“حسنًا، حسنًا، إذن ماذا قلتِ؟”
“قلتُ إنني لا أعرف جميع الضيوف جيدًا. لا تقلقي، لم أذكر اسم إنريكا بكلمة واحدة. أعتقد أنني كنتُ مترددة حقًا.”
للحظة، بدا وكأن هالة مشرقة وأجنحة ملاك تضيء خلف الماركيزة.
كنتُ على وشك النهوض من مقعدي بينما كنتُ أحدق فيها بذهول، ثم قلتُ:
“أنتِ منقذتي… يجب ألّا تقولي أي شيء أبدًا!”
“كما توقعتُ، لا تريدين مقابلة تلك السيدة؟.”
“نعم، بالتأكيد! إنه نوع من العلاقات التي لا أرغب أبدًا في التورط فيها.”
يا إلهي، بالكاد استطعتُ تجنّب أحد النبلاء المظلمين.
ماذا لو تورط البطل الرئيسي مع البطلة المشاكسة التي تسحبه هنا وهناك؟.
أوه، لا أريد حتى تخيّل ذلك.
لأن البطلة لديها العديد من الجوانب الفريدة، فمن المؤكد أنها ستُنسى بمرور الوقت.
بينما كنتُ أتنهد، ابتسمت الماركيزة وتابعت الحديث:
“لقد جذبتِ الكثير من الأشخاص بمجرد حضوركِ حفلة واحدة. أعتقد أن هذه موهبة رائعة.”
“في الواقع، أفكر في بدء الأنشطة الاجتماعية بجدية. أتمنى حقًا أن أمتلك هذه الموهبة، كما قلتِ.”
لمعت عيناها باهتمام.
“يا إلهي، لماذا كنتِ تخفين هذا الطموح حتى الآن؟”
“لأن والدي كان صارمًا. في الواقع، لا أعرف كيف سينظر العالم إلى أفعالي، لكنني راضية عن الحرية التي حصلتُ عليها أخيرًا.”
راقبتُ تعبيرها بعناية عندما ذكرتُ العيش مع كايل.
لكن الماركيزة بدت غير مهتمة.
هناك شيء غريب بشأن مناداتها لي بـ’الدوقة الكبرى’ آخر مرة التقينا فيها.
كنتُ أفكر في سؤالها بصراحة، لكنني سرعان ما نسيتُ الأمر عندما ضيّقت عينيها وسألتني عن موضوع آخر.
“هل لا تزالين غير مستعدة للإفصاح عن مصدر تلك المعلومات؟ كان من الصادم أن أسمع نصيحة حول علاقة الماركيز من شخص آخر.”
“هاها، لن تصدقيني حتى لو أخبرتكِ.”
“كلما نظرتُ إليكِ، كلما بدوتِ أشبه بأفعى، إنريكا.”
لكن لو أخبرتكِ أنني رأيتُ ذلك في رواية، فلن تصدقيني على أي حال.
شعرتُ ببعض الظلم، لكنني تحملتُ الأمر.
عندما كنتُ صغيرة، تحملتُ جميع أنواع التدريبات القاسية من قِبل فارس.
وكما هو متوقع، كانت الماركيزة، التي سيطرت على المجتمع الراقي حتى بعد تقاعدها، شخصًا استثنائيًا.
كانت الحلقة التي ظهرت فيها لأول مرة في الرواية من أسوأ الحلقات على الإطلاق.
ومنذ ذلك الحين، أصبحتُ أُعجب بها بعدما أظهرت جانبها الموهوب كمضيفة للبطلة.
كنا نخوض محادثة ممتعة بينما كنتُ أراقب كل شيء بعناية لأتعلم منه.
لكن، لسوء الحظ، لم يستمر ذلك طويلًا.
“سيدتي، أعتذر على المقاطعة. لكن، ألا تستقبلين ضيفًا الآن؟ هناك أمر يجب أن تستمعي إليه.”
كانت الخادمة هي من جاءت لإيصال الأخبار.
أومأتُ برأسي لأشير أنه لا بأس.
في النهاية، تجهم وجه الماركيزة بينما كانت تستمع إلى همسات الخادمة.
“يا إلهي، إنري…”
“هل هناك مشكلة؟ لا تقلقي بشأني، فقط اذهبي.”
“لا أستطيع الخوض في التفاصيل الآن، لكنه أمر يخص زوجي.”
زوج الماركيزة.
على الرغم من أنه جاء من عائلة فرسان عظيمة كزوج لابنتهم، إلا أنه كان رجلًا بلا أدنى روح للفروسية.
معرفتي بها جعلتني أشعر ببعض التعاطف تجاهها بنظرة حزينة قليلًا.
بما أنكِ قلتِ إنكِ تستعدين للطلاق قريبًا، فسيكون الوضع أفضل في المستقبل.
“سأعود قريبًا، لذلك قد يكون من الجيد على الأقل إلقاء نظرة على قسم الرعاية في هذه الأثناء. من فضلكِ استدعي أحدًا لمرافقة الآنسة وينترسوار.”
تركت الماركيزة هذه الكلمات قبل أن تسرع بالمغادرة.
اقتربت الخادمة المتبقية وسألتني بحذر:
“آنسة، هل ترغبين في إلقاء نظرة على قسم الرعاية؟”
“أوه. لا بأس، سأنتظر الماركيزة.”
بعد ذلك، رفضتُ العرض بأن يرافقني أحد وبقيتُ وحدي.
❈❈❈
أردت أن أمشي بهدوء لأرتب أفكاري. في الحديقة الخلفية، التي شُيِّدت مع نهر كبير في وسطها، كان يمكن سماع صوت تدفق المياه واحتكاك الأوراق ببعضها.
كانت حديقة الكونت مُزينة بجمال، لكن هذا المكان لم يكن أقل روعة.
على الرغم من أنه بدا مصطنعًا بعض الشيء، إلا أنني شعرت بعاطفة دافئة تنبع من كل زاوية فيه.
‘سمعت أنكِ تبذلين جهدًا كبيرًا في العناية بالحديقة، لا بد أنكِ شخص كفء جدًا.’
في ذلك اليوم في الحفل، طلبت السعر بتهور، لكن لم يكن لدي نية في المطالبة به من الأساس.
من الأفضل محو أي دين في القلب، وبناء علاقة صداقة قائمة على التفاعل المتبادل.
[تقصد أنها تبغا تكون علاقتهم قوية كأصدقاء مش لازم ترد لها الجميل في كل مرة.]
بغض النظر عن مدى محاولتي تجنب الأمر، سأضطر لحضور الحفلات من حين لآخر.
في ذلك الوقت، سأكون بحاجة ماسة لمستشارة مثل الماركيزة.
‘أنا سعيدة لأن الأجواء ليست سيئة.’
بينما كنت غارقة في أفكاري، وجدت نفسي قد تعمقت أكثر في الحديقة الخلفية.
الرياح القادمة من ضفة النهر المفتوحة مرّت بلطف على أذني، وشعرت كأن الثقل الذي كنت أحمله في قلبي قد تطاير بعيدًا.
مع هذا الشعور المريح، استرخَت تعابير وجهي، واتخذت بضع خطوات أقرب.
“النهر أعمق مما يبدو، لذا كوني حذرة.”
“آه!”
فوجئت بصوت مرتفع جاء من بعيد، ففقدت توازني للحظة.
‘ لو أخطأت في الحركة، فسأسقط…!’
كان المنحدر مائلاً بعض الشيء، مما جعل الموقف خطيرًا. وبينما كنت أبحث بسرعة عن شيء أتمسك به، اصطدمت بشيء صلب.
في اللحظة التي أمسكت بها ذراعان قويتان بخصري، شممت رائحة عشبية قوية.
“هل تأذيتِ؟”
جاءني صوت دافئ من فوق رأسي.
يا إلهي، لقد كنت على وشك الوقوع في ورطة حقيقية!.
بعد أن هدأت دقات قلبي المتسارعة، رفرفت برموشي ونظرت للأعلى.
بسبب ضوء الشمس القوي، كان وجه الرجل الغريب مخفيًا في الظلال.
“يبدو أنكِ تفاجأتِ بكلامي المفاجئ. قبل فترة قصيرة، وقع حادث حيث سقط أحد العمال في النهر.”
توقفت للحظة عند صوته اللطيف المدهش، ثم أجبته:
“كنتُ غير منتبهة. شكرًا لإنقاذي.”
“هل أنتِ ضيفة أختي؟”
“واو، هل لدى الماركيزة شقيق أصغر؟”
الآن بعد أن فكرت في الأمر، كان شعره المجعد بنفس اللون الذهبي لشعر الماركيزة.
لكن لم يكن هناك أي ذكر لشقيق الماركيزة في الرواية.
لقد مر وقت طويل منذ أن قابلت شخصية غير مذكورة في القصة الأصلية، مما أثار اهتمامي.
في تلك اللحظة، انزاحت الظلال، وكُشف عن عيني الرجل.
“تأخرتُ في تقديم التحية. أنا تريستان دايك.”
“أنا إنريكا من عائلة وينتيرسوار.”
يا إلهي، حقًا…
إنه يبدو كفارس تحلم به عشرات السيدات النبيلات سرًا.
كان يبدو شابًا، في مثل عمري تقريبًا، كما لو أنه مقرب من الماركيزة.
مظهره القوي وأدبه الراسخ كانا مميزين للغاية.
لو سألني أحد كيف يبدو الفارس الحقيقي، فكل ما عليه فعله هو رؤية وجه تريستان.
بدأت أشعر بالحرج من المسافة القريبة بيننا، فحاولت التراجع بخجل.
في تلك اللحظة، شعرت بألم حاد في كاحلي.
“آه!”
ابتعد قليلًا، ثم عاد ليسندني عندما ترنحتُ من المفاجأة.
“أعتقد أن كاحلي التوى قليلًا.”
“هذا خطئي ، هل يمكنكِ المشي؟”
وضعتُ قدمي على الأرض، لكن الألم النابض كان واضحًا.
“حتى لو كان يؤلم، يجب أن أمشي، صحيح؟”
يا إلهي ، ماكان علي أن أذهب إلى النهر من الأساس.
كنتُ على وشك المشي متماسكةً دموعي، لكن فجأة، شعرتُ أن رؤيتي تنقلب رأسًا على عقب، وقدماي انفصلتا عن الأرض.
لم يسبق لي أن مررتُ بموقف مثل هذا، حتى مع كايل!.
بدأتُ أرتبك بينما وجدتُ نفسي بين ذراعي رجل غريب التقيتُ به لتوي.
“آه! لا! أرجوك ، أنزلني!”
“من واجب الفارس مساعدة المصاب. يمكنكِ الإسترخاء براحة تامة.”
بحسب منطقه، هذا يبدو تصرفًا طبيعيًا، لكن وفقًا لمنطقي، هذا أمر غريب تمامًا.
كان حديثه بوجه هادئ وكأن هذا شيء عادي، مما جعل ذهني يضطرب.
صوت نبضات القلب كان يُسمع من حين لآخر، ورائحة الغابة كانت تملأ الأجواء من حولي.
بالتأكيد كان موقفًا غير مألوف، لكنه بدا هادئًا تمامًا.
حسنًا… ربما لديه طريقة تفكير مختلفة.
شعرتُ بالحرج للحظة، وكأنني كنتُ أبالغ في رد فعلي دون داعٍ.
“تريستان دايك! أنت مجددًا؟!”
سمعتُ صوت الماركيزة المصدوم من بعيد.
في تلك اللحظة، بدأتُ أناضل للنزول، لأن هذا الموقف يمكن لأي شخص أن يسيء فهمه بسهولة.
لكن ذراعيه القويتين كانتا ثابتتين.
لا، لماذا الوضع هكذا؟.
عندما رفعتُ رأسي لأنظر إلى تريستان بتعبير مستغرب قليلًا، كانت الماركيزة قد وصلت أمامنا.
“آسفة آنستي، أخبرتكِ بأن تذهبي لرؤية الحديقة. لكنني نسيتُ تمامًا أن هذا الرجل موجود في الجوار…”
تحدثت الماركيزة بتعبير محبط للغاية.
“كنتُ فقط أساعد ضيفة مصابة، أختي.”
“سيدتي، أنا آسفة. هذا لأن كاحلي التوى.”
بادرتُ بالاعتذار، حيث إن الأجواء بدأت تأخذ منحى غريبًا.
“يا إلهي، هل تأذيتِ؟”
ظهرت علامات الدهشة على الماركيزة، ونظرت إلى كاحلي المتدلي في الهواء.
“إنها ليست إصابة خطيرة. أخوكِ الصغير ساعدني بكل طيب خاطر.”
لكن سلوك الماركيزة، وكأنها تعامل تريستان وكأنه مصدر إزعاج، كان غريبًا.
هل هناك سبب يجعله، وهو فارس مثالي بهذه الصورة، يُعامل هكذا؟.
الماركيزة، التي وعدت بإحضار بعض الأعشاب لي، نظرت إليه بنظرة غير راضية، ثم بدأت توبيخه بجدية.
“تريستان، هل تظن بأنني لا أعرف جيدًا ما تفكر به؟.”
“أختي، ليس هذه المرة.”
“ولم لا؟ علاوةً على ذلك، أليست هذه المرأة على وشك أن تصبح الدوقة الكبرى قريبًا؟.”
كنتُ أرمش بعيني غير قادرة على فهم المحادثة بالكامل، لكنني استوقفت الجملة الأخيرة.
“سيدتي، هذا غير صحيح!”
“ماذا؟”
“لن أتزوج من صاحب السمو الدوق الأكبر. ظننتُ أن الشائعات قد انتشرت بالفعل.”
“مستحيل. هل كان هناك مجرد خلاف بسيط بينكما هذا الصباح؟”
آه، هذا مزعج جدًا.
عندما كنتُ على وشك أن أشرح الوضع بجدية، سمعتُ صوت تريستان الهادئ من فوق رأسي.
“إذا لم يكن الأمر صحيحًا، فهو ليس صحيحًا. لماذا كل هذا الاستجواب؟”
“لا تتدخل بلا سبب، واختفِ بسرعة عن نظري. سأساعدكِ، آنستي.”
عندما طلبتُ منه إنزالي سابقًا، لم يكن يسمعني، لكنه الآن وبكل طاعة امتثل لكلام الماركيزة، ثم أنزلني بلطف.
الماركيزة، التي كانت تراقب المشهد بقلق، تمتمت بانزعاج.
“يا آنسة، إنه شقيقي، لكن من الأفضل أن تبقي بعيدة عنه.”
“أختي، ماذا تقولين أمام الضيوف؟”
“هو بخير، ومهارته في المبارزة ليست سيئة، والعائلة كانت تضع آمالًا كبيرة عليه. لكن هذا الرجل… آه.”
على الرغم من اعتراض تريستان، تابعت الماركيزة حديثها وكأنها اتخذت قرارها.
ما الذي يجري بالضبط؟.
بينما كنتُ أحاول استيعاب الأمر، التقطت أذني فجأة كلمة غير متوقعة جعلتني أرفع رأسي بفضول.
“إنه زير نساء.”
“ماذا؟”
“لا أحب كشف عار العائلة، لكن هناك المئات من الخادمات والسيدات اللاتي تورطن مع هذا الرجل.”
التقت عيناي بعيني تريستان.
عقد الرجل حاجبيه بوضوح.
___________________________________________
• حسابي واتباد: Toro1312 !!⭐•
《لاتدع الرواية تشغلك عن العبادات》
التعليقات لهذا الفصل " 19"