“أرجو أنْ تعتنوا بي جيدًا. لكن لماذا أنا ‘الأخت الكبرى’؟”
معظم أعضاء قسم إدارة الشؤون العامة يدخلون بمنصب مساعد إداري، قريب من رتبة مساعد قائد الفرسان من حيث المكانة، لضمان عدم وجود مشكلاتٍ في النّشاطات.
إذن، من أين جاءتْ تسمية “الأخت الكبرى”؟
“استخدموا الألقاب بشكلٍ صحيح.”
نظر آيفرت، الذي كانَ يقف بجانبها، إلى الجميع حوله.
كانَ يبتسم، لكن عينيه لم تكونا تبتسمان.
بما أن لقب “الأخت الكبرى” بدا مزعجًا بشكلٍ كبير حتى لخطيبها، نائب قائد فرقة الفرسان الزرق، استعاد الفرسان رباطةَ جأشهم على الفور.
“حسنًا!”
“تشرّفنا بلقائكِ لأول مرة، السيدة روديلا سيفريك!”
لكنني لم أطلب منهم التصرّف كما لو أنّهم يرونني لأوّلِ مرة؟
تنهّدت روديلا سرًا بعمق.
كانَ من السّهل فهم لماذا لم يتمكّن أعضاء إدارة الشؤون العامة من النبلاء من السيطرة على هؤلاء الفرسان المرِحين و غير الرسميين.
“مِن هنا.”
في هذه الأثناء، أشار آيفرت إلى الفرسان الذين كانوا يقدّمون تحيّتهم ليبتعدوا، ثم رافقَ روديلا.
كما هوَ متوقّع، كانت أخلاقه لا تشوبها شائبة.
كانتْ إشارته تختلف تمامًا عن الحركات الوحشية التي كان يستخدمها عادةً مع الفرسان.
” نائب القائد، كما هو متوقّع ، يذوب أمام السيدة سيفريك.”
بينما كان الفرسان يتهامسون، فُتح باب غرفة فرقة الفرسان الزرق.
مع كل هذا الضجيج، لم يكن هناك مجال لأن يغفل قائد الفرقة عن الوضع.
“كفى ضجيجًا! اذهبوا للتدّريب!”
لوّحَ قائد فرقة الفرسان الزرق، لاتيني، بيده، و هوَ أيضًا ليس من النوع الذي يهتمّ كثيرًا بالرسميات.
“ادخلوا بسرعة. لديّ الكثيرُ لأقوله و الوقت قليل.”
* * *
قائد فرقة الفرسان الزرقاء، لاتيني موديلاك.
يُعتبر أحد الأبطال الرئيسيين الذين أنهوا الحرب، و يُقال إن “سيف موديلاك” يُجبر أيّ خصم على التراجع، سواء في الإمبراطورية أو في أي ركن من أركان القاّرة.
حتّى الوحوش التي غطّت الإمبراطورية، و الكائنات التي كانت تسيطر عليها، كانتْ تخاف من مجرّد ذكر اسم “لاتيني موديلاك”، حتى لو لم تفهم لغة البشر.
كانَ وجوده فريدًا إلى هذا الحد، وبالطبع، كانت قوته القتالية استثنائية.
صديق مقرب لوزيرة الإمبراطورية هارنيس الحالية، و مساعد لا تشوبه شائبة في الشؤون العامة، كانت مسيرته مثاليّة باستثناء عيب واحد.
و هذا العيب كان فرقة الفرسان الزرق.
وبسببِ هذا العيب، كانتْ ثروته و شهرته تتآكلان تدريجيًا.
“لا تعلمين كم انتظرتكِ، السّيدة سيفريك.”
كادَ أن يعانقها بحركةٍ تبدو وكأنه على وشك البكاء، فتراجعت روديلا بهدوء إلى الخلف.
لكن آيفرت تقدّمَ ليقفَ أمامها.
“إذا عانقتَها بالخطأ ، فقدْ تسحقُها.”
رفع آيفرت غمد سيفه ليمنعه، فأطلقَ لاتيني تنهيدة ساخرة.
“هل تعتقد أنني مثلك؟ لا أستطيع التّحكم بقوّتي؟”
لو كانَ الأمر كذلك، لما استمرّت شهرته حتّى الآن.
بالطبع، هذه الفرقة الزرقاء، التي جمعها بناءً على الأخلاق و الإمكانيات بغض النّظر عن الأصول، كانت تدمّر اسمه بشكل جماعيّ!
و قلب هذه المشكلة كلّها ، كان نائب القائد آيفرت بكلّ فخر.
“من حسن الحظ أنّكَ حذر.”
نظرَ لاتيني باستغراب إلى آيفرت الذي تراجع، وكذلك فعلتْ روديلا.
لكن هذا لم يدمْ طويلًا.
سارعت روديلا لتحيّة وجه مألوف لم تره منذ فترة.
“سيدي القائد، لم أركَ منذُ زمن!”
“بالفعل. لقد مرَّ وقتٌ طويل. متى كانت آخر مرة رأيتكِ فيها عن قرب؟”
ابتسم لاتيني بفرح.
“منذ تخرّجي من الأكاديمية، لذا مرّ وقت طويل حقًّا. يبدو أنّكَ مررتَ بالكثير مِنَ.. المتاعب.”
لم يكن من الممكن أن يغفل لاتيني، صديق الوزيرة، عن روديلا التي تعتزُّ بها الوزيرة.
إذا كانت الوزيرة تعتبرها كابنة، فقد كانتْ بالنسبة لـ للاتيني كابنة أخ.
كانت روديلا عزيزةً عليه أيضًا. حتى لو لم يتمكّن من مقابلتها في جلسات خاصة بسبب الأعين الكثيرة، كان حبّه لها واضحًا في عينيه.
و الأهمّ من ذلك ، كانَ من الطبيعي أن يفرح لأن روديلا، التي يعتبرها كابنة، جاءت إلى هذا المكان الخطير لحلّ المشكلات.
“كنتُ متعبًا جدًا. و لهذا لا وقت لديّ اليوم أيضًا.”
ظهرَ الإرهاق على وجهه فجأةً.
“لننتقل إلى صلبِ الموضوع.”
أجلسهما لاتيني أمامه، وأخرج ورقةً فارغة من تحت المكتب.
“لا مال و لا وقت، ولا شيء يملكه الفرسان الزرق.”
―كراك!
فتح لاتيني غطاء القلم بفمه ، و كتبَ شيئًا بسرعة على الورقة، ثمّ رفعها أمامهما.
[736,549,214]
رمشت روديلا بعينيها أمامَ الرّقم المفاجئ.
736 مليون و549 ألف و214؟
“هل تعرفان ما هذا، أنتمَا الاثنان؟”
رد آيفرت بلا مبالاة:
“هل هذه ثروتكَ، سيدي القائد؟”
غني جدًا؟
―جلجلة!
تحطّم غطاء القلم في فم لاتيني إلى نصفين.
بصق لاتيني الحطام و ابتسمَ برحمة.
“بالطبع، كانَ هناك وقت لم يكن هذا المبلغ يعني شيئًا. أيها الدوق لويدن، أليس كذلك؟”
خارجَ الجيش، قد يكون الأمر مختلفًا، لكن داخل الجيش، كانَ من المعتاد عدم استخدام الألقاب.
الإنجازات كانت أهمّ من الألقاب، تكريمًا لمن حققوا انتصارات في حرب الوحوش السابقة.
لكن كانَ هناك سببٌ لاستخدام لاتيني للّقب الآن.
وكأنّه فهم ما يعنيه، رد آيفرت:
“إنها مختلفة عن حجم ثروة عائلة لويدن.”
بمعنى: هذه ليست ثروتي؟
ضحكَ لاتيني بمرح، وكأنّه تخلّى عن توقّع إجابة صحيحة.
نقل نظره إلى روديلا.
“هذا هو مبلغ التّعويضات عن الأضرار التي تسبّب بها نائب قائدنا الموقّر، السيد آيفرت لويدن، ‘بمفرده’ في المباني و الممتلكات خلال الربع الأخير. بالطبع، التعويضات السّرية غير مشمولة.”
“ماذا؟”
ما الذي قاله؟
فتحتْ روديلا فمهَا بدهشة.
كانَ الجميع يعلم، حتّى الحجارة في ريف الإمبراطورية تعلم ، أنّ آيفرت يدمّرُ كلّ شيء حوله عندما يقبضُ على المجرمين.
لكنها لم تعرفْ المبلغ.
هذا المبلغ يكفي لإفلاس عائلة نبيلة!
‘و هذا شيء… يجب عليّ حله؟’
ارتجفت زاوية فم روديلا.
لكنها لمْ تستطع قولَ كلامٍ فظّ أمام لاتيني.
علاوة على ذلك، يعتقد السّيد لاتيني أننا زوجان عاشقان على وشكِ الزّواج؟
لو تسرّبَ أنّ علاقتنا انهارت، سأُدفن تحت دعوات الزّفاف في نفس اليوم!
كبحتْ روديلا كلامها المتصاعد بصبرٍ هائل.
“…الثّمن يفوق التّخيلات.”
“أليس كذلك؟”
كانت ابتسامة لاتيني خاليةً من الروح.
“ليس هو فقط من يقومُ بالتّدمير. لقد جمعتُ أشخاصًا أقوياء، فهم ينقذون الأرواح لكنهم يكسرون قلوبَ الناس.”
ينقذون الأرواح، لكن ثروتي تموت.
ضحك بمرح وقال:
“مهمتكِ، أيتها السيدة سيفريك، هي منعهم من التدمير. أنا أتوقّع منكِ الكثير، الكثير جدًا.”
…بالتأكيد، لنْ يكونَ الأمر سهلاً.
لكن…
“سأحاول. لا، سأنجح.”
إذا نجحتُ في هذا، فإن منصب الوزيرة المقبلة مضمون، أليس كذلك؟
إذا تمكّنتُ من تحويل أكثرِ مجموعةٍ مثيرة للمشاكل في الإمبراطوريّة ، وأقوى قوّةٍ عسكريّة، إلى قوة “طبيعيّة”، سيكون ذلك مفيدًا للإمبراطورية بكلّ الطرق.
كانتْ هذه المهمّة الحاسمة قد وُضعت في يدي روديلا سيفريك.
* * *
“لن أتدخّل بين زوجين. سأعرّفكما على الداخل أيضًا.”
بما أنّ الوقت كان محدودًا حقًا، طرد لاتيني الاثنين بسرعة.
ثم عادَ ليكتب رسائل.
كانَ واضحًا أنّه يكتبُ اعتذارات متواضعة باسمه إلى مالكي الممتلكات التي دمّرتها فرقة الفرسان الزرق.
تذمّر لاتيني بأنّ مهارته في الكتابة تحسّنت أكثر من مهارته في السّيف منذ أن أصبح قائد الفرسان الزرق، و تركهما خلفه بينما دخلَ الاثنان إلى داخل مقر الفرسان الزرق.
كانا متّجهين إلى مكتب النائب.
لكن الطّابق يختلف عن ما سمعته من قبل؟
كان آيفرت يأخذها إلى مكانٍ غريب.
“ألم نكن ذاهبين إلى مكتب النائب؟”
“الموقع الأصلي بدا غير مريح، فغيّرته.”
رد آيفرت.
ما الذي يجعله غير مريح؟ أشعّة الشّمس الصباحيّة؟ على أيّ حال، سيكون هناك عمل ليلاً، فما فائدة الشمس؟
تبعته وهي تحمل تساؤلاتها، لكن موقع مكتب النائب الجديد كان…
“…أليس هذا بجوارِ غرفتك؟”
لماذا في هذا المكان؟
قبل أنْ يجيب آيفرت، أخذَ يدها و قبّلَ ظهرها بلطف.
“لا يمكن لزوجين على وشكِ الزّواج أن يعيشا بعيدًا عن بعضهما.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 6"