع روبرت على ركبـتيهِ ونظر إليَّ والدمـوعُ
تنهـمرُ بِغزارةً على وجـههِ.
عندما رأيتـهُ لأول مرة، بدا جمـيلًا مثل بتلاتِ أزهار الكرز التي ترفرف في السـماء الزرقاء، ونبـيلًا كما لو أنه لن يتلطـخ أبدًا بشـيءٍ سـيءٍ.
لكن، في الواقع، كان هذ الشـخص الواقف
امامـي أنانيًا بشـكل رهيـب.
و انا ابـنتهُ التي عاشَ دون أن يعـرفَ حتى عن وجـودها.
هل يجـب أن تصـل أفـعالهُ إلى هذا الحـد المُـبالغ ؟
البشر هكذا بمـجرد ان يـتعلقوا بشيء ترك انطـباعًا قويًا عليهم، فإنهم يصبحون مهووسينَ بهِ بِشدة، ويذرفـون الدموعَ بسهولة ويتـلوونَ الاعذارَ لهُ، لكن لا يوجـد تعاطف صادق أو تفـكير في ألم الشـخص الآخر.
“إيديث…”
لهذا السـبب يمـكنهُ التـحدث عن مارييت
ببرودةً شـديدة هكذا.
“كلا، إيديث-!”
حتى لو لم أسـتطع اعتبار مارييت ليـست شخـصية شريرة فـي الروايـة و أن أقوم باعتـبارها امي الحقـيقية، فما فـعلهُ روبرت هو شـيءٍ لا يُمكـنني قبـولهُ كإنسان.
لم أهدر المزيـدَ من الوقـت وأغلقـتُ الـبـابَ.
“إيد-“
-بانغ
أغلقـتُ الـبـاب وتبـع ذلك صمـت حيث
ساد الهدوء و السكـينة المـكانَ.
لكنني وقفـت ساكنةً، أفكرُ في روبرت، الذي كنتُ
متـأكدةً من أنهُ لا يـزالُ واقـفًا في الـخـارج.
نعم، هذا جيد.
أغمـضتُ عيـنيَّ وفكـرت.
عليّ فقط قطـعُ الاتـصالِ مـعهُ و العيـشُ
بهدوءٍ كما فعلـتُ حتى الآن.
-دينغ، دينغ
رنَّت الـسـاعة ببـطء، فنـظرتُ اليـها.
كان الظـهرُ قد حلَ بالفـعل.
“يجـب علـيَّ أن آكـل…”
ابتـعدتُ عن الـبـاب.
إذا كانـت لدى روبرت أيَّ ضمـير، فلن يأتـي لهـنا بعد الآن.
***
كان هناك صوت خـطوات ضعيـفة.
“سيدي.”
اسـتدار بيريون على الفـور و بدأت حواجـبه تضيـق.
” بيريون…”
‘هل ذهـبَ لرؤيـة ابنـة تلك المرأة
مرةً أخرى لهذا عـاد هكذا ؟’
كما لو أن الشـخص الذي يحـبهُ أكثر من غيرهِ
فـي العالم قد تخـلى عنهُ، بدا مُـتألمًا للـغاية.
قضـم بيريون شفـتيهِ.
لقد كان أحـمقٍ.
الشخـصان اللذان يجـب أن يحـبهما روبرت حقًا هما شاستيا وآليا، المـوجودان بالفـعلِ فـي قصر الدوق الاكبر.
لكن ماذا كان يفـعلُ حتى الآن ؟
عض روبرت شفـتيهِ، غير مُدركٍ
لمـشاعر صديـقهِ الحقـيقية.
لا يزال صـدى كلمات الطـفلةِ يـترددُ في أذنيـهِ.
‘أرحل بعـيدًا، ولا تعـد مرةً أخـرى أبـدًا.’
بدا قلبـهُ مُمزقًا إربًـا إربًـا عند سـماعهِ ذلك.
“ماذا علـيَّ أن أفـعل…؟”
ضاقـت أعـينُ بيريون على صوت روبرت
الهامس المـملوءِ بالالـم.
نظرت تلك العيـون الحمراء الدامعة
إلى السـماء الزرقاء الصافيـة.
“كيف يُمـكنني أن آخـذها ؟”
“أستميـحكَ عُـذرًا…؟”
لم يفـهم بيريون ذلك حتى جعـد حاجبـيه.
“سيدي ما الذي تقـصدهُ بذلك ؟”
” آه، لم أخـبركَ…”
رفعَ روبرت رأسـه للنـظرِ نحو السـماء.
“سآخـذ إيديث إلى قصر الدوق الأكبر يا بيريون.”
تمـتم روبرت بِذلك الصـوت الـنـاعم، كما
لو كان يقولُ شـيئًا واضـحًا جـدًا.
كان بيريون مُحـاطًا بِصـدمةٍ كبـيرة.
لم يكن يتـوقعُ حـدوثَ هذا أبـدًا.
لم يعتـقد أنه سيـحاولُ اخذ ابنةِ تلك المـرأة.
إذا كان الأمر كذلك، فماذا ستـكونُ نظـرة النبلاءِ عن هذا ؟
و ماذا عن كمـية الأذى الذي سـيعانيان
منـهُ شاستيا وآليا ؟
اللتانِ بالكاد نسـيتا ذكرياتهـما المؤلمة
بعد أن أصبـحتا سـعيدتينِ ؟
“ماذا تقـصد بأنك سـتأخذها…؟ هل نسيت
حقًا من هي والدةُ تلك الطـفلة ؟”
لم يسـتطع بيريون إخفاء غضـبهِ.
‘من فضـلك غير رأيـك الآن سيـدي!!’
إذا كانت افعال الماضي التي لم يهـتم بها حتى الآن قد أثارت شعـورهُ بالذنـبِ فجـأةً، ألم تكـن هناك طريقـة لدفـع نفـقاتِ معيـشةِ هذه الطـفلة فقط ؟
فـي اللحـظة التي فتـحَ فـمهُ فيـها، مر
نسـيم بارد عند عنـق بيريون.
حبـسَ بيريون أنفـاسهُ غريـزيًا.
“…”
كانت عيون روبرت الحـمراء، التي اعتـادت على احتـواء الضوء الصافي المُـشرق بِشـكلٍ جميلٍ، تُحـدق في بيريون مُسـببةً قشـعريرة لا توصـفُ لهُ.
كان هذا بسـبب روح الريـح.
حبس بيريون أنفاسـهُ، غير قادرٍ على التـحرك بسـبب النصل الحاد الذي خلـقهُ الجو، و الذي يمـكنهُ الشـعورُ بهِ من خلـف عُنـقهِ.
“لا تقل المزيـدَ مِن الهُـراءِ، بيريون.”
قال روبرت ذلك بهدوء، وجمـع غضـبهُ الصامـت.
“لا يهـم من هي والدتها، أهم شـيء هو
حقيـقة أن إيديث هي ابنتـي.”
“قلت شيـئًا مُـبالغًا به، أنا آسـف يا سيدي…”
ركـع بيريون على الفـور على الأرض.
نظر روبرت إلى الأسـفل للحـظة قبل أن يرفـعَ بصـرهُ.
“كيـف ليَّ أن أكـفر عن خطاياي و أكون والدها حقًا ؟”
وكأن الغضـب من قبل قد اختـفى، خـرجَ مـن فمهِ
صوتٌ ملـيء بالحـزنِ العمـيق.
“لابد أنها أصيـبت بأذى شـديد و حزن في كل مرة تفـكر في سبـب عدم امتلاكهـا لابويـن لكنـني لم أكن أعـرف ذلك حتى… “
‘أليست ابنتـك فـي قصـر الدوق الاكبر ؟’
تمكن بيريون من قمع رغبـتهِ في نطـق هذه الكـلمات.
“ماذا بِحـق كنـتُ أفـعلُ حتى الآن ؟”
آه، شـعر بيريون بشـعور غريـب كما لو
أن قلبهُ قد سقـطَ في وسـط البـحر.
تألقـت بشـرة روبرت الجمـيلة أكثر بحـزنهِ.
ومع ذلك، فإن الكلـمات التـي قالها للتو تحـتوي على نبرة مشؤومـة لم يرغـب بيريون فـي سـماعها حتى في أحلامـهِ.
كانت ابنة روبرت هي آليا، جمـيلةً كالـمـلاكِ.
ألم يربـي روبرت آليا كما لو كانت ابنـتهُ الحقـيقية في السـنواتِ القليـلةِ الماضـية ؟
“ربما تعـتبرني قاسـيًا، لكن بيريون…”
نظر روبرت إلى بيريون وقال:
“آليا ليـست ابنتـي الحقيقـية، والد تلك الطفـلة
ليس أنا، كما تعلـم، إنهُ ذلك الشـخص المـقرف الذي لا اريد حتى ذكر اسـمهِ.”
لم يـرد بيريون.
نظر روبرت إلى صديقـهِ الصامـت بازدراء،
و تحدث بكلـمات ممـزوجةٍ بالأحـباطِ.
“هاه لقد حصل ما حـصل، ما الذي سيحـصل
إذا كنت أتحـسرُ هكذا ؟”
اسـتدار روبرت بعـيدًا حيـثُ قد رفرفت
حافةُ رداءهِ الرمادي الفضـي.
“سأبقـى فـي هذه القريـة لفترة من الوقت،
هذا كل ما يجـبُ ان تعـرفهُ.”
حـدّق بيريون فـي روبرت الذي ترك تلك الكـلمات فقـط.
“…!”
-نبض.
حالما اخـتفى ظهرُ روبرت تـمامًا، تغيـرَ تعبيرُ بيريون تمامًا
مـا قالهُ روبرت الآن كان إنكـارًا لكُل
الوقتِ الذي امضـياهُ معًا.
حتى الآن، اعـتقد بيريون أن روبرت
أحـب آليا أيضًا مِن كُل قلبـهِ.
كان هذا طبـيعيًا، كانت ابنة شاستيا، آليا، نقـيةً وجـميلة لدرجة ان أيَّ شخـص لم يستـطع تخـيل ان والدها الحقيقي كان شخـصًا سـيئًا.
كانت طفلةً مُخـتلفةٍ اختـلافًا جوهريًا عن تلك الطـفلة التي كانت سـترث عقلية مارييت إيدن باستيفان القاسية.
ومع ذلك، التفـكير فـي أن روبرت وليس أيَّ
شخـصٍ آخر، كان لديه مثل هذه الأفـكار…
ابنةٌ حقيقـية ؟
“تلك السـلالة اللعـينة…”
ما الذي كان مُهـمًا جدًا بـشأن هذا ؟
‘بيريون…أنا خائفـةٌ جدًا، الجمـيع يكرهنـي، أعتقد أنهـم يحاولـون طردي بطريقـةٍ ما، ماذا علـيَّ أن أفـعل…؟ ما هو الخـطأ الذي فعلتـهُ حـقًا ؟’
تذكر امرأة كانت تبـكي وتلوم نفـسها
فـي حالةٍ مـن اليأس.
ضغـط بيريون على شفتـيهِ.
لقد أقسمـتُ على حمايـتكِ.
لذلك سأفـي بهذا العـهد.
كانت هناك حاجـة لأتـخاذ إجراءاتٍ حازمـة.
كان عليـه أن يـتدخل، حتى لا يـتأثر
روبرت بِهـذا بعد الآن.
Chapters
Comments
- 3 2025-09-26
- 2 2025-09-26
- 1 2025-07-20
- 0 - المُقدمة 2025-07-20
التعليقات لهذا الفصل " 3"