ورغم كل ذلك، كانت إنريكا تعقد حاجبيها وتفردهما مرارًا، وكأنها تصارع أمرًا لا يفهمه.
ظهر ضوءٌ خافت عند أطراف أصابعها، ثم اختفى فجأة.
ولم يُدرِك رافائيل إلا بعد لحظات أن ذلك الضوء كان سحرًا.
إنها إنريكا التي قالت له ذات يوم إنها ستصبح ساحرةً عظيمةً.
لكنها الآن، ولسببٍ ما، لم تكن قادرة حتى على توليد ذرة طاقةٍ سحرية.
“أرجوك، فقط مرة واحدة… فيرمونت …”
ظلت تتمتم برجاء وهي تحاول استخدام سحرها مرارًا وتكرارًا، ثم سرعان ما تخلّت عن المحاولة.
انزلقت دمعةٌ على وجنتها وهي تعضّ على شفتها، وكأنها غاضبة من العجز الذي حلّ بها.
وانقبض قلب رافائيل.
إنريكا كانت أجمل من أي امرأةٍ رآها في حياته، لكن حين حوّل نظره بعيدًا عن جمالها، بدأ يلاحظ أشياء أخرى.
مثل خدّيها النحيلين، ومعصميها الرفيعين، وأظافرها المتّسخة المأكولة التي تدل على توترٍ دائم.
وعيناها… لم تعودا تلمعان بالحياة كما كانتا من قبل.
أراد رافائيل أن يهبط إليها في تلك اللحظة… أراد أن يقول:
لا بأس يا إنريكا… لا تبكي.
وجودك في ذلك الوقت… كان سحرًا بحد ذاته بالنسبة لي.
وربما… لا يزال كذلك حتى الآن.
لكنه لم يكن واثقًا مما إذا كان وجوده سيمنحها أي عزاء. فقد تذكّر المرأة التي ارتجفت لمجرد التقاء عينيها بعينيه في قاعة الحفل.
تلمّس جيبه، متسائلًا عما إذا كان هذا هو التصرف الصحيح.
حتى أخرج لفافة السحر الدفاعي التي كان يحتفظ بها اليوم.
لفافةٌ أسقطها عمدًا من الطابق الثالث، فتلاعب بها النسيم إلى أن وصلت عند أقدام إنريكا.
نظرت إنريكا، التي تفاجأت بورقةٍ سقطت فجأة على الأرض، حولها بحذر ثم التقطتها.
لم يكن بإمكانه رؤية تعابير وجهها من الأعلى، فلم يستطع أن يعرف إن كانت قد تعرّفت عليها أم لا.
لكنها سرعان ما فتحت فمها وقالت:
“من هناك؟”
تنحنح رافائيل، وأجاب بصوت هادئ:
“أعتذر يا آنسة… أعتقد أن شيئًا يخصني سقط هناك عن طريق الخطأ.”
“هذه ممتلكاتك؟”
فتحت إنريكا مروحتها أولًا، وأخفت بها عينيها الحمراوين من البكاء. وبعد أن فكّرت لبرهة، قالت بصوتٍ مرتجف:
“إن كنتَ قد اشتريتها من مكانٍ ما، فاذهب وأعدها. هذا تقليد… أسوأ من رسمة طفل صغير.”
ابتسم رافائيل… كانت طريقتها في الكلام طريفة، وكأنها لا تعرف أنها هي من رسمت هذه اللفافة بنفسها. ومع ذلك، لا تزال تحمل روحًا نبيلة.
لكنها ستعرف عاجلًا أو آجلًا. قال في نفسه وهو ينقر لسانه.
“لقد حصلت عليها في الشمال قبل سنوات. ألا تعرفينها؟”
“الشمال؟”
توقّع رافائيل أن تدرك هويته في تلك اللحظة.
لكنها أجابته متسائلة:
“لا أعلم بمن تخلط بيني وبينه، لكني لم أزر الشمال من قبل.”
صوتها لم يكن يبدو كمن يتعمّد إخفاء الحقيقة.
لم تكن ذكرى طفولة نُسيت فحسب… بل وكأنها قد مُسِحت تمامًا.
تركت الشرفة مسرعة، تاركةً خلفها رافائيل المرتبك، الذي لم يستطع أن ينبس ببنت شفة.
وسرعان ما أُعيدت اللفافة إلى رافائيل، في يد خادمٍ لا يعرف شيئًا عن وقعها في قلبه.
❈❈❈
“وفقًا للخدم العاملين في العائلة، كانت قد صُدمت جدًا من وفاة والدتها لدرجة أنها نسيت معظم ذكرياتها من الطفولة…”
مرّت أسبوعان منذ أن عاد رافائيل من الحفل الذي التقى فيه مع إنريكا.
عاد إلى الشمال. بدأ رافائيل بجمع المعلومات حول سنوات إنريكا الماضية التي لم يكن يعرفها.
بعد وفاة الدوقة، كانت إنريكا منهارة جسديًا وعاطفيًا. وكأن هذا يُثبت حقيقة الأمر، فقد توقفت عن الظهور في المجتمع وقضت معظم وقتها في المنزل. وعندما كانت تخرج، كانت تقضي وقتها بصمت في زاوية من قاعة الحفل، تبدو قلقة.
كلما تعمّق في معرفة المزيد، أصبح عزمه أقوى.
كان يفكر في الزواج من إنريكا.
الآن جاء دوره ليرد لها دفء ذلك اليوم الشتوي. لا، في الحقيقة، كان قد أراد فعل ذلك منذ أن سمع عن وفاة الدوقة.
كان سيفعل أي شيء ليجعل إنريكا سعيدة مرة أخرى.
ومع ذلك، بدا مساعده، ميلوا، غير راضٍ عن القرار، وبعد أن أخبره بكل المعلومات التي جمعها، أضاف رأيه الشخصي.
“هل من الضروري أن يكون هذا الزواج؟ منذ أن اقترحت على الآنسة وينترسوار، أصبحت مطالب الدوق تتزايد كل يوم.”
“…”
“ناهيك عن المهر الضخم. والأهم من ذلك استخدام ابنته في صفقات تجارية. هذا كثير جدًا.”
“احترس مما تقول.”
سرعان ما فتح رافائيل فمه ليجيب.
“ألم يقولوا إن الدوق مشهور بالعناية بابنته المريضة؟”
“نعم، هذا صحيح، لكن…”
“لو كان لي ابنة مثلها، لما كنت لأقبل تزويجها. أفهم ذلك.”
هز ميلوا رأسه كما لو كان قد شاهد مشهدًا غريبًا، ثم أغلق الباب خلفه.
لكن رافائيل بقي وحيدًا.
لم يكن وعدًا فارغًا. كان مستعدًا لفعل أي شيء من أجل إنريكا.
أولًا وقبل كل شيء، يجب أن تحاول استعادة صحتها.
كان سيتزوج ليعتني بها، لكنه كان واثقًا أنه إذا رفضت، فلن يظهر أمامها مجددًا.
إذا قال رجل آخر إنه يحبها، فسيشعر بالحزن، لكنه سيفهم.
لكن إذا حدثت معجزة وأعربت عن مشاعرها نحوه…
كان رافائيل يأمل أن يحدث ذلك بالفعل.
ابتسم ابتسامة خفيفة وهو يفكر في زواجه المقبل. كانت ابتسامة أشبه بالربيع.
< نِهاية القِصة الجَانبية للجُزء الأوّل >
__________________________________________
• حسابي واتباد: Toro1312 !!⭐•
《لاتدع الرواية تشغلك عن العبادات》
ترجمة: ✧𝐀𝐌𝐘✧
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 98"