“ماذا؟ تريد أن يُنقل الزعيم ويانغ وو إلى حديقة القصر الإمبراطوري إذا تم القبض عليهما؟”
“نعم. لقد أصدرت أوامري بالفعل للعثور عليهما. فقط أرسل رسالة حمامة وأضف فيها أن يُنقلا إلى الحديقة الإمبراطورية بمجرد الإمساك بهما. أريد استعادة الفضة، وأما هما، فأرسلهما فورًا إلى هناك.”
“لكن… الحديقة الإمبراطورية؟ ماذا لو علم ذلك الفتى؟”
“وإن علم، فما المشكلة؟ الصفقة بيني وبين إيسو لم تكن بشأن الانتقام، بل بشأن الفضة. لقد قال إنه سيتبعني إن أعدت له الفضة. وقد وعدتُ، وسأفي بوعدي.
أما الانتقام… فهو شأنه، لا دخل لي به. هو من قال إنه سيتدبر أمره بنفسه، لذا سأدعه يفعل.”
انحنى غيون ريونغ برأسه بتعبير حائر، وكأنه لا يزال لا يفهم لماذا عليهما أن يُرسلا إلى الحديقة الإمبراطورية.
ولم يحاول دوها أن يشرح له أكثر.
إن عاش إيسو طويلًا، فقد يكونا في المستقبل دافعًا قويًا له في الوقت المناسب. وإن لم يعش، فهما لا يهمّان.
مجرد احتمال آخر لشخصين قد يصلحان كجنود في المستقبل.
بالنسبة لـدوها، الزعيم ويانغ وو كانا أيضًا “مواهب” من نوع ما. وإن تم تدريبهما جيدًا، فسيصبحان قوة لا بأس بها.
صحيح أن مفهومهما للمواهب يختلف عن البقية، لكن المكر والدهاء يعنيان أيضًا الذكاء والقدرة على التخطيط.
وإن تمكنا من النجاة واجتازا التدريب، فلا مانع من استخدامهما.
“استعدوا للتحرك.”
بدأت الأحصنة والجنود في التحرك دفعة واحدة، وسرعان ما اختفى صوت البكاء القادم من العربة.
لكن الغريب أن صوت البكاء بقي يتردد في أذني دوها، كأنه لم يتوقف أبدًا.
بين لحظة وأخرى، عبس وجه دوها، لكنه لم يتوقف أو يلتفت.
فالتعاطف غير المجدي قد يصبح سُمًّا. يمكنه مواساته ليوم واحد، لكنه لا يستطيع أن يربت على كتفه لأشهر أو سنوات.
إيسو كان وحيد حتى الآن، وسيظل وحده لفترة طويلة.
إن لم يستطع تجاوز شيء كهذا، فلن يكون جدير بيد دوها التي مُدت له.
………
استغرق وصول جيش دوها إلى العاصمة ثلاثة أشهر. أي بتأخير عشرة أيام عن التقدير الأولي.
عاد الجنود المجندون إلى مواقعهم، ولم يتبقَ مع دوها سوى حرسه الخاص وبعض الجنود التابعين لنبلاء العاصمة.
أقام وليمة كبيرة لمن تبقوا من جنوده، ثم أمرهم بالتخييم خارج المدينة، ودخل هو ومعه مئة جندي من النخبة وعدد من القادة إلى العاصمة.
وكانت إيسو في إحدى العربات معهم.
استفاقت إيسو من نومها القصير على صوت هتافات صاخبة، فهبت جالسة. بدا أن ثمة شيء غير عادي يحدث.
أول ما استقبلها حين فتحت النافذة كان نسيم بارد وجاف.
مقارنةً بالهواء البارد في “أوجوسونغ”، كان هذا الهواء مختلفًا.
في “أوجوسونغ” كان في البرد قليل من الدفء، أما هنا، في العاصمة، فقد كانت البرودة قاسية كالجليد، إذ أن الشتاء بالكاد انقضى.
ارتعشت وجنتاها من الصقيع، وشعرت باليقظة التامة. نسيم العاصمة البارد بدا وكأنه ينبهها بأن المستقبل أمامها مجهول كليًا.
وانهمرت دموعها دون وعي منها.
“واااه!”
لكن صيحات الترحيب الصاخبة خارج العربة أخرجتها من تلك الحالة، وسرعان ما نسيت ما كانت تفكر فيه.
انفجرت الألعاب النارية بلا توقف، وتطايرت الرايات والزينة الملونة في كل الاتجاهات.
وسط الزحام، ترددت أصوات الناس وهم يهتفون باسم دوها. البعض ألقى بتلات الزهور على الطريق المبلط بالحجر الأزرق، يبتسمون بسعادة غامرة.
المحلات كانت مصطفّة بلا نهاية، ومزينة بالزهور والحرير، تعرض بضائعها بأسعار مخفضة احتفالًا بعودة المنتصر.
حتى الحانات الحكومية الشهيرة أسرعت بتسمية أطباق خاصة على اسم دوها وبيعها.
اختلفت الطرق، لكن الجميع كان يحتفل ببطل البلاد.
“واو، لا عجب أنها العاصمة، حيث يسكن الإمبراطور. بالمقارنة، ‘أوجوسونغ’ التي كنت أعيش فيها لا تُذكر على الإطلاق!”
فكرت إيسو بدهشة. لأول مرة، شعرت أن لقائها بـ دوها ربما لم يكن مجرد مصادفة، بل فرصة عمر.
كانت مجرد نشّالة تتسكع في أزقة “أوجوسونغ”، والآن، ها هي ترافق دوها، نبيل العاصمة المقرّب من الإمبراطور نفسه. هذا لم يكن حتى في الأحلام.
“تبا… كل شيء رائع، لكن كلما فكرت في ‘يانغ وو’ والزعيم، شعرت بانزعاج.”
بينما كانت إيسو منشغلة بتأمل السوق الصاخب، عبست فجأة؛ إذ لم تعد المناظر في الخارج تدخل ضمن مجال رؤيتها.
إلى أين ذهبوا؟
حسب قدرات دوها، كان من المفترض أن يُقبض عليهم منذ فترة. لقد كان أمرًا يُفترض أن يُغلق وينسى.
لكن على عكس التوقعات، لا يزال لا أثر لـ”يانغ وو” والزعيم.
لم يظهروا حتى في المدينة التي كان من المفترض أن يلتقوا فيها بالعصابة، وحتى تتبع آثارهم لم يسفر عن شيء.
دوها وسّع نطاق البحث من جوار “أوجوسونغ” ليشمل جميع أنحاء مملكة “داميانغ”، لكن بلا فائدة.
رغم أنها لم تكن ترغب في الاعتراف بذلك، بدا أن الأمر قد يتحوّل إلى مطاردة طويلة الأمد.
حاولت إيسو كبح شعورها بالقلق. كانت تودّ أن تثور، تصرخ لماذا لا يوجد أي خبر حتى الآن، أو تتهمهم باللعب الحيل، لكنها كانت تعلم أن ذلك لن يُجدي.
لم تكن تملك شبكة المعلومات أو الأفراد الذين يملكهم دوها. ومهما طوّرت قدراتها، فلن تستطيع مجاراته
وإن خرجت للبحث وحدها، فقد لا تجد حتى ظل الزعيم ما بقيت على قيد الحياة.
في الوقت الحالي، كان دوها أملها الوحيد.
طمأنت نفسها بأنها ستعمل تحت إمرته مؤقتًا، وتنتظر الأخبار.
إنه فقط مسألة وقت. طالما وعد دوها باستعادة الفضة، فلن يتمكنوا من الاختباء طويلًا.
بعد نحو ساعة من السير المتواصل، بدأت العربة تُبطئ سرعتها تدريجيًا، ثم توقفت تمامًا.
وقبل أن تتمكن إيسو حتى من ترتيب أفكارها، فُتح باب العربة.
“انزل.”
كانت العربة عالية جدًا ولا تحتوي على منصة للنزول، ومن كان حولها منشغل بأعماله لدرجة أن أحدًا لم يساعده.
وبينما كانت تستجمع عزيمتها للقفز، امتدت يد كبيرة نحوها فجأة.
“يبدو أنكَ بحاجة للمساعدة، خذ.”
كان غيون ريونغ.
انحنت إيسو شاكرة له، ثم نزلت من العربة بمساعدته. حينها، قال دوها بوجه جامد:
“غيون ريونغ، جلالة الإمبراطور ينتظر، لا وقت نضيّعه. بدل ملابسك سريعًا وتعال معي إلى القصر. أما أنت، أيها الخادم، فهذا الفتى سيرسل إلى الحديقة الإمبراطورية خارج العاصمة. أعطه غرفة في الجناح، وقدّم له طعامًا.”
“نعم، سيدي.”
للمرة الأولى، لاحظت إيسو الرجل الذي كان جاثيًا أمام دوها. رغم كونه خادمًا، كان يرتدي ملابس حريرية فاخرة، تجعله يبدو كربّ عائلة نبيلة صغيرة.
بينما كانت تتلفّت بدهشة، وقعت عيناها على المبنى أمامها.
من النظرة الأولى، بدا قصرًا هائلًا.
باب ضخم، قرميد زجاجي أخضر داكن يكسو السقف، وجدران مزخرفة بحواجز حجب الزينة—كلها عناصر لم ترَ مثلها من قبل في “أوجوسونغ”.
“يا إلهي، انظر إلى هذا الباب وهذه الزخرفة! إذا كان الباب بهذا الحجم، فكم يكون حجم القصر؟ يبدو أن هذا القائد الأعلى ثري فعلًا! حسنًا، هو نبيل ومقرب من الإمبراطور، لذا من الطبيعي أن يكون غنيًا.”
أدركت حينها أنها لا تعرف عن دوها سوى أنه نبيل مرموق ومحارب شهير.
“لا بأس. من الجيد أن من أتبعه غني. طالما أنا بجانبه، فلا بد أن يُصيبني بعض من خيره.”
بينما كانت تنشغل بتأمل الباب والمنطقة، سار دوها إلى الداخل بخطى واثقة دون أن ينظر إليها، وتبعته إيسو بعد لحظة.
كانت بوابة مقر القائد الأعلى مختلفة تمامًا عن تلك الموجودة في “أوجوسونغ”، إذ كان عليها أن تصعد عشر درجات قبل أن تعبرها.
ومع كل خطوة، كان قلبها يخفق مزيجًا من الإثارة والتوتر، وكأنها تعبر من عالم إلى عالم آخر، من الأرض إلى السماء.
عندما عبرت العتبة، تساءلت فجأة بصوت عالٍ:
“لكن، ماذا تقصد بـ‘الحديقة الإمبراطورية’؟”
استدار دوها بوجه بلا تعبير، وحدّق بها. رغم نظراته الحادة، لم تتراجع إيسو وطالبت بإجابة.
مهما كان مخيفًا، فهذه مسألة تمسّ مستقبلها. كان لا بد أن تعرف.
وبعد صمت طويل، تحدث أخيرًا:
“سأشرح لك عندما أعود. لكن، بما أننا عقدنا صفقة، فليس لك حقّ الاختيار.”
“آه! نعم، طبعًا، بالطبع…”
“اذهب إلى غرفتك. لا تخرج منها دون إذن.”
رغم أنها توقعت أن يتجاهل سؤالها تمامًا، فقد أجاب—ولو بشكل مبهم. المشكلة الوحيدة أنها لم تعرف شيئًا جديدًا.
عضّت إيسو شفتيها عندما سمعت صوته الخالي تمامًا من أي دفء، ثم أومأت برأسها متنهّدة.
“أجل، لو كان فيه قليل من اللطف، ل
ما تركت نساء العاصمة له شبرًا واحدًا! وجهه يخطف الأنفاس، لكن ما إن يتحدث، تستفيق على الحقيقة المرة!”
دوها لم يلتفت إليها مطلقًا، وسار مع الخادم باتجاه المبنى الرئيسي.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات