“لقد فعلـتِ كل ما يمكن فعله داخل البلاد، فلـمَ لا تركبين سفينة و تذهبين إلى مكان بعيد لتكتسبي تجارب جديدة؟”
ابتسمت.
“إذا أردتِ، يمكننا أن نوفّر لكِ فرسانًا مرافقين متميّزين، و ستتمكّنين من استكشاف أوضاع الدول الأخرى بما فيه الكفاية.”
تدفّقت كلمات أميريس كالماء.
“ألم يقولوا في الأكاديميّة عند التخرّج أنّ عليكِ أن تتعلّمي من مقارنة أوضاع الإمبراطوريّة بالدول الأخرى؟”
“آه.”
احمـرّ وجه روديلا عند سماع ذلك.
كانت تتحدّث بثقة في الأكاديميّة قبل حوالي عشر سنوات.
“من وجهة نظر الإمبراطوريّة، الممالك المجاورة ليست سوى دول صغيرة مقارنة بفصيل النبلاء الذي ينخـر الداخل. لكن…”
أومأت رئيسة الوزراء برأسها.
“هناك بالتأكيد دروس يمكن تعلّمها. وبما أنّكِ تعلمين هذه الحقيقة جيّدًا، إذا سافرتِ إلى الخارج و وسّعتِ آفاقكِ، فإنّ الإمبراطوريّة سترتقي خطوةً أخرى مع رئيسة وزراء جديدة.”
رمشت روديلا بعينيها عند سماع هذا.
“رئيسة وزراء جديدة؟”
سيكون رائعًا لو أصبحت كذلك، لكنّ رايان ديفيلت لن يقف مكتوف الأيدي.
في الوضع الحالي، حيث سيتقرّر منصب رئيس الوزراء القادم من خلال التنافس بين الفرسان الزّرق و الحمر، لم تُحسم النتيجة بعد.
ومع ذلك…
“بفضلكِ، تمكّنا من القبض على تلكَ الطائفة المزيّفة. كانت هناك العديد من قضايا الاختفاء المرتبطة بهم. وبفضلكِ، وجدناهم، و عـاد الكثيرون إلى أحضان عائلاتهم.”
ابتسمت أميريس. توقّفت روديلا للحظة.
“لكن هذا…”
لقد كان اختطافي مجرّد صدفة.
ولو لم يأتِ آيفرت لإنقاذي، لكان الأمر مجرّد حادث.
“مَنٔ يستغلّ الحظّ بمهارة هو مَنٔ يحقّق أهدافًا أكبر.”
كما لو كانت تقرأ أفكارها، هـزّت أميريس كتفيها.
“الأخبار قد انتشرت بالفعل. يقولون إنّ مساعدة الشؤون العامّة لفرسان الزّرق خاطرت بحياتها و تسلّلت للحصول على معلومات عن الطائفة المزيّفة.”
لم أتسلّـل، بل تـمّ اختطافي، لكن الشائعات… يمكن استغلالها حسب الحاجة.
مَـنْ نشـرَ هذه الشائعات؟
هل كانت رئيسة الوزراء؟ أم هو آيفرت؟
بينما كانت تفكّر، ابتسمت أميريس بغموض.
“و جلالة الإمبراطور أبـدى اهتمامًا كبيرًا بإنجازاتكِ.”
مَنٔ كان وراء ذلك، لا بدّ أنّه استهدف هذا.
“الأقسام الأخرى ترى أيضًا تفوّق فرقة الفرسان الزّرق الساحق.”
ابتسمت أميريس.
“في هذه الحالة، ألا يبدو غريبًا أن يصبح رايان ديفيلت رئيس الوزراء؟”
“آه…”
شعرت روديلا أنّ الأمر غير واقعي قليلاً.
هذا صحيح. كلّ شيء يبدو أنّه يسير على ما يرام.
المشكلة هي أنّ الأمور تسير بشكلٍ جيّد جـدًّا.
كأنّ ما حدثَ قبل و بعد فقدانها للوعي لم يكن مجرّد أيّام، بل سنوات.
“الرّحلة إلى الخارج تعتمد على رغبتكِ، فكّـري جيّدًا.”
نهضت رئيسة الوزراء، كما لو أنّ الوقت قد حان للرحيل، و قالت:
“من وجهة نظري، الآن هو الوقت المناسب.”
تقاطعت نظرات روديلا و أميريس.
و أدركت روديلا شيئًا غريبًا.
إذا كان كلّ شيء يسير لصالحها كما قالت أميريس، فلا حاجة لها للسفر إلى الخارج.
عندما ربطت هذا بكلامها السابق عن “عاصفة دمويّة”، استنتجت:
“حركات فصيل النبلاء لن تُحـلّ حتّى لو أصبحتُ رئيسة الوزراء، أليس كذلك؟”
كان فصيل النبلاء يسعى للحصول على منصب رئيس الوزراء لزعزعة الكثير في الإمبراطوريّة.
لم تتوقّع أن يتراجعوا بهدوء.
“صحيح. إنّهم في حالة ارتباك كبير بعد رؤية حجم رويدن.”
ضيّقت أميريس عينيها.
“كانوا يعتقدون أنّهم لا يتخلّفون عن الآخرين من حيث القوّات، لكن عندما فتـح الغطاء، تبيّن عكس ذلك.”
عندما يصطدم المرء بحائط مفاجئ، ينقسم الناس إلى ثلاثة أنواع:
مَـنْ يستسلم، مَـنْ يبحث عن طريق بديل، أو مَـنْ يكسر الحائط و يتقدّم.
لكن فصيل النبلاء قد قطع شوطًا طويلاً ليستسلم أو يبحث عن طريقٍ آخر.
و لا يبدو أنّ هناك طريقًا بديلاً، لذا لن يبقَ لهم سوى محاولة كسر الحائط.
سيحاولون القيام بشيءٍ خطير.
و هل سيظلّ فصيل الإمبراطور بقيادة جلالة الإمبراطور ساكنًا؟
هذا، على الأرجح، هو ما كانت تعنيه بعاصفة الدماء في الإمبراطوريّة.
“وجودكِ في وسط هذا ليس تصرّفًا حكيمًا.”
قالت أميريس.
عند سماع ذلك، أغلقت روديلا شفتيها بإحكام.
على الرّغمِ من أنّ التفاصيل تحتاج إلى فحص دقيق، إلّا أنّ التفكير فيما سمعته جعلها تستنتج:
“إذا أردتُ أن أكون رئيسة وزراء نزيهة بدون دعم خفيّ، يجب ألّا أتورّط مع أيّ طرف، أليس كذلك؟”
بما في ذلك فصيل الإمبراطور و رويدن.
“بالضبط.”
أومأت أميريس برأسها.
“و علاوةً على ذلك، أنتِ مفتاح حاسم لكلّ من فصيل النبلاء و الإمبراطور. لا يمكن أن تُؤخذي رهينة.”
لذا، مـاذا لـو غادرتِ قبل أن تندلـعَ حرب أهليّة في الإمبراطوريّة؟ من أجل سلامتكِ.
هذا ما كانت أميريس تقوله.
“إذا ذهبتُ، كم ستكون المدّة؟”
عند سؤال روديلا الحذر، مالت أميريس رأسها قليلاً.
“حسنًا، ربّما من سنتين إلى ثلاث سنوات؟”
“بالطبع، هذا ليس بسببِ المستقبل المضطرب. أنا واثقة أنّ قدراتكِ ستكون ذاتَ فائدة كبيرة للإمبراطوريّة، و لهذا أرسلكِ.”
مـدّت يدها كما لو كانت تقول لها أن تفكّر في الأمر بسهولة.
“الرحلة إلى الخارج سترفع آفاقكِ إلى مستوى آخر. فكّري في الأمر بإيجابيّة.”
“…سأفكّر في الأمر.”
كلّ شيء منطقي.
أومأت روديلا ببطء.
“متى يجب أن أخبـركِ بقراري؟”
“في أقرب وقت ممكن. اتّصلي بي عندما تتّخذين قراركِ.”
نهضت رئيسة الوزراء بالكامل من مقعدها.
بينما كانت تجمع أغراضها، ارتدت غطاء رأسها و لوّحت بيدها وهي تغادر، ظلّت روديلا تشعر بأنّ عقلها متشابك.
بالتأكيد، إنّها فرصة رائعة.
اقتراح لا يوجد سبب لرفضه.
لكن، لسببٍ ما، كان قلبها مضطربًا.
هل بسببِ توقّعها أن تصبح الإمبراطوريّة مضطربة؟
حسنا هذا جزء من السّبب، لكن رويدن…
هل لأنّ رويدن متورّطة؟
لا.
ستسيل الكثير من الدماء. ومع ذلك، كان هناك شخصٌ واحد فقط يخطر بـبال روديلا.
آيفرت، آيفرت رويدن…
الشّخص الأقرب إليها ، الوحيـد.
* * *
روديلا.
كم كنتُ أتمنّى لو كنتُ مجرّد شخصٍ طائش يتسبّب في المشاكل دونَ تفكير.
كنتِ ستنظرين إليّ و تتنهّدين، ثمّ تضحكين و كأنّكِ لا تستطيعين فعل شيء سوى الاعتناء بي.
و أنا، بـدوري، كنتُ سأمزح بوقاحة و أحاول تمرير الموقف بطريقةٍ ما.
كـم كنتُ أتمنّى لو كنتُ صديقًا جيّـدًا، لا يرى الدماء التي تكرهينها.
كان آيفرت قد غـادر الجزيرة الغربيّة و عـاد إلى ضواحي العاصمة.
كان يرغب في الذهاب إلى مكان روديلا على الفور، لكن كان عليه أن ينهي أمـرًا ما أوّلاً.
في الأصل، عائلة رويدن هي عائلة ترى الكثير من الدماء غير المشروعة.
“…..”
هذا الأمر ليس سوى امتداد لذلك.
في الظلال، كان آيفرت يفكّر.
ربّما كان من الطبيعي أن تبدأ الأمور بإزالة أولئك الذين لا يتماشون مع قيم العائلة.
لكن لم يكن هناك سبب لأن تعرف روديلا هذا.
‘هل يمكنكِ قبولي بهذا الشّكل؟’
بالطبع، طالما أنّها تريد فقط “صديقًـا مرحًـا”، كان سيخفي ذلكَ إلى الأبد إذا كانت في أمان.
لكن الوضـع قد تغيّـرَ الآن.
هذه الحادثة لم تكن مدبّرة بالكامل من فصيل النبلاء، و لحسن الحظ، تمكّنت رويدن من العثور عليها قبل النبلاء، فكانت بأمان.
و علاوةً على ذلك، تـمّ القضاء على الطائفة المزيّفة، لذا قد يظنّ المرء أنّ الأمور على ما يرام.
لكن الأمر ليس كذلك.
“…..”
آيفرت، بصفته جزءًا من رويدن، كان يعرف فصيل النبلاء جيّـدًا.
سيعتقدون أنّهم رأوا “إمكانيّة” من هذه الحادثة.
إمكانيّة أن يتمكّنوا من التّعامل مع روديلا سيفريك.
سيواصلون استهدافها عندما تكون وحدها، و سيوجّهون أنظارهم خصوصًا إلى برانغا، الذين أرسلوا قتلة إليها.
لذا، كان من الضّروري إرسال “تحذير” لهم قبل أن يحاولوا شيئًا غيـر ضـروريّ.
على أيّ حال، حجم قوّات رويدن قد انكشف بالفعل أثناء إنقاذ روديلا.
“هل تـمّ تسجيل القوّات بشكلٍ صحيح لدى العائلة الإمبراطوريّة؟”
على الرّغمِ من أنّ هناك حديثًا يدور في أوساط فصيل النبلاء، إلّا أنّ ما يقلقـه أكثر هو…
روديلا، بمـاذا ستفكّـرين؟
هي لم تستيقظ بعد.
لذا، قبـلَ أن تفتحي عينيـكِ…..
دعيني أرتكب فعلاً سيّئًا واحـدًا آخـر.
تحـرّكَ آيفرت بصمتٍ في الظّـلال.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 83"