2
سحب:
___ الفصل الثاني __
“آه، انتـظري لحـظة!”
حاولـتُ إغلاقَ الـبـابِ، لكن يديَّ روبرت كانتا أسـرع.
نظرت إلى وجه روبرت الوسيـم بِقلقٍ، قالَ
روبرت بِطريقـةٍ مُرتبـكةٍ:
“عرفتُ أن اسـمكِ إيديث، أنا آسـف، لا أستـطيعُ
أن أصدقَ أنني اكتشـفت اسـم ابنـتي الآن فقط.”
لماذا أنتَ يائـسٌ جدًا هكذا…؟
تجعـدَ حاجبيَّ قليلًا.
فجأة سيـطر عليَّ حدس قوي ورنْ
مِثل جرس إنذار عالي فـي رأسي.
بدا وكأنه تحـذير بأنه إذا لم أتخـلص مـن هذا الرجل على الفور، فإن حياتـيَّ سَتـكونُ مُرِهـقةٍ مِـن نـواحٍ كثيرة.
روبرت، كما لو كان يفكر في صمتي، ثنى
ركبتيه ليـقابل مسـتوى عيـني.
بدت عيـناه مَليئةً بالشعورِ بالذنـب.
“سمعـتُ ان بيريون جاء أمـس، إذا كان هـناك أيُّ شيء قالهُ سـيء، فلا تتذكريـه، إنهُ شـيء لا تحـتاجين إلى الاهتـمام به.”
‘على الرغم من ان مظـهرها يشـبه إلى حد كبـير سيدي، لكن طبيـعة و صـفات والدتـها لا بد أنها قد ورثتـها.’
كيـف يُمـكنني نِسـيانُ ذلك ؟
قال بيريون شـيئًا لا ينبـغي أن يقولهُ أمامَ طفلةٍ، حيثُ كانت أعينهُ مَليئةً بالعـداءِ والازدراء والاشـمئزاز.
أنا سعيـدةٌ أن روحي ليست روح طفلةٌ عادية، لو كنـتُ طفلة حقيـقية، لكنـتُ قد تعرضـت لصدمةٍ لبقية حياتي.
لذا لا داعـي للقلـق.
يجـب علـي طرده بسـرعة فقط.
لا أعتـقد أنه سيكـونُ مُفيدًا لصـحتي العقـلية
الأسـتمرارُ بالالتقاء بهِ وجهًا لوجـه مرة أخرى.
تنـهدت وفتحـتُ فمـيَّ.
“سـمعتُ عنـك من جدي، يا عم.”
“عم…؟”
كرر روبرت بعـديَّ ما قلـتهُ فـي حـالةً مِن الذهـولِ.
بِماذا أناديكَ اذا لم تُعجـبك يا عم ؟
لا تقـل لـيَّ أنك تريدنـي أن أناديكَ بأبي ؟
واصلتُ بِصوتٍ حازمٍ.
“أعلـمُ أنكَ والدي، لكن هذا لا يعـني أننـي
سأناديـكَ بأبي، اذهـب قبل أن يعودَ جدي.”
سحبـتُ مِقبضَ الباب مُجددًا، مُنهـيةً جُمـلتيَّ.
“آه، كلا انتظري!”
ولكن تم ايقـاف الـبـاب مرةً أخرى
بيـد روبرت، عبـست ونظرت اليه.
بدت أعيـنهُ الحـمراء النقـية المُمـتلئةُ بالدمـوعِ تهـتز.
“ألا يمكـنكِ أن تعطـيني فرصةً أخيرة ؟ أود
فرصةً واحـدة فقـط.”
نظرت الى روبرت بنـفورٍ شديد بسـبب الجملةِ التي لم أرغب فـي سـماعها أبدًا ، والتي لم أسـتطع حتى تَخـيُلها.
بِحقكَ، نحـنُ لسـنا فـي دراما كوريـة هنا، ما
الذي تفـعلهُ يا سيدي البطل ؟
“لم يكـن في نيتـي أن اتـجاهلَ وجودكِ أبدًا…إذا كانت والدتكِ قد أخبرتـني الحقـيقةَ فقط، لما عشـتُ دون أن أعرف أنكِ يا وريـثةَ دمـي مُوجودةً، لولا ذلك لما تركتـكِ أبـدًا…”
كافحَ روبرت للتـحدث بنـظرة مليـئة بالألـم والعـجز.
“إيديث، فقط أعطيـني فرصـة اخرى من فضلكِ، فرصة واحدة لتكوني قادرةً على اعتباري والدكِ.”
لقد كان نداءً يائسًا.
لماذا هو مـهووسٌ بـيَّ ؟
هل لأنني ابنـتهُ ؟
لديـك بالفـعلِ آليا تَنتظرك في ذلك القـصر الكـبير.
‘أوه، لحظة لا تخبرني…’
فكرتُ فـي شـيء ما وتصلـبَ جسـديَّ بأكـمله.
هل يفعل كُل هذا فقط لأن آليا ليست ابنتهُ الحقيقية، وأنا أكون ابنته البيولوجية التي ورثت دمهُ ؟
“…”
منذ أن كنتُ أقرأ الروايـةَ الاصلـية، لم أحـبَ روبرت جـدًا.
كان دوق باستيفان هو الذي أنقذهُ من
ماضيهِ الرهيـب عندما فقـد كل شـيء.
حرص دوق باستيفان على أن يعيـش
روبرت طفـولةً سلمـية دون أيَّ ألمٍ وبؤس.
على الرغم من العيب القاتل المتـمثل في كونهِ ابنًا لخائن، فقد كان قادرًا على الارتقاءِ إلى منـصب فارس مُـقرب من ولي العهد بِفـضل مُـساعدة دوق باستيفان، الذي لم يستطع حتى الإمـبراطور الوقوف ضـدهُ بِلا مـبالاة.
حتى لو حاولتُ أن أفهـم روبرت و انه فعل كُل هذا من اجل الحب لكنهُ لا يزال قد تلقـى الكثـير من باستيفان.
بِعبارةً أخرى، حـبهُ لأرملـةً فقـيرة ليس لديـها
شيء كان كافـيًا لخـيانة كُل عَطاءِ الدوق وأبنـته بالنسبةِ لهُ، على الرغم من أن ذلك العـطاء لم يكن صغـيرًا أبدًا.
لذلك لم أكـن أحب روبرت.
و لا أستـطيعُ أن أحـبه.
على الرغم مِن أنـهُ كان البـطل.
كان الأمر نفسهُ بالنـسبةِ إلى شاستيا.
هذا لأنني ما زلت أتذكر المشهد حيثُ تم إخبار مارييت فجأة بالانفصال من طرف واحد بسـبب رغبات خطيبها، جاءت تشاستيا بعدها لرؤيـتها بعداءٍ واضحٍ.
‘لماذا انتِ قاسية هكذا ؟ السير روبرت، يُحـبني حقًا! هل تعرفين كم ذرف مـن الدمـوع وكم عانى من الألم قبل أن يطلـب من الأميرة فسـخَ الخطوبةِ ؟ ومع ذلك، فقد اتخذ قرارهُ بِدافـع حُبهِ ليَّ، لذلك يا أميرة…فقط دعـيهِ يذهب لو سمـحتِ.’
لقد كان زواجًا ضعـيفًا للغايةِ عند
التفـكير بالامـر مرةً أخرى.
إذا لم اكن قد اشـتريت المُـجلد بالكامل، لكنتُ
تركتُ قِراءتها حيـنها!
-بانغ!
“إيديث!”
أغلقـت الـبـاب دون تردد للمـرة الثانيـة.
كان من الظلـم ألا تكون قادرةً على اللعـنِ والشتم فقط
لأنها صغيـرةٌ عـندما تتـجادل مع شخـصٍ أكبر.
“هاااه.”
نظرت إلى البابِ المُغلق بإحـكام وأخرجت زفيرًا طويلًا.
من فضلك، لا تأتـي مرة أخرى.
‘…لقد ولدت حقًا كأبنةِ مارييت…’
لقد غسلتُ وجهي الجاف وتجاوزت الباب
حيث من الواضح أن روبرت لا يزالُ واقفًا.
لماذا هو مثابرٌ جدًا هكذا ؟
كان روبرت مُـثابِرًا جدًا، يبدو الأمر كما لو أنه لم يعد البطل النقي، ولكن كما لو أنهُ قد أصـبحَ شخـصًا سامًا ومهـووسًا فقـط.
***
ما حدث بالأمـس حـدّث في اليوم التالـي
أيضًا، فـي الـسـاعة الحاديـةَ عشر صبـاحًا.
“إيديث! أعتقد أن والدكِ كان مُتسرعًا
جدًا في الأمس، مرةً أخرى-“
-بانغ!
لقد أغلقت الباب مرةً أخرى أيضًا اليوم.
“…”
وكذلك، في اليـوم الـتـالي فـي الساعة الثانية بعد الظـهر.
“إيديث! لم نتمـكن من الحدـيث عن أي شيء فـي الأمـس، لذا أحضـرتُ لكِ بعض الوجـبات الخفـيفة التـي قد تعـجبكِ، كوالدكِ-“
-بانغ!
“ها…”
وأيضًا، في اليوم التالي الساعة فـي الثالـثـة بعد الظـهر.
“إيديث! من فضلكِ، ليـس علـيكِ الإجابة، إذا كان بإمكـانكِ الاستماعُ إلى كلـمةً واحـدةً فقط-“
-بانغ!
“هذا…”
وكذلك فـي اليـوم التالي فـي الساعة الثانيـةَ عشـر ظهرًا.
“إيديث، يبدو أنكِ كنـتِ توليـنَ اهتـمامًا لهذا الحـصان ذلك اليوم، لماذا لا تذهـبين لركوب الخـيل مع أبيكِ-“
-بانغ!
ومرةً أخـرى، في اليوم التالي فـي الساعة
الحاديةَ عشـر صباحًا.
“إيديث، حتى لو لم تسـتمعِ إليَّ اليـوم، فلن أغـادرَ من أمامِ هذا الباب، لذا من فـضلكِ لا تغلقـيه-“
بانغ، بانغ، بانغ!
‘أنهُ مجنون!’
ركلت الباب بِقدمي بسبب كون غضبيَّ لم
يختفِ حتى بعد أن أغلقـتُ البابَ.
لقد جاءَ مرةً أخرى!
عضضـتُ شفـتيَّ و حدقتُ فـي الباب.
لقد مرت بالفـعل خمـسةُ أيامٍ مُنذ أن تشـبث روبرت بها.
أصـبحَ هذا الهـوسُ مُرِعـبًا أكثر فأكثـر.
كان ذلك الرجل المجـنون يأتي مثل الشـبح
فقط عنـدما يكونُ جـدها بعيدًا.
هل قام بوضـع مُراقبـين حول المـنزل ؟
حدقـت فـي الباب بصـمت.
أنا مـتأكدة مـن أنه لا يزال يقـف فـي الـخـارجِ.
لا بد أنه يحـدق في المنزل بيأسٍ مثل جروٍ تحـت المطرِ.
كما انهُ كان يسـترقُ النظرَ مِن
النافذةِ أمس و في اليوم الذي قـبلهُ.
واليـوم، عاد الى هنا وأعلـن أنه لن يـغادر
على الإطـلاق، سواء جـاء جـدي أم لم لا.
لا أستـطيعُ تحـمل هذا بعـد الآن.
فتـحتُ الباب الذي أغلقـتهُ بإحـكامٍ طوالَ الوقتِ.
-صرير.
“إيديث!”
من خلال الفـجوة المكشـوفة فـي الباب، نظر
روبرت إليَّ بابتـسامة مـشرقة.
“الشكرُ للرب، أنتِ مُسـتعدة أخيرًا للتـحدث مع والدكِ!”
دون أن اقول كلـمةً واحدة، نظـرت إلى وجه روبرت
الهادئ، الذي لم يُظـهر أيَّ علامـة ندمٍ على الأطلاقِ.
كيف يُمـكنكَ أن تكـون غـير مُـبالٍ هكذا…؟
سبعُ سنواتٍ.
كان هذا عدد السنوات التي مرت مُنذ نفـيَّ
ابنة الدوق الفخورة إلى الريـف البـعيد.
موقـفهُ غـيرُ المتحفظِ عند التـعامل معي، أنا ابنة نفس المرأة التي كان يُعامـلها بِبـرودةً شديـدة جعلني هذا اشعرُ بالغرابـةِ إلى حدٍ ما.
“بماذا تفـكرُ بحق ؟ لماذا تسـتمرُ فـي القدومِ
إلى هنا ؟ ليـست لدي أيَّ نية للذهـابِ معـكَ.”
تحطـمت ابتـسامةُ روبرت عنـدما
تكلمـت و نظر إليَّ بأعينٍ مُضـطربة.
قالَ بِتـردد.
“إيديث…آخر مرة…سألتُ إذا كان بإمكانكِ إعطائي فرصةً اخرى، هل أنتِ حقًا لا تريدين الذهابَ مع والدكِ ؟ ألا يمكنكِ فعلُ ذلك على الإطلاق ؟”
ظهر العبوسُ على وجهيَّ بدلًا من الردِ، لقد
كانَ هذا وحدهٌ كافيًا للأجابةِ.
قال روبرت بِلهفةً وهو يقضمُ شفتيهِ.
“فكري في الأمر، إن الذهاب مع والدكِ أفضل بكـثير من العيش في مثل هذا المـكان القديـم والذي يفـتقرُ للكثيرِ من مقوماتِ العيـشِ، ساسمح لكِ بالاسـتمتاعِ بكل ما تريدينهُ، في بيـئةً أفضل بشكل لا يضاهـى من هنا و سأحاول أن أجعـلكِ أكثر سـعادةً مِن أيَّ شخـصٍ آخر.”
“…”
شعرت بالاكتـئابِ الشـديد لدرجة أنني لم أستـطع اسـتعادةَ رُشديَّ بِشكلٍ تام، و شـدّت شفتـيّ.
حيـنها سألتُ.
“لماذا تركـتَ والدتي ؟”
كانت هذه الكـلمات تخـترق الجزء الأكثر حساسـيةٍ لهُ.
“…ماذا ؟”
كان هناك اهتزاز قوي فـي تلك العـيون الحـمراء الزاهـية.
راقبـتُ روبرت المُرتـبك عن كثـب، كنتُ
حقًا أشـعرُ بالفـضولِ حـول رده.
طفـلة مِن أمراة، حاولـت إيذاء المرأة
التي أحـبها وابنتها، بسبـبِ حُبها فقط.
لكن لماذا يبذلُ روبرت جهودًا كبيرة
ليأخذني و يتـوسل لـيّ بيأسٍ هكذا ؟
كانت مارييت امرأة شريرة سِـجلُ افعـالها يـدلُ
على أنها أسـوأ مِن أيَّ شخـصٍ آخر.
من الواضـح أنني أنا ابنـةُ مثل هذه المرأة سوف أعاني من العداء والازدراء مِـن حولـي لو تابعـتُ روبرت.
مهما كان رأسـهُ ممـلوءًا بِتراهـاتِ الحُـبِ فهو مـعروفٌ
باسم الدوق الأكبر، لن يجـهل نتـيجة أمرٍ مثل هذا.
لذلك أردتُ أن أعرف ما كان يفـكرُ فيـهِ.
كما أنني لا أعرف كيف يفـكرُ روبرت فـي مارييت
بعد مرور مدة من نهـاية الروايـةِ الأصـلية.
أحتاجُ إلى معرفة رأي روبرت في مارييت
الآن حتى أفهـم موقفهُ تجاهـي.
“عن والدتكِ…”
أجاب روبرت مُتجـنبًا نظراتـي.
“لا أعتقد أنها قـصة مهـمة للغايـة.”
“هل أمي ليـست مهمة…؟”
ما هذا الهُراء ؟
أصابني الذهول و جفلتُ للحظة.
“إيديث.”
اكتسح روبرت نظري ونادى اسمي بنبرة تنهد.
“لم أكن أريد أن أخبركِ بما أنكِ ما زلتِ صـغيرة، لكن لا يمكـنني فعلُ شيء لانكِ تريـدين أن تعـرفي هذا عنها، لا أعرف ما هو نوع القـصص عن والدتكِ التي كبرتي و انتِ تسمعـينها، لكنها…ليـست شخصًا جيدًا كما تعتـقدين.”
‘ماذا…؟’
نظرتُ إلى روبرت بِصـدمة.
“كان لهذا أمرًا لا مفرَ منهَ، لأنها كانت مُثـيرةً للمـشاكلِ بِشكلٍ دائم…كلا، دعينا نتوقف عن الحديـثِ عن هذا، أليـست هذه كلـمات غير لطيـفة لسـماعها ؟”
شدّدتُ شفتيّ.
هذا فقط ؟
أمامَ ابنـتك…هل هذا كل ما يمـكنكَ قـولهُ عن والدتها ؟
“والدتي قد ماتـت بالفـعل، الا تشـعرُ بالأسـفِ عليها ؟”
سألـتهُ هذا بِغضـبٍ.
لكن…
“إيديث…”
رد روبرت عنـدما ضاقـت عيونه الحمراء الجميلة.
“الشخـصُ الوحيد الذي اشـعرُ بالأسـفِ علـيهِ هو انتِ.”
Chapters
Comments
- 3 2025-09-26
- 2 2025-09-26
- 1 2025-07-20
- 0 - المُقدمة 2025-07-20
التعليقات لهذا الفصل " 2"