“لا يمكن لفارس يحمل سيفًا أن يقول كلامًا و يتراجع عنه في نفسِ الوقت.”
أومأََ لاتيني برأسه بثقة.
“في هذا السياق، سأشير إلى مسؤولة الشؤون العامة التي تجلسُ هناك بأناقة تحتَ أشعّة الشمس و هي تعمل.”
كان المكان الذي أشارَ إليه هو المكان الذي تجلسُ فيه روديلا.
لم تكن تتلقّى أشعّة الشمس بأناقة، بل خرجت من المكتب الذي تشاركه مع آيفرت لأنّ العمل لم يكن يتقدّم على الإطلاق.
“نعم؟”
نظرَ لاتيني إلى مسؤولة الشؤون العامة، التي بدت مشتتةً مؤخّرًا، بوجهٍ مليء بالشفقة.
“تبدو متعبةً بعضَ الشيء، لذا دعونا نمنح مسؤولة الشؤون العامّة تصفيقًا مشجعًا.”
“واووو!”
―تصفيق، تصفيق، تصفيق!
تلقّت روديلا فجأةً تصفيقًا و هتافات، مما جعلها أكثر ارتباكًا.
ما هذا الموقف؟
“على أيّ حال، بناءً على الحسابات التي أجرتها مسؤولة الشّؤون العامة، الفارس الذي قلّلَ من حجم الخسائر في هذا الرّبع هو…”
صمتَ الجميع بانتظار كلمات لاتيني.
“السير لانارك. تصفيق!”
“ووواه!”
كان صراخ لانارك نفسه أعلى من الهتافات.
قفزَ في مكانه من الفرحة وهو يصرخُ ببهجة.
“كما وعدنا، سنحوّل 5% من قيمة الخسائر المخفضة إلى ذهب و ندفعها له، لذا استخدمها جيّدًا.”
نظرًا لأن الأضرار التي كان يعوضها الفرسان الزّرق عادةً كانت صخمة، فإن 5% من المبلغ المخفض كان أكثر مما يمكن تخيّله.
كانت فرصةّ حقيقيّة لتغيير الحياة.
“والآن التالي…”
استمرَّ لاتيني في توزيع الجوائز.
كان هناك اهتمام كبير بإعلانِ نتائج هذا الإجراء الخاصّ، حتى أن بعض الناس أخذوا إجازات من الفروع للحضور و مشاهدة الحدث.
على الرّغمِ من إرسال إشعارات إلى الفروع، لم يستطع البعض تحمّل الانتظار و هرعوا إلى هنا.
وكما هو متوقّع، حصلَ السّاحر فيليكس على جائزة منفصلة في قسم الأبحاث.
“تـمَّ منح الجائزة تقديرًا لاختراع الأصفاد السحرية، لذا دعوا السّحرة الآخرين يواصلون البحث بـجدّ.”
في الحقيقة، كانت الجائزة مكافأةً لتطوير مفتاح الأصفاد السّحرية التي ربطت معصمي روديلا و آيفرت بسرعة، لكن كان من الأفضل ألا يتمّ معرفة هذه الحقيقة.
بما أن جميع الفرسان نجحوا في تقليل الخسائر، حصلَ الجميع على ما يريدونه.
حصلَ البعض على آلة موسيقية، و البعض الآخر على نـول (آلة للحياكة)، و هكذا…
“أتمنّى أن يواصل الجميع العمل بـجدٍّ في هذا الربع أيضًا.”
“حسنًا!”
كان من الطبيعيّ أن ترتفع الرّوح المعنوية.
في هذه الأثناء، كانت روديلا، التي كانت تراقبهم و هي غارقة في أفكارها، قد نجحت أخيرًا في التركيز.
وفقًا لما أُعلِـن هناك، كانت نتائج هذا الرّبع جيّدة جدًا.
خاصّة أنّ تقليل الأضرار الكبيرة إلى أقلّ من ثُمن ما كانت عليه في الرّبع السّابق كان مبهرًا.
ولم يعني ذلكَ أنهم فشلوا في إنقاذ الأرواح.
حتى لو لم يكن منافسهم هو الفرسان الحمر فقط بل جـدّ الفرسان الحمر نفسه، لما استطاعوا التّغلب على هذه النتائج!
أمسكت روديلا قبضتها بقوّة.
إذا استمرَّ الأمر هكذا، فإن منصب الوزيرة الأولى ليس بعيدًا!
لو أنها فقط تستطيع أن تبـرزَ في عينيّ جلالته بإنجازٍ كبيـرٍ واحد فقط…
لكنها لم تكن متأكدّةً من ماهية ذلك، وتوصلت إلى أنّه من الأفضل أن تركّز على عملها بدلاً من التّسبب في المشاكل.
تنهّدت روديلا تنهيدةً قصيرة.
حسنًا، دعينا نركّز.
“هل يمكنني تقبيـلكِ؟”
ومع فكرة التركيز، ظهرت صورته في الحفلة في ذهنها.
“كنتُ أحاول التركيز!”
أمسكت روديلا رأسها مرّةً أخرى.
كانت قد خرجت لأن مجرّد رؤية آيفرت يتحرّك أمامها كانت تشتّت انتباهها، لكن ذلكَ بحدّ ذاته كان يزعجها.
هناك ، يوجد المكان الذي كان آيفرت يقف فيه غالبًا في ساحة التدريب.
و ذلكَ الباب الذي حطّمه آيفرت بركلة.
و هناك…
“آه!”
لماذا أفكّر بهذه الأشياء فقط!
بالطّبع، لم تكن هذه الأفكار تأتي من فراغ.
كان ذلكَ بسببِ اللّيلة الماضية.
نامت روديلا مرهقة كالمعتاد، و ظهرَ هو في حلمها.
“هل يمكنني تقبيـلكِ؟”
كان مشهدًا واضحًا لدرجة أنها لم تستطع تمييز ما إذا كان حلمًا أم واقعًا.
لكنها أدركت في لحظةٍ أنه حلم.
على عكسِ آيفرت الذي كان يبتسم و يتحدّث عن أماكنَ أخرى، اقتربَ آيفرت الذي في الحلم منها بنظرةٍ عميقة…
―قبلـة.
قبّـلَ جبهتها، ثم أطلقَ ضحكةً منخفضة دغدغتها.
ثم مـرَّ إلى خدّها…
“آه!”
هل جننت؟
ضربت روديلا رأسها بالأوراق التي كانت تحملها.
“….؟”
شعرت بنظرات لاتيني و الفرسان تتجّه إليها، لكنها لم تستطع الاكتراث.
لحسنِ الحظ، بما أنها لم تقبّلـه من قبل، لم يظهر ما بعد ذلكَ في الحلم.
بسببِ تلك الفكرة التي وجدتها مطمئنةً بشكلٍ لا يصدق، كانت روديلا تضرب البطانية بعنف في الفجر.
آه!
بدلاً من الصراخ، واصلت ركل البطانية.
“ستؤذين نفسكِ هكذا.”
…نسيتُ أن آيفرت نفسه كان هناك.
“آه؟”
كم مضى منذُ بدآ ينامان معًا، و ها هي تتصرف وكأنها تنام بمفردها!
فكّرت في ذلك، ثم كادت تقفز من السرير عندما خطرت لها فكرة “مضى وقتٌ طويل منذُ أن بدآ ينامان معًا”.
لحسنِ الحظ، كانت الأنوار مطفأة.
لم تتخيل حتّى التعبير الذي كان سيكون على وجهه لو رأى هذا التصرف المخزي.
“…..”
فكرت روديلا في اللّيلة الماضية، وكانت لا تزال ترغب في ضرب الأرض بقدميها.
لماذا لم ينم؟ كيفَ استيقظ على الفور؟ ألم يكن نائمًا؟
حتى لو كان نومه خفيفًا، كان صوته طبيعيًا جدًا.
قبل أن تجرفها شلالات الأفكار مرّةً أخرى،
“روديلا؟”
ظهرَ ظلّ فجأةً أمامها.
ثمّ اقتربَ وجـه.
“آه!”
كادت روديلا المذهولة أن ترمي الأوراق.
كان من الطبيعيّ أن تتفاجأ عندما يظهر الشّخص الذي كان يشغل ذهنها فجأةً أمامها.
“كنتُ أعيش حياتي و أنا واثق أن وجهي لا يستحقّ الصّراخ عند رؤيته.”
بالطبع، كان من المنطقي أن يشعر آيفرت بالحيرة.
“آه، لا.”
لم تستطع قول شيءٍ غريب مثل “كنتُ أفكّر بـكَ”، فلوّحت روديلا بيدها.
“حقًا، لأنكَ ظهرت فجأةً…. لا، لا.”
هزّت روديلا رأسها.
“….؟”
رفعَ آيفرت حاجبيه كأنه يسأل عما تعنيه، لكن روديلا واصلت التّلويح بيدها.
“…..”
وبعد لحظة صمتٍ قصيرة،
أدركت روديلا أنها أجابت على شيءٍ لم يسأله، فغطّت نصف وجهها بالأوراق.
كان هذا هو شعور النبّيلات اللواتي يستخدمن المراوح في الحفلات الاجتماعية!
لا بد أنهن يحملن المراوح لإخفاء تعابيرهن عندما يشعرن بالحرج.
بينما كانت تحاولُ إخفاء وجهها خلفَ الأوراق،
بدا أن الجانب الآخر من الأوراق هدأ للحظة.
ثم، فجأةً، اخترق صوت هادئ أذنيها.
“سأذهب إلى مهمّة خارجية.”
“هاه؟”
أخرجت رأسها من خلفِ الأوراق، فأشارَ آيفرت إلى الخارج.
“هناك عمل في رويدن. لن يستغرقَ وقتًا طويلًا.”
“آه؟”
رمشت روديلا بعينيها.
هكذا فجأةً؟
بالطّبع، بما أن الأمر يتعلّق برويدن، فمن الطبيعيّ أن يذهب آيفرت، كونه المسؤول، لكن…
بينما كانت مشاعر خفية من الإحباط تتصاعد في قلبها دونَ سبب واضح،
لـوّحَ إيبرت بيده بخفة و استدار على الفور.
بينما كانت تراقب ظهره و هو يبتعد، بدأت أسئلة مفاجئةٌ تثير حكة في فمها.
ألا تشعـرُ بشيء؟
كادت روديلا أن تسأله هذا، لكنها توقّفت.
و آيفرت، الذي كافحَ ليبتعدَ عنها، و لم يتنفّس حتّى وصلَ إلى مكانٍ لا يُـرى فيه، توقّفَ أخيرًا.
“هاه.”
كان وجهه أحمر من خدّيه إلى أذنيه، و أخرجَ نفسًا بالكاد.
و أخذَ يفكّـر،
كم كانَ ذلكَ خطيرًا.
كِـدتُ أقبّلـها.
التعليقات لهذا الفصل " 71"