عندما فتح “إيريك” عينيه، وجد “مييسا” مستلقية بين ذراعيه.
أشعة الشمس تسللت عبر الستائر، لتضيء وجهها برفق. كان ينظر إليها طويلاً، متأملاً تفاصيل وجهها الذي بدا وكأنه يتفتت كقطعة من الضوء.
عينان منتفختان من البكاء الليلي، شفتان مشققتان، ونفس يتردد برائحة خفيفة من الكحول. لم يكن يريد أن يتركها ويبتعد؛ كان يشعر أن ذلك سيكون مؤلماً جداً.
تساءل “إيريك” إلى أي مدى سمحت له بالدخول إلى قلبها. قام بتقبيل جبهتها بلطف، متمنياً ألا يترك ما حدث جروحاً أخرى في روحها.
بصوت ناعم تذمرَت وهي تعقد جبينها قليلاً. استمر “إيريك” في تهدئتها وهي نائمة في حضنه.
“اهدئي، عودي إلى النوم، لا بد أنكِ متعبة.”
لو لم يكن هناك طرق على باب الغرفة من الخادم، لكان بقي مع “مييسا” في السرير حتى تستيقظ.
الرسالة التي جلبها الخادم كانت تحمل أخباراً غير عادية. بعد أن اغتسل على مضض، أبلغ شقيق “كولن”، “فاليك”، بالضرورة الملحة:
“أخبرني فور استيقاظها.”
كانت الطريقة الوحيدة للعودة إليها بسرعة هي إنهاء العمل بسرعة. توجه “إيريك” إلى مكتبه في مقر الفرسان، حيث كان ينتظره فارس مكلف بمهمة مراقبة.
“كما طلبت، حققنا في عائلة الماركيز كريسبين، وتبين أن تلك العجوز هي والدة نائب قائد فرسانهم.”
“نائب القائد…”
كان “إيريك” على علم بهذا الشخص، رجل ذو مهارات عالية لكن ذو سمعة سيئة بسبب قسوته، ولم يُرقَ إلى منصب قائد بسبب أصله المتواضع.
“يُقال إن عائلتهم كانت مسؤولة عن الأعمال القذرة لعدة أجيال. والده أُعدم بتهمة الاعتداء الجنسي، ولكن يُقال إنه ضحى بنفسه لتغطية أفعال السيد الأكبر.”
“ومع ذلك، هل ما زالوا مخلصين لعائلة كريسبين بعد كل هذا؟”
“ربما فضل أن يضحي بأبيه لأجل مستقبل ابنه.”
أوضح الفارس أن والدة نائب القائد كانت لها صلات قوية مع نقابة اللصوص، وأن أفراد العصابة الذين هاجموا “جيلا” كانوا تحت قيادة شقيق تلك العجوز.
“هذا منطقي.”
تأكد “إيريك” أن عائلة كريسبين متورطة في جميع الأمور. لكنه كان يتساءل عن السبب وراء كل هذا.
لماذا سعت عائلة الماركيز إلى تزويج نساء إلى عائلته والتآمر مع خادمات القصر لاختطاف “جيلا” وفضحه؟
ماذا كانوا يسعون لتحقيقه؟ السيطرة على ميراث عائلته؟ أم تدميرها؟
“أحضر لي آخر المعلومات عن تحركات عائلة كريسبين.”
أثناء بحث “كولن” في الأوراق، استمر “إيريك” في التفكير.
رغم كل شيء، لم يجد سبباً واضحاً يجعل “كريسبين” يتورط في هذه الأحداث. والأكثر إزعاجاً، أن الأشخاص المتورطين كانوا سهلين في التعرف عليهم خلال أيام قليلة، لكن كيف استغرق كشف العصابة في الحدود وقتاً طويلاً؟
بينما كان يضرب ذراع الكرسي بأصابعه، ظهرت في ذهنه نظرية جديدة.
ماذا لو لم يكونوا هم الجهة المسؤولة بالفعل؟
السبب الذي قدمته عائلة كريسبين لعقد التحالف كان الخيانة. ولكن، ماذا لو كان كل ذلك مجرد طُعم؟
ربما تكون عائلة كريسبين نفسها ضحية استغلال كما حدث مع عائلة كلادنيه. لكن من يكون وراء كل ذلك؟
“سيدي، هناك خادم من القصر.”
أعلن ذلك أحد الجنود وهو يطل برأسه من باب الغرفة.
“قالوا إن السيدة الصغيرة قد بدأت بالسعال، وأمروا بإبلاغك فوراً، هل هذا صحيح؟”
فتح “إيريك” عينيه. هناك شخص واحد فقط يمكن أن يكون وراء كل هذه الأحداث.
في صباح ذلك اليوم، استيقظت “مييسا” على صوت حاد ومزعج.
“يا إلهي، لديكِ قدرة تحمل عالية، انظري لهذا!”
“أوه، يا للكارثة…”
يبدو أن الخادمتين اكتشفتا بعض الآثار من الليلة الماضية. عبست “مييسا” تلقائياً.
كان الوضع مزعجاً، لكنه في النهاية كان مفيداً لها. بهذا، الأمور تسير كما يجب. دفنت “مييسا” وجهها في الوسادة محاولةً تجاهل الموقف.
“حسناً، هذا توقيت مناسب. سأذهب فوراً وأحضر ما يلزم.”
لم تفهم “مييسا” ماذا يقصدون، لكن صوت الخادمة لفت انتباهها وهي ما زالت شبه نائمة.
عادت الخادمة بعد فترة قصيرة، واستمر همس الخادمتين في الغرفة.
“لقد تخلصنا من المرأة العامة، والآن الحراس يثيرون الفوضى بأسئلتهم.”
“أحضرتِ كل شيء. لا بد أنه كان ثقيلاً.”
كانت إحدى الخادمات تتملق الأخرى وهي تمسك بـ”مييسا” بعنف لإيقاظها.
“تحركي بسرعة. ليس لديكِ وقت للتأخر.”
“كوني حذرة. إذا أصيبت بالهياج، سيكون الأمر مزعجاً.”
لأول مرة، حاولت إحدى الخادمات التصرف بلطف وهي تقود “مييسا” نحو الحمام، لكن القبضة كانت قوية ولم تترك لها مجالاً للمقاومة.
في الحمام، كان هناك كل ما تحتاجه “مييسا” من ملابس ومجوهرات ومستحضرات تجميل، مثل التي ارتدتها عندما وصلت لأول مرة.
“حسناً، سيكون صباحك مشغولاً من الآن فصاعداً.”
قالت الخادمة محاولة إظهار اللطف.
“لا يمكنك خسارة اهتمام زوجك بعد أن حصلتِ عليه.”
أثار هذا الكلام اشمئزاز “مييسا”، لكنها تجاهلت الأمر ببراعة، معتبرة أن ما يقولونه سخيف.
بسرعة، غسلت الخادمتان جسدها وجففتاها.
“هل يجب أن نرفع شعرها اليوم؟”
“افعلوا أي شيء.”
ثم ارتدت “مييسا” ثوباً أبيض. كان التصميم مكشوفاً عند الرقبة والكتفين، ما جعل بعض العلامات على جسدها أكثر وضوحاً. عبست الخادمة ورأت أن عليها إخفاءها.
“أمسكيها جيداً.”
“نعم.”
ثم بدأت الخادمة بسرعة بوضع المكياج على وجه “مييسا”. ومع كل لمسة من المسحوق، بدأت “مييسا” تضحك قليلاً.
“أنتِ… لا، لا بأس.”
بدت الخادمة أكثر تسامحاً هذا اليوم، ما جعل “مييسا” تشعر أن هناك شيئاً مريباً يحدث. تابعت الخادمة وأخرجت من جيبها جرة صغيرة تحتوي على مستحضرات تجميل حمراء اللون.
“لا يوجد فرشاة.”
“أوه، ماذا سنفعل الآن؟”
“لا بأس، سنكتفي بما لدينا الآن. لا يوجد وقت للتفكير.”
“بالفعل، السيدة مالكا دائماً ما تكون رائعة.”
بينما كانت “مييسا” تضحك وهي تنظر إلى الفراغ، شعرت بشيء يلامس فمها، فردّت بغريزة رأسها بعيداً.
“لا تتحركي!”
قالت ذلك الخادمة بلهجة مريبة، ووجهها كان مليئاً بالتوتر، ويدها كانت ترتعش.
بدأت “مييسا” تشعر بالريبة. وبالفعل، قبل أن تفكر في الأمر ملياً، دفعت الخادمة بقوة بعيداً عنها. سقطت “مالكا” على الأرض وهي تصرخ بصوت عالٍ.
“آه! ماذا تفعلين؟!”
حاولت “مييسا” الهروب، لكن الخادمة الأخرى أمسكت بها بإحكام. حاولت المقاومة، لكنها كانت عالقة.
ماذا يحاولون فعله بهذا الحماس؟ كانت “مييسا” تراقب ما يحدث بسرعة. رأت “مالكا” وهي تبحث بعصبية عن شيء ما على الأرض، تهمهم قائلة:
“أين هو؟ أين… آه، وجدته.”
كانت تلتقط جرة خزفية صغيرة، و”مييسا” بدأت تشك في الأمر. هذه الخادمة لم تكن لتفعل هذا بدون سبب.
إنها ليست مجرد مستحضرات تجميل أو أحمر شفاه. لا بد أن هناك شيئاً آخر يحدث هنا.
كان عليها كسب الوقت. أخذت نفساً عميقاً وصرخت بأعلى صوتها:
“آآآآه!”
لكن الخادمة الكبيرة أمسكت بفمها بسرعة لمنعها من الصراخ أكثر.
بدأت “مييسا” تركل كل ما أمامها، مما تسبب في سقوط بعض الأشياء على أرضية الحمام بشكل صاخب. رغم ذلك، كان هناك ضجيج من الخارج، وقد نجحت في لفت انتباه أحدهم.
“سيدتي الصغيرة! هل أنت هنا؟”
كانت تلك “جيلا”. عندما سمعت “مالكا” صوت “جيلا”، تحولت ملامح وجهها إلى الغضب والقلق.
“كيف وصلت إلى هنا؟ أليس من المفترض أن تكون قد انتهينا منها؟”
توقفت الخادمتان للحظة عندما سمعتا صوت “جيلا”، وبدأت ضجة خارج الباب.
“ماذا يحدث هنا؟ الباب مغلق! سيدتي الصغيرة!”
من الواضح أن “جيلا” لم تكن تتحلى بالصبر، حيث بدأت في محاولة فتح الباب بقوة، وسمعت “مييسا” صوت الباب يتأرجح.
“اللعنة! هذا الباب اللعين لا يفتح! فالِك، تعال بسرعة!”
عندما سمعت “مالكا” أصوات الجنود في الخارج، بدا عليها الذعر.
“أسرعوا، دعوها تذهب!”
بمجرد أن أزاحت الخادمة الكبيرة يدها عن فم “مييسا”، صرخت الأخيرة بأعلى صوتها. لكن “مالكا” أمسكت بوجه “مييسا” بغضب، بينما كانت الضربات على الباب تزداد قوة.
في تلك اللحظة، بدت الخادمة الأخرى وكأنها تفكر بجدية في تأجيل ما كانوا يخططون له.
“إنهم سيكسرون الباب، من الأفضل أن نؤجل الأمر.”
“لا، هذا هو الوقت المناسب، دعينا لا ننتظر.”
“الباب مصنوع من خشب الأبنوس، لذلك لن ينكسر بسهولة. يمكننا القول إنها أغلقت الباب بسبب الفوضى التي أحدثتها.”
بدأت صرخات “مييسا” تتلاشى تدريجياً، بينما كانت تفكر بسرعة في ما يمكنها فعله.
ما العمل الآن؟ عليها أن تفعل أي شيء لتكسب المزيد من الوقت.
كانت “مييسا” راكعة، يداها مقيدتان، ووجهها ممسوك بقوة. لم يكن لديها الكثير من الحرية للتحرك.
“بخ!”
بصقت “مييسا” على وجه “مالكا”. ارتسمت علامات الاشمئزاز على وجه “مالكا” وهي تمسح خدها، بينما كانت تحذر نفسها من تلطيخ وجهها بأحمر الشفاه الأحمر الذي كانت تضعه.
“أيتها المجنونة!”
كم من الوقت ستتمكن من كسبه بهذه الطريقة؟ كانت “مييسا” تراقب تصرفات “مالكا” بعناية.
كانت المشكلة أن وجهيهما كانا قريبين جداً من بعضهما. عندما مدت “مالكا” يدها مرة أخرى، توقفت للحظة، وعيناها ضيقتا.
“ما هذا؟”
التقت نظراتهما، وعرفت “مييسا” على الفور أنها ارتكبت خطأً. أسقطت “مييسا” عينيها على الفور، لكنها أدركت على الفور أن ذلك كان أسوأ قرار.
“أنت تتصرفين كما لو كنت شخصاً حقيقياً.”
بدأت “مالكا” تتمتم، بينما الخادمة الأخرى كانت تحثها على الإسراع.
“أسرعي وافعل شيئاً قبل أن…”
“اصمتي.”
لم تتحرك “مالكا” بعد ذلك. كانت قد نسيت ما كانت تفعله وركزت تماماً على “مييسا”، مثل كلب يشم رائحة فريسته.
“هناك شيء مريب هنا.”
هل تم كشف الأمر؟ شعرت “مييسا” ببرودة تسري في جسدها. كانت تعرف أنه كان يجب عليها أن تبتسم بشكل ساخر أو تتصرف ببرود، لكنها لم تستطع تحريك وجهها.
حدقت “مييسا” في الأرض، بينما كانت تتنفس بصعوبة. حتى الآن، لم يتمكن أحد من كشف أمرها. فلماذا الآن؟ لماذا تركت حذرها يتلاشى في هذا اليوم بالتحديد؟
كل شيء بدأ ينهار أمامها بسبب الخوف من خطر غير مؤكد. شعرت بالدماء في جسدها تتجمد، وكان جسدها يرتجف من الداخل.
بينما كانت “مالكا” تراقب بعينين حادتين، لاحظت شيئاً على كتف “مييسا” وعند عظمة الترقوة. ثم، وبحركة مفاجئة، جذبت يد “مييسا” نحوها، ولاحظت الشعر الناعم على ذراعها.
“هاه، انظري إلى هذا.”
كانت نبرة صوتها مليئة بالسخرية، وابتسمت ابتسامة شريرة.
أدركت “مييسا” أن الأمور قد خرجت عن السيطرة، ورفعت رأسها. ما رأته أمامها كان وجه “مالكا” مليئاً بابتسامة شيطانية، مشيرة إلى أنها اكتشفت كل شيء.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات