الفصل الثامن والعشرون: صدى الغياب: خطوة في المجهول
المسير نحو العمق:
تحركت فرقة الاستطلاع، بقيادة القائدة سيرا، عبر الحدود الوعرة. كان كاي يركض بانضباط، يركز على إيقاع الجنود المخضرمين حوله. سرعان ما نسي مكائد القصر، محولاً عقله بالكامل إلى مهمة النجاة وتحقيق الذات.
بدأ كاي يركز بحواسه الجديدة. شعر بنبض الجنود من حوله، سريع ومنتظم، يعكس توتراً مقدساً قبل القتال.
تركيز… أغلبهم متدرب أو متوازن. سيرا فقط هي القوة الضاربة الحقيقية هنا.
مع تعمقهم في المنطقة، بدأ الصمت يصبح خانقاً. كان يجب أن يسمعوا صرخات الوحوش من المستوى الأدنى، أو صوت الاحتكاك بين المجموعات المتحاربة، ولكن لم يكن هناك شيء سوى حفيف أوراق الشجر تحت أقدامهم. الصمت كان وزناً ثقيلاً على صدر الجميع.
اكتشاف الجرف ونبض الرعب:
توقفت سيرا فجأة، رافعة يدها. توقف الجنود جميعاً في لحظة واحدة.
قالت سيرا بهمس حاد: “الهدوء هنا غير طبيعي. لا يوجد صوت لحيوان أو وحش سحري منذ نصف ساعة. الجميع، على أهبة الاستعداد.” كان هذا هو ‘الغياب المقلق’ الذي أشار إليه القائد مايكل في تقريره. الوحوش لم تهرب فقط، بل اختفت أيضاً.
تقدموا بحذر حتى وصلوا إلى حافة جرف صخري ضخم. نظرت سيرا إلى الأسفل، ورفعت يدها لتغطي أنفها وفمها في حركة لا إرادية.
قال أحد الجنود بصوت خائف: “يا إلهي، ما الذي حدث هنا؟”
كاي: وهوا واضع يده على فمه بي قلق و خوف “لم يكن الهواء، بل شيئاً ثقيلاً ولزجاً يلتصق بحلقي مع كل شهيق. رائحة الموت، باردة ومعدنية، كأنها دماء صدئة. ما الذي حصل هنا بحق؟!”
في قاع الجرف، حيث يجب أن تكون الغابة كثيفة، كانت هناك فوضى رهيبة. لم تكن مجرد دمار، بل مئات الجثث المشوهة للوحوش السحرية، من الذئاب الدموية إلى الدببة الحجرية، ملقاة فوق بعضها البعض. كان المشهد مريعاً، مشبعاً بالدماء المتخثرة وآثار قوة قتلتهم جميعاً بضربة واحدة.
تجمدت سيرا، وارتسمت على وجهها نظرة فزع حقيقية. كانت هذه مذبحة تتجاوز نطاق أي وحش تعرفه.
في تلك اللحظة، نظر كاي نحو شجرة عملاقة قريبة كان جذعها قد كسر من المنتصف بفعل قوة غير مرئية. لاحظ نقشاً محفوراً بعمق على الجذع المكسور، حرف واحد قديم مصنوع بطريقة غريبة، كأنه ترك بالدم.
قال كاي: “م… ما هذا؟”
أمرت سيرا بصوت عالٍ، تحاول استعادة رباطة جأشها: “تراجعوا! هذا المكان أصبح خطراً! نعود بالتقرير فوراً!”
الكمين وبداية القتال:
بمجرد أن بدأت الفرقة في الاستدارة، انطلقت موجة طاقة سحرية سوداء كثيفة باتجاه سيرا من بين الأشجار. كانت الهجمة سريعة وموجهة للرأس مباشرة!
استدارت سيرا، مدفوعة بغريزة المحارب، وسحبت سيفها الحديدي في حركة خاطفة، تصد الموجة بقوة هائلة. تراجع جسدها خطوتين للخلف، تاركاً أثراً خفيفاً من الخدوش على الأرض.
ظهر أربعة أشخاص يرتدون أردية السوداء من الغابة.
. سألت سيرا بي حذر “من انتم.؟
صمت…. و من ثم ابتسمو ببرود
قال أحدهم بتهكم: “يا للمرأة الحديدية. صدتها بأقل من توقعاتنا.”
شعر كاي بضغط سحري غريب ينبعث من السحرة الأربعة. كانوا جميعاً في مستوى متدرب سحرياً، لكن الضغط حول قلبهم كان غريباً ومضغوطاً بشكل جنوني، بشي بقوة خفية لم يفهمها كاي.
صرخت سيرا على الجنود: “شكلوا تشكيلة (دفاع الحصن)*! لا تسمحوا لهم بالمرور! ، ركزوا على إسقاطهم!”
اندلع القتال. الجنود يواجهون السحرة وسيرا تستخدم سيفها في موجات الصدى.
بعد لحظات قليلة من الاشتباك، تحدث زعيمهم، وهو ساحر ضخم البنية: “هذا يكفي. لقد جمعنا عينات كافية.”
صرخ الزعيم على تابعيه: “انسحاب! وأطلقوا الوحش التجريبي! استمتعوا!”
اختفى سحرة الأردية السوداء الأربعة في ظلام الغابة بنفس سرعة ظهورهم، تاركين خلفهم ضحكة مجنونة.
ظهور الوحش المشوه:
لم يكد الجنود يلتقطون أنفاسهم، حتى انشق القاع من خلفهم. خرج وحش مشوه، ضخم الجثة، مغطى بجلد رمادي متقرح. كان هذا الوحش من المستوى البرتقالي في قوته الظاهرة، لكن ضغطه السحري كان غريباً ومربكاً.
كان صدر الوحش مفتوحاً بشكل مروع، وفي داخله، بدلاً من قلب الوحش العادي، كان هناك قلب ضخم نابض لوحش من المستوى الأحمر، يتسرب منه سائل بني داكن على الجسد المشوه.
أطلق الوحش زئيراً مدوياً، وإذا به مطلقاً طاقة سحرية غريبة اللون نحو سيرا مباشرة.
صرخت سيرا، واستخدمت كل قوتها لصد الهجمة. رفعت سيفها وحشدت طاقة الصدى، نجحت في إيقافها بصعوبة. كانت تلهث، وعرق الخوف والجهد يتصبب منها.
صرخت سيرا: “جندي! استخدم البلورة، اتصل بالقاعدة للدعم! حالاً!”
بحث الجندي المذعور في حقيبته، وعاد بوجه شاحب: “ق… قائدة! البلورة ليست هنا! لا أجدها!”
تجهمت سيرا وصاحت: “ماذا؟!”
في تلك اللحظة، الوحش المشوه، يندفع نحو الجنود غير المسلحين سحرياً.
صرخت سيرا: “اركض أيها الجندي! اذهب وأحضر الدعم بأسرع ما يمكن!” دفعته بعيداً. ثم واجهت الوحش.
الصد الساحر والشرارة البيضاء (السقوط نحو الجرف):
هجم الوحش بعنف على سيرا. كانت على وشك تلقي ضربة قاضية.
اندفع كاي بقوة لا إرادية، مدفوعاً بغريزة حماية سيرا.
اندفع كاي بجسده، دامجاً بين سرعة الرياح التي أيقظها وتدرب عليها ومبارزة السيف التي شحذها. أطلق طاقة الرياح عبر قدميه وسيفه.
تمركز كاي أمام سيرا. رفع سيفه الحديدي وصدم مخلب الوحش العملاق.
تفسير الصد الدقيق:
لم يكن هذا صداً عادياً. أثناء تماس السيف الحديدي مع المخلب، قام كاي بعملية دمج سريعة ومعقدة:
المبارزة (الجسد): استخدم تقنية “نقل قوة الدفع” التي تعلمها من التدريب، حيث حول طاقة حركة الوحش إلى قوة مضادة بدلاً من امتصاصها، مما منع سيفه من التفتت.
السحر (الرياح): في اللحظة التي لمس فيها السيف المخلب، أطلق كاي كمية هائلة من “رياح القطع” من سيفه، لتغيير مسار المخلب وإحداث ضرر سطحي.
الشرارة (المجهول): نتيجة لهذا الدمج المتقن، ظهرت شرارة بيضاء غريبة من مكان التماس بين السيف والمخلب. لم تكن طاقة الرياح، بل كانت طاقة “نقاء متفجر” نادرة، كأنها قلب كاي النقي رفض وجود السحر المظلم والمشوه للوحش. هذه الشرارة أحدثت ضغطاً هائلاً على الوحش وأجبرته على التراجع خطوة.
بفضل هذا الصد القوي والغريب، أنقذ كاي سيرا من ضربة مؤكدة. لكن قوة التصادم الهائلة، التي فاقت توقعاته، قذفته للخلف بعنف، ليصطدم بي الارض قرب حافة الجرف الصخري. شعر كاي بألم حاد في ظهره، ويلهث بشدة، بينما كان يتشبث بالأرض على بعد سنتيمترات من الهاوية.
نظر الوحش إليه بغضب، وأطلق زئيراً مشوهاً، ثم أطلق هجمته مرة أخرى نحو كاي المعلق.
صرخت سيرا مذعورة: “كااااي!”
وإذا بـ المنحدر يتحطم ويسقط كاي قبل أن تصيبه الهجمة.
التعليقات لهذا الفصل " 28"