“اسرعوا، انقلوا هذا أولاً!”
“نظّفوا المحيط أولاً! احرصوا ألا يتساقط شيء!”
كان الدّاخل في حالة فوضى.
حاولَ الأشخاص ذوو الخبرة بالولادة البقاء قربَ الأم الحامل، لكن الأم كانت تلوّح بيدها بعنف، كما لو أنها لا تريد أحدًا بالقرب منها.
كانت الأم تصرخ من ألم البطن، و كان هناك أشخاص يبدون كعائلتها يحاولون إبعاد الآخرين عنها.
كان هناك مَنٔ يضع الحطب في المدفأة لمنع المنزل من البرد، و آخرون يهوون لمنع الرماد من التطاير.
كانت فوضى لا مثيل لها.
“ابتعدوا قليلاً من فضلكم!”
اندفعت روديلا بسرعة بينهم.
“مَـنٔ أنتِ؟”
أظهرت للشّخص الذي بجانبِ الأم كومة القماش.
“أنا خادمة من فرقة الفرسان الزّرق. قيل لي أن أضع هذا حول الأم أولاً…”
“لا تقتربي!”
لم تكن المرأة في الخارج هي الوحيدة المتشككة.
كان هناك شخصٌ بجانبِ الأم، بدا أكثر حساسية من الأم المشوشة، و أخذَ يدفع روديلا بعنف بعيدًا عن السرير.
“يجبُ تغيير القماش على الأقل…!”
وفقًا للطبيب، فإن البيئة القذرة تجعل الأم والطفل عرضة للموت.
وكان السّرير مغطى بقماش مليء بالبقع المجهولة. بدا أنه لم يتمّ تغييره منذُ فترةٍ طويلة.
“قلت لا تقتربي!”
“أقول لكِ يجب تغيير القماش!”
لكن الشّخص الذي يدفعها كان عنيدًا.
“آه، أخرجوا بعض الحطب!”
في الخلف، كانت هناك فوضى بسببِ وضع الكثير من الحطب في المدفأة، و بينما كانوا يدفعونها عند السّرير، شعرت روديلا و كأنها تُصـدم من كلّ جانب.
“ما الذي يحدث بحق…!”
هي فقط تريد تغيير القماش!
بغضِّ النّظر عن مدى رفض الحيّ الفقير للغرباء، لم يكن هناك سبب لدفعِ شخص يحاول المساعدة.
هل هذا بسببِ زي الفرسان؟ ربّما لم يكن يجب أن أن أدخل به؟
حتى بعد نزع الزخارف، لم تكن ملابسها اللامعة لتترك انطباعًا جيدًا لدى سكان الحي الفقير.
“ابتعدي!”
في تلكَ اللحظة، اندفع شخصٌ من الخلف بقوّة.
شعرت روديلا بالدّوار للحظة وهي تُدفع.
“آه.”
بينما كانت تحاول استعادة توازنها، شعرت برائحة مريرة تغزو فمها.
“…..؟”
في اللّحظة التالية، شعرت روديلا بالذعر لأن جسدها لم يتحرك كما أرادت.
كان الأمر كما لو أن أوامر عقلها تصل إلى ساقيها متأخّرةً بخطوة؟
فقدت توازنها، و تمايل جسدها بشدة.
حتى عندما حاولت الإمساك بكومة القماش التي سقطت، تحركت يدها ببطء شديد.
وفي تلكَ الأثناء، سقطت روديلا على الأرض.
“.…!”
―كراك!
لكنها لم تكن الوحيدة التي سقطت.
“هاه؟”
فقدت النساء بجانبها توازنهن فجأةً و سقطن هنا وهناك.
حاولت روديلا فتح عينيها بقوة، لكن عينيها رفضتا ذلك.
كان هناك شعور يتصاعد إلى حلقها… النّعاس؟
“ما هذا…؟”
ما الذي يحدث؟
قبل أن تتمكن من فهم الموقف، أغلقت عيناها.
وبين رؤيتها الضيقة و وعيها الذي يكاد ينطفئ، اخترق صوت أذنيها.
“نظّفوا بسرعة.”
ماذا؟
“لماذا تأخرتم هكذا؟ حتى أن هناك شخصًا من الفرسان جاء!”
صاحتْ المرأة التي كانت تلعب دور الأم الحامل بحدّة وهي تنهض من مكانها.
عند كلماتها، صرخَ الرجال الذين اقتحموا المنزل.
“ماذا؟ أيـن؟”
“هل هي هذه؟”
عندما رأت حذاءً مغطى بالغبار يقترب من وجهها، كان وعي روديلا يكاد يتلاشى.
“ماذا نفعل بها؟ هل نتركها؟”
“و نتركها لتستيقظ؟ انقلها بسرعة! سنستخدمها كقربان على أيّ حال!”
“من أجل الحاكم فالكاريون!”
بالكاريون…؟ آه.
“هناك طائفة تُدعى فالكي شيء ما تحاول استدعاء شيء ما…”
لم يكن من قبيل الصّدفة أن تتذكر كلمات لاتيني فجأة.
آه، هل هذه هي الطّائفة…؟
قبل أن تدرك أنها وقعت في الفخ، تلاشى وعيها بسرعة.
* * *
كان رودين، فارس الحراسة من رويدن و الخادم الخاصّ لروديلا، يراقب المنزل الذي توجد فيه روديلا من ظلّ شجرة بعيدة نسبيًا.
كان المنزل الضيق، حيث يصعب على النّاس التحرك بحرية، هو الأسوأ للحراسة.
وعلاوةً على ذلك، كان هدف روديلا التي يجبُ عليه حمايتـها هو دخول المنزل لمساعدةِ الأم الحامل.
من الطبيعيّ أنه، بصفته رجلاً، إذا دخل معها، سيتم رفض دخول روديلا أيضًا، لذا كان التّراجع هو الخيار الصحيح.
لكن،
“…سيّدتي؟”
عبسَ رودين عند هذا التّعبير الغريب.
“من الآن فصاعدًا، ستكون الخادم الخاصّ للسّيدة روديلا سيفريك.”
“السّيدة سيفريك؟”
حتى لو كانت مخطوبة للسّيد، لكنها ليست شخصًا من العائلة يحمل اسم R.
مجرّد غريبة تحصل على خادمٍ خاصّ؟
لم يكن هذا موجودًا في تاريخ رويدن الطويل.
كان الخدم الخاصّون الذين تقوم رويدن بتربيتهم و تدريبهم هم قوّةً غير رسميّة مدرّبة تدريبًا مكثفًا.
كان من الأفضل ألا يُعرف وجودهم خارجيًا.
لأن ذلكَ سيعني أن عائلة الدّوق كانت تربّي قوّات من دونَ علم العائلة الإمبراطورية.
لذا، كان سادة عائلة رويدن السّابقون يخفون وجود الخدم الخاصّين بعناية.
لكن هذه المرّة، رغمَ كونها شخصًا دخيلًا بوضوح ، كان السّيد آيفرت رويدن يعاملها كما لو كانت شخصًا من داخل العائلة.
كان هناك العديد من الأشخاص القلقين بشأنِ ذلك.
لكنهم وثقوا بقدرة السّيد الذي أعـادَ إحياء شبكة و أُسس رويدن التي كادت تنقطع في الجيل السابق في وقتٍ قصير.
لم يكن ليصدر حكمًا خاطئًا.
لكن بالنّسبةِ لـرودين، الذي كان عليه خدمة امرأةٍ غريبة، كان الأمر مزعجًا.
سيفعل ما يُطلب منه، لكن هل هذه المرأة تريدُ حقًا أن تصبحَ جزءًا من رويدن؟
عندما ضيّـقَ عينيه،
―سويش.
شعرَ بحركةٍ مشبوهة تقترب من المنزل.
هاه؟
تحرّكَ رودين بسرعة، متسلّلا من الظلال.
“..…!”
قبل أن يصرخ الشّخص المذهول، ضغطَ رودين على رقبته ليُـسكته و سأل:
“مَـنٔ أنت؟”
“…..!”
في اللّحظة التي خفّفَ فيها قبضته للسماح له بالتّحدث،
―باك!
استغلّ الشّخص تلكَ اللحظة بدقة، دفعَ ذراع رودين و تراجع للخلف.
يا لـه من وغد!
تحرّكَ جسد رودين بسرعة نحوه. تفادى الشخص السّيف بالكاد و هربَ مبتعدًا.
“..…!”
بعد مطاردته لفترةٍ قصيرة، أدركَ روديـن أنه ابتعد عن المنزل. كان لديه هدفٌ لحمايته، لذا لم يستطع الاستمرار في المطاردة.
في اللّحظة التي استدار فيها روديـن بعد أن أنزل سيفه،
“هاه؟”
كانت لحظةً قصيرة فقط.
الوقت الذي انشغل فيه بالشّخص المشبوه.
لكن خلال تلكَ الفترة، توقّفَ الضجيج الصادر من المنزل.
ركضَ بسرعة نحو المنزل البعيد.
نسيَ أمر عدم الاقتراب و فتحَ الباب بعنف.
―كلانك!
وفي اللّحظة التي فتحَ فيها الباب،
“….!”
ســدَّ روديـن أنفه غريزيًا.
رائحة مخدّرة.
كانت رائحةً لا تؤثر عليه بسببِ مناعته، لكنها كانت مختلفة بالنّسبةِ للأشخاص الذين بداخل المنزل.
“هل هذا المكان الذي طلـبَ الدعم؟ أين الأم؟!”
اقتربت طبيبة من فرع فرقة الفرسان الزّرق متأخرةً،
“آه، آه…”
و تعثرت برائحة المخدر التي هبّـت فجأة.
بينما كان يمسك بالطّبيبة التي فقدت وعيها دونَ وعي منه، فكّـرَ روديـن في داخله و هو مصدوم.
‘كـمْ أتمنّى أن أنهار أنـا أيضًا الآن.’
لم تكن روديلا، هدف حراسته، موجودةً في أي مكان.
لقد كانت عمليّة خطف.
* * *
“ماذا؟”
―كراك!
تشقّقت الطّاولة المعدنية التي وضعَ آيفرت يده عليها على الفور.
كان ذلكَ بعد سماعه بخبرِ اختطاف روديلا.
انهارت الطّاولة المعدنية تحت يده و تحطّمت.
مع صوت المعدن الحاد و تناثر الشظايا، صمت الجميع.
“إذن، السّيدة روديلا…”
كان وجه روديـن، الذي ركضَ إلى رويدن دونَ توقف لتقديم التقرير، شاحبًا.
قبل أن يكـرّر أنّها ربّما اختُطفت، انقطعَ نفسه.
كان ذلك بسببِ الهالة العنيفة التي أطلقها آيفرت، و التي خنقت عنقه و أوقفت تنفسه.
“..…”
في تلكَ اللّحظة، تدفّقت كلمات عديدة إلى حلق آيفرت.
لكن لم تخرج أي كلمة.
تحـوّلَ ذهنه، الذي يفترض أن يهيمنَ عليه العقل، إلى اللّون الأبيض.
اختطـاف؟
كم عدد الأشخاص في هذه الإمبراطورية الذين يستهدفون روديلا؟
“أخبرني ما حدثَ بالتّفصيل.”
لو حدثَ لها مكروه، لما كان التّقرير يتحدّث عن الاختطاف فقط.
لذلك، تمكّـن بالكاد من التّمسك بعقله.
“حسنًا…”
شرحَ روديـن كلّ ما حدث.
جاءَ طلب دعم مدني، و دخلت روديلا بمفردها بسببِ الظروف، لكنه أهملَ الوضع و لم يدرك علامات الاختطاف.
“أنا آسف، لا عـذرَ لي.”
التعليقات لهذا الفصل " 73"