لا أعرف متى سيخفتي ضوء القمر الذي يُنير لنا خلف الغيوم مرة أخرى .
يُمكن أن يأتي الظلام مرة أخرى في أى وقت ، ولكن يبدو أنه لا بأس بالأمر لسببٍ ما .
أخذتُ نفساً عميقاً وخرجتُ ببطء من الكرسي المتحرك .
بينما جلستُ أمام القُضبان الحديدية ، أحضرَ راجنار بطانية و أعطاني إياها .
“أريد أن أغطيكِ بها ايضاً …”
العطاء هو الحد الأدنى له لأنه لا يستطع الخروج خارج القضبان الحديدية .
أنزل حاجبيه و لقد كان يبدو و كأنه مُحبط للغاية.
“أنا بخير .”
“دافني مريضة ، أنا لا أريدكِ أن تكوني مريضة .”
أنا مريضة ، ولكن لماذا يعبس و كأنه هو المريض ؟
كانت عيون راجنار ترتجف .
قمتُ بضرب المنطقة التي بين عينيه برفق .
“لن أمرض .”
ضَحِكَ راجنار بسبب الكلمات التي خرجت للتو و التي ليست وعوداً .
‘إن ضحكته ثقيلة .’
هل يُمكن لبطل الرواية الذكر أن يضحك بتلكَ الطريقة ؟
أنا قلقة قليلة ، لكن …
تظاهرتُ أنني لا أعرف و لمست عينيه أكثر ثم غطيت نفسي بالبطانية .
من المؤكد أن المساء كان حتماً أكثر برودة من النهار .
“هل أتيتِ إلى هنا سراً ؟”
“نعم.”
“لماذا؟ هل إشتقتِ إلىَّ ؟”
من أين تعلمَ هذه الكلمات؟
يجبُ أن يكون تعلمها من ريكاردو .
فتحتُ فمي لأقول نعم و لكنني أغلقته بإحكام .
“لقد اتيتُ فقط….”
“فقط؟”
“أردتُ ان آتِ ، و هل تحتاجُ سبباً ؟”
بعد الذي قلته ، اومأ برأسه وقال نعم .
“في الواقع ، جئتُ لأعطيكَ ذلك.”
إبتسم بإشراق بعد أن أحضرتُ التُرمس الذي كنتُ اعلقه في الكرسي المتحرك .
“كاكاو؟”
“نعم ، كاكاو.”
لم أشرب الكاكاو خلال النهار و أخفيته سِراً .
بدا سعيداً حتى عندما سمعَ صوت طقطقة التُرمس .
“هل ستشرب؟”
“ماذا عن دافني؟”
“أنا ….”
ترددتُ للحظة .
هل يُمكنني قول هذا ؟
عندما كنتُ أفكر ، فتحت فمي وهو يتسائل ما هو السر .
“أنا أكره الكاكاو.”
كان التعبير المصدوم بعد هذه الكلمات مضحكاً لدرجة أنني أردتُ تصويره .
رن صوت زمجرة عبر الغابة الهادئة .
لقد كنا نضع أقدامنا بالقرب من بعضنا البعض .
كان أحد جانبي البطانية يغطي جسدي و الجانب الآخر يُغطي أقدامنا .
كان بإمكاني رؤية أصابع قدمي تتلوى تحت البطانية .
هاها ، لقد كانت أقدام راجنار متحمسة لمعرفة إن كان الكاكاو لذيذاً أثناء النفخ فيه .
‘ستعتمد علىَّ أكثر إذا بقينا معاً هكذا ، صحيح؟’
آتي كل يوم أثناء النهار ونلعب معاً الألعاب وفي الليل آتِ سراً و أحضر أشياء لذيذة .
‘سيكون من الصعب كُره ذلكَ.’
حسناً ، أشعر أنني على بُعد خطوة واحدة من الخطة .
اومأتُ برأسي مرة واحدة و وجهتُ نظري إلى راجنار عندما سمعتُ صوت شُرب .
اومأ راجنار رأسه بقوة بعد أن سألتُ.
كان يُريد أن يُعبر عن الأمر بشكل جيد ، لكن كانت يده تحمل تُرمساً وقدمه مغطاة بالبطانية لذلكَ بدى أنه يُحاول التعبير عن الأمر بقدر الإمكان بتحريك رأسه .
بدلاً من ذلك ، لقد أعاد لي للسؤال .
بالنسبة لي ، لقد كان حُلواً جداً ، لكنني أعتقد أنه لا بأس بالنسبة لفم راجنار .
ومع ذلكَ أخرجتُ صوت واضح مني .
عندما تشرب فإن عيناكَ تلمعان و تشرب أكثر من أى شخص آخر .
“اولاً ، إمسحَ هذا الشيئ عن فمكَ وتحدث .”
كان على وشكِ تمزيق ملابسه .
كان من الممتع رؤيته و إرتسمت إبتسامة صغيرة على محياه .
ضحكته الصغيرة منعته من إكمال ما كان يفعله .
نسي أن يمسح وجهه و لم يتجنب مسابقة التحديق التي كنا نفعلها .
لذلكَ ، لقد سأل سؤالاً أولاً ولقد كان نادراً ما يفعل ذلك .
“لماذا تكره دافني الحلويات؟”
لم تكن لعبة الاسألة .
كانت عيناه تلمعان و تلمعان نتيجة للفضول المتزايد .
نظرتُ في عينه للحظة لأرى ماهذا .
“الحلويات حلوة جداً .”
“نعم ، لأنها حلوة؟”
“لأنه أمر مخيف أن أذوب معها .”
يبدو أن الأمر إن أصبحَ لطيفاً بما يكفي سأنسى واقعي و سأفقد رغبتي بالعيش .
كان هناكَ همهمة صغيرة و ضحكة صغيرة .
لقد كان الأمر غريباً عندما قابلت عيني عين راجنار الذي ضحكَ منذ فترة .
“ماهذه النظرة؟”
“لا ، أنتُ مثل الطفلة ؟ لأنكِ لطيفة؟”
لقد عوملتُ كطفلة من قِبل طفل .
وفجأة شعرتُ بالحرج و إستقرت الحرارة في وجهي .
أنا متأكدة أن وجهي ملطخ بالعار الآن .
“…أريد الذهاب.”
“اوه لا ، لا تذهبي !”
في حيرة من أمره قام بوضع التُرمس جانباً .
أمسكَ راجناى بيدي بدون أن يلتفت إلى الكاكاو المفضل له .
“سأتمسكُ بكِ حتى لا تذوبي !”
“…أنا لا أذوب حقاً ، أيها الغبي.”
لقد كان يبتسم بمرح حتى برغم من صوته المتذمر .
يجب أن نكون في الشتاء الآن ، لكن راجنار إبتسم جيداً مثل زهرة جميلة تتفتح في الربيع .
“ثقي بي دافني ، و إبقي بجانبي.”
لقد كان رائعاً .
عندما ترى هذا ، يُمكنكَ أن تشعر بوضوح أنه هو البطل الرئيسي .
حركتُ يدي و ربطتُ بعضها ببعض .
عندما يقول الأمر بتلكَ الطريقة لا يُمكنني أن أقول لا .
كانت الأيدي المُمسكة ببعضها البعض باردة ، لكن ما في الداخل كان دافئاً و مُمتعاً .
أعتقدُ أنني أعتقدتُ أن هذه اللحظة كانت مُمتعة للغاية .
جلبَ الشتاء أحياناً رياح باردة و جلبَ فجأة رياح دافئة .
كان الطقس بارداً ، لكن المنازل و الغابات كانت دائماً دافئة .
مثل أى يوم آخر ذهبتُ إلى الغابة للعب .
كان راجنار يهز يديه من حين لآخر كما لو كان يفعل شيئاً .
بالطبع عندما لا أكون هناكَ .
عندما أكون هناكَ ، دائماً ما يكون مشغولاً بإمساك يدي للعب .
‘إتضح أنني لم ألعب لعبة الاسألة مؤخراً .’
بعد أن أصبحتُ اسأل عن أشياء صغيرة في النزهة التي أخرجها كل ليلة سراً ، أعتقدُ أنني لن أفعل ذلك بشكل طبيعي .
مر شهران منذُ أن جئتُ إلى هنا ، و مر أكثر من شهر منذُ أن قابلتُ راجنار .
هل تستيطع ان ترى الرياح البارد تهبُ بشكل جانبي ؟
“سيأتي الربيع قريباً عندما تري العشب يرتفع ببطء .”
“هل ستصبح أكبر بعام آخر في غضون ذلك؟”
سيُصبح أكبر بعام في غضون أيام قليلة ؟
ذكرني صوت ريكاردو المرح بشيئ لم أكن فضولية بشأنه .
“كم عمر لينوكس و ريكاردو؟”
“عمري خمسة عشر عاماً ، أما هيونج فـي السابعة عشر.”
أدار راجنار رأسه بسبب سؤالي ونظرَ إليهم .
“لقد إعتقدتُ أنكَ كنتَ شخصاً بالغاً .”
كانت نظرة راجنار موجهة إلى ريكاردو .
“أيها الطفل الصغير ، أليس كل الكبار أكبر منك؟”
بالتأكيد لقد كان ريكاردو كبير بالنسبة لعمره ، لكنه لم يكن يبدو بالغاً .
ولكن يبدو لينوكس بالغاً قليلاً .
اومأ ريكاردو كما لو كان يفهم ما في عيني .
“أفضل من الصغير ، متى تريد أن تكبر؟”
كان الأمر يتعلق بالعمر بالفعل ، لكن فجأة بدأ الإثنان بالجدال .
“إنهما يتجادلان مرة أخرى.”
لم أكن أعرف أنا وراجنار كيف ننظر إليهما ، لذلكَ لم يستطيعا التوقف عن الجدال من خلال مقارنة العمر و الطول و القوة .
أنا سعيدة أننا لا نتشاجر .
إبتسم راجنار وهو يشاهد وفجأة عبس .
عندما سُئل عما يجري ، هز رأسه .
عندما رأيته يخفي يده ، سحبتُ يده على عجل .
بينما أمسكتُ بيده أحسستُ بشيئ رطب .
عندما شمرتُ بعجل عن ساعده ، رأيتُ إصابة كبيرة تحت معصمه .
توقف لينوكس وريكاردو عن القتال و إقتربا .
كانت لمسة لينوكس أسرع عندما حاول راجنار إخفاء الجرح مرة أخرى .
بعد أن فحصَ الجرح بشكل مألوف ، أحضرَ منشفة نظيفة وبللها بالماء لمسح الجرح .
بالتفكير في الأمر ، لقد قال ريكاردو أن الوعاء كان فارغاً ، هل كسره و أذى نفسه عندما حاول تنظيفه؟
“لماذا لم تخبرني إن كنتَ مريضاً جداً ؟”
“خشيتُ التسبب في مشكلة إن قلتُ ذلك…”
“قُلت أنكَ لا تريد أن تمرض !”
حنى راغنار رأسه بسبب كلامي .
“أنا أكره أن أكون مريضاً ، لكن أليس هذا يمنحكِ مكاناً تذهبين له؟”
“هل لا بأس بأن يكون لديكَ جرح؟”
عندما سألته مرة أخرى لأنني لم أستطع فهمه ، لاحظَ راجنار .
تواصلنا بالعين و بعد فترة من التحديق فتحَ فمه أخيراً .
“لأنني لا يجب أن أمرض بهذا القدر ، ولأن الندوب هي رمز للرجال ، قالو لي أنها تُعتبر زينة ، و يجبُ أن أفتخر بها .”
“…من قال ذلك؟”
“……”
السؤال الذي عَقِب كلامه صمتَ بعدها .
يُمكننا أن نُخمن غريزياً من هم الخصوم .
“هل من قال ذلك هم الأشخاص اللذين ضربوكَ ؟”
لقد كنتُ غاضبة بسبب ايماءة رأسه بصمت .
لماذا تعتبره أمراً مفروغاً منه ؟
بالطبع هذا خطأ ، لماذا؟
فقط قُل لا و أرفض مثل المجنون .
في الواقع ، كنتُ أعلم أنه ليس من السهل التمرد قي هذا الموقف .
لقد مررتُ به ايضاً .
التمرد يجعلكَ أكثر عُرضة للضرب و التخويف .
‘ولكن، على الرغم من ذلك….’
لقد كنتُ أريد التحدث ، لكن فمي كان مغلقاً بإحكام .
أخذتُ نفساً عميقاً و أمسكتُ يده بحذر بعد إنتهاء العلاج .
“هذا هراء . سواء كان رجُلاً او إمرأة ، هذا شيئ لا يدعو للفخر لأنه مؤلم .”
“لماذا؟”
“أعني ، لأن الناس من حولكَ سـيستاؤون.”
في ذلكَ الوقت ، رمشَ راجنار وسأل بسبب صيحتي .
“…هل دافني مُستاءة ايضاً ؟”
“…نعم ، أنا مُستاءة.”
نعم ، أنا مُستاءة الآن .
الطفل الذي يضحك مثل الأحمق يقبل العنف كـأمر مُسلم به .
القلق على آلام الآخرين ، و لكن محاولة كبح الألم .
كنتُ مُستاءة لدرجة أن الدموع كانت تتدفق .
“أعدكِ أنني لن أخفي الأمر من الآن فصاعداً .”
“حسناً .”
حتى قبل فترة ، بينما كان يكبح الألم ، ضحك مرة أخرى مثل الأحمق .
بدا لي و كأنني كنتُ قلقة على نفسي .
هناك الكثير من الضحكات الغبية .
ربما لهذا السبب أصبحتُ متوترة قليلاً .
‘هل يُمكنني التخلص من ذلك ؟’
الثقة التي نمت تنحسر تدريجياً .
لقد كنتُ خائفة ، لكنني لم أرغب في ترك يدي .
لا أعرف لماذا .
نعم ، أنا فقط لا أريد ذلك .
التعليقات على الفصل "27"