مع مرور الوقت، بدا الدوق الأكبر وكأنه مجنون أكثر فأكثر.
وبالنظر إلى الوراء، فقد بدا غير طبيعي منذ اللقاء الأول، واليوم لم يكن استثناءً.
بعد انتهاء التدريب المشترك، قاومت شارلوت رغبتها في الهروب، واتجهت إلى المكتب.
حينها ابتسم الدوق الأكبر وقال ببساطة…
“أوه، لقد جئتِ؟ إذن لنبدأ العمل. أعيدي ترتيب رفوف الكتب.”
بالمناسبة، كان مكتب الدوق الأكبر واسعًا جدًا ومليئًا بالكتب لدرجة أنه يمكن اعتباره مكتبة.
ومع ذلك، ومن دون أي سبب واضح، طلب فجأة إعادة ترتيب الكتب لأنه لم يعجبه الترتيب الحالي. لم يُعطِ أي إشعار مسبق؛ فقط طالب بذلك. بل وأصر على أن تقوم شارلوت بالأمر وحدها من دون مساعدة أحد!
:فكرت شارلوت
‘انتظري لحظة… ألم أكن أنا من أنقذ الأميرة؟ ألم أُنقذه من أزمة؟’
لم تكن تتوقع مكافأة أو شيئًا من هذا القبيل، ولكن على الأقل…
ألم يكن من الممكن أن يوجه لها كلمة شكر، أو يسألها عمّا حدث؟ بعد كل شيء، هي كانت طرفًا في الحادثة!
“آه، ظهري سينكسر…”
كانت ترفع وتضع أكوام الكتب الثقيلة مرارًا وتكرارًا.
لقد كان من الأفضل أن تشارك في سباق بدلًا من العمل وسط هذا الصمت الغريب. فالعمل اليدوي بهذا الشكل كان عبئًا ثقيلًا جدًا.
وليزداد الأمر سوءًا، كان يواصل التحديق بها بذلك النظر المثقل بالضغط!
:فكرت شارلوت بمرارة
‘أريد أن أعود إلى المنزل. أشتاق إلى أختي. أريد شرب الكاكاو الذي تعده المربية.’
لم يسبق لها أن قامت بمثل هذا النوع من الأعمال اليدوية من قبل.
أدارت رأسها بهدوء، ومسحت عينيها، ولم تدرك أن أنفها بدأ يسيل من شدة الشوق والحنين إلى بيتها.
“رشَفة…”
“…؟”
هل كان صوت شهيقها عاليًا جدًا؟ لسبب ما شعرت أن الدوق الأكبر قد انتفض فجأة.
في تلك اللحظة، حين التقطت شارلوت نفسًا عميقًا، رفعت مجددًا كومة الكتب الثقيلة.
“أنتَ.”
“ن-نعم، هل ناديتني…؟”
اهتز صوتها وهي ترد بسرعة.
لو كان الدوق الأكبر في حالته المعتادة، لضحك بسخرية، لكنه هذه المرة رفع ذقنه عاليًا وأخذ يحدق بتعبير غير راضٍ.
طرق بأصابعه على المكتب، ثم فتح فمه قائلًا:
“ألم أقل لكَ أن تأتي إليّ مباشرة بعد التدريب؟ لكنك لم تفعلْ.”
“هاه؟”
“لماذا تتجولُ بلا هدف بعد التدريب كل يوم؟”
رمشت شارلوت بعينيها في حيرة.
صحيح أنها أحيانًا لم تكن تأتي مباشرة، بل تتجول قليلًا في الحديقة الخلفية، لكنه كان لفترة قصيرة فقط.
كان التجول بمفردها قرب المبنى الرئيسي، حيث يمر الكثير من الناس، مثيرًا للشبهات، لذا كانت تكتفي بالتقاط أنفاسها قليلًا في الحديقة الخلفية ثم تعود إلى الداخل.
وبينما ظلت تحدق به بذهول، أصبح نظر الدوق أكثر حدة.
“لماذا ذهبتَ إلى الحديقة الخلفية البارحة؟”
“آه، حسنًا…”
“لا يوجد سبب للذهاب من أرض التدريب إلى مكتبي مرورًا بالحديقة الخلفية.”
آه، إذًا هذا ما كان يعنيه.
تدفقت قطرات العرق البارد على ظهر شارلوت وهي تعض شفتيها بحذر.
لقد كان الدوق محقًا. فمن أجل الذهاب من ساحة التدريب إلى الحديقة الخلفية، كان لا بد من الالتفاف حول المبنى الرئيسي.
لكنها كانت أيضًا نفس المكان الذي أمسكت فيه القاتل البارحة.
:فكرت شارلوت بحنق
‘يا له من لعين حاد البصر، يشك دائمًا.’
أجبرت نفسها على ابتسامة، ورفعت زوايا شفتيها للأسفل قليلًا.
كانت عينا الدوق الحمراء، كأنهما مغمورتان بالدم، تحدقان بها وكأنهما ستفترسانها بالكامل.
“أعتقد أنه كان لديكَ غرض آخر للذهاب إلى الحديقة الخلفية.”
“غرض؟ أوه، يا لها من كلمة مخيفة تقولها…”
“على سبيل المثال، ربما رغبتَ في كسب ود الأميرة؟ بذاك الوجه المزعج خاصتك.”
“ماذا؟!”
تفاجأت شارلوت من الاتهام المفاجئ، وصرخت.
ثم حاولت أن تتمالك نفسها، وسعلت قليلًا، وأجابت بحذر بينما كان قلبها يهبط.
“إذًا، سموّك تقصد أنني حاولت إغواء الأميرة هناك وحدي، وبالصدفة التقيتُ بالقاتل؟ هذا… هذا تفكير سخيف حقًا…”
“… “
رغم نفيها المطوّل، بقي تعبير الدوق صارمًا.
جلس متقاطع الساقين على الأريكة مائلًا قليلًا، ثم غيّر الموضوع وكأنه يستجوبها من زاوية أخرى:
“إذن، أين تجولتَ اليوم؟”
“ماذا تعني؟ لم أذهب إلى الحديقة الخلفية اليوم، جئت مباشرة إلى هنا!”
فبعد التدريب المشترك، سارت شارلوت على الممر الجميل المؤدي من ساحة التدريب إلى المكتب برفقة إدريس.
وبما أنه كان لديه أيضًا عمل في المبنى الرئيسي، فقد كان الأمر مناسبًا.
“لكن كنتَ تتحدثُ مع إدريس.”
“حسنًا، إدريس كان المسؤول عن تدريب اليوم… انتظر، كيف عرفت ذلك؟!”
قفزت شارلوت بطبيعتها متفاجئة من هذا الكشف غير المتوقع.
“من الطبيعي أن أعرف أين يكون المتدرب تحت امرتي وماذا يفعل، أليس كذلك؟”
رفع الدوق زوايا شفتيه مبتسمًا، واقترب منها. ثم أمسك بقوة خدي شارلوت، التي كانت واقفة مرتبكة.
“تابعي الجميل يواجه مشاكل لأنه متحرر أكثر من اللازم. لا يملك دخلًا، ومع ذلك يستمتع بالتجوال هنا وهناك.”
“ل-لدي دخل! أشبه والدتي الراحلة، ولدي جاذبية تجعل—”
“إذًا، تعني أنك كنتَ تملكين دخلًا؟ هكذا إذًا؟”
مع زيادة قوة قبضته، ازداد ضغطه على وجنتيها.
فأصبحت شفتاها بارزتين مثل منقار بطة، لكنه لم يتراجع.
كانت قطرات العرق تتساقط خلف أذنيها الصغيرتين.
“حسنًا، لدي دخل. لستُ عاطلا أو أحتل المكان بلا مقابل…”
“هكذا إذًا؟”
“ن-نعم، نعم، كيف يمكن ألا يكون لدي؟”
“إذن توقفْ عن إزعاج الناس، وابقَ بهدوء بجانبي. فهمت؟”
هزّت شارلوت رأسها بعنف.
وحين تركها الدوق وعاد إلى مقعده.
“ههه…”
في تلك اللحظة، لمعت فرضية في ذهن شارلوت.
وانفرجت شفتاها التي كانت غارقة في التفكير بابتسامة خفيفة.
“سموك… بصراحة، أنت تعتقد أنني وسيم، أليس كذلك؟”
“يا له من هراء.”
توقف الدوق للحظة، ثم ضيّق عينيه كما لو أنه سمع أغرب شيء في العالم. لكن الصمت لم يدم طويلًا.
“هل توقفتَ مجددًا؟”
“أوه…”
“هل المهمة سهلة جدًا بالنسبة لك؟ هل أعطيك عملًا إضافيًا؟”
“… “
دون أي رد، أدارت شارلوت جسدها، واستأنفت عملها مجددًا.
:فكرت بمرارة
‘اللعنة على السلطة وسطوتها.’
───── ⋆⋅☆⋅⋆ ─────
هبّت نسمة باردة عبر النافذة الواسعة المفتوحة.
ناديا، وهي تمسح شعرها عن خدها بأصابعها بلا وعي، تمتمت لنفسها:
“إن قصر الدوق الأكبر واسع حقًا…”
خلف النافذة، امتدت أراضي الدوق الأكبر الشاسعة أمام ناظريها.
وكان أبرز جزء فيها هو مقر الفرسان، الذي احتل ما يقارب نصف مساحة القصر.
كان عدد لا يحصى من الأشخاص يجيئون ويذهبون، كل منشغل بعمله أو تدريبه.
أسندت ناديا ذقنها إلى حافة النافذة، محاولة أن تلمح الشعر الوردي الذي قد يكون موجودًا هناك في مكان ما.
“همم، لا أراه.”
هبطت كتفاها بضعف بعد أن أجهدت بصرها.
“سأرحل قريبًا… يا ترى، هل سأتمكن من مقابلته مرة أخرى؟”
تذكرت ناديا أول مرة التقت فيها بالفارس الوسيم.
كان شكله أشبه بأمير خارج لتوّه من حكاية خيالية.
حين التقت عيناهما وسط الحشود الفوضوية المليئة بالرجال، تساءلت ناديا إن كان هذا هو الشعور الذي تعيشه البطلات في القصص الخيالية. واحمرّت وجنتاها بخجل.
ومع ذلك، في ذلك الحين، لم تكن تكنّ له مشاعر خاصة. صحيح أن وسامته كانت لافتة، لكن هذا كل ما في الأمر.
“سأذهب أولًا.”
“هل أنت بخير؟ هل أصبتِ؟”
“لا، فقط شعرت أنني أقطع حديثكما…”
في ذلك اليوم، تناولت ناديا العشاء مع الدوق الأكبر مساءً.
كان الجو باردًا كالثلج. وقد أمر الإمبراطور الدوق الأكبر بحضور مأدبة عيد الميلاد القادمة.
لكن، لو كان هذا هو السبب الوحيد، لما احتاجت شقيقتها المشغولة، كورديليا، أن تأتي بنفسها لتسليم الرسالة.
لا بد أن هناك أمرًا أكثر أهمية.
ورغم أن الفضول تملّكها، لم تستطع التحدث. كان الحبس الطويل قد بدأ يفتت شخصيتها المشرقة تدريجيًا. لذا، لم تفعل سوى أن تتبع شقيقتها بصمت.
ثم حدث ذلك حين كانت ناديا تستريح بعد مغادرتها قاعة الطعام.
“تبا، إنه خطر!”
“سموكِ، هل أنت بخير؟”
“خذي يدي وانهضي. سأرافقكِ إلى الداخل.”
تعرفت عليه فورًا. كان الفارس الجميل الذي رأته في اليوم السابق.
لقد ظهر فجأة ليحميها من قاتل مأجور. حتى بالنسبة لشخص عادي لا يعرف شيئًا عن فنون السيف، كان واضحًا أن مهاراته مذهلة.
في لحظة، طرح القاتل أرضًا ومد يده لها كأنه بطل خرج من قصة خيالية.
في تلك اللحظة، خفق قلب ناديا من الاعجاب بمهاراته.
إلى حد أنها تجرأت على الاقتراب من الدوق الأكبر، الذي كانت تخافه دومًا وتتجنبه.
“أ-أطلب من سموّكِ طلبًا. أريد أن ألتقي بالفارس الذي أنقذني.”
“للأسف، هذا غير ممكن.”
“ماذا؟ لِمَ…”
“هذا أمر سري، ولا يمكنني الإفصاح عنه.”
قال الدوق وهو جالس في مكتبه مبتسمًا بلطف.
لكن ناديا كانت قد فهمت.
في عيني رافائيل الحمراوين، لمحت ذلك الانزعاج المخفي الذي لم يستطع إخفاءه كليًا.
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
بالنسبه لهذي الرواية، فانا رايحة اخذ استراحة منها لفترة، و راح يتوقف التنزيل لغاية ما أتأكد من ما اذا كانت الرواية نفس المانهوا أم ان الرسامة حرفت و خلت البطل يعرف ان البطلة بنت قبل لا يحبها، طبعا اول ما اعرف راح اخبركم فلا تخافون.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 15"