نظرَ آيفرت للحظة نحو الشّرق البعيد، حيث تكون روديلا، ثم التفت إلى مساعده الذي خاطبه.
لم يكن دينيت، الذي اعتادَ تحمّل هالته القاتلة، بل شخص آخر من عائلة رويدن.
دينيت، بالتأكيد، كان يحرس بالقرب من روديلا في غيابه.
ليعوّض عن عجزه عن البقاء بجانبها.
عندما كبحَ آيفرت هالته القاتلة بصعوبة، انحنى رجل رويدن.
“لن أفقد السيطرة، فلا داعي للقلق.”
استدار آيفرت دون أيّ ابتسامة.
“…لحسنِ الحظ، روديلا على قيدِ الحياة.”
لذلك، لن يتخطّى حـدًّا معينًا.
حتّى وهي فاقدة للوعي، كانت روديلا سيفريك تمسك بسيّدهم بقـوّة.
“…حاضر.”
انحنى رجل رويدن أخيرًا.
* * *
“سأعلّمكَ كيفية التحكّم بقوتك.”
كان آيفرت يفكّر بروديلا.
حتّى بينما كان أعضاء الطائفة في المعبد يفرّون مذعورين، يختبئون هنا و هناك في محاولة يائسة للبقاء على قيدِ الحياة.
“تعامل مع الأمور بلطف، كما تتعامل معي.”
كان يفكّر بروديلا فقط.
نعم، بهـا هـي فقط.
ومـع ذلك…
―كوكوانغ!
حطّـمَ مدخل المبنى تمامًا، وكانت يداه لا تزالان ترتجفان من الطاقة غير المضبوطة.
‘التفكير بكِ يجعلني أجنّ أكثـر، روديلا.’
“علم أسود…”
حتّى و هي تنهار، كانت قلقةً على الآخرين.
بينما كان هو يفكّر فقط بقتلِ مَـنْ آذوها، كانت نظراتها موجّهة نحو مَـنْ كانوا محتجزين معها.
حتّى في تلكَ اللحظة، حاولت حماية الآخرين، بينما هـو…
كان يريد فقط قتل الأشخاص الذين آذوها.
طوال الوقت عندما كان بجانبها، كان آيفرت يكبح رغباته مرّات لا تحصى.
فقط من أجل روديلا.
لأنّه شعـرَ أنّها ستصاب بخيبةِ أمل إذا رأت هذا الجانب منه.
لأنّها، هي التي كانت تكره مؤامرات النبلاء، لن تقبل أساليب رويدن.
بينما كان يتحرّك بحذر، تعرّضت روديلا للخطر.
لم يستطع تحمّل هذه الحقيقة. كـان يشعرُ بالغضب من نفسه.
“الناس لا يفهمون إلّا التحذيرات المباشرة، روديلا.”
“يجب أن أوضّح لهم أنّ مَـنْ يمسّك سيُمزَّق حلقـه.”
كيف نسـيَ ذلك حتّى هو نفسه؟
غرقت عينا آيفرت ببرودٍ قاتل.
هذه المرّة، سيُدرك الجميع ما يحدث لـمَنْ يمسّ روديلا سيفريك.
“الاختباء لن ينفعهم.”
تردّد صوت آيفرت البارد في منتصف الرواق الفارغ.
مع الضربة الأولى لسيفه، تحطّمت معظم المصابيح و الأحجار السحرية، فأصبحت القلعة مظلمة.
ومع ذلك، كانت خطواته متّجهة نحو نهاية الرواق دون أيّ تردّد.
أخيرًا، سُمع صوت من النهاية.
كان كاهن يرتجف، نسي حتّى أن يتنفّس، و هو يلوّح بيديه:
“أرجوك، أنقذني! سأخبركَ بكلّ شيء!”
“بماذا؟”
لم يتفاجأ آيفرت عندما خرج الرجل من بين أنقاض الجدار المحطّم، كأنّه كان يعلم بوجوده هناك.
“أنتَ فارس، أليس كذلك؟ سأشرح لكَ عن طائفة فالكاريون. أعرف أماكن اختباء الناس، أنا…”
نظرَ آيفرت إلى وجهه وقال:
“فالكاريون. جماعة كانت تخطف القرابين منذُ حرب الوحوش، زاعمة أنّها ستستدعي شيطانًا.”
“ذلك…”
فتح الكاهن فمه، ربّما ليقول إنّها ليست هراء.
لكن آيفرت لم ينتهِ:
“تعريض البشر على مذبح مصنوع من جثث الوحوش سيجعل المذبح يتحرّك و يصبح شيطانًا يقضي على الوحوش. أليست هذه الاشياء التي تؤمنون بها؟”
ذُهـل الكاهن.
“كادوا ينجحون خلال حرب الوحوش، أليس كذلك؟”
كان يعرف حتّى ما لا ينبغي له معرفته.
“أنا… لا أعرف شيئًا! جـيءَ بي إلى هنا بالقوة…”
سقط الكاهن فجأة على الأرض و توسّل.
“آه، إذن أنتَ مجرّد ضحيّة بريئة؟”
لكن الضحايا كانوا خارج القلعة، يعيشون بصعوبة.
أمّا هذا الكاهن، فـظنًّا منه أن آيفرت قد يصدّقه، استمرّ في الإيماء:
“نعم، نعم! سأخبركَ بكلّ شيء. الفارّون هم من كبار الطائفة. الذّهب الذي حاولوا الاستيلاء عليه موجود في…”
“في الطابق الثاني تحتَ الأرض. هناك خمسة فارّين، أنتَ هنا، اثنان تـمّ القبض عليهما عند المرسى، وبقي اثنان يرتجفان في الطابق العلوي. يمكنني اللحاق بهما ببطء.”
ذهل الكاهن، فاغرًا فمه، بينما كان آيفرت يتحدّث كأنّه يقرأ أفكاره.
كيف يعرف كلّ هذا؟
“هل هناك شيء آخر تريد إخباري به؟”
لكن بدلًا من التساؤل، دفعته رغبته في البقاء على قيد الحياة.
أومأ الكاهن بجنون:
“أرجوك، أنقذني! سأخبركَ بكلّ ما أعرف!”
نظرَ آيفرت إلى الرجل المتشبّث بقدميه بعيونٍ خالية من العاطفة.
“حسنًا… لقد رأيتُ الكثير من أمثالك.”
أولئك الذين يكذبون لينجوا.
في الماضي، كان يتجاهلهم أو يقودهم إلى هلاكهم بأنفسهم.
لكن هذه المرّة الأولى منذُ عشر سنوات التي يتّخذ فيها إجراءً مباشرًا.
أغلقَ فمه في خط مستقيم، وبدلًا من مواصلة الحديث…
“…..!”
قطع رقبة الرجل.
كان الأمر نفسه مع الاثنين الآخرين اللذين قابلهما لاحقًا.
أحدهما حاولَ التوسّل بمعلومات، لكنّه فشل.
و الآخر، الذي قال:
“حتّى لو قتلتني، سيهتم الكهنة الآخرون…”
سحبه آيفرت إلى نافذة محطّمة و أظهر له المرسى.
فتحَ الكاهن فمه مذهولًا.
في مكانٍ يطلّ على المرسى، كان الكهنة المقبوض عليهم مقيّدين ينتظرون مصيرهم.
“بالتأكيد، هناك ممرّ سري…”
“إنّها جزيرة على أيّ حال.”
―بام!
لم تكن هناك حاجة لمزيد من الحديث.
استدار آيفرت بعد أن أطلق طاقته بلا رحمة.
سقط الجسد الذي فقـدَ قوّته على الأرض.
كيف نسي هذا؟
السكين التي أصبحت باهتة بالراحة و السلام لا تستطيع حماية روديلا.
“كان يجب أن أحميكِ، حتّى لو لم تحبّيني.”
“كنتُ أخاف أن تخافي منّي… لكنّ تردّدي أدّى إلى هذا.”
بدأ فصيل النبلاء يستهدف روديلا، و أخذوا يرسلون قتلة.
حتّى طائفة زائفة مثل هذه استهدفتها.
كان هناك حاجة إلى تحذير قوي مرّةً أخرى.
“…السيّد، المرسى.”
توقّفَ رجل رويدن الذي دخلَ الغرفة عن التنفّس.
التفت آيفرت إليه.
في وسط بركة دم حمراء كبيرة بشكلٍ لا يصدّق أنّها من شخص واحد، كان سيّدهم ينظر إليه.
“إذا قبضتم عليهم، سأذهب.”
―تشلب.
خرجَ آيفرت من الغرفة، داسًا على بركة الدم.
رائحة الدم المنبعثة منه، الخوف و الرهبة التي شعر بها الناس في ساحات المعركة…..
كان معتادًا عليها.
طبيعته التي كان يخفيها أمام روديلا، اخذت تستيقظ.
لأول مرّة منذُ عشر سنوات، شعـرَ أنّه يرتدي ثوبًا يناسبه.
عندما قرّر أن يصبح رويدن مجدّدًا، استبعد الذين حاولوا التخلّي عن عائلة رويدن المتزعزعة.
كانت آخر مرّة رأى فيها الدم، و بعدها قـرّرَ أن يكون فقط كما تريده روديلا.
“لكن يبدو أنّ ذلك لن ينجح، روديلا.”
―تشلب.
داس على بركة الدم مجدّدًا، محدّقًا في انعكاسه المتذبذب.
هل يمكنكِ قبولي هكذا؟
“..…!”
كان يستطيع تخيّل وجه روديلا الذي يشحب كلّما رأت الدم.
“لا أظنّ أنّكِ تستطيعين ذلك.”
ومع ذلك، يا روديلا…
أغمضَ آيفرت عينيه و أطلق زفرة قصيرة.
“أفتقـدكِ، روديلا.”
تمتمَ وهو يفكّر بوجهها الشاحب و هي مستلقية.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 78"