في الظروف العادية، كان آيفرت سيصـرّ على الذهاب معًـا، حتّى لو قالت إنها لا تريد.
“إذا ذهبتُ لوحدي، سـأوبَّـخ فقط.”
“أليس ذلكَ لأن طريقة تقريركَ… فريدة نوعًا ما؟”
لم تكن هذه المحادثات نادرة فقط—بل كانت تحدث أكثر من مـرّة.
لكن الآن، كان آيفرت يصرّ على الذهاب بمفرده، و كأن ذلكَ أمر طبيعيّ جـدًّا.
بالطّبـع، قد يحدث ذلك.
يمكن لنائب القائد أن يذهب بمفرده لتقديم التقرير إلى القائد.
لكن—لماذا شعرت بالغرابة؟
“ارتاحي.”
في اللّحظة التي مـرّت فيها أفكار لا حصر لها بذهنها، أمسكَ آيفرت معطفه و غـادر.
“سأراكِ في المرّة القادمة”، قالت ضابطة التفتيش و تبعتـه خارجًا.
عندما تُركـت وحيدة في المكتب الفارغ، رمشَت روديلا بعينيها.
شعورٌ غير مألوف جعلَ قلبها يخفق.
—كليك.
خارج باب المكتب، أطلـق آيفرت تنهيدةً قصيرة.
شعـرَ و كأنه قد ركض للتّـو—بينما كان يحاول بيأس كبح أنفاسه المتقطعة.
“لوحدك؟”
‘طريقة سؤالكِ، التي بدت محتارة. هل بدوتُ غريبًـا بالنّسبة لكِ؟ ربّما بدوتُ كذلك. لكـن…’
‘إذا لم أستطع الوقوف بجانبـكِ لحمايتـكِ… إذا كنـتِ تريدين وضع مسافة بيننا و أن تحلمي بمستقبلـكِ الخاص… فأنـا، بصفتي سيّـد رويدن، لسـتُ سوى عائق يبعـدكِ عن ذلكَ الحلـم.’
لأنّـه كان يعرف ذلك…
“…..”
عـضّ شفتيه بقوة.
كان لا يزال يحـبّ روديلا.
لكنه لم يستطع أن يكون أنانيًّـا.
لم يستطع فرض الأمور في اتّجـاه لا تريده هي.
لم يـرد أن يعـرّض المرأة التي يحبّهـا للخطر.
لذلك، اختـار أن بيتعد عنهـا.
أن يرسلهـا إلى الخارج.
و أن يبقى في الخلف—يحـرس المكـان الذي يمكن أن تعـود إليه يومًا ما.
كان ذلكَ هو الخيار الصّحيح.
لأنه لا يمكن أن يعـرّض مَـنْ يحبها إلى الخطر فقط لأنه يحبّهـا.
“…هيا بنا.”
استدار آيفرت.
نظرت ضابطة التفتيش—واحدة من أشخاص رويدن—إلى سيّـد العائلة بعيونٍ قلقـة.
لم تستطع حتى تخمين الاضطراب في قلبه.
لكنها رأتـه—عواطفـه التي تغلي كالماء المغلي.
* * *
كان لاتيني موديلاك دائمًا موهوبًا في السحر.
لكن عندما اختار طريق المرتزقة، اختار السيف لسبب بسيط: “الأشياء المعقدة ليست من لـي.”
في هذا السياق، كان التلويح بالسيف و التجول يناسبه تمامًا.
على الأقل، كان الأمر كذلك—حتى جلسَ على كرسي قائد فرسان الزّرق.
الآن، حتّى التّجول بالسيف أصبـح أمرًا معقّـدًا.
“همم.”
كان يقرأ التقرير الذي جلبه آيفرت بخصوص حادثة الطائفة الأخيرة.
وكانت هناك نقاط مشبوهة أكثر من واحدة.
أكثر من أي شيء آخر—
[حدّدت وحدة التفتيش موقع مسؤولة الشؤون العامّة روديلا سيفريك التي نقلت المعلومات، مما سمح للفرع بإرسـال القوّات على الفور.]
لو ظهر شيء كهذا في رواية، لقام بالسّخرية منه لأنه غير واقعي.
بالطبع، قد تكون وحدة التفتيش قد حدّدت موقع السّيدة سيفريك بسرعة.
لكن كيف أبلغوا بالضّبط إلى الفرع الشمالي الشرقي الذي تسيطر عليه رويدن—و ليس إلى المقـر أو إلى المكتب أقرب؟
و كيف وصـل آيفرت، الذي كان في رويدن، إلى مكان الحادث بهذه السرعة؟
يمكن القول إن حصانه و قدراته الاستثنائية سمحت بذلك.
لكن ماذا عن القـوّات؟ كيف وصلوا إلى هناك؟
الفرسان الذين دمّـروا معقل الطائفة—كيف تحركوا بهذه السرعة؟
ومن أي فرع كانوا؟ لم يذكر التّقـرير ذلك.
إذا بدأ أي أحدٍ في التحقق فعليًا، لكانت التناقضات في كلّ مكان.
“…..؟”
لكن حتى عندما تقاطعت أعينهما، مـال آيفرت برأسه بلا مبالاة، كأنه يقول: وقّـع بسرعة.
“هل هناك شيء لم تذكـره في هذا التقرير؟”
“لا”، أجابَ آيفرت بثقة.
“لا شيء آخر لتقولـه حقًّـا؟”
أومـأ.
“لا.”
مهما حاول استفزازه، سيحصل على نفس الإجابة.
“حسنًا…”
وضع لاتيني الوثائق جانبًا و نظـرَ إلى آيفرت.
كان آيفرت يعلم أنه سيرى من خلال أكاذيب التقرير.
و مع ذلك، وقفَ هناك و كأنّـه الأمر لا يهـمّ.
بالطّبع، كانت تقارير فرقة فرسان الزّرق مزيّنة بالأكاذيب في الماضي.
لكن ليسَ إلى هذا الحـدّ.
ولم يسبق أن تـمّ تزوير معلومات نقل القوات—لأن ذلكَ يجب أن يُعالج بدقّـة.
لكن هذه المرة كانت مختلفة.
القوّات التي أنقذت روديلا—ربّما لم تكن حتى من فرقة الفرسان الزّرق.
“…..”
ضيّـق لاتيني عينيه.
من المحتمل أن تكون قوّات رويدن الخاصة.
و الإمبراطور بالتأكيد سيعرف عن ذلك.
أميريس، رئيسة الوزراء، على الأرجح أيضًا.
و الآن آيفرت يقف هنا، و هو يطالب بوقاحة أن يتظاهروا بعدم المعرفة.
تنهّـد لاتيني. ثم بعد لحظة صمت، تكلّـم، كما لو كان يعترف:
“أعرف عن ماضيـكَ. و عن رويدن.”
أصبحت نظرة آيفرت أكثر وضوحًا قليلاً عند ذلك.
لم يـردّ، فواصل لاتيني:
“لكنني أؤمن أنّـكَ لا تزال تعمل من أجل الإمبراطورية.”
الدّوق السّابق لرويدن، الذي مـات وهو يحاول إنشاء فرقة الفرسان الزّرق من أجل الإمبراطور فقط—
بعد ذلكَ الحادث، كان المستفيدون الوحيدون هم الإمبراطور و لاتيني نفسه، الذي أصبح قائدًا.
عند التّفكير بعمق أكثر في علاقة رويدن بالإمبراطور، كان لاتيني، الذي بدأ كمرتزق مشهور و حصل على لقب و منصب، المستفيد الوحيد الحقيقيّ.
ومع ذلك، لم يلمـه آيفرت و لو لمرّةٍ واحدة.
و كان لاتيني يعامل آيفرت كابـن أخ متمرّد—ابن صديق، شخص لا بدّ أن يشعر بالذنب تجاهه.
مهما كانت الفوضى التي تسبّب بها آيفرت أو ما دمّـره، كان لاتيني دائمًا ينظف ما يخلّفه آيفرت.
لأن تصرّفات آيفرت كانت دائمًا تهدف إلى الخير.
و إلى جانبِ ذلك، كانت ثروة لاتيني قد جُمعت بفضل رودين على أيّ حال.
لهذا السبب، كان لاتيني__
يثـق به.
كان بإمكان آيفرت أن يضـلّ طريقه بسهولة.
لكنه في النهاية لم ينقلب على الإمبراطور.
ربّما لاحظ أفكار لاتيني.
نظرَ إليه آيفرت وقال
“نحن على نفسِ القارب، أيّها القائد.”
بمعنى آخر، كلاهما في فصيل الإمبراطور.
رمـش لاتيني.
انتظر، لم أعلن ولائي علنًا، أليس كذلك؟
هل أخبرتـه أميريس شيئًا؟
ألم يكن من المفترض أن يكون موقفي السياسيّ سـرًا؟
لكن بعد ذلك…..
رويدن—
حتى لو لم يكن لاتيني مهتمًا بالسياسة بعمق، لم يكن بإمكانه أن يجهل الوضع.
مؤخّـرًا، أجبـر شيءٌ ما رويدن على الوقوف إلى جانبِ الإمبراطور.
إصابـة روديلا سيفريك.
“كيف عرفت؟”
كان على لاتيني أن يسأل.
كيف عرفتَ أنني من فصيل الإمبراطور؟
نظرَ إليه آيفرت بتعبير محيّـر.
“…إذن هل تفضل الفرسان الحمر علـيّ؟”
“هل أنـتَ مجنون؟”
خرج الـرّد تلقائيًـا.
رد آيفرت دونَ تغيير في تعبيره:
“إذن نحن على نفسِ القارب.”
…لم يكن ذلك منطقيًا. لكن بطريقة غريبة، كان مقنعًا.
في هذه الأثناء، آيفرت، الذي لم يكن لديه فكرة عما يفكر به لاتيني، مـال برأسه قليلاً… ثم غادر المكتب بهدوء.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 93"