“حسنًا، أفهم ذلك.”
تحدثتُ بصوتٍ غبيٍّ مرة أخرى. إنه أمرٌ مهم، لكنني كدت أنساه تمامًا حتى الآن.
“الخياطة سيصل قريبًا. سنقوم بأخذ القياسات أولًا، ثم نبدأ العمل فورًا.”
“آه… نعم.”
“سيُقام حفل الزفاف بطريقة فاخرة ، سأجعلكِ تظهرين بأفضل حله من رأسك إلى اخمض قدميك…”
الرجل الذي قبّل ظهر يدي أخذ نفسًا عميقًا وكأنه يشعر بالرضا. رأى كايل على الفور ملامح الارتباك على وجهي، فمال برأسه قليلًا إلى الجانب.
“ألستِ سعيدة؟”
“حسنًا، بالطبع أنا سعيدة.”
نظرتُ إلى الرجل المثالي الذي يقف أمامي.
علاقةٌ يتزوج فيها الناس زورًا لتلبية احتياجات بعضهم البعض.
لكن، في مرحلةٍ ما، بدأ قلبي ينجذب إليه أكثر فأكثر، ومع ذلك بقي شعورٌ طفيفٌ من عدم الارتياح.
‘من المحتمل جدًا أنه يتزوجني ويتعامل معي بلطفٍ فقط ليكسر اللعنة.’
في هذه الحالة، إن أخبرته أنني معجبةٌ به، فقد أكون أفرض عليه ذلك.
وبما أن الأمر يتعلق بحياة كايل، فقد يرد عليّ بالموافقة كذبًا.
لكن عندما أنظر في تلك العينين العميقتين، أشعر بالارتباك أحيانًا…
لننتظر ونراقب لشهرٍ آخر.
“أعلنتُ عن زيارة الخياطة، لذا فقد انتهى العمل هنا. ارتاحي، إينري.”
كايل، الذي لاحظ ارتجاف يدي، وقف من مقعده بسلاسة. كنتُ أرغب في قول شيءٍ ما، لكن أفكاري كانت متشابكة لدرجة أنني لم أستطع التحدث.
زواج، نعم… زواج.
سنبقى في حياة بعضنا البعض كزوجٍ وزوجة، ولو لفترةٍ قصيرة.
“…”
تحدثت سارة إليّ بينما كانت وجنتاي محمرّتين وشفتي مشدودتين قليلًا.
“هل تُحبّينه، آنستي؟”
“هـه؟!”
أمام نظرتها التي بدت وكأنها لم تفهم، صفّقتُ يديّ بسرعة.
“الآن، لنعد إلى حديثنا السابق!”
“همم.”
“ذلك… دعيني أُعرّفكِ على المتعاقد الخاص بي أولًا. اللورد فيرمونت؟ يمكنك الخروج الآن.”
عاد القط الذي هرب إلى الحديقة بسبب الزيارة المفاجئة لكايل.
شرحتُ لسارة كيف فقدتُ سحري بسبب استغلال الدوق المفرط، ثم استعدته بعد لقائي به. وبعدها، أخبرتُ فيرمونت باختصار عن المحادثة التي جرت بيني وبين سارة.
في تلك اللحظة، كنتُ أتساءل عما سيحدث إن تذمرتُ من أن مشكلتي قد وصلت إلى حد التورط مع العائلة الملكية.
لكن، وبشكلٍ غير متوقع، رفع فيرمونت زاويتي شفتيه بلُطف وقال:
“نحن الآن أقرب إلى هدفنا الأصلي في السيطرة على العالم.”
“هل كان هذا هو الهدف الأصلي؟”
“إن كنتِ سيدتي، فعليكِ على الأقل أن تُؤثري على العائلة الملكية.”
تحدثت سارة بصوتٍ واضح، حتى أنني لم أصدق أذني.
“قبل كل شيء، الأمر الأكثر إلحاحًا هو استعادة قدرات آنستي السحرية.”
“حسنًا، أتفق معكِ.”
“وأنا كذلك.”
اجتمع شخصان وقطٌّ واحد، وتبادلوا الحديث.
“قلتِ إن الخياطة سيصل قريبًا، صحيح؟ آنستي، يُرجى الذهاب أولًا. في هذه الأثناء، أنا والمتعاقد الخاص بكِ سنفكر في حلّ.”
“أه… أُه….”
ألن تكون هناك مشكلةٌ إن تركتُ هاتين الشخصيتين القويتين وحدهما؟.
ترددتُ قليلًا، لكنني لم أستطع مقاومة نظرة سارة الصارمة، فغادرت على الفور.
آخر مشهدٍ رأيته كانت الساحرة ذات الشعر الأحمر بعينيها الحادتين والقط المتجهم… مشهدٌ بدا لي شديد القلق.
❈❈❈
“ماذا؟”
كان وجه الخيّاطة الجالسة في غرفة الاستقبال مألوفًا لي.
“واو، مرّ وقتٌ طويل!”
تذكّرتُ متجر “أريا” للملابس، الذي زرته في أول خروجةٍ لي بعد مغادرة قصر الدوق.
عندما دفع كايل ثمن الفستان حينها، لم أعرف كيف أتعامل مع الموقف بسبب الإحراج، لكن الملابس كانت مذهلة بلا شك. وبعد ذلك، كانت تصاميم الفساتين التي تصلني واحدةً تلو الأخرى تفوق الخيال، فصرتُ أشعر بالحماس في كل مرة أخرج فيها.
“شكرًا لكِ، آنستي على ثقتكِ بي في أهم يومٍ في حياتكِ.”
قالت المرأة، التي بدت في أواسط عمرها بجمالٍ متألق، بابتسامةٍ أنيقة.
عندها فقط، لاحظتُ أن القماش الذي أحضرته كان يتلألأ تحت أشعة الشمس.
لحظة، القماش… لامع؟.
“هل تودين إلقاء نظرةٍ أقرب؟”
الخيّاطة، التي انتبهت إلى نظرتي الضائعة، ابتسمت ورفعت القماش أمامي.
كانت حبيبات صغيرة من الألماس المقطّع بدقةٍ مغروسةً بكثافة في النسيج الطويل، فتتوهج كأنها تعكس مشهد الغروب المتحطم على سطح بحيرةٍ كالجواهر.
“هذا تصميمٌ جديد سيتم تقديمه في زفاف آنستي. بالطبع، إن لم يُعجبكِ…”
“إنه… إنه حقًا، حقًا رائع.”
حتى أنا، التي لم أكن مهتمةً كثيرًا بالترف، وجدتُ نفسي أتمتم بانبهارٍ نادر.
بدت الخيّاطة راضيةً عن ردة فعلي، فوضعت القماش بحذرٍ على الطاولة وقالت:
“لقد كان… مقدّسًا للغاية. لقد أمرنا بصنع شيءٍ لم يسبق له مثيل، بأجمل تصميمٍ ممكن.”
“مِن مَن؟”
“أقصد خطيب آنستي.”
قالت الخيّاطة بنبرةٍ تحمل بعض التوتر.
“مالك هذا القصر.”
“آه….”
لم أكن أتوقع من كايل أن يفعل شيئًا كهذا… أشعر وكأنني سأرتكب خطأً في أي لحظة.
بالمناسبة، كان بإمكانها ببساطة أن تقول “الكونت”.
في تلك اللحظة، عندما شعرتُ بعدم ارتياحٍ غامض، لاحظت أن ملامحها قد تصلّبت، كما توقعت.
خفضت الخيّاطة صوتها قليلًا وسألتني بتردد:
“آنستي، أعلم أن هذا وقاحةٌ كبيرة، لكنه سؤالٌ أخاطر بحياتي من أجله.”
“هاه؟ فجأة؟”
“هذا الزواج… لم يكن بالإجبار، صحيح؟”
شعرتُ بالحيرة من هذا السؤال المفاجئ.
كانت يداها ترتجفان وكأنها احتاجت إلى شجاعةٍ كبيرةٍ لتطرحه.
وبينما كنتُ أستوعب الأمر، راودني تساؤلٌ عمّا إن كانت قد اكتشفت أنه زواجٌ تعاقدي.
“نعم، لا تقلقي! نحن نحب بعضنا.”
“حقًا؟ حسنًا، هذا طبيعي إذًا.”
لا أفهم لماذا أضطر لإثبات حبي أمام الغرباء، لكن الخيّاطة بعد أن قالت ذلك، نظرت بتمعّنٍ إلى وجهي المحمرّ وأخذت نفسًا عميقًا وكأنها ارتاحت.
“رجاءً، أبقي سؤالي هذا سرًا عنه….”
“آه، نعم. بالطبع.”
بدا وكأنها تعاني كثيرًا من التعامل مع كايل، ومع ذلك، كانت قلقةً بما يكفي لتسأل عن وضعي.
شعرتُ ببعض الدوار… لكنني كنتُ ممتنة.
“كيف خطر لكِ هذا السؤال أصلًا؟”
عندما سألتها بدافع الفضول، جاء الرد بعد ترددٍ طويل:
“بسبب السرية.”
الخيّاطة، التي تركت كلماتٍ مبهمة، لزمت الصمت، وكذلك أنا… شعرتُ أنه لا ينبغي لي أن أطرح أي أسئلةٍ أخرى.
❈❈❈
مالكة متجر الملابس أخذت جميع القياسات وغادرت ردهة قصر الدوق الأكبر على عجل.
كانت تعلم أن من الأفضل أن تُبقي فمها مغلقًا، لكنها كانت ستشعر بالذنب إن لم تطرح ذلك السؤال.
الرسالة التي استلمتها قبل زيارتها الأولى لمتجر الملابس كانت غريبة.
[ لا تُطلقي عليه لقب الدوق الأكبر أبدًا أمام خطيبته. ]
واليوم فقط، تلقت أوامر صارمة بالحفاظ على سرية هويته.
لقد دفع لها أضعاف الأجر العادي مقابل كتمان الأمر، ومع ذلك، كانت قلقةً بشأن براءة تلك الفتاة الصغيرة.
خافت أن تكون الآنسة متورطةً في شيءٍ رهيب.
الجميع في العالم يعلم أن الدوق الأكبر كرونهارت والأميرة وينترسوار سيتزوجان قريبًا.
كيف يمكنهم إخفاء الحقيقة عن تلك الفتاة؟.
“لا سبيل لمعرفة نوايا أصحاب الشأن…”
شعرت بالارتياح عندما تأكدت أن الآنسة لم تُجبر على الزواج.
خطر ببالها مشهدٌ من رواية رومانسية قاتمة شائعة في العاصمة، حيث يقوم البطل الذكر باختطاف البطلة وسجنها.
“أنا متأكدة أن رجلاً مثل الدوق الأكبر قد يفعل شيئًا كهذا.”
تنهدت الخيّاطة تنهيدةً طويلةً أخيرة.
❈❈❈
“الفستان يبدو جميلاً للغاية!”
رفعت زيارة الخيّاطة سقف توقعاتي، وشعرت بالسعادة لمجرد تخيل الفستان مجددًا في رأسي.
كنت أدندن لنفسي أثناء عودتي إلى الغرفة.
لحظة… صحيح! سارة واللورد فيرمونت!.
أتمنى ألا يكونا الآن في معركةٍ مشتعلة، يشدّ كلٌّ منهما شعر الآخر بعنف!.
بمجرد أن طرأت هذه الفكرة على ذهني، تسارعت خطواتي في الممر.
ركضتُ بسرعة وفتحتُ مقبض الباب على الفور، لكن ما رأيته كان…
مشهدًا أكثر هدوءًا بكثير مما توقعت.
“أعتقد أن من الأفضل استخدام ذلك الكتاب المدرسي لهذا الجزء.”
“يبدو منطقيًا. يمكنكِ تدريس السحر التطبيقي المتقدم بنفسك.”
“ليست فكرةً سيئة.”
كانا جالسين بهدوء يفتحان كتبهما ويتبادلان الحديث وكأنهما في أكاديميةٍ خاصة.
يبدو أنني كنتُ قلقةً بلا داعٍ، فشخصياتهما القوية لم تكن سببًا لخلافٍ بعد كل شيء.
“هل تسير المناقشة على ما يرام؟”
“آنستي، عدتِ في الوقت المناسب.”
أغلقت سارة الكتاب الذي كانت تقرؤه مع فيرمونت وقالت:
“في هذه الأثناء، أجريتُ محادثةً معمّقة مع القط. في النهاية، جسدكِ لا يزال يتذكر القوة السحرية التي استخدمتها من قبل، لكن المشكلة أن عقلك قد نسيها، صحيح؟”
“نادني اللورد فيرمونت!”
يبدو أنني لم أكن الوحيدة التي تتجاهل هذا اللقب السخيف.
أومأتُ برأسي وانتظرتُ بقية الكلام.
“إذًا، الحلّ هو الحشو، والممارسة، والحفظ.”
“إيه؟”
“ابتداءً من اليوم، ستقومين بحفظ هذه الكتب ودراستها!”
“ماذا؟!”
عندها فقط لاحظتُ كومة الكتب على المكتب.
بمجرّد نظرةٍ سريعة، قدرتُ أن عددها يتجاوز الخمسين مجلدًا.
__________________________________________
• حسابي واتباد: Toro1312 !!⭐•
《 لاتدع الرواية تشغلك عن العبادات 》
ترجمة: ✧𝐀𝐌𝐘✧
التعليقات لهذا الفصل " 48"