كان المخيم هادئاً، يلفه سكون الليل البارد الذي كان يحمل معه همس الرياح القادمة من الأراضي القاحلة. جلس الكابتن جيل ورجلاه يتناوبون الحراسة، لكن التعب من السفر الطويل كان قد سيطر على الجنديين المرافقين له.
كانت هذه هي اللحظة.
تحرك كاي ببطء شديد داخل العربة، حريصاً على ألا يصدر أي صوت من مفاصل العربة المهترئة. كان يرتدي ملابسه الداخلية فقط ليتمكن من التحرك بحرية أكبر، والمخطط مطوي بأمان في حزامه. وضع يده على القلادة، لكنها ظلت صامتة وباردة.
تسلل كاي من فتحة الغطاء الخلفي للعربة، يهبط بخفة غير متوقعة لجسد كاي الخفيف. كان عليه أن يتجاوز الجندي النائم على مسافة قصيرة ثم يتجه نحو الجبال، حيث يبدأ ممر “أنياب التنين” وفقاً للمخطط.
الخطوة الأولى كانت ناجحة. خطا كاي خطوتين بصمت على الأرض الرملية.
الصوت والارتباك:
وفي اللحظة التي كان على وشك أن يخطو فيها الخطوة الثالثة، شعر بوهج خافت ودافئ يخرج من جيبه الداخلي. اهتزت يده، وتبع الوهج صوت…
صوت امرأة ناعم وعذب، يهمس بعبارات حزينة لا تُقاوم، اهتزت بها حواسه الداخلية أكثر من آذانه:
”يجب أن تذهب إلى الحدود الحديدية، وأنا آسفة مرة أخرى لوضعك في هذا القدر المؤلم.”
”هاا؟ ما هذا؟” تفوه كاي ، بي صوت مرتبك ومذعور، وكاد أن يصرخ.
هذا الهمس لم يكن عالياً، لكنه كان كافياً.
فشل الهروب:
فتح الجندي النائم عينيه فجأة، مستيقظاً على صوت كاي المذعور.
”من هناك؟!” صاح الجندي، يمد يده إلى سيفه المعلق.
كانت خطة كاي قد فشلت قبل أن تبدأ. لم يكن أمامه وقت للجري. نظر حوله بيأس، لكن جيل والكابتن الآخر كانا يستديران بالفعل نحو مصدر الصوت.
”الأمير! ماذا تفعل خارج العربة؟” سأل الكابتن جيل ببرود قاتل، وسيفه مشهر الآن. لم يكن سؤالاً، بل اتهاماً.
تجمد يوهان. “لقد… كنت أتنفس بعض الهواء.”
”الهواء؟ في منتصف الليل؟ في أرض الوحوش؟” ضحك جيل بتهكم. “عد إلى عربتك، أيها الأمير. إذا حاولت الهروب مجدداً، سأضطر لتنفيذ الأمر الملكي القديم: التعامل مع العقبة.”
تم جر كاي بعنف وإلقاؤه مرة أخرى داخل العربة. شعر بالضربة القاسية على رأسه، لكن الألم تلاشى تحت وطأة الارتباك الداخلي.
”هاا… هل أصبحت مجنوناً يسمع فقط الأصوات، أم هذا قدري حقاً؟” تمتم كاي لنفسه وهو يمسح التراب عن وجهه.
تذكر صوت المرأة الناعم. كان مرتبطاً بشيء في جيبه. مد يده المتوترة ليخرج الرسالة القصيرة: “طفلي أنا آسفة.”
ولكن… عندما فُتحت قطعة الورق القديمة في ضوء القمر، كانت بيضاء تماماً. العبارة كانت قد اختفت!
”هاا؟ ما هذا الآن؟” قال كاي، قلبه يخفق بعنف. إنها ليست مجرد رسالة؛ .
الآن، كاي محاصر، والليل ينتهي. عليه مواجهة مصيره، لكنه يعلم أن هناك شيئاً غريباً، شيئاً يرفض أن يتركه يهرب من المسار المحدد له. من هذه المرأة؟ ولماذا لا تريده أن يهرب؟
التعليقات لهذا الفصل " 10"
بعد كل هاد العرب اخر شي اتمسك😭😓