فجأة، ظهر شيء خلفي وأمسكني من مؤخرة عنقي.

“اككك…!”

شعرت وكأن حلقي يُخنق ونفسي يُقطع، مما جعلني أختنق.
حاولت البحث عن معلومات مفيدة في ذهني المتلاشي.

‘سحر الهجوم الغبي هذا يُثير أعصابي… احتاج إلى طريقة لجذب الانتباه…!’

مرّت فكرة خاطفة عبر رأسي.
لوّحت بذراعي في الهواء ورسمت دائرة سحرية بشكل أخرق.
بعد محاولتين، تمكنت من إشعال لهب أمام عيني الوحش مباشرة.

‘قال فيرمونت إن معظم الوحوش ضعيفة أمام الضوء لدرجة أنها تتردد في السير في أماكن غير الظل.’

سقط الوحش الذي كان يمسك بملابسي مصدراً صوتاً غريباً. بدا وكأنه فقد بصره مؤقتًا بسبب اللهب الساطع أكثر مما رآه في حياته.

ما إن ابتعدت، حتى لوّح كايل بسيفه على نطاق واسع موجهاً إياه نحو الوحش خلفه. ورغم أن المسافة كانت كبيرة، كان من المدهش أن السيف امتد كالسحر.

تناثرت بضع قطرات من الدم الدافئ على خدي القريب.
وسقط خطم الوحش الذي قطعه كايل على الأرض. صدر صوت عواء من الجزء المقطوع بشكل بشع. وفي النهاية، لوّح كايل بذراعه مرة أخرى فقطع حلق الوحش.

في لحظة، سقط الجسد الثقيل الذي كان يرتعش تمامًا محدثًا صوتًا مدويًا.

حالما استطعت أن أُبعد رأسي عن المشهد، صرخ كايل مرة أخرى.

“كوني حذرة!”

“نعم، نعم…!”

لم يكن لدي وقت لطلب التوجيهات، لذلك تدحرجت إلى اليسار وكأنني أغامر. ولحسن الحظ، نجحت المغامرة.

بصوت عالٍ ، غرست أسنان الوحش في الأرض حيث كنت أقف.

‘آه، كان هناك واحد آخر…!’

لوّح كايل بسيفه كما فعل سابقًا، لكن النصل ارتد عن القشور بصوت يشبه ركل علبة.

كان من الممكن تغيير الهدف، لكن الوحش استمر في مهاجمتي بإصرار.

كايل صد أسنان الوحش المهاجمة نحوي بنصل سيفه.

وفي هذه الأثناء، ألقيت مرة أخرى السحر الناري الذي استخدمته سابقًا أمام عيني الوحش. ولكن لم يكن هناك أي استجابة، وكأن السحر لم يُجْدِ نفعًا لسبب ما.

‘عندما أفكر في الأمر، تعثّر وكأنه فقد إحساسه بالاتجاه.’

لم يُظهر أي عدوانية، لكنه الآن يركض بجنون. يبدو تمامًا مثل كلب مسعور. وبينما كنت أفكر في ذلك، زاد خوفي من أن أُعض.

كنت قادرة على تحريك جسدي، لكنه الآن وصل إلى حدوده. أمام عيني، رأيت فمًا واسعًا بما يكفي لابتلاعي بالكامل.

بينما كنت أواجه الأنياب الحادة، أغمضت عيني بإحكام.

عَضْ.!

سمعت صوت غرس الأسنان في مكانٍ ما، لكنني لم أشعر بأي ألم.

عندما فتحت عيني مرتبكة، رأيت كايل يسد طريقي. كانت إحدى أسنان الوحش مغروسة في ذراعه.

في تلك الفجوة، غرز الرجل النصل عميقًا في الفم المفتوح. وعندما وصل السيف الحاد إلى حلقه، أطلق الوحش صوتًا مؤلمًا.

الوحش، الذي كان يرتعش لفترة طويلة، انهار بصيحة مميتة. وعندها فقط سحب كايل النصل ومسح الدم عن وجهه بكمّه.

“… هل تأذيتِ في أي مكان؟”

بعد أن نفض الدم عن النصل وعدّل غمده، التفت كايل نحوي وسأل.

“…”

“إنري؟”

“لقد قلت فقط إنني سأشارك في الحفل دون سبب.”

انهمرت الدموع على خديّ.
كان تلك الدموع ممزوجةً بالدم الذي وُجد في وقتٍ سابق.

“كوني عبئًا وتسببت في أذية كايل…”

“أوه يا إلهي.”

هزّ كايل رأسه واقترب.

“رده فعلكِ كانت ممتازة. كنتِ أشجع من أي شخص آخر رأيته من قبل.”

“لكنّك تأذيت وأنت تحاول حمايتي.”

“حتى لو قُطِعَت ذراعي، فهذا أفضل من رؤية دموعكِ.”

كان صوته حلوًا وناعمًا.

“لذا توقفي عن البكاء.”

فجأة، لم أستطع مقاومة الرغبة في احتضانه بكل قوتي.
إذا كان يجب أن أُطلق اسمًا على هذا الشعور، فماذا سأُسميه؟.

شهقت وأنا أفكر في الخلاص الذي تلقيته منه حتى الآن.
كانت هذه هي اللحظة التي كنت على وشك الاقتراب فيها.

أظهر كايل تعثرًا خفيفاً واتكأ على شجرة.
ظهر الارتباك في عينيه.

“ما الأمر؟”

“… أشعر ببعض الدوار.”

الآن عندما أفكر في الأمر، كان الدم المتدفق من ذراع كايل، الذي عضه الوحش، واضحًا بشكل جَلي.

“يا إلهي، كان يجب أن أتحقق من الجرح أولاً، أنا آسفة.!!”

استخدمت تعويذة إيقاف النزيف البسيطة التي تعلمتها من فيرمونت للمرة الثانية. بعد أن توقف النزيف، استطعت إلقاء نظرة أقرب على الجرح المكشوف.

ثم ظهر شيء غريب قريبًا. كان هناك توهج أزرق غريب على الندبة الطويلة في الذراع. لم يُظهر أي رد فعل خاص تجاه الألم الذي كان واضحًا جدًا، لكنه ضيّق حاجبيه كما لو أن شيئًا مزعجًا قد حدث.

“يبدو أن الوحش أكل ثمرة كورون قبل أن يعضني. لسبب ما، بقي السم في الأنياب.”

“هل تقصد السم؟”

“قد يكون هذا هو السبب في أنه لم يستطع المشي جيدًا في البداية، وترنح، أو أظهر عدوانية. له خصائص مخدرة.”

نقر كايل بلسانه ولوّح بذراعيه حوله.

“إنه ليس من النوع الذي يضر بالجسم البشري. بل هو أقرب إلى دواء مهلوس ويُستخدم عادةً كعامل اعتراف…”

“ماذا لو كان اعترافًا؟”

“الجرعة المناسبة من التخدير تُعكر ذاكرة الشخص الذي يتناولها وتُظهر طبيعته المخفية.”

“لن يبقى الأمر هكذا للأبد، أليس كذلك؟”

سألتُ مصدومة.

“لدي مقاومة للسم، لذا سيستمر الأمر حوالي يوم على الأكثر.”

تحدث كايل كما لو كان يُطمئنني، لكن كلماته كانت غامضة.

“كان من الأفضل لو كان نوعًا آخر من السم…”

رَمَشت وسألته، وأنا أبدو في غاية الحيرة.

“أنا سعيدة لأنه ليس ضارًا بجسدك. قلت بإنه يستخدم للاعتراف، لكن كايل ليس لديه شيء يخفيه عني، أليس كذلك؟.”

“…”

“لماذا تنظر إليّ هكذا؟”

نظر إليّ الرجل بابتسامة غريبة وفارغة وعينين مُحرجتين.
ثم مسح وجهه وتمتم بصوتٍ غير مسموع.

“آه، هذا حقًا مزعج…”

❈❈❈

أصبحت قلقة بسبب ظهور الوحشين المفاجئ، لذا ألقيت تعويذة تتبع باستخدام المكونات المتبقية على الجثة. لم يكن هناك أي أفراد آخرين بالقرب.

ومع ذلك، كانت حالة كايل تتدهور لدرجة لا يمكن القول إنها جيدة. قد يكون من غير اللائق المقارنة، لكن مثل الوحش السابق، كان مرتبكًا بشأن الاتجاه وتعثر.

بما أن جميع الوحوش قد هُزمت، لم يكن هناك سبب للعجلة. في النهاية، قررتُ أنه سيكون من المستحيل العودة سيرًا على الأقدام في حالة كايل.

بدأنا نبحث عن مكان للتخييم ليلًا. قبل مضي وقت طويل، وجدتُ كهفًا دافئًا قريبًا يمكنني الهروب فيه من البرد.

على فكرة، كان لديّ ذلك الشعور عندما غادرت.

‘لا يمكن، لا يُمكن أن يحدث لي أبدًا أن أُحاصر وحدي في كهف.’

هل رفعت الراية دون أن أدرك؟.

عندما بدأت الشمس بالغروب، جمعتُ الأعشاب والتوت الصالحين للأكل وأعددتُ وجبة بسيطة.

يبدو و كأنه بالأمس فقط كنتُ أشكو لفيرمونت أنني لا أحتاج إلى درس في البقاء على قيد الحياة في البرية. كان ذلك درسًا أفادني أكثر مما توقعت، لذا شعرتُ بالإحراج والامتنان.

على الرغم من أن حرارة جسم كايل بدأت ترتفع ببطء، إلا أنه أتم الأعمال المنزلية بإخلاص مثل سد مدخل الكهف وتحضير سرير للنوم.

“شكرًا لكِ، إينري.”

قال كايل بعد أن تناول القليل من الطعام دفعة واحدة.

“خذ استراحة عندما تتحدث بهذا الشكل! يا إلهي، حرارتك مرتفعة للغاية.”

امال كايل جبهته بطواعية وأومأ برأسه.
كانت عيناه تومضان ببطء شديد، ربما بسبب التخدير.

كان شعره، الذي كان دائمًا مرتبًا، مبللاً بالعرق ومتشابكًا، وكان قميصه الذي سقط في الماء قد خُلع ووُضع ليجف.

لا يجب أن أفكر بهذه الطريقة أمام شخص مريض. ليس لأنني لا أريد رؤية ذلك، ولكن الأمر يمنحني نوعًا مختلفًا من التوتر…

“نم أولًا. سأُنهي التنظيف ثم أستلقي.”

“لا أحب ذلك. إذا نمتُ في هذه الحالة، سأبدأ بالتحدث بأشياء غير مفهومة…”

“إذن هل تقول إنك ستظل مستيقظًا طوال الليل بهذا الشكل؟.”

سألتُ باندهاش.
وتابعتُ الحديث بسرعة قبل أن يرد كايل.

“سأتحمل المسؤولية وأعتني بك طوال الليل، لذا لا تقلق وأغمض عينيك فقط.”

“هذا ما لا أريده، إينري.”

“سأتفهم حتى لو لعنتني أو عاملتني بقسوة. يقولون إنه نوع من المخدرات المهلوسة. ربما ليس من طبيعتك.”

“لن يحدث ذلك، ولكن…”

كايل تأوه كمن يخفي سرًا كبيرًا.

“حسنا هذا… ، كلا. حتى لو أصبحت الأمور غريبة جدًا، لا تبتعدي. الغابة في الليل قد تكون خطيرة.”

“فهمت، لذا ارتح.”

حتى بعد وصولنا إلى هذه النقطة، نظرتُ بحزن إلى الرجل الذي وضع مخاوفي أولًا.

“يجب أن تأكل جيدًا وتنام جيدًا لتتغلب على السم أو أي شيء آخر بسرعة.”

بعد سماع صوتي القوي، استلقى كايل أخيرًا على الأرض الحجرية الباردة.

عندما رأيت ضعف الرجل الذي بدا دائمًا قويًا، شعرتُ بالألم في قلبي.

“إينري.”

“نعم.”

تجاوزتُ مشاعري المضطربة وأجبتُ نداءه.
كان بإمكاني رؤية غروب الشمس البرتقالي الذي ملأ العالم من خلال الفجوة في الكهف المغلق بالصخور.

كان منظرًا جميلًا بشكل غريب.

“إينري.”

“نعم، أنا هنا.”

“أنا آسف لخداعكِ.”

تحدث كايل وكأنه يحاول إخراج صوته المتشقق للمرة الأخيرة.

“كنتُ طماعًا للغاية.”

“…”

“قلبي الفارغ ينبض، إنها المرة الأولى التي أشعر فيها بشيء كهذا. أعتقد أنني كنتُ خائفًا من فقدانه.”

لم أستطع فهم أي شيء مما قيل.
ومع ذلك، شعرتُ بطريقة ما أنني يجب أن أستمع إلى تلك الجملة حتى النهاية.

“أنا آسف.”

تمتم كايل للمرة الأخيرة وسرعان ما غط في نوم عميق.
بلطفٍ، عدلتُ جبهته التي كانت مشوهة قليلًا من الألم.
يجب أن أستيقظ وأسأله عن السبب الذي يجعله يعتذر كثيرًا.

في الوقت الحالي، كل ما يمكنني فعله هو الثقة والانتظار.

  ___________________________________________

• حسابي واتباد: Toro1312 !!⭐•

《لاتدع الرواية تشغلك عن العبادات》