7
“المصائب تتوالى.”
كان من حسن الحظ أنه لم يتعرف عليها بسبب الحجاب الذي غطت به وجهها، لكن في الوقت نفسه،
كانت هذه الوضعية أسوأ من أي شيء آخر. بذلت “إي-سو” كل ما في وسعها لإنقاذ عنقها الذي كان على وشك أن يُكسر.
“لا! أبداً، ليس كذلك!”
“ليس كذلك؟ حسنًا، لِنسمع إذًا.”
“نعم، في الحقيقة… الأمر هو…”
وفجأة، أحست بعضلات صلبة تحت يدها. شهقت، وفقط حينها أدركت أنها كانت جاثمة فوق جسد “دو-ها” نفسه.
“آه!”
تفاجأت “إي-سو” بشدة وحاولت الابتعاد عنه. لكنها كانت مقيدة بيده التي أمسكت بعنقها، وثيابها المبللة التي التصقت بجسدها حالت دون تحركها،
فبقيت مكانها رغم محاولاتها.
“سأشرح لك، لكن دعنا نخرج أولاً.”
“لماذا؟ أتشعرين بالحرج الآن؟”
“…”
“أنا مرتاح هكذا. تكلمي.”
“الأمر هو… في الواقع، هذا هو…”
تلعثمت “إي-سو” على غير عادتها. أصبح عقلها فارغًا تمامًا، ولم تعد قادرة على التفكير. بلا وعي،
بدأت تضطرب وتحاول الإفلات منه بكل قوتها، وكل ما تفكر فيه هو أنه يجب أن تبتعد عنه بأي وسيلة.
“يبدو أنك لا تنوين الحديث إطلاقًا، أليس كذلك؟”
أسرعت “إي-سو” بهز رأسها نافية. عندها رفع “دو ها” ذقنها بيده الصلبة.
“ليس كذلك؟”
في تلك اللحظة، اشتعلت عيناه أكثر. وابتسم “دو ها” ابتسامة مشرقة للغاية.
لكن ما إن التقت عيناه بعينيها المرتجفتين، حتى اختفت ابتسامته تلك وكأنها لم تكن.
“لا خيار إذًا. إن لم تنوي التحدث طوعًا، فلن أملك إلا أن أسايرك بطريقتك.”
“نعم؟”
قبل أن تدرك ما يقصده، رفع “دو ها” الحجاب عن وجهها، ثم التهم شفتيها دون تردد.
كانت شفتا “دو ها” دافئتين إلى حد لا يُحتمل. ومع كل مصٍّ لشفتيها، كانت تشعر وكأن روحها تُسحب منها،
وقواها تتلاشى.
كان هذا الاتصال، الذي لم يسبق لها تجربته، ليس مبهجًا بل كان فوضى مطلقة. شعور ساحق لم تختبره قط.
“هاه!”
دفعت صدره بسرعة، لكن بلا جدوى. أمسكت بقبضتيها لا إراديًا. كان صلبًا كجبل، ولم يبدو أنه ينوي الرحمة.
أصرَّ على انتزاع استسلامها. وبينما كانت غارقة في خوف عميق، بدأ شعور غريب باللذة يتسلل إليها شيئًا فشيئًا.
وانهارت في حضنه، بلا حيلة. شعرت وكأنها أصبحت مكشوفة حتى روحها، بلا أي حماية. حتى لو قرر الآن السيطرة عليها تمامًا، شعرت أنها لن تستطيع المقاومة إطلاقًا.
بعد لحظات، بدأت شفتا “دو ها”، اللتان لم تكن على استعداد لتركها، بالابتعاد عنها ببطء. وعلى عكس “إي سو”،
التي كانت قد تزعزعت بالكامل، لم يظهر عليه أي اضطراب في أنفاسه.
ابتسامة متعجرفة ومضيئة عبرت شفتيه. وكأنه واثق تمامًا أنه بات الآن قادرًا على تشكيلها كما يريد.
لكن، ما إن التقت عيناهما، حتى عادت “إي-سو” سريعًا إلى واقعها. رمقته بنظرة حادة وشدت قبضة يدها بقوة.
“أتظن أنني سأدعك تفعل ما تشاء بي؟”
جسدها ارتجف بإصرارها القوي. إن كان هذا طريقه، فهي أيضًا لن تبقى بلا خطة.
“هل تظن أنك ستبقى هكذا للنهاية؟”
صادف أنها منذ أول مرة رأته، كانت شفتاه الحمراء قد جذبتها. وإن كان يحاول السيطرة عليها بالقبل، فهي أيضًا لن تتردد في الرد بالمثل.
ما دامت الشفاه قد تلاقت، فما الضرر في سرقتها مرة أخرى؟ هو من بدأ بمحاولة السيطرة عليها أولاً.
مليئة بالغضب والعزيمة، انقضت “إي-سو” عليه دون تردد. وعندما تلامست شفتاهما، شد يده على عنقها أكثر. لكنها لم تتراجع.
إن كانت قبلتها الأولى حارقة وثقيلة كاللهيب، فقد اختلف الأمر الآن. كانت قبلتها الثانية غير مألوفة،
محرجة وغير مريحة، لكن في الوقت ذاته، شعرت بالبهجة لكونها استطاعت أن تسرق شفتيه بنفسها.
وأثناء مزجها الخجول لألسنتيهما وتحسسها لأسنانه، بقي “دو ها” جامدًا بلا حركة. وكأنه يراقب تصرفاتها عن كثب.
وهذا ما زاد من عناد “إي-سو”. وكما أجبرها على الاستسلام، فهي أيضًا ستجعله ينهار.
أرادت أن ترى أنفاسه تخرج مضطربة، وأن تشهد انهيار اتزانه. وإن استطاعت رؤية هذا الرجل الجميل يفقد عقله وينهار تحت تأثير اللذة، فلن تندم على أي شيء.
لكن، كان كجدار فولاذي. حصن لا يمكن اختراقه. وبينما ظل “دو ها” جامدًا، كانت “إي سو” على وشك الانهيار من شدة الرغبة التي ازدادت كلما استمرت في التقبيل.
“ها!”
في اللحظة التي انزلقت فيها يد “إي-سو” على صدره، ومصّت شفته السفلية بلطف، أطلق “دوها” فجأة صوت أنين منخفض، ودفعها بعيدًا.
هاه، هاه.
أنفاسه، التي لم تهتز حتى لحظة، خرجت الآن مضطربة.
“أنتِ!”
علا صوته، وهو يصرخ بغضب شديد. كانت ملامحه مرتبكة، مليئة بالحيرة. عندما رأت “إي-سو” شفتيه المتورمتين،
ووجهه الذي احمر من شدة الحرارة، أدركت أنها نجحت تمامًا.
“أخيرًا!”
انتشرت مشاعر النصر على وجهها سريعًا. لم تدرك مدى خطورة ما قامت به، وقد تملّكها شعور الانتصار.
في تلك اللحظة، مرّت ابتسامة على وجه “دو ها”. كانت ابتسامة مشرقة لدرجة جعلت عمودها الفقري يقشعر.
فقط حينها، تذكرت “إي-سو” مدى خطورة هذا الرجل.
غرورها، الذي انتعش مؤقتًا لفكرة أنها نجحت في هزّه، سرعان ما تحوّل إلى خوف شديد.
“ماذا فعلت؟”
ولحسن الحظ، فإن الحجاب والضوء الخافت من المصباح حالا دون كشف هويتها حتى الآن.
كان عليها أن تهرب فورًا. “دو ها” ليس رجلًا يمكن تركه يُهزأ به ثم يُفلت منه.
حاولت بسرعة النزول من على ركبتيه، لكن “دو-ها” لم يكن من النوع الذي يسمح بذلك. حمل “إي-سو”،
التي كانت تقاوم، وخرج بها من حوض الاستحمام، ثم وضعها على الكرسي.
ثم ظل يحدّق بها بنظرات فضولية لفترة طويلة.
“تحملين في عينيك أونهِه، بحرًا فضيًا… أمر لا يليق بك.”
الكلمات التي نطق بها “دوها” بعد صمت طويل كانت غير متوقعة.
“أونهِه؟ بحر فضي؟”
“إي-سو”، التي لم تفكر أبدًا أن عينيها مميزة، انتفضت أمام هذا المديح المفاجئ.
لكنها لم تملك وقتًا للتفكير بعمق. فما لبثت أن اندفعت نحوها نظرات قاتلة لا تنسجم أبدًا مع كلماته العاطفية.
ارتجف جسد “إي-سو” وهي تقف هناك، فارغة الذهن تمامًا.
“ظننتك فتاة جريئة لن تتهزمي حتى النهاية، لكن يبدو أن لكِ نقاط ضعف.
لو كنتِ سترتجفين بهذا الشكل، ما كان عليك استفزازي بتلك الطريقة من البداية.”
“لكنني…”
“لم يعد هناك مجال للعودة. طالما أنك رغبتِ بذلك، فسأرافقك للعب بكل سرور. “
“وبما أن الأمور وصلت إلى هذا الحد، أليس من الأفضل أن تخلعي هذا الحجاب الآن؟”
وحين مدّ يده ليزيل القماش الذي غطّى وجه “إي-سو”، سارعت بالإمساك به متأخرة. حتى لو كانت ستكشف هويتها،
فليس بهذه الطريقة، وليس في هذا الموقف.
“ما زلت ترغبين في مواصلة هذه اللعبة المقنّعة؟ حسنًا، ابقي هكذا. سواء كنتِ قاتلة مأجورة أم لا،
سواء ارتديتِ هذا الحجاب أم لا، لا فرق عندي. على أية حال، قبل أن تنقضي هذه الليلة، ستكونين قد قدمتِ لي كل ما تملكينه، حتى آخر شيء.”
توردت وجنتا “إي-سو” لا إراديًا أمام النظرة المليئة بالرغبة في عينيه. و”دوها” كان يحدق بها وهو يمدّ يده ببطء.
وفي لحظة، سقط رداءها الخارجي على الأرض. عينا “دوها” لمع فيهما بريق ساخن وهو ينظر إلى بشرتها الناعمة التي كانت تظهر من خلال الملابس الرقيقة.
أغمضت “إي-سو” عينيها بقوة ثم فتحتهما. الغريب أنها لم تستطع مقاومة يده.
كان هذا الوضع خطيرًا جدًا.
هل يمكن أن تنجرف خلفه وتكشف هويتها بلا وعي؟ كانت تحاول طرد هذا الخطر من ذهنها،
متذكرة أن خصمها هو “دوها” الشرس بلا رحمة. لكنها لم تستطع. لم يكن هناك مفرّ من قبضته.
لكن في تلك اللحظة—
فووووش!
“هجوم! احموا القائد الأعلى!”
فجأة، أضاءت الأرجاء، ودوّى صوت السهام وهي تتساقط، تلاه فوضى عارمة.
تردّد “دوها” قليلًا في النظر بعيدًا عن “إي-سو”، ثم أسرع نحو الباب.
“أوه!”
في الخارج كانت الفوضى عارمة. السهام المشتعلة طارت في كل اتجاه، ونصف المبنى كان بالفعل قد غرق في النيران.
رأى “دوها” رجالًا بزي غريب يحملون سيوفًا ضخمة ويشتبكون مع الجنود. بردت نظرته فورًا.
إن تُرك الأمر على حاله، فلا شك أن القتال سيصل إلى الحديقة الخلفية قريبًا.
قام بربط “إي-سو” إلى الكرسي بسرعة، ثم ارتدى ملابسه وأخذ سلاحه. وبينما كان على وشك مغادرة الغرفة، استدار فجأة نحوها.
“لا تفكّري بالهرب. سأكشف هويتك حين أعود.”
بقيت “إي-سو” صامتة، جامدة في مكانها. وعند الباب، وضع “دوها” أحد الجنود للحراسة، ثم اختفى في الظلام.
بمجرد أن اختفى، بدأت “إي-سو” تفكّ الحبال بصعوبة، تلهث بأنفاس ثقيلة. كان جسدها متثاقلًا كقطن مبلول، لكنها لم تملك رفاهية البقاء.
“دعنا نعتبر أن شيئًا لم يحدث. نعم، مجرد حلم. هل سيعرف من أنا أصلًا؟ حتى لو حاول، سيضطر للتوقف عاجلًا.”
هزّت “إي-سو” رأسها بعزم، تحاول طرد ما حدث مع “دوها” من ذهنها.
ثم أسرعت بتفتيش الغرف الجانبية المجاورة للحمام، حتى وجدت ملابس جافة وارتدتها بسرعة.
رغم رائحة العفن، لم يكن هناك وقت للتذمر.
بلا تردد، تجنبت الجندي عند الباب، وقفزت من النافذة إلى غصن شجرة. كانت تخطط لتجاوز الجدار الخلفي والخروج من المكان.
“آآاااه!”
لكن بمجرد أن وصلت إلى أعلى الشجرة، تجمّدت أمام المشهد المروع.
كل شيء كان مشتعلًا.
رجال ضخام كقطاع الطرق يلوّحون بسيوفهم العملاقة ويطلقون السهام بلا هوادة. اختلط الجنود والمهاجمون لدرجة أنه من المستحيل تمييز من يقاتل من.
رائحة الدم والدخان تملأ المكان، والصراخ يملأ الأجواء كان الجحيم بعينه.
ثم رأت “دوها”. كان يضحك وهو يقطع عنق أحد المهاجمين بسيفه.
انغرست تلك الابتسامة في عقل “إي-سو” بوضوح لا يُنسى. “دوها”، المغطى بالدم حاملاً سيفه الكبير،
لم يكن يبدو إنسانًا بل كـ ياشا شيطان ليلي من الأساطير. كان جميلًا بطريقة غريبة، لكن بشكل مرعب لا يُوصف.
“أوهه… آآاه!”
استفاقت “إي-سو” من ذهولها على صرخة قريبة. يبدو أن القتال امتد حتى إلى الحديقة الخلفية.
شددت قبضتها على قلبها، وقفزت من فوق الجدار. لم يكن أمامها سوى هدف واحد: النجاة والهروب من هذا الذبح.
ولحسن الحظ، لم يكن هناك أي جندي خلف الجدار. يبدو أن المعركة المشتعلة بالداخل قد شغلت الجميع.
فكّرت في رفاقها و”يانغ-وو”، وركضت بأقصى ما تملك. إن لم تسرع، فلن تراهم مجددًا.
“لا بد أن الأمر سيأخذ وقتًا طويلًا حتى يسيطروا على الفوضى… أليس كذلك؟”
ربما يمكن لجنود “دوها” النخبة أن ينتصروا، لكن الخسائر ستكون كبيرة. لا يبدو أنهم سيملكون الوقت لملاحقتها.
لكن رغم ذلك، لم تستطع “إي-سو” طرد شعور غريب بالقلق، فانقبض جبينها.
تزايد قلقها، فأسرعت أكثر. كان عليها أن تلتقي برفاقها وتفرّ إلى مكان لا تصل إليه يد “دوها”.
بعض ملاحظات
💠 1. ” أونهِي.”{ “بحر فضي” }
في الأدب الكوري، يُستخدم هذا التعبير لوصف العيون المتلألئة أو اللامعة بشكل خاص،
والتي توحي بعمق وغموض. كما قد تحمل دلالة رومانسية أو سحرية.
ملحوظة صغيرة: هذا الوصف نادر وجمالي للغاية، غالبًا ما يُستخدم في سياقات شعرية أو لوصف شخصيات غامضة وساحرة.
🐉 2. { “ياكشا أو شيطان ليلي” }
الأصل: مأخوذ من الميثولوجيا البوذية والهندوسية،
يُشير إلى كائن خارق للطبيعة، بين حاكم والشيطان، يظهر غالبًا ككائن متوحش أو حامٍ للكنوز، وأحيانًا يتص
ف بالدموية أو البهاء المخيف.
في الروايات الكورية عادة، تُستخدم هذه كلمة لتصوير شخصية جميلة لكن مرعبة أو مهيبة للغاية، تجمع بين الفتنة والخطر.
⚔️ 3. السيوف العملاقة {الداي-دو}
استخدامها في النص يشير إلى أن الهجوم ليس من جيش نظامي، بل من عصابات أو قوات متمردة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 7"