كانت العربة البسيطة قاسية وبلا رحمة. لم يكن هذا “نقلاً ملكياً”؛ كانت مجرد عربة شحن مصممة لنقل الإمدادات، لا جسد أمير هزيل لم يعتد على أي مشقة. كل ارتطام كان يبعث ألماً حاداً في ضلوع كاي، مذكراً إياه بضعف جسد كاي.
كانت الرحلة في الساعات الأولى صامتة. جلس كاي على أرضية العربة الخشبية، مغطى بالخيش، بينما كان الكابتن جيل ورجلاه يمتطون خيولهم حوله، يسوقون العربة بسرعة لا رحمة فيها.
تدارس المخطط:
استغل كاي الضوء الهزيل المتسرب من شقوق غطاء العربة ليفتح المخطط. كان حذراً للغاية؛ إن اكتشفوا أنه يمتلك خريطة تفصيلية للمملكة، فسيتم في الحال بتهمة الخيانة.
ركز كاي على المسار المرسوم بالأسود الداكن – الطريق الرسمي إلى الحدود الحديدية. كانت هذه الحدود، كما تذكر من الرواية، عبارة عن حزام من الأرض القاحلة يمتد لمئات الأميال، وهو أول خط دفاع ضد وحوش السحر الهاربة من البرية العظيمة.
”الاختبار… النفي… الموت”، تمتم كاي لنفسه.
باستخدام معرفة القارئ، كان كاي يبحث عن مسار لم يكن جزءاً من المخطوطة الرئيسية للرواية، بل مجرد تلميح هامشي: ممر ضيق عبر سلسلة جبلية قديمة تُعرف باسم “أنياب التنين”، ويؤدي إلى أرض لم تكن تحت سيطرة أوروس بشكل كامل.
كان الممر يقع على مسافة يوم ونصف من السفر، عند أول نقطة تلتقي فيها طريق الحدود القديمة بنهر جاف. كانت هذه فرصته الوحيدة. إذا دخلوا المنطقة التي تسيطر عليها القلاع الحدودية، فسيكون الهروب مستحيلاً.
القوة النائمة والقلادة:
لمس كاي قلادته السوداء المخفية تحت قميصه. كانت باردة كالثلج. أخذ نفساً عميقاً وضغط على رأس التنين برفق.
شعر بالنبض، لكنه ظل خافتاً، صامتاً.
”أنت لا تعمل كآثار الروايات العادية، أليس كذلك؟” همس كاي. “يجب أن يكون هناك مفتاح لاستيقاظك… ربما ليس جسد كاي الضعيف، بل شيء آخر.”
شعر بومضة سخط عابرة من القلادة، أو ربما كان تخيلاً من إجهاده. لكنه أدرك أن القلادة كانت تتفاعل معه، وإن كان ببطء شديد.
تغير المشهد والنفي:
مع مرور الساعات، بدأت الأرض تتغير. اختفت المزارع الخضراء وحقول الدوقية المنتظمة. بدأ القصر الملكي يبتعد ليصبح نقطة داكنة في الأفق.
حل محله منظر طبيعي رمادي، مثبط للعزيمة. الأشجار كانت متقزمة، والأرض صخرية ومشققة. كان الهواء أكثر برودة وجفافاً، وأكثر حملًا للغبار.
تحدث الكابتن جيل بصوت عالٍ، كأنه يوجه كلامه للجندي المرافق، ولكنه يقصد كاي بالتحديد:
”سمعت أن الوحوش في ذلك القطاع هذا الموسم هي سلالة جديدة من ذئاب الظل. حتى عشرة رجال مسلحين لا يستطيعون صدها.”
ضحك الجندي ببرود. “بالتأكيد ليس الأمير الصغير. سيتحول إلى وجبة خفيفة قبل حلول منتصف الليل الأول.”
تجاهل كاي الإهانات. لقد أكدوا له شيئاً واحداً: ليس هناك نية لإنقاذه، ولا حتى لتفقد “اختباره”. هذا هو طريق الموت، لكن كاي لن يتبع السيناريو المكتوب.
عندما بدأت الشمس تميل نحو الغروب، وألقت ظلالاً طويلة مشوهة عبر الأرض القاحلة، توقفت العربة فجأة.
”سنتوقف هنا لليلة،” أمر جيل. “هذه نقطة آمنة نسبياً قبل الدخول في وادي الأفاعي.”
عرف كاي المكان على الفور من خلال المخطط. كانت هذه هي الليلة التي يجب أن يهرب فيها.
”يجب أن يكون الليلة،” همس كاي لنفسه، مستعداً لمغامرة لم يكن يتوقع أبداً أن يعيشها.
التعليقات لهذا الفصل " 9"