—
كانت المكتبة ساكنة، لا يُسمع فيها سوى تقليب الصفحات وصوت أنفاسها الهادئة.
جلست **إيفانجلين ميلي** بين الكتب، عيناها الرماديتان البنفسجيتان تلمعان تحت ضوء القنديل، تكتب في دفترها بخط مرتب.
لكن في تلك الليلة، كان هناك شيء مختلف.
الهواء في المكتبة صار أثقل، كأن الجدران نفسها تحبس أنفاسها.
—
### 🌑 المرآة القديمة
على الجدار المقابل لطاولتها، كانت هناك مرآة ضخمة قديمة، يكسو أطرافها إطار ذهبي باهت.
اعتادت وجودها من قبل، لم تكن أكثر من قطعة عتيقة منسية.
لكن هذه المرة… ارتجف زجاجها فجأة.
رفعت رأسها ببطء، وبدت على وجهها علامات القلق.
الزجاج تَشقق بخط رفيع أولًا، ثم امتد سريعًا كأن يدًا خفية تضربه من الداخل.
وفي الانعكاس… لم ترَ نفسها كما هي.
رأت **نسخة أخرى منها**: شعرها يلمع كاللهب، فوق رأسها **تاج ملكي**، ويديها ملطختان بالدماء.
أما عيناها… فقد تحوّلتا إلى لون مختلف تمامًا، لون لم تعرفه من قبل، لون يشتعل بقوة لم ترها أبدًا في نفسها.
شهقت بخوف وتراجعت للخلف.
“هذا… هذا ليس أنا!”
—
فجأة، بدأت الكتب على الرفوف تتحرك.
واحدة تلو الأخرى تنفتح بقوة، صفحاتها تتقلب بسرعة، أصواتها تصدر كهمسات غامضة بلغة لم تسمعها من قبل.
الهواء امتلأ بأصوات الصفحات، وكأن المكتبة كلها صارت حية.
الكلمات على الورق بدأت **تضيء بضوء ذهبي**، ثم تجمعت لتسقط أمامها كتاب واحد قديم، مغطى بالغبار، تعلو غلافه رموز غريبة.
ترددت لحظة، ثم مدت يدها المرتعشة لتلمسه.
ما إن فتحت صفحته الأولى حتى شعرت بقوة غريبة تسري في جسدها، وكأن الكتاب قد اختارها هي وحدها.
—
في تلك اللحظة… شعرت بحرارة شديدة في عينيها.
مدت يدها لتغطيهما، لكن حين رفعت رأسها نحو المرآة المشققة، رأت الحقيقة:
لون عينيها لم يعد الرمادي البنفسجي المعتاد.
لقد تحولت إلى **لون نادر، يلمع بوميض ذهبي أحمر**.
لون لم يره أحد في العائلة الملكية من قبل… لكنه اللون الحقيقي الذي تحمله سلالة الورثة الشرعيين.
ارتجفت يداها، وهمست بصوتٍ مبحوح:
“ما… ما الذي يحدث لي؟ هل هذه لعنة؟ أم… قدر؟”
—
كما بدأت، توقفت الفوضى فجأة.
الكتب سكنت من جديد، الصفحات أغلقت نفسها، والمرآة لم يبقَ منها سوى زجاج مكسور يعكس صورتها المرتبكة.
تنفست بلهاث، قلبها يكاد يخرج من صدرها.
عادت عيناها إلى لونها الطبيعي، وكأن شيئًا لم يكن.
لكنها لم تستطع إنكار ما رأت: التاج، الدماء، والكتاب الذي لا يزال بين يديها، ينبض بحرارة خافتة كقلب حي.
همست بصوت مرتجف:
“إن اكتشف أحد هذا… سينتهي أمري.”
—
التعليقات