الفصل الخامس والثلاثون: تقرير القيادة العليا ورفض الإجازة والمهمة العاجلة
أمام القيادة العليا:
كان الهواء داخل خيمة القيادة ثقيلاً وبارداً، لا يشبه حرارة المعركة الخارجية. وقف كاي والقائد أمام المسؤولين الثلاثة: الجنرال الذي كان يبدو ككتلة من الصخر خلف مكتبه، بوجه رسمت عليه الندوب القديمة خريطة من القسوة، والمستشار السحري الذي كان يلتف بأردية زرقاء عميقة تتحرك أطرافها بهدوء مريب كأنها أمواج راكدة، والمسؤول الإداري الذي كان يختبئ خلف أكوام من الملفات ونظارته السميكة تنزلق على أنفه.
كانت عيونهم تقيّم كاي وإيدن، الأفعى ذات القرنين، التي بدت كزينة غريبة ومستفزة على كتف الجندي العائد من الموت بدأ كاي بدوره يحلل تلك الضغوطات التي شعر بها، محاولاً استرجاع ما تعلمه عن تصنيفات القوة. “هذا الضغط .. إنه مستوى سيد سيف بلا شك،” فكر وهو ينظر للجنرال سيد سيف مثل الجد. ثم انتقل بنظره للمستشار: “ساحر بمستوى خبير، همم ولكنه مضطرب بي طريقة ما .” وأخيراً المسؤول الإداري: “حتى هذا.. ساحر بمستوى خبير،وبينما كان غارقاً في تقييمهم و.”
صدمته من القوة المتواجدة في هذه الغرفة الصغيرة، رفع الثلاثة رؤوسهم فجأة في لحظة واحدة، وصوبوا نظراتهم الصارمة نحوه وكأنهم يقرأون أفكاره. في عقولهم، مرّ خاطر واحد: “همم..”
جفل كاي فوراً، وشاح بنظره بعيداً متظاهراً بالانشغال بشيء آخر، وهو يهمس في نفسه بذعر: “أوبس.. لقد كشفوا أمري.”
.
أنهى كاي تقريره حول “الينبوع السحري” الكاذب والأفعى الغامضة.
الجنرال (بصوت أجش لا يحمل أي تعاطف، وهو يشبك أصابعه الخشنة أمام وجهه): “حسناً. سيتم تصنيف تقريرك تحت ‘ظاهرة سحرية غير مفسرة’ وتأجيل البت فيها. الجندي كاي، لقد أظهرت مرونة غير عادية. لكن هذه ليست نهاية الحرب، وهي بالتأكيد ليست كذلك.”
المسؤول الإداري (دون أن يرفع عينه عن الورق، وصوت ريشته يخدش السكون ينظر إلى ملفه بملل): “لا توجد إجازات حالياً بما أنك لا تشكو بأي شكل من الأشكال. نتمنى لك العمل بجدية أكبر وتفانٍ مطلق في المستقبل. انصراف.”
القائد يغلي داخلياً:
تصلب جسد القائد بجوار كاي. كان يعلم أن هذا ليس فقط تقصيراً من الجنرال، بل أوامر من الأعلى أيضاً. عبس وجهه بشدة وهو يمسك بمقبض سيفه بإحكام، وفي نفسه صرخة مريرة: “حثالة! أقسم أنهم حثالة! حتى استراحة يوم واحد لم يكلفوا أنفسهم بمنحه إياها بعد كل ما مر به. إنني أعلم أن هذا من عمل الملك ورجاله، خيبتهم من نجاته وعدم إنهاء فترة بقائه! إنهم يريدون إبقاءه هنا، في الطليعة، حيث تكون فرصة موته هي الأكبر. لن أتركهم يفوزون.”
محاولة النقل المُجهضة:
القائد (بصوت عالٍ، يحاول فرض سلطته المهتزة): “سيدي الجنرال، مع احترامي الكامل، الجندي كاي بحاجة ماسة إلى تقييم شامل. ارتباطه بماء سحري يتطلب نقله إلى العاصمة ميثرا للقيام بتقرير مُعمق في مجلس السحر الأعلى. إنها مهمة إدارية تستدعي إبعاده عن المنطقة لضمان عدم تعرضه لأي تهديد آخر قد يعرضه للخطر.”
المستشار السحري (يرفع يده التي بدت شاحبة بشكل غير طبيعي، وينبعث منه ضغط سحري غريب، خليط بين سحر الماء وشيء غريبة بارد): “لا داعي للقلق أيها القائد. إذا كان الماء السحري قد تقبل جسده، فهذا يعني أن روحه قوية بما يكفي لتحمل الضغط. نحن نحتاج إلى قوته هنا.”
شعر كاي بذلك الضغط الغريب المنبعث من المستشار؛ كان شعوراً مضطرباً يجعله يشعر بالقشعريرة، : “لقد شعرت بي هاذا من اللحظه التي دخلت فيها الخيمه، لكنه أقنع نفسه: هاه، ربما لأنه قوي جداً، أو ربما هذا هو سحر الخبراء.”
الجنرال (يقرع الطاولة بيده المكسوة بالجلد، ليقطع أي نقاش): “لقد اعترضت قيادة الأركان على أي عمليات نقل إدارية في الوقت الحالي. الجندي كاي، خبرتك الآن أصبحت أثمن في هذه الجبهة.”
المهمة القاتلة الجديدة:
الجنرال (بنبرة أمر قاطعة): “إليك مهمتك الجديدة. لقد وصلتنا تقارير عن رؤية نشاط الأردية السوداء في ممر الثلج الشمالي. نحتاج إلى وحدة استطلاع سريعة وخفيفة تذهب إلى هناك فوراً لتحديد عددهم وتجهيزاتهم. سيتم تزويدك بالخرائط بعد دقيقة من مغادرتك هذه الخيمة.”
أشار الجنرال إلى القائد ببرود: “القائد، قم بتجهيز وحدة من جندين تحت قيادة كاي. يجب أن يكونوا في الممر في أسرع وقت. هذا ليس طلباً، بل أمر. أسرِع.. الموت في الممر الشمالي أسهل من التنفس في معركة عادية.”
تمتم كاي في سره بمرارة وهو يرى استهانتهم بحياته: “هاه.. إنهم حقاً لا يعاملونني كأمير.” كان يدرك أنها خطة واضحة لإبقائه في قلب الخطر حتى يسقط.
كاي (يؤدي التحية العسكرية بجمود): “مفهوم سيدي.” ثم حدث نفسه بقوة ولدت من رحم اليأس: “لكنني واثق من قوتي الآن.. بطريقة ما سأنجو.”!
القائد والوعد الصامت:
خرج كاي والقائد من الخيمة. القائد يشتد غضبه، لكنه يبتسم لكاي ابتسامة مجانية، محاولاً بث الثقة.
القائد (بهدوء شديد): “كانوا يعتقدون أنك ستموت في الهاوية، والآن يرسلونك إلى ممر الثلج. لا تقلق، كاي. سأختار لك أفضل و اكثرهم ثقه من الرجال فكن مرتاح لي اطلاق العنان لي قوتك. و يا كاي استغل كل فرصة تجدها للنجاة… وإذا وجدت هناك تحركات لي الأردية السوداء، ففعل ما يمكن لي الخروج من هناك حي.”
كاي (بعزم): “شكراً لك سيدي. سأعود.”
إيدن (في وعي كاي، بصوت هادئ ومدرك للخطر): “ممر ثلجي. هذا يعني صعوبة في الصيد، لكن يمكننا تذوق الدماء الباردة. لا تخف، أنا هنا.”
كاي: اوه بي التفكير بالأمر بقيت عدة أشهر لإكمال السنة و الرجوع الي العاصمة كنت سأذهب اسرع لو وافقو اولئك المسؤولون على اي حال اتمنى ان لا يغير رأيه هذا الملك اللعين وبعد كل شيء هوا وراء كل هذا.
إيدن:(يقول بمرح)الملك اللعين.!
كاي: اوبس إيدن لا يجب ان تقول ذلك
بدأ كاي في التحضير للمهمة الجديدة، بعيداً عن أمن وسلامة العاصمة، مقترباً أكثر من القتال والخطر. لقد أصبحت رحلة البحث عن الساحر مؤجلة الآن، لتحل محلها مهمة في واحد من أخطر الممرات الجبلية.
التعليقات لهذا الفصل " 35"