ظهرَ على ملامحِ الرجلِ ارتباكٌ لحظيٌّ، وكأنه لم يستطع تفسيرَ التوترِ الذي ارتسمَ في عيني إنريكا .
ثمَّ فتح فمهُ وقال شيئًا مُفاجئًا .
“لا تقلقي . لن يحدثَ شيءٌ هذه الليلةَ .”
هل يعني أنَّه لن يضربني؟
كانت إنريكا تحاولُ استيعابَ معنى كلماتهِ، ثم أدركت فجأةً الرابطَ بين الموقفِ الحاليِّ وتلك الكلماتِ .
“اليومُ هو الليلةُ الأولى . إذا كان هناكَ شيءٌ قد يحدثُ في منتصفِ الليلِ….”
ازدادت توترًا أكثرَ عند تلك الفكرةِ، وارتعشت دونَ أن تشعرَ .
كنتُ معتادةً على كذبِ الرجالِ . خارجَ الدوقيةِ، كان الدوقُ يُقدِّمني للآخرينَ على أنني ابنتُهُ المريضةُ العزيزةُ، وكان يُقدِّمُ نفسهُ كأبٍ مُحبٍّ يهتمُّ بابنتِه .
“حقًّا . هذا الزواجُ تمَّ بدافعِ جشعي فقط، لذا أعلمُ أننا بحاجةٍ إلى الوقتِ لنتعرَّفَ على بعضِنا البعضِ .”
كان يلمسُ شفتيهِ بتعبيرٍ مُحرجٍ، ثم تحدَّث بصوتٍ هادئٍ يُحاولُ بهِ طمأنتها .
كان صوتُ الدوقِ الأكبرِ جذَّابًا وجادًّا بقدرِ مظهرهِ .
“هل تمانعينَ إن جلستُ بجواركِ؟ أرغبُ في التحدُّثِ إليكِ .”
على الرغمِ من أنَّه الرجلُ الذي لا ينبغي له أن يشعرَ بالتوترِ في علاقتِهما، إلَّا أنَّه كان يُراقبُ إنريكا وكأنَّه ينتظرُ ردَّ فعلِها .
استطعتُ أن أشعرَ بالسمِّ وهو ينزلُ عبرَ مريئي، ويزدادُ اشتعالًا في داخلي .
“حتى لو حدثَ شيءٌ ما، فلا بأس، لأنَّه لم يتبقَّ الكثيرُ من الوقتِ على أيِّ حالٍ .”
بالتفكيرِ بهذه الطريقةِ، تحرَّكت إنريكا جانبًا قليلًا، مُقدِّمةً لهُ المقعدَ المجاورَ لها على السريرِ .
ابتسم الرجلُ قليلًا وجلسَ عندَ حافَّةِ السريرِ .
لا أعلمُ إن كانَ من الجيِّدِ أم من السيِّئِ أنَّ المسارَ الأخيرَ قد انحرفَ عمَّا توقَّعتُهُ . كان الدوقُ الأكبرُ غريبًا بطريقةٍ مُختلفةٍ تمامًا عن تصوُّري . كان يتصرَّفُ بشكلٍ غيرِ متوقَّعٍ .
في صمتٍ عابرٍ، ظلَّ يُحدِّقُ في إنريكا .
“هل هناكَ شيءٌ ترغبينُ في سؤالِي عنه؟”
لم تكن إنريكا تستمتعُ بالتحدُّثِ مع الآخرينِ .
لتتجنَّبَ تعنيفَ الدوقِ، كان عليها اختيارُ كلماتِها بحذرٍ شديدٍ .
في الأيامِ التي كانت تُخطئُ فيها وتتعرَّضُ للعقابِ الجسديِّ، كانت تقضي اليومَ بأكملهِ نادمةً على كلماتِها، ثمَّ تنامُ وهي تُفكِّرُ بها .
“حتى الأسئلةُ التافهةُ مقبولةٌ . سأكونُ سعيدًا إن سألتِني .”
قال الدوقُ الأكبرُ بصوتٍ منخفضٍ وهو يُحدِّقُ في إنريكا، التي لم تستطع فتحَ فمها، وكانت شفتيها مُطبقتينِ بقوَّةٍ .
التعليقات لهذا الفصل " 92"