كان وجهه جميلاً بانسيابية كأنه لوحة مرسومة. وكانت حركاته رشيقة وسلسة كالنمر.
لكن النظرة التي صوّبها نحو إي سو كانت باردة كالثلج، وخلافاً لما يُشاع عنه، لم يكن فيها أدنى أثر للشهوة،
بل لم تحتوِ حتى على أي مشاعر.
“لقد وصل بنا الحال إلى رؤية رجال يُدفعون إلى غرف النوم، ما هذا بحق الجحيم.”
ارتسمت سخرية على وجهه. يبدو أن الشائعات قد انتشرت بشكل كبير. كل ما فعله أنه وقف للحظة يراقبه لأنه كان يسرق علناً في السوق،
لكنه لم يتوقع أن تتطور الأمور إلى هذا الحد. بدا أن إخلاص تايسو (الحاكم المحلي) كان مبالغاً فيه لدرجة أثارت فيها الضحك الساخط.
على الرغم من أنه كان يحدق بها طويلاً، إلا أن النشالة لم تتحرك قيد أنملة. وعندما لاحظ أن الطعام على الطاولة قد اختفى، أدرك السبب.
لا شك أن غيونيونغ هو من لمس الطعام. كان هذا تصرفاً جريئاً، لكنه منطقي، فدوها كان لا يتذوق طعاماً غير موثوق به منذ أن تعرّض لعدد لا يُحصى من محاولات الاغتيال.
رغم أنه عاد تواً من الوليمة، إلا أن وجهه الخالي من أثر السُكر ظل يحدق في إي سو، ولم يمضِ وقت طويل حتى فقد اهتمامه وتوجه نحو السرير.
أغمض عينيه دون تردد، وكانت حركته في غاية الأناقة والدقة، كأنها مرسومة بمسطرة، بلا ثغرة واحدة.
“هاه!”
هل مرّ وقت بمقدار وجبة طعام؟ كان الأمر أشبه بغريزة. فقد استيقظت إي سو فجأة بفعل شعور غريب وبارد لا يُوصف.
(هل… هل نمت؟)
كانت مصدومة. حتى وإن كانت منهكة حد الموت، كيف لها أن تنام بهذه الطريقة؟ لم تكن مجرد غفوة،
بل نامت ووجهها ملتصق بالطاولة، في لحظة قد تكون فيها حياتها على المحك. ما الذي كانت تفكر فيه بحق الجحيم؟
وبينما كانت تلتفت بتوتر لتفقد الغرفة، قفزت واقفة فجأة وقد أصابها الذعر.
لقد كان هو. القائد العام العظيم، لي دوها. كان على السرير.
متى دخل الغرفة؟ حتى وإن كانت قد غلبها النعاس، فقد قضت سنوات في الشوارع، وتعودت أن تفتح عينيها غريزيًا عند أي صوت.
(لماذا لم أشعر به؟)
أن يدخل الغرفة ويتمدد على السرير دون أن تلاحظ؟ هل هو قادر على إخفاء حضوره إلى هذا الحد؟
أم أنها كانت منهكة فعلاً لدرجة أنها لم تشعر بشيء؟
(هل كان القائد العام مخموراً جداً لدرجة أنه فقد وعيه؟ لا، حتى وإن كان كذلك، فلو وجد رجلاً غريباً نائماً في غرفته لكان تصرف بطريقة ما. تركه نائماً بهذه البساطة؟ هذا مريب حقاً.)
قطبت إي سو حاجبيها، وفجأة لمعت عيناها بفكرة طرأت على بالها. ربما كان هذا جيداً. يمكنها أن تختبئ بهدوء في أحد الأركان دون أن تلفت الانتباه،
ثم تخرج بعد نحو نصف ساعة.
لا حاجة لإطعامه خمراً ممزوجاً بمنوّم، ولا حاجة للقتال معه وإهدار طاقتها. ما دامت لن تُكشف هويتها،
فلن تثير غضب السوق أيضاً. فقط تقوم بتنفيذ المهمة، وتخرج من الباب الأمامي بفخر.
ثم تغادر أوجوسونغ (اسم المدينة) لتلتحق بعصابتها. حتى لو اكتشف تايسو لاحقاً هويتها أو أنها لم تخدمه في الفراش، ستكون قد ابتعدت كثيراً.
(إذا بحثت قليلاً، سأجد الأطفال. وزعيم العصابة يملك بعض الفضة، لذا سنعيش كيفما اتفق لبعض الوقت.)
بمجرد أن اتخذت قرارها، شجّعها كون دوها قد أغلق عينيه، فتقدّمت نحوه قليلاً. كانت تخطط لتظاهر بأنها أنجزت المهمة، فتخلع ملابسه قليلاً وتعبث بالسرير.
ولكن ما إن اقتربت منه ورأت وجهه عن قرب، حتى نسيت تماماً ما كانت على وشك القيام به.
(يا إلهي! هل هذا إنسان؟ لا، لو قال أحد إنه إله سماوي، لصدقته!)
كأنه خرج من لوحة فنية. حاجباه الداكنان وبشرته البيضاء الناصعة بدت أنقى من النساء وأكثر جمالاً.
حتى رداءه الأسود الخالي من أي زخرفة لم يتمكن من إخفاء جماله. رغم أنه كان ممدداً على السرير باسترخاء،
إلا أن فوضويته تلك بدت في غاية الروعة لدرجة أنها أثارت الإعجاب.
كان هناك رجال كثيرون في أوجوسونغ يتمتعون بمكانة ونسب، لكنهم جميعاً لا يصلحون حتى أن يُقارنوا بغباره.
(القائد العام أوسم منهم بعشرات، بل مئات المرات! كانت نساء السوق يقلن إنهن لا يعشن من وجه الرجل، لكن لو كان لديهن هذا الوجه، لَعِشن عليه سنوات دون ندم!)
ظلت إي سو تتأمله بذهول لفترة طويلة، ولم تُدرك إلا بعد مضي وقت ما كانت تخطط له. ترددت قليلاً،
ثم بدأت تخلع ملابسه بعناية، وكشفت عن صدره، وعبثت بالسرير والأغطية.
لحسن الحظ، بدا أن دوها كان مخموراً فعلاً، فلم يستيقظ. وبعد أن أنهت ما كانت تنوي فعله،
تراجعت دون وعي، لكن وقعت مرة أخرى في حالة من الذهول. أن يكشف المرء عن صدره فقط، فيتغيّر بهذا الشكل؟ لا يُصدّق.
شعرت وكأنها قامت بإفساد كائن سماوي نقي بيدها.
غمرها إحساس غريب بالإغراء المنبعث منه، فاحمرّ وجهها دون أن تدري. “حقاً، الشخص المميز يظل مميزاً مهما كان حاله.”
كانت هذه الحقيقة الأبدية تطرق قلبها لأول مرة بهذه القوة.
“يا له من رجل وسيم بشكل مزعج.”
تمتمت بها دون أن تدرك حتى أنها نطقت بما تفكر فيه. وعادت تنظر إليه مطولاً. رغم أن حاجبيه كانا مرتبين،
إلا أن شفتيه الحمراء التي تشبه ثمرة ناضجة جذبت عينيها. كانت هذه أول مرة ترغب فيها بشخص، لا بشيء.
“هاه؟”
كانت غارقة تماماً في تأملها حين لمحت فجأة الجوهرة المعلقة على خصر القائد العام، فعادت إلى وعيها أخيراً.
وبنظرتها الحادة المدربة التي اكتسبتها من سرقة أشياء كثيرة، عرفت على الفور أنها قطعة ثمينة.
(يبدو نائماً بعمق، فهل يمكنني فقط… لا، لا. لا تطمعي في أشياء لا داعي لها.
كيف ستتحملين العواقب؟ الهروب الآمن هو الأهم الآن.)
بصعوبة صرفت عينيها عنه، وتسللت بهدوء إلى أحد الأركان، واختبأت في الظلام. كانت ترغب بالخروج فوراً،
لكنها عرفت أن الانتظار قليلاً سيمنع الحراس من الشك.
ومرت الدقائق. وبعد حوالي نصف ساعة، نهضت إيسو ببطء.
ثم جمعت الطعام على الطاولة بسرعة ولفّته داخل قماش الحرير المزخرف، وسكبت الخمر الممزوج بالمنوم،
واحتفظت بالزجاجة فقط. كما لم تنسَ سرقة بعض الأشياء التي رأتها عندما كانت تبحث عن المقص سابقاً.
وأخيراً، أمعنت النظر مرة أخرى في الرجل النائم على السرير كمن يتلذذ بالنظر إليه، ثم خطت بخفة نحو الباب وغادرت بسرعة.
لكن إي سو، في النهاية، لم تستطع مغادرة الغرفة، وتوقفت عن المشي. المشكلة كانت في أنها عبثاً نظرت إلى جوهرة دوها،
لا، إلى دوها نفسه، في اللحظة الأخيرة. لم يحدث قط أن نظرت إلى شيء ثم تركته خلفها.
(ذاك القائد العام هو أكثر ما أريده، لكن لا يمكنني سرقة شخص، لذا… هل آخذ تلك الجوهرة؟
إنه نائم بعمق إلى هذه الدرجة، فهل سيلاحظ؟ حتى لو كان معي فضة، عندما أغادر أوجوسونغ، سأحتاج إلى كل عملة.
تلك الجوهرة وحدها تكفي ليأكل جميع أفراد عصابتي دجاجة كاملة لكل منهم، ويعيشوا برفاهية لشهر أو اثنين، أليس كذلك؟)
بما أن قلبها قد مال بالفعل إلى هذا القرار، لم يبقَ سبب للتردد. فالقائد العام من النبلاء، لا بد أن يملك الكثير من مثل تلك الجواهر.
أطلقت إي سو العنان لمهاراتها التي صقلتها في السوق، واقتربت بخفة من السرير دون أن تصدر أدنى صوت. كانت تنوي أن تخطف الجوهرة بخفة وتهرب.
(هاه! نجحتُ…)
تماماً كما توقعت، نجحت في الإمساك بالجوهرة، وبينما كانت على وشك أن تهتف فرحاً بصمت، تجمدت في مكانها، وجهها شاحب كالثلج.
عينان سوداوان داكنتان، لا تدري متى فُتحتا، كانتا تحدقان فيها مباشرة.
“هاه!”
في اللحظة التي التقت فيها أعينهما، ارتجفت ركبتيها. لو كان دوها وهو مغمض العينين مثل إله أنيق متعالٍ، فإنه عند استيقاظه بدا كشيطان شرس من العالم السفلي.
“هل أنهيتِ ما جئتِ من أجله؟”
“ذا… ذلك… أعني، الأمر هو…”
دَرْج! سُمع صوت سقوط اللفة التي كانت تحتوي على الطعام. فقدت قوتها بالكامل، وركبتاها لم تعودا تتحملانها.
حتى وإن قُطع رأسها في هذه اللحظة، لما كان لديها ما تقوله.
“آآ… ذاك…”
عندما نهض دوها فجأة، تراجعت إي سو بسرعة، تاركة الجوهرة من يدها. لكنها لم تستطع التراجع أكثر.
شعرت أنه لو خطت خطوة إضافية، فستتمزق بين يديه.
“لو كنتِ غادرتِ بهدوء، لكنت تجاهلت الأمر وسمحت لكِ بالذهاب…”
“…”
“لكن، كما توقعت، لم تستطيعي أن تتجاوزي الأمر.”
“نعم؟”
بوضوح، كانت تلك أول مرة يلتقيان فيها. لكن حديث دوها أوحى وكأنه يعرفها جيداً.
“هاها!”
قبل أن تزول حيرتها، انفجر دوها ضاحكاً. وفي تلك اللحظة، نسيت إي سو وضعها تماماً وتاهت في عالم آخر.
(يا إلهي، أيّ نوع من الرجال هذا…؟)
أين يُوجد رجل كهذا؟ فجأة، شعرت أن كل نية للمقاومة قد تلاشت.
كأن مئات الآلاف من زهور الورد قد انفجرت في التفتح أمام عينيها، حتى الهواء كان مشبعًا بإغواء غريب.
تمالكت قلبها المتسارع بالكاد، وأبعدت نظرها عنه، ثم أخذت نفساً عميقاً.
قالوا إن النساء في العاصمة لا يستطعن صرف أعينهن عندما يمر القائد العام، وإن حرف “دو” في اسمه يدل على العطر. لم تكن تلك مزحة إذًا.
هل حقًا هزم البرابرة في الحدود فقط بوجهه؟ بهذا الوجه، قد يكون ذلك ممكناً.
فجأة، بدأت تشك في كل القصص البطولية التي سمعتها عن دوها طوال الوقت.
“هل انتهيتِ من التأمل؟”
“ن… نعم؟ هاااه!”
صوت حاد أعادها إلى وعيها. أدركت فجأة مدى غبائها أمام دوها، فهالها الموقف.
نظرت حولها بسرعة، ثم أمسكت بالخنجر الذي كان دوها قد رماه جانبًا،
وأخرجت المقص الذي كانت قد أعدته مسبقًا وأحكمت قبضتها عليه.
كانت تعلم أنه لا يمكنها أن تهزمه بهكذا أشياء. لكنها لم تكن تستطيع الوقوف مكتوفة الأيدي دون مقاومة على الإطلاق.
لكن دوها لم يحاول منعها. كان يحدق فقط بهدوء في الخنجر والمقص في يديها. وحين مرّ ابتسام خفيف على وجهه مرة أخرى، تجمدت إي سو من شدة التوتر.
“آه…!”
في تلك اللحظة، سُمِع صوت تأوه خافت من الخارج. بدا كصوت قتال أو ربما هجوم. كان الصوت منخفضًا جدًا بحيث أن أي شخص آخر كان سيتجاهله على الأرجح.
لكن دوها لم يكن كباقي الناس. حتى قبل أن تتحرك إي سو، أدرك فوراً أن هناك أمرًا مريبًا. وفجأة، ركض نحوها وركلها بقوة دافعًا إياها إلى أحد أركان الغرفة.
دَوِي! قبل أن تستوعب ما حدث،
فُتح الباب فجأة واقتحم الغرفة حوالي عشرة مقاتلين.
حين رأى المقاتلون دوها واقفًا، ترددوا للحظة. بدا أن الوضع لا يتطابق تماماً مع توقعاتهم. لكنهم سرعان ما أدركوا أنه لا مجال للهرب، فطوقوا دوها بسرعة.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 3"