أرادَ توبيخ مدير المنزل الذي يدير كل شيء يتعلق بالخدم الخاصّين.
و الحقيقة أنه أرادَ فعل أكثر من ذلك، لكن لم يكن هناك وقت.
“سيّد العائلة، الخبر السّار هو أن السّيدة سيفريك تنكّرت كخادمة.”
في تلكَ اللّحظة، تحدّثَ عـمّ آيفرت، الفيكونت بينلارد.
“طالما أنهم لا يعرفون هوّيتها، فلن يمسّوها بسهولة. لذا، دعـنا نهدأ قليلاً.”
كان مجرّد التّحدث مباشرةً إلى آيفرت في هذه الأجواء القاتلة، حيث لا يجرؤ أحد على فتح فمه، دليلاً على شجاعةٍ كبيرة.
و مع ذلك، كان صحيحًا أن كلماته خفّفت من هالة آيفرت القاتلة قليلاً.
بينما كان النّاس يطلقون الصّعداء في هذه الفجوة، جـاءَ تقرير آخر.
“لكن العربة توجّهت غربًا، و الرّائحة المخدّرة هي نوع يُستخدم كثيرًا في الغرب. و علاوةً على ذلك، يبدو أنهم استهدفوا النّساء الشابات فقط.”
قالَ الشخص الذي كان يتحدّث بتعبيرٍ متردّد.
“من المحتمل جدًا أن تكون هذه أفعال طائفةٍ تُدعى ‘فالكاريون’، و التي تقدّم النّساء كقرابين.”
بما أن المعلومات تأتي من أشخاصٍ من مختلف الطّبقات في جميع أنحاء البلاد، تجمعت القطع المتناثرة بسرعةٍ لتشكّل صورةً واضحة.
المشكلة هي،
“هناك أدلّـة على أنّ فرقة الفرسان الحمر كانت على اتّصال بهم مؤخّرًا.”
―كراك.
أمسكَ آيفرت قبضته عندَ سماعٌ هذه الكلمات.
“يبدو أنهم لم يتعرّفوا بعد على السّيدة روديلا سيفريك لأنها تنكّرت كخادمة في الحيّ الفقير…”
لو تعرّفوا عليها، لما كان التقرير عن الاختطاف فقط، وهذا ما ظنّـه الجميع.
شعرَ آيفرت و كأنه ينتقل من القطب الشمالي إلى قمة بركان في ثوانٍ.
كان الفصيل الأرستقراطي يعتبرها شوكةً في أعينهم منذُ أيّـام الأكاديمية.
و منذُ أن جاءت إلى فرقة الفرسان الزّرق و قادت التغييرات فيها، أرادوا التّخلص منها أكثر.
حتى أنهم أرسلوا قتلة.
“…..”
هل كان من الصّعب السّيطرة على طاقته؟
بدأ محيطه يرتجف.
كانت الأشياء المحيطة و حبال السّتائر الساكنة تهتز بالطّبع.
“…..!”
عندَ رؤية ذلك، سادَ الصّمت بين الناس.
لكن آيفرت لم يستطع إيقاف أفكاره.
ماذا سيحدث إذا خرجت روديلا خارجَ نطاق منطقة حماية فرقة الفرسان الزّرق و تعرّفت عليها فرقة الفرسان الحمر؟
ماذا لو وصلَ هذا الأمر إلى الفصيل الأرستقراطي؟ ما مدى احتمالية أن يتركوها على قيدِ الحياة؟
شعرَ آيفرت و كأنّ عينيه مغطّاة بضباب أبيض.
كان غاضبًا من عدم قدرته على حمايتها، بل و أكثر من ذلك، من نفسه لعـدمِ حمايتها.
‘حتّى عندما تكونين بجانبي، أشعـرُ و كأنّني على وشكِ الجنون ، لكن الآن و قد اتخفيتِ، لا أظنّ أنّني أستطيع تحمّـل ذلك، روديـلا.’
أطلقَ نفسًا بصعوبة.
“آه…”
كان وجهها معروفًا جيّدًا.
من خلال دعمها المدني. و من خلال كونهـا بجانبي دائمًا.
حتّى لو لم يكن وجهها معروفًا في الغرب بعد، كم سيستمرّ ذلك؟
ماذا لو تعرّفَ عليها أحد؟
جالت العديد من الاحتمالات في ذهنه ثم اختفت.
“…ابحثوا عنها بأسرعِ ما يمكن، استخدموا كل الموارد المتاحة.”
لم يستطع آيفرت إلا أن ينطقَ بهذه الكلمات.
في هذه اللّحظة، كان هناك شيءٌ واحد فقط يدور في ذهنه.
وجـه روديلا المذعور.
كان ذلكَ وجهها في أيّام الأكاديميّة.
لا يتذكر ماذا حدثَ لأتباع الفصيل الأرستقراطي الذين سحبوها إلى حافّة الجرف و هم يغطّون وجهها بكيس خيش كـنوع من المزاح.
كان لديه الكثير ليتذكّره لدرجة أنه لا يستطيع تذكّر العائلات التي دُمِّـرت.
لكن الشّيء الوحيد المؤكد هو أنها ستشعرُ بالخوف كما حدثَ في ذلكَ الوقت.
تذكّرَ كيف كانت ترتجف و تبكي لفترةٍ طويلة، و حتّى أنّها لم تستطع النّوم دونَ إطفاء الأنوار لفترة. كيف كان يفعل كلّ شيءٍ ممكن كلّ صباح ليجعلها تبتسم، حتّى تُغَـطّـى الذّكريات المخيفة بذكرياتٍ أخرى سعيدة.
استغرقَ الأمر وقتًا طويلاً، لذا فكّـرَ آيفرت،
أتمنّـى ألا تخافَ هذه المـرّة.
أمسكَ قبضته بقوّة.
* * *
―دانغ!
شعرت روديلا باهتزاز قبل أن تفتحَ عينيها.
وعندما رفعت جفونها ببطء، ملأ الظّلام الدامس رؤيتها.
“…..!”
ارتجفت روديلا للحظة، و كادت تصرخ عندما شعرت بلمسةٍ رطبة بجانبها.
كان ذلكَ شخصًا بلا شكّ.
لكنه لا يتحرّك.
‘…..!’
بعد صرخةٍ صامتة طويلة،
أدركت أخيرًا أن الجسم الملامس لها يحمل دفئًا، و استعادت رباطة جأشها.
لحسنِ الحظ، كان الجسد الذي أمامها فاقدًا للوعي فقط لكنه يتنفس.
لكن قبل أن تطمئن، انقطـعَ نفسها.
―دانغ.
لم يكن المكان يهتز من تلقاء نفسه—بل هو الفضاء الذي كانت فيه. و قد كان مظلمًا.
ومع ذلك، عندما أدارت نظرها قليلاً،
“…..!”
كانت العربة قديمة جدًا، حيث رأت الخارج من خلال شقوق الخشب.
رأت المناظر الخارجية تمـرّ بسرعة كخطوط أفقية.
‘لستُ محبوسة.’
تنفّست أخيرًا.
لكن الخوف لم يتلاشَ بعد.
عندما أدارت رأسها بصعوبة، رأت العديد من النساء ملقيات كأكياس الأمتعة.
بجانبهن، كان هناكَ شيء يتصاعد.
“…..!”
هذه المرّة، حبست أنفاسها بدلاً من الشّهيق.
و حاولت استنشاق الهواء من خلال الثقب الصغير الذي يُـرى منه الخارج.
يبدو أنه سـمّ يسبّب النوم.
كانت رؤيتها ضبابية، أو ربّما كانت العربة مليئة بالدخان، ممتلئة بالرائحة.
ما الذي حدثَ بحقّ الجحيم.
لم يعمل رأسها بشكلٍ صحيح.
كان هناك شيء أدركته قبلَ أن تستنشق هذه الرائحة…
“من أجل فالكاريون.”
‘آه، لقد تذكّـرت.’
سمعت أنها طائفة تقدّم النساء كقرابين.
مع هذه الفكرة، أصبحَ الوضع منطقيًا.
كانت الأم تبدو مشبوهة، لذا كان ذلكَ لجمع الناس.
بالتأكيد، عذر الولادة سيجمعُ النّساء فقط.
فهمت الوضع بشكلٍ متأخّـر.
بدت هؤلاء النساء و كأنهن جئن لمساعدة الأم بصدق، لكن في اللّحظة الأخيرة، اصبحت الأم تبدو بخير و كأنها ليست مريضة أو على وشكِ الولادة .
لابدّ أنّـه تـمّ خداع سكان الحي الفقير لفترةٍ طويلة.
من أجل هدفهم.
لكن ما فائدة فهمهـا لذلك الآن؟ لقد حدثَ الأمر بالفعل.
على الأقل، من المفترض أن يكون حارسها روديـن قد أبلغَ رويدن.
بما أنه لم يمنعهم، ربّما لم يدرك الأمر مبكّرًا…
بينما كان رأسها يشعر بالدّوار و لم تعد تستطيع التفكير بوضوح،
توقّف الإهتزاز، و سمعت صوت أشخاص من الخارج.
“…لكن المسافة من هنا…”
“…لا يزال مستقرًا…”
حاولت روديلا استنشاق الهواء الخارجي قدر الإمكان و أصغت إليهم.
لحسنِ الحظ، كان الجميع نائمين، لذا تمكنت من سماع الأصوات الخارجية بوضوحٍ عندما ركزت.
“على أيّ حال، لا تعبـروا جبال كالمارون.”
“مفهوم.”
جبال كالمارون؟ لماذا؟ ما المهمّ فيها؟
كان أوّل ما فكرت فيه هو نطاق حدود منطقة كلّ من فرقة الفرسان الحمر و الزّرق.
يتـمّ تقسيم مناطق الاختصاص داخلَ و خارج تلكَ الجبال، لكن ما الذي يعنيه ذلكَ للطائفة؟
“سيتمّ نقـل هذا الشّيء إلى الجزيرة، لذا تأكدنا من تعبئته جيّدًا حتى لا يتلف برياح البحر.”
“شكرًا.”
“السّفينة هي سفينة ذاتُ عَلَـمٍ أسود ، غـدًا في السّاعة الثامنة مساءً.”
جزيرة؟
―دانغ!
في تلكَ اللحظة، اهتزّت العربة بشدّة.
يبدو أن هناكَ حُجرة أمتعة خلفَ المكان الذي كانت فيه.
بما أنهم تحدثوا عن التلف، ربّما كان طعامًا، و يبدو أن الكمية كبيرة…
إذا كانت تُنقل إلى أشخاصٍ لا يخرجون كثيرًا من الجزيرة،
“…..”
أصابها الرّعب من فكرة أنها قد تُنقل إلى جزيرة دونَ أن يعرف أحد.
لكن طالما لم تفقد وعيها، ستكون بخير.
‘ لنركّـز على استنشاق الهواء الخارجي قدر الإمكان.’
حاولت روديلا تهدئة قلبها النابض بقوّة و ركّزت على التنفس.
في هذه الأثناء،
“إذن مرّةً أخرى…”
“…اذهب.”
ابتعدت الأصوات الخارجية.
يبدو أن التّجار قد غادروا.
بما أنهم جزء من العصابة، لم يكن هناك جدوى من الاستغاثة بهم.
لم يكن لديها القوة لذلك على أي حال.
أطلقت روديلا زفيرًا قصيرًا.
وحاولت معرفة أين هي من خلال النظر عبر شقوق الخشب.
في كل مرّة رأت فيها الضوء يتسرّب عبر الظلام داخل الفضاء المغلق، هدأ قلبها قليلاً.
عندما نظرت عن كثب، كان ذلكَ شقّ الباب.
كانت محظوظة لأنها كانت بالقرب من باب العربة، مما سمح بدخول المزيد من الهواء.
في كل مرة تهتزّ العربة، كانت ترى شق الباب السفلي يهتز.
المشكلة هي أن الغبار كان يدخل أحيانًا من خلال تلكَ الشقوق.
“…..!”
فجأةً، هبّت ريح ترابية، متسللة مع أنفاسها.
شعرت و كأن عطسة قوية على وشكِ الخروج.
عندما أغلقت فمها بسرعة،
―دانغ!
اهتزّت العربة مرّةً أخرى.
أغلقت عينيها بقوة بسببِ الغبار الداخل، ثم فتحتهما، وفي لحظة ما،
“…؟”
لاحظت أن الشّق الذي كان ينفذ منه الضوء قد أصبح مظلمًا.
ما الذي يحجبه؟
بينما كانت تحرّك رأسها دونَ وعي لترى خارج الثقب،
من خلالِ الشق__
“ماذا، أنتِ مستيقظة؟”
ظهرت عين محتقنة بالدّم فجأةً.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 74"