جمد يوهان/كاي في مكانه للحظة. تلك النبرة، العظيمة والحازمة، كانت تخترق كيانه الضعيف.
”هل أنت هو؟”
”مـ… ما هذا؟” تمتم يوهان، صوته متوتر ومزحزح، يكاد يخرج همساً. كان يسأل الصندوق، أو الكيان الذي يتحدث من خلاله، عن ماهيته.
لم يكن هناك رد. ساد الهدوء المكان مرة أخرى، هدوء كالموت، أثقل من صمت الجناح الغربي المهجور. الصندوق لم يهمس مجدداً.
القارئ بداخله كان يصرخ: “افتحه! هذه هي النقطة التي كان من المفترض أن يجد فيها البطل الحقيقي قوته!” لكن يوهان، الشاب الذي عاش حياة قارئ محزنة، كان يتردد. الخطر كان ملموساً. ماذا لو كان هذا فخاً سحرياً؟
تنهد يوهان/كاي، وعقد العزم. “على أي حال، أنا ميت عند الفجر. لا يوجد ما أخسره.”
مد يده ببطء نحو الصندوق الخشبي القديم. لم يكن عليه قفل. كان الغطاء مثبتاً بوزنه فقط. رفعه كاي/يوهان ببطء شديد، حذراً من أي انفجار سحرة أو فخ.
ولكن ما وجده بالداخل كان قطعة مجوهرات واحدة، ملفوفة بقطعة قماش مخملية سوداء.
القلادة النائمة:
انتشلها يوهان، وشعر بثقلها الفوري وبرودة غريبة لا تتناسب مع دفء غرفة القبو. كانت قلادة ضخمة، مصنوعة من مادة تشبه اليشم الأسود الداكن.
نقش عليها تنين ضخم وعنيف، قوي العضلات، يختلف كلياً عن صور تنانين سلالة آل إيغنار النحيلة الأنيقة. تنين القلادة بدا وكأنه يئن، وكأنه مقيد أو نائم في سبات عميق.
لم تكن القلادة تلمع؛ بل كانت تمتص ضوء الشمعة، وكأنها ثقب أسود صغير.
وبدوافع قارئ الروايات الذي يعرف كيف تعمل “الآثار القديمة”، ضغط يوهان/كاي على رأس التنين المنحوت بإبهامه.
لم يحدث انفجار. لم يتغير شكله. بل انقسمت القلادة بهدوء ميكانيكي مذهل.
فتحت القلادة لتكشف عن بلورة سوداء شفافة على شكل قلب كانت مخبأة في الداخل. لم تعكس هذه البلورة أي ضوء، لكنها كانت تنبض.
شعر يوهان بتلك النبضات. لم يسمعها، لكنه شعر بها تتخلل عظامه، كهمس سحري قديم يتحدث إلى روح جسده الجديد. لم يفهم شيئاً، لكنه أحس بقوة هائلة كامنة، قوة غير مستيقظة بعد.
”هذا هو… السلاح السري؟” فكر يوهان/كاي. “لكنه لا يبدو قوياً بعد.”
دون تردد، ودون معرفة إن كانت هذه القلادة ستقتله أم تنقذه، اتخذ يوهان/كاي قراراً. وضع المخطط والرسالة القصيرة داخل ثوبه الداخلي، ثم لف القلادة حول عنقه. كانت ثقيلة، وثبتت البلورة السوداء على صدره، تختفي تحت الياقة.
نظر يوهان حوله للمرة الأخيرة، حاملاً المخطط الضخم المطوي في يده. الوقت ينفد. فجر الغد يعني الحدود الحديدية.
أسرع يوهان/كاي بالصعود من القبو، مستخدماً ضوء شمعته الهزيل، وعاد إلى جناحه المهجور. بمجرد دخوله، أطفأ الشمعة وجلس في الظلام، يحاول تهدئة نبضات قلبه المتسارعة، محاولاً فهم القوة الغامضة التي وضعها في رقبته. لقد نجح في الحصول على مفتاح النجاة، لكنه الآن يواجه خطراً أعظم.
عليه أن يبدأ بدراسة المخطط، وأن يعرف كيف يمكنه الهروب والنجاة في ذالك المكان قبل أن يأتي أحد لإيقاظه وبدء رحلة النفي التي نهايتها الموت.
التعليقات لهذا الفصل " 7"