استيقظت إيفانجلين ميلي على خيوط الشمس التي تسللت بخجل عبر ستائر غرفتها الثقيلة. رفعت جسدها ببطء عن السرير، وأخذت نفسًا عميقًا وهي تنظر إلى انعكاسها في المرآة. شعرها الطويل انساب على كتفيها مثل خيوط ليلٍ داكنة، بينما عيناها الرماديتان المائلة للبنفسجي لمعتا بضوء الصباح.
تأملت نفسها لوهلة. “ما زلتُ هنا… في نفس المكان، بنفس النظرات التي لا ترى.”
ارتدت ثوبًا بسيطًا بلون عاجي، لم يكن يضاهي فخامة ثياب البلاط، لكنه كان أنيقًا بما يكفي ليمنحها بعض الثقة. أمسكت دفترها الصغير وريشتها، ثم خرجت من غرفتها بخطوات هادئة.
البلاط… حيث يسطع غيرها
الردهة الكبرى تعجّ بالخدم والنبلاء. وفي وسطهم وقفت فانيسا أرجنتارا، تتلألأ بثوب أرجواني مرصّع بالياقوت، تضحك بثقة والكل من حولها يتسابق لإلقاء المديح.
“الليدي فانيسا، لا شك أنكِ أجمل زهرة في البلاط اليوم!” “ما من فتاة تستطيع منافستكِ، جمالًا ولا مكانة!”
ضحكت فانيسا بخفة، وضعت يدها على صدرها كأنها تعجز عن تقبّل هذا الكم من الإطراء، بينما عينها الخبيثة لمحت إيفانجلين تمرّ بالقرب. لم يقل أحد كلمة. لم يلتفت إليها أي شخص. حتى صوت خطواتها بدا وكأنه يضيع بين ضحكاتهم.
خفضت رأسها قليلًا، وابتسمت ابتسامة صامتة لنفسها، ثم واصلت سيرها إلى حيث تجد راحتها دائمًا… المكتبة.
دفعت الباب الخشبي العتيق، فصدر صرير مألوف رحّب بها. المكتبة كانت أشبه بعالم آخر: صامت، مهيب، لا مكان فيه للهمسات الجارحة.
اتجهت إلى الطاولة المعتادة وجلست، فتحت كتابًا ضخمًا عن إدارة الممالك وبدأت تقرأ. صفحة وراء صفحة، كانت عيناها تتنقلان بخفة، ويدها تدوّن ملاحظات في دفترها الصغير.
“إن خُفِّضت الضرائب على التجار، سيزداد دخل المملكة على المدى الطويل… توزيع الأسواق بعدل يضمن الاستقرار السياسي…”
في تلك اللحظة، سُمِع صوت خطوات رنانة. التفتت لتجد ليدي مارغريت، إحدى بنات النبلاء، تقترب منها بابتسامة ساخرة. “آه… ها أنتِ هنا. دائمًا تختبئين بين الكتب، كأنكِ ستصبحين مستشارة الملك يومًا ما.”
أجابت إيفانجلين بهدوء، دون أن ترفع رأسها: “المعرفة لا تضرّ أحدًا يا مارغريت.”
قهقهت الفتاة بصوتٍ عالٍ، ثم مالت عليها: “المعرفة؟ ومن سيهتم برأي ابنة زوجة؟ أنتِ لا تملكين حتى لقبًا يليق بكِ.”
شدّت إيفانجلين على قلمها، لكنها لم تجب. كل ما فعلته هو أن أغلقت دفترها بلطف، ثم قالت بابتسامة ثابتة: “أحيانًا، تكفي المعرفة نفسها لتمنح صاحبها القوة… حتى لو لم يهتم بها أحد.”
صمتت مارغريت للحظة، لم تتوقع هذا الرد الهادئ، ثم أدارت ظهرها ورحلت.
مع اقتراب العصر، خرجت إيفانجلين إلى الحديقة الخلفية. كانت الأزهار تتفتح تحت ضوء الشمس، وأصوات الطيور تضيف لحنًا خافتًا للجو. ما إن رآها إخوتها الصغار حتى ركضوا نحوها بحماس.
“إيفا! إيفا! نريد أن نسمع قصة جديدة!” صرخ إدغار وهو يتمسك بيدها. ضحكت وجلست على العشب الأخضر، بينما التف الأطفال حولها.
“حسنًا… سأحكي لكم قصة عن فارس لا يملك سوى قلبه الصادق.” اتسعت عيونهم الصغيرة، وانتظروا بشغف.
بدأت تسرد: “كان الفارس يعيش في مملكة لا تعترف بوجوده. كانوا يرونه ضعيفًا، بلا اسم، بلا قوة. لكنه كان يحمل في قلبه نارًا لا يراها أحد. ومع الوقت، تلك النار أصبحت قوة غيرت كل شيء.”
قاطعها ليان، أصغرهم: “هل أصبح الفارس ملكًا يا إيفا؟”
نظرت إليه بابتسامة دافئة، عينيها الرماديتان تلمعان تحت الشمس: “ربما لم يصبح ملكًا… لكن قصته لن تُنسى أبدًا.”
ضحك الأطفال بحرارة، وأخذوا يركضون في الحديقة. إيفانجلين مدت يدها بخفية نحو زهرة، همست بكلمات قصيرة، فتحركت بتلاتها كما لو أنها رقصت في الهواء. تجمدت للحظة، تنهدت، ثم همست لنفسها: “لا بد أن أبقي هذا سرًا… حتى عنهم.”
قبل غروب الشمس، دخلت المطبخ حيث كان الخدم يجهزون المائدة. الهواء مشبع برائحة الخبز الطازج. تقدمت لمساعدة إحدى الطباخات، ماري، في تقطيع الخضار.
“مولاتي، هذا لا يليق بكِ!” اعترضت ماري. ابتسمت إيفانجلين: “لا بأس، أحب أن أكون جزءًا من هذا المكان.”
اقترب كبير الخدم ماركوس، وقال بصرامة: “مولاتي، واجبك ليس في المطبخ. إن رآكِ أحد النبلاء هنا… سيعتبرها إهانة لمكانتك.”
رفعت رأسها نحوه بابتسامة رقيقة: “وهل يهم إن كان ذلك سيجعلهم يرونني أقل شأنًا؟ إن كانوا يرونني كذلك أصلًا… فما الجديد؟”
صمت ماركوس، ولم يجد ما يقوله. أما ماري، فمدت يدها وربتت على يد إيفانجلين بلطف: “أنتِ مختلفة… وهذا ما يجعلنا نحبك.”
حين هدأ القصر، جلست إيفانجلين قرب نافذتها، دفترها في حجرها. كتبت: “اليوم كأي يوم آخر… تجاهل، سخرية، ثم ابتسامة. لكن الكتب منحتني ما لا يمنحني البلاط: صوتًا أملكه وحدي.”
رفعت عينيها إلى القمر. انعكس لونه الفضي في عينيها الرماديتين البنفسجيتين. مدت يدها بخفة، همست، فانطلقت شرارة ضوء صغيرة، انطفأت بسرعة.
وضعت يدها على قلبها، وتمتمت: “لا يجب أن يعرف أحد… هذا سرّي أنا وحدي.”
ثم أغلقت دفترها وأطفأت قنديلها، بينما بقي القصر ساكنًا، وكأن جدرانه تترقب ما سيأتي.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات