Black Badger - 2
002. الغرير الأسود (2)
نظرتُ إلى آمي بذهول.
رو، الذي كان بجانبها، كسر حاجز الصمت بإيماءة رأسه.
“ايتها القصيرة، هل عمركِ 70 سنة؟”
“نعم.”
“أنا في هذا العمر أيضًا.”
ماذا.
نظرتُ بغباء إلى الأشخاص أمامي.
الجميع ما زالوا يبدون جميلين ومفعمين بالحيوية. حتى صوت آمي كان أصغر سنًا. يبدو أن رو كان في أوائل أو منتصف العشرينات من عمره، وبدأ الرجل ذو العيون الخضراء في أواخر العشرينيات إلى أوائل الثلاثينيات على الأكثر.
لكن كيف وصلوا إلى هذا العمر؟
لا أعتقد أنها مزحة….
لم أفكر في الأمر كثيرًا. استيقظتُ في مكان لم أتعرف عليه، ونسيتُ كل شيء ما عدا أسمي، أتساءل عما إذا كان سيحدث شيء أكثر إثارة للدهشة غيره.
قررتُ ببساطة أن أتقبل حياتي كما كانت. خلاف ذلك، بدأ الأمر وكأن شيئًا ما سوف ينهار.
نظرت آمي إلى الرجل ذو الشعر المجعد وقالت.
“أنتَ تبلغ من العمر 72 عامًا.”
“أعتقد أنني كنتُ في ذلك العمر تقريبًا.”
“آوه؟”
خرج صوت مذعور مني بشكلٍ انعكاسي.
إتسعت عيناي وحدقتُ ذهابًا وإيابًا بين رو وآمي.
“إذن أنتما تفصلان عامين فقط؟”
“يا. لماذا أنتَ متفاجئ؟”
رفع رو حاجبيه.
“ألا يجب أن تتفاجئ بأعمارنا؟ لماذا أنتَ متفاجئ بأنني أكبر منها بعامين؟”
“لا، لا. هذا فقط….”
أنفجر الرجل ذو العيون الخضراء في الضحك.
خفض رأسه للأسفل، وهز كتفيه، وضحك بهدوء. لا بد أنه أعتقد أن رد فعلي كان مضحكًا.
رمشت آمي مرارًا وتكرارًا، وأرتفع أحد حاجبي رو.
حركتُ يديّ في ذعر، وتردد صدى قعقعة السلاسل في أرجاء الغرفة.
“لم أقصد ذلك بطريقة سلبية. الأمر فقط أن آمي تبدو صغيرة جدًا.”
“آها.”
لقد فهم رو على الفور.
وضع ساقيه على فخذيه وأطلق ضحكة مكتومة.
“حسنًا، سلوكها ومظهرها مثل الطفلة، في بعض الأحيان لا أستطيع أن أصدق أنها أكبر من ريكاردو.”
من هو ريكاردو؟
“ريكاردو هو أنا~.”
أبتسم الرجل ذو العيون الخضراء ولوّح بيد واحدة.
لقد فوجئتُ لدرجة أن مقلة عيني برزت.
ماذا. هل تقول أن آمي أكبر سنًا من ذلك الرجل ذو العيون الخضراء؟
“هل أنا طفولية لهذه الدرجة؟”
نظرتُ بالتناوب إلى آمي، التي كانت تتمتم لنفسها، والرجل ذو العيون الخضراء الذي يبتسم بابتسامة مريحة. كما هو متوقع، لم أستطع أن أصدق هذا حقًا.
ربما ظهرت أفكاري على وجهي لأن الرجل ذو العيون الخضراء، ريكاردو، ضحك.
“عمري 68 عامًا~. أسمي ريكاردو سوردي.”
“آه….لقد سببتُ لك المتاعب، يا سيد سوردي.”
“فقط ناديني بـ ريكاردو.”
لوّح ريكاردو بيده، وعيناه تتجعدان.
أومأتُ برأسي بطاعة. بالطبع، لم أنادي باسمه الأول. أبقيتُ رأسي منخفضًا، محاولًا ألا أسيء إلى من يراقبونني. لا يبدو أنهم عازمون على فعل أي شيء ليّ الآن، لكنني لا أعرف أبدًا متى قد يغيرون رأيهم.
فكرتُ في الأمر. رو يبلغ من العمر 72 عامًا، وتشوي آمي 70 عامًا. ريكاردو سوردي يبلغ من العمر 68 عامًا.
قالوا أنهم أكبر سنًا قليلًا. في الواقع، إنه ليس عمرًا صغيرًا.
إضافةً إلى ذلك، على الرغم من إختفاء مفهوم الجنسية الآن، إلا إن الثلاثة كانوا يمتلكون جنسية واحدة. ريكاردو ورو إيطاليان. آمي كورية.
ثم….
“إذن أختفت الحدود خلال حياة ثلاثتكم؟”
السؤال الذي طرحته دون تفكير قوبل بالصمت.
لقد فوجئتُ بالنظرات الثاقبة عليّ.
ما الأمر مرة أخرى.
أنا حقًا لا أتذكر. قد يكون الأمر محبطًا، لكن ليس لديّ خيار سوى طرح أسئلة واضحة وغبية.
كان هناك صمت غير مريح لفترة من الوقت. يبدو أن الأشخاص الثلاثة الذين لم تتناسب مظاهرهم مع أعمارهم، كانوا يفكرون في كيفية الإجابة.
خيم صمت مرعب على قاعة الاجتماعات النقية.
كان ريكاردو هو من أجاب.
“كانت هناك حرب~….حربان كبيرتان.”
هذه هي المرة الأولى التي أسمع هذا.
“لقد أختفت الحدود منذُ الحرب الأولى….ألا تتذكر ذلك على الإطلاق~؟”
“نعم. على الاطلاق….إنها المرة الأولى التي أسمع فيها عن هذا.”
“هل أنتَ حتى من هنا في المقام الأول؟ أنا لا أعرف حتى إذا كنتَ إنسانًا. أعني، من أين أتيت؟ كيف ظهرت من العدم بحق الجحيم فجأةً!”
سأل رو وهو يلوح بيديه في الهواء بإحباط. بدأ منزعجًا من سخافة الموقف.
لكنني أيضًا أشعر بالفضول بشأن نفس الشيء….
أعتذرتُ ونظرتُ إلى رو.
صفعت آمي رأس رو بقبضتها المستديرة.
“آه! ماذا؟”
“لا تغضب. فكر في مدى سخافة الوضع بالنسبة له أيضًا.”
فتحت آمي عينيها المستديرتين ونظرت إلى رو.
“فكر في الأمر. فتحتُ عيني ولا أتذكر أي شيء. استيقظتُ في مكان لا أعرفه، وبمجرد استيقاظي، صرخوا في وجهي وسألوني من أين أتيتُ، وقبل أن أعرف تم تقييد يديّ. مع أشخاص لا أعرفهم.”
غمرتني العاطفة والامتنان لكلماتها اللطيفة. ربما لأنني لم أكن أملك أحدًا أعتمد عليه في هذه اللحظة، فقد ترك لطف تصرف آمي الصغير أثرًا عميقًا في ذهني.
“إلى جانب ذلك، الغرباء أمامي هم أنتم!”
“هذا قاسي جدًا، يا آمي….لقد كنتُ أعامله جيدًا طوال الوقت~.”
“آه؟ ما خطبي.”
أجاب رو بصراحةٍ، وأدخل أصبعه الصغير في أذنه.
نقرت آمي لسانها على موقف رو، وأخرج رو لسانه كما لو كان يضايق رد فعل آمي.
ماذا يفعل هؤلاء الأشخاص حقًا؟
سمعتُ أنهم كانوا رفاقًا في السلاح لمدة 40 عامًا. الطريقة التي كانوا يحملون بها الأسلحة، وطريقة ملابسهم، بدأ من المرجح أنهم جنود. ربما رجال شرطة، أو أشخاص من شركة أمنية.
ظهرتُ فجأةً بين هؤلاء الأشخاص….
أحاط بي خمسة أشخاص (كان الاثنان خلفي هادئين بشكلٍ مخيف)، وكنتُ جالسًا في المنتصف، مقيد اليدين وأعزل.
لقد كنتُ فأرًا في يد قطط.
يجب عليّ أن أكون حذرًا.
بينما كنتُ أكتب ملاحظة ذهنية لنفسي، رن هاتف آمي.
“إنه سكار!”
كانت على وشك الخروج لكنها توقفت وأخرجت هاتفها للرد عليه.
تردد صوتها الواضح في جميع أنحاء الغرفة.
“نعم، أيها المساعد!”
استمعت آمي إلى الشخص الآخر للحظة ثم أجابت رسميًا.
“نعم. حاليًا، يقوم جميع الأعضاء المسؤولين عن البوابة بالتحقيق.”
أغلقت فمها مرة أخرى واستمعت إلى ما قاله الشخص الآخر.
“نعم. لقد أبلغتُ المستشفى وقسم الموارد البشرية أيضًا. نعم، نعم….لا. قال مدير الموارد البشرية أنه لن يأتي. نعم، ولا أنا أيضًا.”
ثم أجابت بـ ‘نعم، نعم’ على التوالي على الكلمات التي لم أتمكن من سماعها، وأغلقت الخط بعد فترة وجيزة.
وضعت هاتفها بعيدًا واستدارت لتنظر إلى الجميع.
نظر الجميع بأستثناء رو إلى آمي.
“ماذا قالوا~؟”
“إنهم يريدون إرسال السيد هيلدي إلى المستشفى أولًا.”
أقتربت مني المرأة ذات العيون المستديرة.
“قال أنهم سيأخذون بصمات أصابعك، وإجراء أختبار الحمض النووي، وأن تخضع لاختبار كشف الكذب. لأنك ظهرت في منطقة البوابة، وليس في أي مكان آخر.”
هل يمكن لبصمات الأصابع والحمض النووي أن تكشف شيئًا عني؟
استقام ظهري عندما رأيتُ بصيص من الأمل. ألقيتُ نظرة سريعة على ريكاردو، الذي كان ينهض بتكاسل من مقعده، ورو، الذي لا يبدو أنه يريد النهوض من مقعده، ينظر إلى هاتفه.
نهض الرجل ذو العيون الخضراء ببطء، ومدد جسده، وقال.
“هل يجب أن نرسل الصغيرين إلى المنزل~؟ لا يبدو أن هناك سببًا لإبقائهم هنا….”
“نعم. أعتقد أن ثلاثة منا سيكون كافيًا. لا يبدو السيد هيلدي من النوع الذي سيسبب المشاكل فجأةً.”
بالتأكيد. سأبقى هادئًا.
أومأتُ برأسي بشدة.
أبتسم ريكاردو.
“أنتما الاثنان يمكنكما العودة للمنزل الآن~.”
ألقى الرجل طويل القامة نظره على الأشخاص الذين ورائي.
“سنهتم بالباقي….”
“عمل جيد، كلاكما! أذهبوا واحصلوا على قسط من الراحة!”
“شكرًا لكم، سننصرف الآن.”
“حسنًا، سنغادر إذن.”
“ماذا عني؟ هل يمكنني المغادرة؟”
عندما سمعتُ الرجل والمرأة خلفي يودعان ويختفيان بأدب، نظر رو إلى هاتفه ورفع حاجبيه في استغراب.
تنهدت آمي ونظرت إلى رو.
“لا يمكنك.”
ثم مشت نحوي وابتسمت.
“السيد هيلدي، هل نذهب إلى المستشفى؟”
“نعم.”
أجبتُ بسرعة، ونهضتُ من الكرسي.
كان هناك صوت واضح للسلاسل. جعلت السلاسل التي كانت تقيد يديّ من الصعب الوقوف، ولكن لا يبدو أن أحدًا كان لديه أي نية لإزالتها.
مع ذلك، أشكرهم على معاملتي بلطف حتى الآن.
شعرتُ بالارتياح النفسي لأنهم سمحوا لشخصين بالرحيل. أعتقد أن هذا يعني أنهم أقل حذرًت مني من قبل. كان لديّ شعور بأن هؤلاء الأشخاص لن يؤذيني أولًا إلا إذا أثرتُ ضجة.
كان هذا كافيًا، في الوقت الحالي.
سأحاول أستعادة ذكرياتي عندما أكون آمنًا تمامًا.
ابتسمتُ قليلًا وأتبعتُ آمي.
* * *
لم يكن هناك ألم في أي مكان.
بعد إجراء جميع الاختبارات، لم أفكر كثيرًا في الأمر أثناء الانتظار. سيخبرني الطبيب بنتائج الفحص الطبي، وسيتم إرسال نتائج أختبار الحمض النووي واختبار بصمات الأصابع إلى الهاتف للمساعد. يبدو أنه يتم إرسال النتائج إلى هاتف الشخص الذي كان يتحدث مع آمي في وقت سابق.
لذا، لم أتمكن من معرفة نتائج اختبارات الحمض النووي وبصمات الأصابع على الفور.
بهذه الفكرة، جلستُ على الكرسي الأرجواني مع الآخرين وانتظرتُ.
جلستُ بهدوء واستمعتُ إلى المحادثة بين الرجلين والمرأة. جلست آمي على يميني وهي تلوح بساقيها.
“كان أخي يون على وشك خلع حذائه عند الباب الأمامي عندما تلقى مكالمة وعاد مرة أخرى إلى العمل. سمعتُ أن قسم العلوم يعمل لوقت إضافي.”
“هذا لأمر مؤسف~.”
أجاب ريكاردو، الذي كان واقفًا أمام آمي بصوت لم يكن حزينًا على الإطلاق.
“لكننا نعمل لوقت إضافي أيضًا….الأمر نفسه عندما تكون هناك حالة طارئة~.”
“أليس هناك أحدًا جائعًا؟”
تمتم رو، الذي كان يجلس على يساري، بينما كان يلعب لعبة على هاتفه.
“ايتها القصيرة، هل لديكِ أي شيء لأكله؟”
“لا. لقد تناولنا العشاء في الخارج قبل العودة.”
“آه، هذا الطعام المحفوظ الذي لا طعم له! ولا يصل حتى إلى الأمعاء.”
“تقصد الكبد، وليس الأمعاء.”
أشارت آمي إلى ذلك بهدوء، لكن رو تجاهل كلماتها.
بدلًا من ذلك، ألقى هاتفه، الذي كتب عليه ‘أنتهت اللعبة!’، جانبًا ونظر إليّ.
“هل لديك أي شيء؟”
رمشتُ.
نظرت آمي وريكاردو إلى رو بدهشة في أعينهما. لكن رو لم يهتم. ألقيتُ نظرة سريعة على الرجل ذو الشعر المجعد وفتشتُ جيوبي بيدي المقيدة.
إنها فارغة تمامًا.
“أنا آسف. لا يوجد شيء.”
“ألست جائعًا~؟”
تحدث ريكاردو معي فجأةً.
رفعتُ رأسي بمفاجأة ونظرتُ إليه.
كانت عيناه ممدودتين.
“آه، لا. أنا بخير.”
أجبتُ بابتسامة باهتة.
“شكرًا لك على الاهتمام بي.”
أرتفع أحد حاجبيه.
لكن بينما كان ريكاردو على وشك أن يقول شيئًا ما، خرج شخص من الباب في نهاية الردهة.
“يا! ما هذا بحق الجحيم!”
صاح رجل يرتدي معطف الطبيب الأبيض عندما رآنا.
عيون زرقاء لامعة وشعر أسود. كان لديه لحية غير محلوقة ووجه يبدو كما لو كان في منتصف الأربعينيات وأواخرها.
صرخ الرجل، الذي بدأ كطبيب منهك من التعب في عيون أي شخص، وهو يحدق بي مباشرةً.
“أحضره إلى هنا الآن!”
يُتبع….