دخلت روديلا غرفة النوم بخطوات حازمة كفارس يتّجـه إلى الحرب.
طق!
أغلقت الباب بعنف متعمد، لكن ليس بقوة كبيرة، بل قليلاً فقط.
‘ألـم تكـن تستيقظ حتى على أصغر الأصوات؟’
خوفًا من أنه قد يكون نائمًـا بالفعل، اقتربت روديلا بحذر داخلَ الغرفة.
وقفت أمام السّرير حيث كان آيفرت مستلقيًا.
جلست فجأةً بجانبه، بينما كان يبدو نائمًا بعمق دون أدنى حركة.
في اللّيالي القليلة الماضية، كانت تنظر إليه هكذا ثم تنـام.
كانت تنتظر، بصمت، أن يتحدّث إليها أو أن تلتقي نظراتهما.
لكنه كان ينام، ثم يختفي في الصّباح قبل أن تستيقظ.
لو أغمضت عينيها و استلقت بجانبه اليوم، لاستقبلها صباح مشابه للأيّـام السّابقة.
“…..”
أخذت روديلا نفسًا عميقًا.
ثم سألت، بخلاف الليلة الماضية:
“هل أنـتَ نائـم؟”
‘أنـتَ الذي تستيقظ حتى على صوت حركة الملابس؟!’
“…..”
لكن آيفرت لم يجـب.
اقتربت منه أكثر و سألت:
“أنـتَ نائـم حقًّـا؟”
حتى عندما اقتربت من ظهره مباشرة، لم يـردّ.
نظرت إليه و هو يتنفس بهدوء، ثم أمالَت وجهها أمام وجهه مباشرة.
حاجباه الطويلان المرتبان و شفتاه الخاليتان من التعبير.
كان دائمًا ينام مستلقيًا على ظهره، لكنه بدأ ينام على جانبه منذُ وقتٍ ما.
‘منذُ متى بـدأ بذلك؟’
ضيّقت روديلا عينيها.
‘ربّما… منذُ تلكَ اللّيلة التي عـدت فيها من المستشفى.’
نعم، منذُ ذلكَ الحين.
“…..”
نظرت إليه و هو نائم بلا رد، ثم سألت:
“هل أنـتَ غاضب منّـي بشأن شيءٍ ما؟”
ظلّت بلا إجابة.
أغلقت روديلا شفتيها بإحكام في خطّ مستقيم.
شعرت بانقباض في صدرها و هي تراه ساكنًا دونَ أي حركة.
‘إذا كنـتَ مستاءً من شيء، ألا يمكنكَ قوله فقط؟ لمـاذا؟’
“هل ارتكبتُ خطأ ما؟”
اعتقدت روديلا أنها غاضبة.
‘أصبحَ هذا الرّجل يتجنّبني فجأةً دونَ سبب!’
دخلت الغرفة و هي تفكر بثقة، لكن عندما بدأت تتحدث،
غمرها شعور بالحزن بشكلٍ غريب.
“ها…”
شعرت أن صوتها قد يحمل نبـرة بكاء، فأخذت نفسًا عميقًا.
كرهت أن تُظهر صوتها المرتجف، فابتعدت عنه قليلاً.
ثم قالت، محاولةً أن تبدو واثقة:
“يبدو أنّـكَ تتجنّبنـي عمـدًا. لماذا تفعل ذلك؟”
لكن على الرّغمِ من سؤالها الواثق الذي بذلت جهدًا لطرحه،
كان إيفرت نائمًا بعمق، يتنفس بهدوء.
كان نائمًـا دونَ أي حركة، حتى بدا أنه…..
“هل أنـتَ نائم ، حقًا؟”
‘يبدو أنه سينهض و ينظر إليّ في أي لحظة.’
لكنّه ظـلّ نائمًـا.
حتى بعد أن نظرت إليه طويلاً، بقي على حاله.
“أنـتَ تنام جيدًا، حقًا…”
عضّت روديلا شفتيها.
‘حسنًا، حتى لو استيقظَ الآن، لن يرى سوى هذا المظهر.’
ضغطت على زوايا عينيها بقوة، كأنها تكبح دموعها.
‘حسنًا، لم يحـدث شيء.’
‘لم أبـكِ.’
استدارت روديلا و ظهرها له على السرير.
بقيَ فراغ واسع بينهما على السرير.
شعرت أن هذا الفراغ بارد بطريقةٍ ما، فأمسكت روديلا بالغطاء بقـوّة و عانقتـه.
“إذا كنـتُ قد جعلتـكَ تشعر بالضّيق، فأنا آسفة.”
أعـرف. عندما أدركت مشاعري تجاهكَ، كان هذا أول ما قلقت بشأنه.
إذا بدأتُ أراكَ أكثر من مجرّد صديق، و إذا حدثَ و تخاصمنا يومًا ما،
ربّما لن نستطيع حتّى أن نبقى أصدقاء مدى الحياة.
لقد قضيتُ معكَ وقتًا أطول مما عشتـه دون معرفتكَ.
كنتُ خائفة من أن تختفي فجأةً من حياتي، لذا حاولتُ إخفاء مشاعري.
لكن، هل لاحظـتَ ذلك؟ هل جعلكَ ذلك تشعر بالضيق؟
إذن__
“لن أفعل ذلك.”
عانقت روديلا الغطاء بقوّة أكبر و قالت:
“مهما كان السّبب، سأعاملكَ كالمعتاد.”
رغبتـي في أن أكون أقرب إليكَ، شعوري بالانزعاج حتى من رؤيتـكَ تلامس امرأة أخرى،
أنا التي أصبحت غريبة بسببِ كل ذلك.
حلمتُ حلمًـا غريبًـا حيثُ جئـتَ مع امرأة غريبة تحمل دعوة زفاف، و شعرتُ بالسّوء شديد.
لن أفعـل ذلكَ بعد الآن.
لن أُظهـر أيّ علامـة.
سأحاول كبح ذلكَ أكثر.
لن أنظـر إليكَ حتّى.
لـذا__
“من الغـد، عاملني كالمعتاد. أنا… أريد أن أظـلّ على علاقةٍ جيّـدة معـكَ.”
خرج صوتها كشخصٍ أحمق، لكن ذلكَ لم يهم.
‘إن كنتَ نائمًا، فلن تسمع هذه الكلمات على أيّ حال.’
“كأفضل صديقة لكَ. و إن لم يكن ذلكَ ممكنًا…”
أخذت نفسًا قصيرًا.
“حتّى لو كصديقة فقط.”
تكوّرت روديلا على نفسها و أغلقت عينيها.
ثم غطّت وجهها بالوسادة خلسة.
خشيت أن يرى إيفرت، عندما يستيقظ غـدًا، عينيها المتورّمتين.
* * *
تردّدت أنفاس مشبّعـة بالبكاء، ثم هدأت تدريجيًا لتصبح تنفسًا عميقًا.
خلال ذلك، عانقت الغطاء عدّة مرّاتٍ بقوة، و دفنت وجهها في الوسادة، و مسحت وجهها.
“أيّها الوغد.”
تمتمت بذلكَ أيضًـا.
وعندما سقطت الوسادة من يدها أخيرًا بعد أن غطّـت في نـومٍ عميق__
“…..”
فتـحَ إيفرت عينيه.
‘إذا كنتُ قد جعلتـكَ تشعر بالضيق، فأنا آسفة. لن أفعـل ذلك.’
تذكّـر صوتها الباكي، فشعـرَ أن أنفاسه تتوقف.
لم يكن يتظاهـر بالنوم فحسب، بل أراد أن يفتح عينيه على الفور.
كما في أحد أيام الأكاديمية، أراد أن يسأل:
“مَـنْ الوغد الذي جعلكِ تبكيـن؟”
لكنه لم يكن بحاجةٍ إلى السّؤال.
لأنه هو مَـنْ جعلها تبكـي.
“…..”
أراد أن يلتفت إليها، أن يعانقها، أن يقول أنّها ليست مخطئة.
‘فقط…’
‘خشيتُ أن أتجاوز الحدود.’
عـضّ إيفرت شفتيه حتّى كادت تنزف.
على الرّغمِ من أنني كنتُ أعرف دائمًا أنني لست جزءًا من المستقبل الذي تحلمين بـه، كنتُ أتوقّـع منـكِ شيئًا حسب رغبـاتي، ثـم ابتعدتُ فجأةً.
لأنّني، دونَ أن أدرك، اقتربتُ منكِ كثيرًا، و شعرتُ أنّني سأعانقـكِ و أقبّلكِ في أيّ لحظة.
كنتُ خائفًا من أن أفعـل شيئًا لا ترغبيـن بـه،
لذلك__
“هـا…”
مثلما قالت روديلا مشاعرها مرّةً واحدة ظنًّـا أنه نائـم،
أراد هو أيضًا أن يقول:
‘أنا أحبـكِ.’ أراد أن يقولها مرّةً واحدة فقط.
لكن بما أن تلكَ الكلمات لا يمكن التراجع عنها إذا نطـق بها، كبـحَ أنفاسه.
كانت ليلة صاخبة، حيث كان قلبه ينبض بعنف و صوتها الباكي يتردّد في ذهنه كبقايا صورة.
* * *
في اليوم التالي،
جلست روديلا في المكتب، محدّقة في الجهة المقابلة.
لحسنِ الحظ، لم تتورم عيناها كثيرًا، فتمكنت من طمأنة الفرسان القلقين بشأنِ حالتها.
في تلكَ اللحظة، كانت هناك أكوام من الوثائق تنتظر المعالجة في المكتب.
لكن روديلا لم تنتبه لذلك.
كل ما لاحظته هو المقعد الفارغ المقابل، الذي فقـدَ صاحبه.
على الرّغمِ من أنها تشارك المكتب مع آيفرت، إلا أنه لم يأتِ إلى هنا منذُ فترة.
في هذه المرحلة، لم تعد تهتم بما قاله في تقريره عن قضية الطائفة المزيفة.
‘لم يسمع بكائي بالأمس، أليس كذلك؟ حسنًا، كان نائمًا بعمق لدرجة أنه لن يشعر حتى لو حرّكته!’
“ما خطبـه؟”
‘هل جعلته يشعر بالضيق حقًّـا؟’
أمسكت روديلا قبضتها بقوّة.
‘لم يكن لدي حتّى الوقت لجعله يشعر بالضّيق… أم أنّني فعلت؟’
تذكّرت النساء اللواتي كـنّ يأتين حوله.
لم تتحدث إليهن، فقط كانت تنظر إليهن.
‘هل كان ذلكَ واضحًا إلى هذا الحـدّ؟’
“حسنًا، لقد نظرتُ قليلاً فقط، فماذا في ذلك؟”
‘لكن هل النّظـر يستحقّ كل هذا التجنب؟’
‘هل يتجنّبني لأنه يشعـر بالضيق حقًّـا، أم…’
لو كان آيفرت المعتاد، لقـال مباشرة إذا كان شيء يزعجه، و لم يكن ليتجنّبها هكذا.
لكنه الآن يرفض حتى مواجهتها دون أن يتكلّم.
” على الأقل ، لو أخبرني ما المشكلة حقًّا.”
آيفرت الذي تعرفه لم يكن شخصًا يتجنّب المواجهة دونَ كلام.
‘هل هناك سبب آخر؟’
‘لا، لو كان هناك سبب، لكان قد تحدّث، أليس كذلك؟’
في النهاية، أزاحت روديلا الوثائق التي لم تستطع التركيز عليها و دفنت وجهها في المكتب.
في تلكَ اللّحظة__
طق طق.
“المسؤولة العامّة، وصلت رسالة.”
جاءَ صوت أحد الفرسان من الخارج.
كان أحد فرقة الفرسان الزّرق الذين يحيطون بها بحراسة مشددة حتى اليوم.
فكّرت أن تقول له أن يترك الرسالة، لكنها شعرت أن ذلك ليسَ صحيحًا، فقامت من مكانها.
عندما فتحت الباب ببطء، توقّف الفارس لحظة.
“هل تشعرين بألمٍ في مكانٍ ما؟”
“لا.”
‘لا؟ ربّما قلبي يشعر ببعضِ الفراغ.’
لكنها لم تستطع أن تمسك بالفارس و تقول إن آيفرت يتجنّبها، خوفًا من إثارة شائعات عن خلاف بينهما، فأخذت الرسالة فقط.
“شكرًا.”
أغلقت روديلا الباب بعد أن شكرت الفارس الذي سلّمهـا الرسالة.
ثم تحقّقت من اسم المرسل.
[من داميان فون غراي بينريكس]
“ماذا؟”
شعرت روديلا و كأن عقلها توقّف للحظة.
‘دوق بينريكس؟’
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 96"