الأمور المعقدة يمكن التّفكير فيها بعد الانتهاء من العمل المهمّ!
بعد مغادرة آيفرت، حاولت روديلا التّخلص من ذلكَ الشّعور الغريب و اخذت تركّز على عملها، لكن جاءت مشكلة ليست بمشكلة عادية في تلكَ الليلة.
“أمـر… طارئ!”
كان أمرّا طارئًا، لكن بنبرةٍ غريبة بعض الشيء، طرق الفارس الأوّل لانارك باب غرفة معالجة الأوراق بسرعة.
“ما الأمـر؟”
طرقت روديلا المكتب كما لو كانت تقول “ادخل”.
فتحَ لانارك الباب بوجهٍ مرتبك وقال:
“طلب دعمٍ مدنيّ.”
نظرت روديلا إلى النافذة.
“في هذا الوقت من اللّيل؟”
عادةً، لا تأتي طلبات الدّعم المدني بشكلٍ عاجل في الليل. كانت تتعلّق غالبًا بمساعدات بسيطة مثل مساعدة الفلاحين في أعمال الزراعة.
وعلاوةً على ذلك، كان تعبيره المحرج مثيرًا للقلق.
“نعم، لقد طُلبَ الدّعم الآن بالضرورة.”
“ما نوع المشكلة؟”
“حسنًا…”
لكن الكلمات التي تلت جعلت روديلا تفهم تمامًا سبب ارتباكه.
“الأم الحامل في خطر.”
“ماذا؟”
فجأةً؟ أمّ حامل؟
لماذا يطلبون دعمًا مدنيًا من فرقة الفرسان لهذا الأمر؟
“الطّلب جاءَ من الحيّ الفقير. يبدو أنه لا يوجد طاقم طبيّ هناك.”
“حسنًا…”
كانت فرقة الفرسان تقدّم دعمًا طبيًا أحيانًا.
لكن مساعدة أمّ حاملٍ على وشكِ الولادة كانت مسألة مختلفة تمامًا.
في الإمبراطورية، كان جميع الأشخاص الذين يساعدون في الولادة من النساء، و هنا، للأسف، كان المكان…
مليئًا بالرّجال في فرقة الفرسان.
لم يروا مشهدَ ولادة من قبل.
باختصار،
“هل… يطلبون منّـا مساعدة أمّ حامل؟”
كيف؟
كان واضحًا أن الفارس الأول كان مرتبكًا لهذا السّبب.
عندما أمسكت روديلا برأسها، سمعت صوتًـا من الخارج.
“أمّ حامل؟”
كان هناك طبيب عسكريّ يمـرّ بالرواق، وصوته بدا عاجلاً.
فتحت روديلا الباب بسرعة.
بالطًبع، كان ذلكَ الشّخص رجلاً.
بدا مرتبكًا.
“لا تـوجد طبيبة في المقـرّ الآن.”
“ليس ذلكَ فحسب، لا توجد نساء على الإطلاق في المقـر. في هذا الرّبع، ذهبنَ جميعًا إلى الفروع، باستثناء مسؤولة الشؤون العامة.”
عند سماع ذلك، رفعت روديلا عينيها إلى السّقف.
إذن، أنـا المتبقيّة؟ إذا ذهبت للدعم، سأذهبُ وحدي؟
في تلكَ اللّحظة، سأل لانارك وهو يتململ:
“هل ستذهبين لتقديم الدّعم؟”
“كـم يجب أن يكونوا يائسين ليطلبوا المساعدة من فرقة الفرسان؟ يجبُ أن أذهب. لكن…”
المشكلة أنّني الوحيدة التي يمكنها الذهاب، لكنني لن أكونَ مفيدة هناك!
عندها قال الطّبيب العسكري:
“حسنًا، سأطلب المساعدة من الفرع على الفور. في غضون ذلك، من الأفضل أن تذهبي أنتِ أولاً يا مسؤولة الشؤون العامة، لتتأكدي من نظافة محيط الأم. على الأقلّ…”
بدأ الطبيب يسرد معرفته الطبية.
“انتظـر، تكلّـم ببطء! ببطء!”
بينما كانت روديلا، التي لم تكن معتادة على الارتباك، تتلعثم، انهالت عليها كميّةٌ هائلة من المعلومات الطبية.
حاولت أن تتجاهلَ المعلومات التي لا تستطيع تنفيذها و تركّز بهدوء على ما يمكنها فعله.
“إذن، هل تقصد أن أجعل المكان نظيفًا؟ هل آخذ قماشًا نظيفًا؟”
“نعم. بالنّظر إلى المسافة بين الحيّ الفقير و المقر، من المحتمل أن تكون آلام الأم قد بدأت منذُ فترة. ربّما بدأت الولادة بالفعل، لذا اسرعي!”
عندما بدا الطبيب مستعجلًا، شعرت روديلا بالعجلة أيضًا.
“حسنًا، سأذهب!”
بعد حوالي عشر دقائق، وُضعت كومة من القماش النظيف، ملفوفة في عدّة طبقات، على حصان روديلا.
حتّى بالنّسبةِ للنّبلاء الذين يرافقهم الأطباء، تمـوت الأمّهات أحيانًا، فكيف سيكون الوضع في الحيّ الفقير؟
مع هذا القلق، ركلت روديلا الحصان بسرعة.
“ها!”
بعد فترة وجيزة من انطلاق حصانها بسرعة، تبعـه حصان آخر.
كان رودين، فارس الحراسة من رويدن، يومئ برأسه كما لو يطمئنها، ثم خفّف سرعته ليتبعها من الخلف.
استرخى تعبير روديلا قليلاً.
على الأقلّ، شعرت ببعضِ الطمأنينة لأنها لم تكن بمفردها في منتصف الليل.
… لحظه، أليس السّيد رودين رجلاً أيضًا؟
إذن، لن يتمكن من دخول مكان الولادة؟
أصبحَ تعبير روديلا جـادًّا.
* * *
عندما وصلت إلى المكان، كان الحيّ الفقير بأكمله صاخبًا.
بما أنه مجتمع مغلق، كان الأشخاص الذين يعرفون بعضهم جيّدًا قد تجمعوا بالفعل في منـزل الأم، على أمل تقديم أيّ مساعدة ممكنة.
“…..!”
من ردود فعلهم المفاجئة عند رؤيتها، بدا أن طلب الدّعم المدني من فرقة الفرسان الزّرق لم يكن قرارًا متفقًا عليه بين الجميع.
إذن، دخولها بصفتها مسؤولة الشؤون العامّـة في فرقة الفرسان الزّرق لن يؤدي إلا إلى إثارة الرّفض.
وعلاوةً على ذلك،
“ما هـذا؟”
عندما نظرَ رجل إلى المنزل الصّاخب بسببِ الأم الحامل، كانت النّظرات الحادّة تتجه نحوه.
“سيّد رودين، لا تدخل، ابـقَ بالخارج.”
عند هذه الكلمات، بدا تعبير رودين مرتبكًا قليلاً.
كان الأمر الذي تلقّـاه من سيّده هو حمايتها.
“… المكان الذي ستدخلينه ضيّقٌ و خطير.”
عند كلماته، غرقت روديلا في التّفكير. كان من الطبيعي أن يكون الحارس مرتبكًا.
“إذن، تحقّق أوّلاً إذا كان المنزل آمنًا.”
كان من السّهل عليه التّحرك دونَ إثارة الانتباه.
خاصّـةّ في مثل هذا المكان صاخب .
في النهاية، اختفى رودين في الظلال، و بعد فحص المنزل، عـاد إلى جانبها.
لم يكن هناك أيّ شخصٍ مشبوه بناءً على ما رآه من النافذة أو الأصوات التي سمعها.
“كيف الحال؟ هل يبدو آمنًا؟”
على الرّغمِ من أن الوضع قد يحمل متغيرات غير متوقعة، كان عليها هي رغمَ كونها هدف الحراسة، الدّخول بمفردها.
بينما كان رودين مترددًا، قالت روديلا:
“راقب الوضع، و إذا بدا أنّ هناك شيئًا غير طبيعي، ادخـل فورًا.”
بما أنه فحصَ المكان… في النهاية، أومأ رودين.
“… مفهوم.”
عندما تراجع، نزعت روديلا الزخارف الذهبية و الحلي المتدلية من ملابسها بعشوائية و أخفتها في جيبها.
ثم حملت الحقيبة و سارعت نحو منزل الأم الحامل.
“مَـنْ أنـتِ؟”
على عكس ملابس سكّان الحي الفقير البالية، كانت ملابسها أنيقة جدًا.
حتى بعد نزع الزخارف، ظلّت كذلك.
بطبيعة الحال، أثارت نظرات المتواجدين الحذر.
“أنا خادمة من فرقة الفرسان الزّرق. سمعت أن هناك طلبَ دعمٍ مدني.”
حاولت روديلا أن تبدو هادئة قدر الإمكان وهي تتحدّث بلباقة.
على أيّ حال، كان هناك مَنٔ طلب الدعم المدني بالفعل.
“دعـم… مدني؟”
نظرت إليها المرأة بوجهٍ متشكّك.
كانت قد سمعت شيئًا عن فرسان يقدمون الدعم المدني.
لكن أن يصلوا إلى هذا الحيّ الفقير المتداعي؟
و الأكثر من ذلك،
“مَـنٔ أخبر الأشخاص الذين ينتمون للخارج؟”
كان المجتمع المغلق في الحيّ الفقير يرفض الغرباء.
المساعدة غير المطلوبة كانت مرفوضة.
لأنهم لا يعرفون أيّ ثمن قد يُطلب منهم.
لكـن،
“أنا مَنٔ طلبت المساعدة! قالوا إن هناك طبيبة!”
خرجت امرأة من الداخل بسرعة، متخطية الحشد.
نشبت مشادة بينها و بين المرأة عندَ الباب.
“هل جننتِ؟ ألا تعرفين ماذا يحدث إذا اختلطتِ بالنّبلاء بشكلٍ سيء…؟”
على الرّغمِ من أنها قدمت نفسها كخادمة، كانت روديلا ترتدي زيّ فرقة الفرسان الزّرق.
ومع ذلك، كانت الكلمات تجاهها حـادّة دون مواربة.
ردّت المرأة التي طلبت الدعم المدني بعبوس و صوتٍ مرتفع:
“فرقة الفرسان الزّرق مختلفة عن فرقة الفرسان الحمر! انظري! لقد جاؤوا للمساعدة الآن!”
“هـذا…”
مع وجود الدّليل أمامها، لم تستطع المرأة التي كانت تمنع روديلا أن تـردّ.
لكنها لا تزال تنظر إلى روديلا بعـدم ثقة.
يبدو أن شائعات فرقة الفرسان الزّرق لم تنتشر بشكلٍ كامل في الحي الفقير.
بالطبع، لم تتوقع روديلا ذلك.
كان من الطبيعيّ أن يكون لديهم تفاعل ضئيل مع الطبقة الوسطى، و يرفضون زيارات الغرباء أكثر، نظرًا لأنهم يكافحون للعيش كلّ يوم.
لكن، كما هو متوقع من مكانٍ يتمتع بتفاعـل داخلي كبير، بدا أن جميع نساء الحيّ قد تجمعن في هذا المنزل.
“أمـرَ الطّبيب بجعل محيط الأم نظيفًا.”
نظرت روديلا إلى المرأة مباشرةً.
“أفهم أن الثقة بالغرباء صعبة، لكن إذا كنتِ قلقة، يمكنكِ البقاء بجانبي و مراقبتي.”
كانت تقول إنها تريد السّماح لها بالدخول لتنظيف محيط الأم.
ترددت المرأة و هي تنظر إلى القماش في يدي روديلا وإلى الأم. كان القلق على الأم واضحًا في عينيها.
لكنها تراجعت أخيرًا.
“… إذا كنتِ مصرّةً إلى هذا الحدّ.”
حسنًا قبل كلّ شيء، كان صحيحًا أن روديلا تحمل قماشًـا نظيفًا.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 72"