وجود معلم سارة القديم في قصر دوق وينترسوار كان خبرًا صادمًا.
وبينما كنت أرمش بعيني محاولة استيعاب تلك العلاقة الغريبة، واصلت سارة شرحها:
“يبدو أنه تحالف مع الدوق وتولى المهام التي كنتِ تقومين بها. لكن بأساليب أكثر خبثًا.”
“….”
“عادةً ما يكون العثور على ساحر لمعالجة أمور النبلاء المظلمة أمرًا صعبًا… لكنه ساحر أسود. سيفعل أي شيء مقابل المال.”
عندما استُنزفت كل قوى إنريكا السحرية، قرر الدوق بيع ابنته للدوق الأكبر والبحث عن بديل لها.
كنت أظن أنه سيجلب أي شخص عشوائي ليحل مكاني، لكن أن يكون البديل ساحرًا أسود بارعًا وإن كان خسيسًا، فهذا كان غير متوقع.
شعرتُ بقليل من الارتباك تجاه هذه الخطوة التي لم أتوقعها.
“إذن، ماذا كنتِ تنوين فعله وحدك عندما ترحلين من هنا؟”
“كنت أخطط لحل الأمر بمفردي. لا أريد أن أكون عبئًا عليكِ.”
“هذا خطير جدًا، سارة. ليس لأنني أشكك في قدراتك، لكن… في النهاية، كان معلمك السابق.”
لإضفاء بعض الخفة على الأجواء، تعمدت أن أعبس بشفتي بطريقة طفولية وقلت:
“هل يعقل أنكِ لم تثقي بي لهذا الحد؟ ، أشعر بالقليل من الإحباط حقًا.”
لكن سارة ردت بجدية:
“لا أريد أن أضعكِ في خطر بسببي أو أن تجبري على تلويث يديكِ.”
أمام جديتها، هززت رأسي ببطء وقلت لها بهدوء:
“ربما يكون تورط الدوق في هذه القضية أمرًا جيدًا في الواقع. لأن ذلك يمنحني سببًا للمشاركة في انتقامك.”
“…”
“سارة، أنا أخطط لإسقاط عائلة الدوق.”
“ماذا؟”
ارتفع صوت سارة بوضوح، وكأنها لم تتوقع هذا الكلام.
للحظة، بدت وكأنها لم تعرف إن كنت أمزح، لكنها سرعان ما واجهت نظرتي الجادة، فتصلبت ملامحها.
“لديّ أيضًا ضغينة لم أتمكن من حلها… لم أكن أظن أنني سأقول هذا أبدًا.”
كنت أعلم أنه إن لم أُفصح عن مشاعري، فقد تستمر سارة في الشعور بالذنب.
ومثلما فعلت سارة قبل قليل، أخذتُ نفسًا عميقًا وبدأت أتحدث.
بما أنها كانت قد شاركتني بالفعل ماضيها الثقيل، شعرت بالراحة لرد الجميل.
أخبرتها بقصة وفاة والدتي وبالسر الذي يحيط بمولد مارثا، على مدى وقت ليس بالقصير.
كانت ردود فعل سارة مشابهة لي إلى حد ما، ولكنها كانت مختلفة أيضًا.
ظلت تعبر عن صدمتها وتتمتم بالشتائم، وفي النهاية، احتضنتني بقوة.
“والأهم من ذلك، هناك شيء يجب أن أستعيده من قصر الدوق.”
أخبرتها بشكل مختصر عن الأداة السحرية التي قد تحل لعنة كايل.
لم أُسهب في التفاصيل، لكن يبدو أن عزيمتي وصلت إلى سارة بوضوح.
“إذا رفعتِ يدكِ لاصطياد حشرة، فما الفرق إن كانت واحدة أم اثنتين؟.”
قالت سارة وهي تربت على ظهري، ثم أظهرت ابتسامة مشرقة وواثقة.
لأول مرة شعرت أنها تخلصت من الشعور بالذنب وعادت إلى طبيعتها.
“لنعمل بجد معًا. لا، سننجح بالتأكيد، يا آنستي.”
“أمم. في الواقع، بما أننا أصبحنا زميلتين تقريبًا، فلا بأس أن نتعامل كصديقتين.”
أمسكت بيدها ومددت اقتراحًا خجولًا بعض الشيء.
بدت سارة مندهشة وسعيدة في الوقت نفسه، لكنها سرعان ما هزت رأسها.
“ما زلتُ خادمة، على أية حال.”
“آه، إن كنتِ ترفضين، فلا بأس.”
“ليس وكأنني أكره الفكرة! إذا انتهى كل شيء بشكل جيد، ربما أترك وظيفتي كخادمة، حينها سنتحدث عن ذلك مرة أخرى.”
من الطريقة التي تحدثت بها، اختفى الشعور بالخذلان الذي كان يراودني.
ضحكنا قليلاً ونحن ننظر إلى بعضنا البعض، ثم عدنا للحديث عن عائلة الدوق.
كانت العملية التي استغل فيها الدوق إينريكا قد مرت عبر خطوات معينة.
استخدم سحره لمراقبة منافسي الأعمال الذين كان يديرهم الدوق، وعرقلهم بطرق غير عادلة.
وأيضًا، كان يبيع قطع السحر المصنوعة من القوة التي استخرجها بشكل غير قانوني في السوق السوداء.
“ولكن يبدو أنه بدأ يتورط في أشياء أكثر سوءًا الآن. رغم أنه لا توجد أدلة مؤكدة، لكنني أشعر بأن هناك شيء غير صحيح….”
أشياء أكثر سوءًا؟ .
قد تكون هذه فرصة للانتقام، لكنني كنت أفكر في الضحايا المحتملين الذين قد يتأذون في هذه العملية. كان ذلك يحيرني.
بدت سارة وكأنها تشعر بنفس الشيء، وأضافت بصوت ثقيل.
“هناك شيء آخر. الدوق والأمير الأول يلتقيان كثيرًا في الآونة الأخيرة.”
“والدي كان معروفًا بدعمه القوي للأمير الأول بين النبلاء.”
“لكن إذا كان هذا معروفًا للجميع، فلماذا يلتقيان دائمًا في أماكن سرية؟ يبدو أن كلاً منهما يتجنب أعين الناس.”
صوتها أصبح خافتًا وكأنها تهمس.
“في الأسبوع الماضي، كان رجال الأمير الأول في السوق السوداء مع الدوق.”
“لا يمكن أن يكون….”
“أنا أعتقد أن الأمير الأول قد يكون متورطًا في أعمال الدوق الشريرة أيضًا.”
تجمدت للحظة وأنا أحاول تقييم مدى مصداقية ما قالته.
حتى وإن كانت الحقيقة، فإن التدخل في ذلك سيكون أمرًا خطيرًا للغاية.
ثم تذكرت أن كايل يدعم الأمير الثاني.
“حتى في مأدبة الصيد، وقعنا أنا وكايل في محاولة اغتيال الأمير الأول. لا يزال من المبكر جدًا الحكم على ذلك، لكن…”
“ماذا، ماذا؟ هل جُرحتِ؟”
قفزت سارة فجأة، وبدأت تفحص جسدي بحذر كما لو كانت تبحث عن أي جرح.
حقاً، كيف كانت ستتركني بهذه الطريقة وهي قلقة لهذا الحد؟.
“أنا بخير. ربما الأمور تصبح أكبر من المتوقع، لكن إذا لم تمانعي، سأخبر كايل عن هذا الموضوع قليلاً وأستجوب ما إذا كان يعرف شيئاً.”
عندما ذكرت اسم كايل، شعرت وكأن تعبير وجهها أصبح أكثر حزناً قليلاً.
ربما كان مجرد شعور مني، لكن كان هناك شيء غريب في قلبي.
لكن بما أن الوقت كان متأخراً، قررنا أن نتفق على لقاء في اليوم التالي ونفترق.
❈❈❈
سارة وقفت في الممر، تحدق في ظهر إنريكا التي تبتعد عن نظرها.
كانت هذه الفتاة الصغيرة حقًا تعني لها الكثير.
كانت الشخص الذي دخل في ذهنها في الوقت الذي لم يكن لديها وقت للتفكير في أي شيء آخر سوى الانتقام.
شخص جعلها تشعر وكأنها عادت إلى الماضي السعيد.
في البداية كان مجرد إعجاب بسيط بسبب تشابهها مع “ليلي”، لكن الآن، كما قالت إنريكا، أصبحت تشعر بها حقًا وكأنها جزء من عائلتها.
لكن بما أن هدفها كان العثور على معلمها وتحقيق الانتقام، لم يكن بإمكانها أن تتخلى عن ذلك وتستقر في الحاضر.
كانت ممتنة للغاية لإنريكا التي مدّت يدها لها وعرضت عليها أن تشاركها في الانتقام.
ممتنة وعاطفة لا يمكن وصفها بالكلمات.
لكن مع تلك المشاعر، كان الشعور بالذنب الذي يرافقها لكونها تخدعها يتزايد في قلبها.
وفي تلك اللحظة، خرج من الظلام صوت منخفض مفاجئ.
“هل انتهيتِ؟”
“متى وصلت؟..”
“لتوي.”
كان دوق “رافائيل كرونهارت”.
كما لو أنه ركب للتو على حصانه وركض بسرعة، كان مرتدياً درعًا وشعره فوضوي.
بدا أن إنريكا قد لحقت بعربة سارة حتى هنا.
نظرت سارة إليه بتعبير وجه مليء بالاشمئزاز وسألت:
“من أين سمعت عن هذا؟”
“لقد سمعت كل شيء.”
كانت سارة تعرف أن لديها عادة الصمت أمام الدوق.
الصمت الذي كان قبل قليل كان يعني نفس الشيء.
[فلاش باك]
‘لقد تلقيتِ مساعدة كبيرة للعثور على معلمكِ ، لكن…’
‘ألم تقولي أنك ستفعلين أي شيء إذا طالما يساعد في الانتقام؟’.
كانت تلك هي الكلمات التي قالها في اليوم الأول عندما وصلت إلى قصر الدوق.
“أيها المخادع.”
قالت سارة بغضب، لكن الدوق الأكبر قدم لها عرضًا لا يمكن رفضه.
“أنتِ تقولين إنكِ تبحثين عن شخص، وأنا يمكنني مساعدتكِ في ذلك.”
“ماذا؟”
“لكن بشرط أن تبقي سرّي عن إنري. سيكون من الأفضل أن تضعي بعض الأفكار في رأسها.”
كانت سارة تشعر بحيرة، هل يمكن أن يكون هذا الحل الذي طالما انتظرته؟ بينما كانت تغمض عينيها، نظر إليها الدوق الأكبر بتعبير غريب وهمس:
“يا له من مصادفة مثيرة، لأنني أيضًا لدي علاقة سيئة مع ذلك الساحر الأسود.”
“كيف؟”
“لقد نشأت على يديه حتى سن العاشرة. لدي فكرة تقريبية عن مكانه.”
عدد السحرة السود قليل، لكن عدد الضحايا الذين استخدموا كأدوات تجارب كان كبيرًا.
كانت سارة تعرف جيدًا كيف كان معلمها يستخدم الأطفال كفئران تجارب.
كانوا يشتركون في نوع من الألم المشترك، وفي النهاية أصبحت المعلومات التي قدمها الدوق قوة كبيرة لهم.
لكن نجاح ذلك كان دائمًا يؤلمها في قلبها، لأنه تحقق ببيعها.
“الآن يجب عليها حضور الحفلات، والتواصل مع الناس، وتكوين صداقات.”
“لن يكون غريبًا حتى لو اكتشفوا ذلك في أي وقت.”
قالت سارة ذلك، بينما همس الدوق بصوت خالي من العاطفة.
“نعم، في وقت قريب ستكتشفين الحقيقة عندما يحين الوقت.”
كان يبدو وكأن لديه خطة معينة في عقله.
وعندما غادر، قال أخيرًا لسارة:
“حتى ذلك الحين، ابقي صامتة.”
لكن لحظة اكتشاف “ذلك الأمر” جاءت بسرعة أكبر مما توقعت.
في اليوم التالي، عندما زار الدوق غرفة إنريكا.
❈❈❈
“إنريكا، لم أركِ منذ وقتٍ طويل!.”
“ألم نفترق ليوم واحد فقط؟”
“لكن بالنسبة لي كان يومًا طويلًا.”
عندما عاد إلى منزله، أصبح كايل مجددًا كالثعلب الماكر.
“لا أعلم عن ذلك ، ولكن فعلاً كان حفل الصيد طويلًا جداً.”
لم يكن موجودًا في وجبة الإفطار ، لذلك اعتقدت أنه تأخر بسبب ذالك.
ولاكنه في فترة ما بعد الظهر، جاء إلى غرفتي حاملاً بعض الوجبات الخفيفة متظاهراً بأنه كبير الخدم.
بينما كان يبتسم وكأنه ينتظر شيئًا، سألته:
“إذا كان لديك شيء لتقوله، هل يجب أن أطلب من سارة أن تغادر للحظة؟”
“لا داعي لذالك ، ربما تحتاجين أيضًا إلى رأي خادمتكِ.”
“في ماذا؟”
“عن تحضيرات زواجنا، إنريكا.”
كنت على وشك أن ابصق الشاي من فمي عندما تذكرت ذلك فجأة.
صحيح، هذا الشخص كان زوجي المستقبلي!.
كان الأمر كما لو أن حقيقة الزواج التي كنت قد نسيته قد اقتربت فجأة مني بشكل مفاجئ.
“أردت أن أسمع إن كان لديك تفضيلات خاصة في تصميم الفستان، أو زخرفة القاعة أو أي شيء آخر يتعلق بالحفل.”
“آه، إذن… متى سيكون موعد الزواج؟”
كانت لحظة غريبة أن أسأل عن يوم زفافي كما لو أنني أسأل عن موعد زفاف شخص آخر.
ضحك كايل قليلاً وكأنه وجد الموقف طريفًا ثم أجاب:
“بعد شهر.”
___________________________________________
•فضلاً ضع نجمه واكتب تعليق يشجعني على الإستمرار!!⭐•
《لاتدع الرواية تشغلك عن العبادات》
التعليقات لهذا الفصل " 47"