لم يغمض كاي جفن. قضى الساعات القليلة المتبقية من الليل غارقاً في دراسة المخطط الذي وجده في القبو. كان الضوء الخافت لشمعته يكفي بالكاد لرؤية التفاصيل، لكنه كان كافياً لتأكيد ما كان يخشاه: الحدود الحديدية ليست نقطة نفي، بل هي مقبرة.
تلك المنطقة لم تكن مجرد أرض قاحلة؛ لقد كانت حاجزاً فاصلاً بين مملكة أوروس والأراضي الوحشية المليئة بالوحوش السحرية التي لا يسيطر عليها أحد. القلاع الحدودية المذكورة في الرواية كانت حصوناً منسية بالكاد تقاوم، وليست معاقل للمتعلمين. بالنسبة لشخص لا يمتلك أي قوة، كانت هذه رحلة باتجاه واحد.
في يده، شعر بالبرودة الغريبة للقلادة اليشم الأسود المخفية تحت ثوبه. القوة الكامنة لم تستيقظ، والصندوق لم يتحدث مجدداً، لكن مجرد وجودها منحه شعوراً غريباً بالاتزان، كأن شيئاً ما داخل هذا الجسد الهزيل قد استجاب لوجودها.
بينما كان كاي يحاول أن يحفظ آخر تفصيل عن مسارات الهروب المحتملة، تسلل خيط رفيع من الضوء البرتقالي البارد من النافذة. لقد أشرقت الشمس.
الشمس الحاكمة:
لم يأتِ صوت ليدق على الباب. لم يكن هناك أي احترام يمنح للأمير السادس المنبوذ.
بدلاً من ذلك، انفتح الباب الخشبي العتيق لغرفته بعنف، واصطكت حوافه على الجدار. وقف ثلاثة رجال أمام المدخل.
قادهم الكابتن جيل، رجل ضخم ذو وجه صخري ولحية مشذبة، وهو قائد الحرس المكلف بمهام الترحيل. إلى جانبه، وقف جنديان يرتديان دروعاً ثقيلة، كانت أصوات حركتهما الميكانيكية تكسر صمت الجناح.
”الأمير كاي. أمر الملك زيوس واضح،” قال الكابتن جيل بصوته العميق الخشن، دون أي انحناءة أو إظهار للاحترام. “حان وقت الرحيل إلى الحدود الحديدية. عربتك تنتظرك في البوابة الغربية.”
أخفى كاي المخطط بسرعة تحت الوسائد. استغرق دقيقة واحدة ليرتدي ثيابه الوحيدة النظيفة، ثوباً أبيض باهتاً من الكتان.
”أفهم،” قال كاي، وصوته كان هادئاً بشكل غير طبيعي. هذا الهدوء فاجأ الكابتن جيل. كاي الحقيقي كان يصرخ ويبكي ويتوسل في مثل هذه المواقف.
”سِر أمامي،” أمر جيل، موجهاً سيفه برفق نحو الممر، ليس كتهديد، بل كإشارة واضحة للاتجاه.
سار كاي في ممرات القصر التي كانت تبدو أضيق وأكثر برودة في ضوء الفجر. كانت الممرات المهيبة، التي تذكرها كاي من ليلة أمس، فارغة الآن. لا يوجد خدم، لا دوقات، وبالتأكيد لا توجد عائلة ملكية تودع ابنها الذي أرسلته للموت.
وصلوا إلى البوابة الغربية، وهي بوابة لا تُستخدم إلا لنقل البضائع أو… المنفيين. كانت تقف هناك عربة بسيطة، مغطاة بأغطية قماشية سميكة، تجرها خيول متعبة.
قبل أن يصعد، نظر كاي إلى القصر. كان صامتاً، ضخماً، وبارداً. لم يكن قصراً، بل كان قبراً من الحجر، وغرفة العرش كانت مكاناً لدفن الأحياء.
”هل هناك أي رسالة… من العائلة المالكة؟” سأل كاي ببرود، رغم أنه يعرف الإجابة.
رفع الكابتن جيل حاجباً سميكاً. “رسالتهم هي هذه العربة والحدود الحديدية. الآن، اصعد.”
صعد كاي إلى العربة. كانت الداخلية خشنة وغير مريحة. بمجرد أن أُغلقت الأغطية، تحركت الخيول على الفور، وتسارعت الخطى، وكأنها تريد التخلص من هذا العبء في أسرع وقت ممكن.
مرت العربة ببوابة المدينة، حيث كانت الحياة بالكاد تبدأ. كاي لم ينظر إلى الخلف. كان يمسك بالقلادة تحت قميصه، وبالمخطط المطوي في يده.
”المخطط معي. القوة كامنة. العائلة المالكة تعتقد أنني ميت،” فكر كاي، وصوت القارئ بداخله يبدأ في صياغة الفصل الجديد من الرواية. “يوهان مات، وكاي مات. لكنني أنا، القارئ، سأكتب نهاية هذه الرواية بنفسي.”
التعليقات لهذا الفصل " 8"