✨  تحت ضوء القمر

 الليل كان ساكنًا في قصر أنستي، والريح تعبر من بين نوافذه العالية كأنها تهمس بالأسرار.
في الحدائق الخلفية، بعيدًا عن القاعة الكبرى وعن أعين الحراس، كان هناك ظل يتحرك بخفة بين الأشجار.

ذلك الظل لم يكن سوى إيفانجلين ميلي.

كانت ترتدي ملابس داكنة بسيطة، شعرها مربوط للأعلى، ويديها ملفوفتان بقطع قماش خشن.
في يدها اليمنى سيف خشبي قديم كانت قد وجدته في غرفة تدريب مهجورة نسيها الجميع.

🌙 البداية الصعبة

رفعت السيف بتردد، حاولت أن تقلد وضعيات الحراس الذين كانت تراهم من بعيد في ساحات التدريب، لكن ذراعيها ارتجفتا.
ضربة… ثم أخرى… ثم سقط السيف من يدها.

تنهدت، وجلسَت على الأرض، تتنفس بصعوبة.
“حتى جسدي يرفض القوة… كيف سأحمي نفسي إن جاء ذلك اليوم؟”

نظرت إلى القمر الذي يتسلل ضوؤه بين أغصان الأشجار، ثم نهضت مجددًا.
“لا… لن أتراجع.”

أمسكت السيف مرة أخرى، وبدأت من جديد.

⚔️ التدريب الليلي

ليلة بعد ليلة، كانت تأتي في نفس الموعد.
تتدرب حتى تتقرح يداها، تتصبب عرقًا، وتعود قبل الفجر كي لا يراها أحد.

كانت تُخفي السيف تحت أحد المقاعد الحجرية في الحديقة، وتغسل يديها من التراب قبل أن تعود إلى جناحها.

وفي كل مرة تسقط فيها، كانت تتذكر نظرة فانيسا، ضحكتها الساخرة، وتهديدها.
“لن أسمح لها بأن تسحقني مجددًا.”

مع مرور الأيام، أصبحت ضرباتها أدق، خطواتها أكثر ثباتًا، ونَفَسها أطول.

🌑 الخادمة ماري

ذات ليلة، بينما كانت تتدرب، سقطت على الأرض من شدة التعب، وفجأة سمعت صوتًا خافتًا خلفها.
التفتت بخوف، لتجد ماري، الخادمة العجوز التي كانت أقرب الناس إليها.

قالت ماري بهدوء:
“كنت أعلم أنني سأجدك هنا يومًا.”

اتسعت عينا إيفانجلين:
“ماري، أرجوكِ، لا تخبري أحدًا.”

ابتسمت العجوز، وجثت بجانبها تمسح العرق عن جبينها:
“هل تظنين أنني سأمنعكِ؟ بل سأساعدكِ… لقد كنتُ زوجة فارس ذات يوم، وأعرف كيف يُمسك السيف كما يُمسك القلم.”

دهشة امتزجت بالامتنان في عينيها.
ومن تلك الليلة… لم تعد تتدرب وحدها.

⚔️ النهوض

تحت ضوء القمر، وقفت ماري أمامها تمسك عصا خشبية، تصحح حركتها، تصرخ عندما تخطئ، وتبتسم عندما تصيب.

“ثبّتي قدمكِ اليسرى، لا تهربي من الضربة، واجهيها!”
“أسرعي في السحب، لا تخافي من الصوت، السيف لا يسمع الخوف!”

كانت الليالي تمر، والسيف الخشبي تغير، صار حديديًا.
إيفانجلين التي كانت تتهرب من المواجهة، أصبحت تقف بثبات أمام ماري، عيناها تلمعان بعزم جديد.

في ليلة باردة، حين انتهى التدريب، جلست على المقعد الحجري، والسيف بجانبها.
نظرت إلى يديها المليئتين بالكدمات، ثم رفعت رأسها نحو القمر وقالت بصوت خافت:

“لن أبقى خائفة بعد الآن. لن أسمح أن يقرر الآخرون من أكون.
من هذه الليلة… سأكون أقوى، مهما كلفني الأمر.”

وهبّت نسمة باردة حرّكت خصلات شعرها، وكأن القمر نفسه وافق على عهدها.