قصة جانبية 3:(تذكير: دي القصص الجانبية لاحداث ما شفناهم)

“قطار وينسبري سيغادر قريبًا!”

كان الرصيف مزدحمًا لدرجة أنه كان من الصعب حتى اتخاذ خطوة واحدة للأمام.

“توقفي عن الدفع. هل تخططين لإسقاط المرأة العجوز؟”

صرخت إليزا، التي كانت قد شبكت ذراعيها مع كلوي، وشقت طريقها عبر الحشد. كانت المرأة النحيلة، المتكئة على عصاها، لا يمكن تمييزها عن المرأة العجوز. أمسكت كلوي بالغطاء الأسود الذي يغطي وجهها بإحكام.

دينغ!

بالكاد تمكنت كلوي من الوصول إلى مقدمة القطار عندما رن الجرس بصوت عالٍ. كان رئيس المحطة يصرخ عبر مكبر صوت، معلنًا عودة القطار.

“آخر قطار إلى وينسبري عبر سوانتون! يغادر الآن!”

تمكنت كلوي من صعود الدرجات العالية بمساعدة إليزا.

“خذي هذا.”

سلمتها إليزا الأمتعة التي كانت قد حزمتها مسبقًا. وقفت كلوي عند المدخل بينما دفعها الركاب للداخل والخارج، وهم ينظرون إلى إليزا للحظة. ربما لن تراها مرة أخرى.

أومأت إليزا برأسها شاكرةً، ووجهها مغطى وعيناها فقط ظاهرتان، وردّت إليزا بابتسامة على وجهها المتجعد.

“اعتني بنفسكِ!!!”

عندها لفتت رؤية كلوي انتباه رجل توقف وسط حشد كبير ورمقها بنظره.

“…”

استدارت كلوي وعيناها مفتوحتان على مصراعيهما وأمسكت بالعمود. كانت قبعتها منخفضة، لكنها لم تستطع إلا أن تلاحظ. داميان، الذي كان من المفترض أن يكون في سوانتون، كان هناك. لا بد أنه هو.

خفق قلبها كما لو كانت تركض. كانت راحتاها متعرقتين، وساقاها ضعيفتين، وشعرت وكأنها على وشك الانهيار. عندما أُزيل غطاء المحرك، نظر إليها الركاب الذين كانوا يصعدون على عجل. تجاوزتهم كلوي بصعوبة ووصلت إلى القطار. كانت يداها ترتجفان كشجرة حور رجراج وهي تتحقق من المقعد على تذكرة القطار التي بالكاد حصلت عليها بعد أن أعطت إكرامية لغريب في المحطة.

“أسرعي واجلسي في مقعدك! أنتِ! أريني تذكرتكِ!”

فجأةً، عمّت الفوضى الغرفة عندما اندفع أحدهم خلفها. سُمع صوت رئيس المحطة المذعور. رفعت كلوي غطاء رأسها بسرعة وأغمضت عينيها بإحكام. توقف صوت خطواتٍ قوية بجانبها.

“نسيتُ شيئًا!!!”

لم يكن الصوت الذي يصرخ بجنون صوت زوجها. خفض رجل ذو لحية حمراء يرتدي بدلةً غير مناسبة رأسه في حرج وهو ينظر إليها، التي كانت ممسكةً بعصاها بإحكام.

“أنا آسف يا سيدتي. لقد تركتُ حقيبتي تحت المقعد ونزلت…”

نهضت كلوي دون أن تنطق بكلمة، ثم أطلقت نفسًا عميقًا وهي تراقبه وهو يحزم حقيبته من المقعد المقابل لها. نظر إليها بلحيته الحمراء، والعرق يتصبب على وجهه، وضحك.

“أنا آسف. رحلة سعيدة يا سيدتي…؟”

نزل الرجل من القطار بسرعة بتعبير محرج وهو يراقب كلوي تتجنب الاتصال البصري وتحدق مباشرة إلى الأمام.

بانج!

بدأ القطار أخيرًا في التحرك مع صفير عالٍ. انتقل هواء الليل بوضوح من خلال النافذة. عندما غادر القطار المحطة، ظهرت غابة كثيفة لا نهاية لها من أشجار البتولا. أطلقت كلوي نفسًا جافًا وهي تمر عبر الأشجار الجافة المدببة ذات اللون الرمادي البني التي امتدت نحو السماء، في عربة الدرجة الثالثة المليئة بالركاب.

ظهرت ابتسامة باهتة ومريرة على وجه كلوي، انعكست بشكل خافت في النافذة.

على الرغم من أنها أخفت وجهها، إلا أنها كانت الوحيدة التي تعرفت على خصمها. في جميع الرهانات التي عقدتها معه، لم تهزم داميان أبدًا، لكن هذه المرة كان الأمر مختلفًا.

أنت المختار يا داميان.

همست كلوي بهدوء، وحركت شفتيها فقط. فكرت في يديه التي تمسكان بالزمام وهو يركض نحو قلعة بيرش، ويركل الأرض. يدا داميان المستقيمتان الجميلتان، اللتان كانتا قادرتين على خنق رقبة أحدهم بألم، أو على العكس، جعله يصرخ فرحًا، أصبحتا الآن بعيدًا عن متناولها إلى الأبد.

أتمنى أن تعجبك هديتي، يا صاحب السعادة.

في العالم المثالي الذي صنعته، لا بأس إن اختفى جزءٌ ناقصٌ مني على الأقل.

ضحكةٌ جافةٌ خرجت من شفتي كلوي. بدا الطقس وكأنه سيتساقط ثلجٌ قريبًا. كانت الليلة غائمةً وضبابيةً لدرجة أنها لم تستطع الرؤية ولو لثانيةٍ واحدةٍ أمامها، كما لو كانت تُنذر بمستقبلٍ مجهولٍ ينتظرها.

مع ذلك، كان الأمر على ما يُرام.

أفسدت كلوي فيردييه خطط داميان إرنست فون تيس المثالية.