– القزم الأسود.
الفصل 102.
كان الرجل مشغولاً طوال اليوم دون القيام بأي شيء مناسب.
مجرد تفكيره أن ذكريات آنا قد تعود بالكامل جعلت قلبه يرفرف خارج نطاق السيطرة.
كنت أشك في أن ذكرياتها قد تضررت لدرجة أنها لن تتعافى أبدًا… ربما كان ذلك بسبب أنها كانت مفضلة لدى ملبومين، لكن مرونة آنا كانت مذهلة دائمًا.
على أي حال، كان الرجل يعاني من مثل هذه المخاوف طوال الوقت.
هل آخذها تحت شجيرات الورد، أم أتركها تنظر إلى النجوم في العلية كما طلبت مني من قبل؟ كان يريد أن يساعدها على تذكره وفي نفس الوقت يعطيها شرحًا جادًا للمستقبل الذي خططه لهما.
أو ربما لن تكون فكرة سيئة أن يذهبوا إلى المكتبة مرة أخرى… بما أن آنا تحب الكتب حقًا.
فكر بشكل عشوائي في الأشياء التي قد تحبها، ثم فكر في أنه لا يمكنه تضييع الوقت القليل المتبقي له. غير رأيه مرة أخرى، وفكر في أنه يجب أن لا يعتبرها مضيعة للوقت، وحتى لو بدا الأمر مضيعة للآخرين، إذا كان ذلك يجعل آنا سعيدة، فهو ليس مضيعة له.
ولكن إذا لم تكن آنا سعيدة، فإن كل ذلك مجرد مضيعة للوقت، وخطأ غبي وأحمق.
كلما أعدّ أي شيء يتعلق بها، كان دائمًا ما يتشتت ذهنه بسهولة ومزاجه يتغير.
لقد ارتكب العديد من الأخطاء بحق آنا والتي سببت لها الألم، لذلك كانت تشعر بعدم الأمان والخوف.
عندما كانت تبتسم بسعادة، شعرت كما لو كان كل شيء في يدي، ولكن عندما ظهرت على وجهها تعابير بائسة، سقطت على الفور في هاوية لم أستطع الهروب منها.
الرجل الذي كان يتنقل ذهابًا وإيابًا بين الجنة والجحيم، يحسب احتمالات لا حصر لها في رأسه، توصل أخيرًا إلى خطة معقولة إلى حد ما.
ملء الغرفة بالورود.
ألن تكون قادرة على رؤية النجوم والورود والاستمتاع بها معًا؟ ستجتمع ذكريات مستقبلهما وماضيهما معًا في غرفة واحدة. لأنها أحداث مستمرة وحتمية.
أخبرت آنا أننا سنخرج في المساء … … لكنني متأكد من أنها ستحب ذلك أيضًا.
وسرعان ما تحولت الفكرة التي لم تكن سيئة للغاية إلى قناعة، ولم يكن هناك حاجة للتردد أكثر من ذلك.
بدأ خدم القلعة على الفور في التحرك وفقًا لمطالب الرجل المتقلبة.
وعندما غربت الشمس وبدأت حرارة الأرض الحارقة تبرد، ذهب الرجل حاملًا بين ذراعيه باقة من الورود إلى غرفتها وهو يصفر بهدوء.
طرق الباب مرتين بإيماءة حالمة وعذبة، وما إن سمع استجابة صغيرة من الداخل حتى أمسك بمقبض الباب وأداره على الفور.
“آنا”.
لا بد أنها أخذت قيلولة استعدادًا لموعدها معه طوال الليل.
كان منظرها وهي ترمش بعينيها ببطء، غير قادرة على التخلص من نعاسها، كان رائعًا بشكل لا يطاق.
“هل كنتِ نائمة؟”.
قبّل جسر أنف آنا، التي بدت وكأنها قد استيقظت للتو، ووضع باقة من الزهور بين ذراعيها، مندفعًا بعاطفة.
“هذه هدية. أحضرتها لأعطيها لآنا.”
كانت تعابير وجهها وهي تنظر إلى الباقة غير مبالية.
هل تعلم أن هذه كانت مقابل الوردة التي أعطتني إياها قبل أيام قليلة؟.
لا أعرف، ربما فعلت ذلك لكسب ودّي. ربما حاولت إرضائي قليلاً حتى لا تفقد ذكرياتها ثم نسيت الأمر فوراً.
“شكراً لك سأطلب من نورا أن تضعها في مزهرية من أجلي.”
كما هو متوقع، كان موقفها بالتعبير عن امتنانها رسميًا ووضعت باقة الزهور على الطاولة على الفور غير مبالية بها او ملقيةً عليها نظرة اخرى.
لكن الرجل لم يهتم بمثل هذه التفاصيل التافهة.
لقد أكلت اليوم جيدًا، وقضت بعض الوقت في القراءة، وبعد الغداء أخذتها نورا في نزهة قصيرة في الفناء. ثم عادت واغتسلت واستراحت حتى عاد.
وكالطفلة المطيعة، اتبعت كل التعليمات التي أعطاها إياها.
كان من الطبيعي أن ترتاب في أمره ولا تثق به ثقة كاملة. كان من المخجل حقًا أن يتأذى في كل مرة من مثل هذا الموقف.
ليركز أكثر على حقيقة أنها امتثلت لطلبه مهما كان السبب.
“آنا إذا كنت لا تمانعين، هل ترغبين في الذهاب معي إلى مكان ما؟”.
“أين؟”.
“أنه ليس بعيدًا، في القلعة. آمل أن يعجب آنا.”
على الرغم من أنه تحدث بشكل غير مباشر لأنه شعر أن المكان قد لا يعجبها، إلا أن آنا مدت يدها بطاعة وعانقت عنقه.
أرتخى فك الرجل عند تصرفها الطفولي الذي كان من الواضح أنها تعني – أحملني.
لم تصدقه حقًا، لكنه سعيد لأنها لم تتردد.
أعطى آنا قبلة سريعة على خدها، ولف شالاً بسيطاً على كتفيها، ورفع جسدها الصغير بين ذراعيه.
وبينما كانا يمشيان في الردهة ويصعدان الدرج إلى الطابق الرابع، أغمضت عينها عدة مرات وسألته: “هل نحن ذاهبون لرؤية النجوم؟”.
“إذا أرادت آنا رؤية النجوم، يمكنها ذلك في أي وقت.”
لم تسأل آنا المزيد من الأسئلة لأنه ابتسم وأعطى إجابة غامضة عن عمد.
بدأت تنظر حولها يمينًا ويسارًا، كما لو كنت تريد اكتشاف شيء ما.
لم تظهر عينا آنا الرمادية أي خوف أو حذر. كان وجهها نضرًا وباهتًا وضجرًا تقريبًا، كانت كالطفل الناضج الذي يلعب لعبة الكنز.
آنا التي كانت هادئة طوال الوقت الذي صعدوا فيه السلم الحلزوني الصغير القريب من المكتبة ووصلوا إلى العلية، حدقت في الباب الخشبي بعينين فضوليتين عندما توقفوا أمامه.
كان على الرجل أن يكتم ابتسامته من مشاهدة آنا التي بدأت تتساءل عما بداخله.
وما إن فُتح الباب بمنتهى الهدوء، حتى انسكبت رائحة الورود المرّة وخنقتها.
اتسعت عينا آنا عند رؤية الورود القرمزية التي ملأت الغرفة الصغيرة، باستثناء النافذة الطويلة حيث كان المنظار والطاولة الخشبية.
مدت يدها ببطء إلى إحدى الزهور التي لم تملأ الأرض فحسب، بل الجدران والسقف أيضاً، وجفلت وترددت للحظة.
ثم انتزعت ساق الوردة التي سحبتها بعناية وكانت ناعمة مع إزالة جميع الأشواك.
“لقد وعدتكِ بتعليمكِ كيفية صنع تاج. قلتِ أنك تريدين النظر إلى النجوم. تساءلت ماذا ستحب آنا وأعددت هذا. من المؤسف أننا لا نستطيع القيام برحلة خارج القلعة، لكن هل هذا جيد؟”.
سرعان ما رفعت آنا، التي كانت تنظر إلى سيقان الورود بعينين مندهشتين قليلاً، عينيها ونظرت إليه.
ثم أومأت برأسها قليلاً. كان بإمكانه أن يرى ذلك بوضوح. البهجة الخافتة في عينيها الرماديتين الغائمتين.
كانت تلك البهجة البريئة التي تخجلني من إظهارها أمامكِ، ولكنها كانت تنتقل إليكِ دون أن تدركي ذلك.
آه، لقد كانت فكرة جيدة حقًا أن تملأ الغرفة بالورود.
بدأ الرجل، الذي كان متحمسًا جدًا، يتحدث بلا مبالاة دون أن يدرك ذلك.
“سأبدأ بتعليمكِ كيفية صنع التاج. لقد كبرت آنا الآن وأصبحت يداها رشيقتين، لذا يمكنها القيام بذلك”.
سحب كرسيًا مدفونًا في كومة من الورود، وأجلس آنا عليها، ووضع بعض الورود وكرمة معتدلة القوة على الطاولة.
في الواقع، كان إكليل الزهور الذي وضعه على رأس آنا في وقت سابق شيئاً صنعه بالسحر. لقد مر وقت طويل منذ أن نسج إكليلًا يدويًا، لذلك كان مبتدئًا بعض الشيء بشأنه، لكنه كان يتدرب على عجل منذ الأمس استعدادًا لهذا اليوم.
وتبعته آنا التي كانت تراقب يديه بهدوء وهو ينسج الورود بإحكام على الكروم، وهي تحرك أصابعها.
ولدت آنا بيدين ضعيفتين.
لقد عاشت في الدير، وكانت لديها خبرة كبيرة في القيام بالأعمال المنزلية مثل الغسيل والتنظيف منذ أن كانت صغيرة، ولكنها في المجمل كانت تعاني من ضعف اليدين وبلادة الحواس وما يسمى عادةً بمدمنة العمل، لذا كانت تجد صعوبة في إنجاز أي شيء دون بذل الجهد.
كانت بلادة آنا واضحة بشكل خاص في المجال الفني، كما يدرك ذلك كل من رأى رسوماتها في طفولتها بثقة كبيرة.
بالمناسبة، أصبحت آنا مترددة في الرسم بعد رؤية رسومات الأطفال في سنها في الدير.
كتم الرجل ضحكته وهو يراها تُعد التاج بشغف لأول مرة منذ فترة طويلة.
حتى لو لم تستطع أن تتذكر أي شيء، فهي لا تزال آنا الخاصة به.
كان الرجل من حين لآخر يعدل سيقان الوردة المتشابكة قبل أن تدرك آنا أن تاجها مختلف عن تاجه وبدأت تتلوى.
وبفضل ذلك، تمكنت آنا من إنهاء تاج لائق جداً.
نظرت إلى الإكليل الذي نسجته بيديها كما لو كان معجزة، ثم سرعان ما وضعته على رأس الرجل.
“سأعطيك إياها.”
وعندئذ، عند رؤية ابتسامتها البريئة، احمرت خذي الرجل بلا حول ولا قوة. كان بإمكانه بالفعل تخمين مدى سخافة مظهره من الحرارة الملتهبة حول أذنه لخذيه ورقبته.
ربما كان يحمر خجلاً مثل طالبة في السنة الأولى وقعة بالحب لأول مرة ولا تعرف ماذا تفعل.
بطريقة ما كان من الصعب النظر مباشرة في وجه آنا.
لم تظهر الحرارة التي ارتفعت مرة واحدة أي علامات على الانحسار، وبينما كان يتجول محاولاً تغيير الموضوع، تصادف أن وقعت عيناه على المنظار بجانب النافذة.
نعم، كان هناك شيء كان بحاجة إلى إخبار آنا به.
كان قد خطط في الأصل أن يساعدها في هوايتها المفضلة، مراقبة النجوم، ثم يتحدث عن ذلك الموضوع بشكل طبيعي عندما يكون المزاج مناسبًا… … .
“آنا، أريد أن أخبركِ بشيء ما.”
ربما لا بأس أن أقول ذلك الآن.
بعد أن أقنع نفسه، فتح الرجل فمه أخيرًا.
“الأمر يتعلق بـ… …مستقبلنا. أعتقد أن آنا تعرف ذلك أيضا… … لا، إنه ليس شيئاً كبيراً… … “.
مع استمراره في الحديث، أصبحت آنا متوترة أكثر فأكثر.
بدا الأمر كما لو أنها كانت خائفة من أن يتم الإعلان عن محو ذكرياتها.
من المؤسف أنها لا تثق به، ولكن يجب أن يدخل في صلب الموضوع ويخرجها من خوفها الغير ضروري.
~~~
لا تنسوا كومنتاتكم الحلوة يلي تخليني استمتع بالتنزيل
حسابي انستا: roxana_roxcell
حسابي واتباد: black_dwarf_37_
التعليقات لهذا الفصل " 102"