عادةً ما لا يؤدّي التدخّل في شؤون الحبّ للآخرين إلى نتائج جيدة.
هذا ما كانتْ تؤمن به سيسيليا دائمًا.
لكن عندما رأت الموقف يتكشّف أمام عينيها، لم يكن من السّهلِ التمسّك بهذا المبدأ.
عندما رأتهما في ميرفول آخرَ مرّة، كانا متلاصقين ويبدوان سعيدين.
على عكسِ ما بدا كتمثيلٍ قبلَ فترة قصيرة، شعرت سيسيليا أنّ باب قلب روديلا قد بدأ ينفتح.
كانت تشاهدهما عن قرب، فكيف لا تعرف؟
لكن يبدو أنّ روديلا لم تكن تدركُ ذلك.
وإذا لم تجدْ روديلا الإجابة هنا و توصّلت إلى استنتاجٍ خاطئ، فقد تسلكُ علاقتهما طريقًا طويلًا و معقّدًا.
هل يجب أن أتدخّل؟
غرقت سيسيليا في التّفكيرِ للحظة.
لم تكن تريد أن تفقدَ صديقيها العزيزين.
لكن كلّما طالت أفكارها، شعرتْ فجأة بغضبٍ يتصاعد.
مرّت في ذهنها قصّة حبّ هذين الصديقين اللعينين اللذين راقبتهما بصمتٍ طوال هذا الوقت بدافعِ الوفاء.
ارتفع عرقٌ على جانبِ جبهة سيسيليا.
إنّها سريعة وذكيّة في العمل، فلمَ هي بطيئة جدًّا في أمورها الشّخصيّة؟
“في رأيي…”
عندما فتحتْ فمها، نظرت إليها روديلا بعيونٍ متلهّفة.
سببُ تصرّفات آيفرت الغريبة مؤخّرًا.
“عادةً عندما يفعلُ المرء أشياء غير معتادة… فذلك لأنّ الظروف تغيّرت.”
نظرتْ سيسيليا إلى روديلا المتردّدة وتابعت:
“أو ربّما لأنّه يريدُ علاقـةً مختلفة.”
عندَ هذا الكلام، فتحت روديلا عينيها على مصراعيهما بوضوح.
“ولا يبدو أنّ صديقتكِ تكره ذلك. لو كانت تكرهه، ألم تكن ستهربُ منذُ البداية؟”
بعبارةٍ أخرى، لا يبدو أنّكِ تكرهين ذلكَ أيضًا، أليس كذلك؟
قالتْ سيسيليا بهدوء.
وفكّرت في نفسها:
‘آيفرت، ستدين لي بدينٍ كبير لاحقًا.’
* * *
علاقة مختلفة؟ كيف؟
―طقطقة!
في طريقِ عودتها بالعربة، ظلّت روديلا تفكّر في كلمات سيسيليا.
آيفرت يريدُ علاقة مختلفة معي؟
أيّ نوعٍ من العلاقة؟
في ذهنها، كانا لا يزالان أصدقاء، و يجبُ أن يظلا كذلك.
إذا لم يكن الأمر كذلك…
“…مستحيل.”
لا، لا تفكّري بأفكارٍ غريبة.
أمسكت روديلا رأسها.
ماذا لو أسأتُ فهم صديقٍ رافقني نصفَ حياتي وتسرّعت ، ثم تدهورت علاقتنا؟
هذا سيكونُ كارثة بحدِّ ذاتها.
قبلَ ذلك،
أليس آيفرت معروفًا بتمييزه الواضح بين العمل و الحياة الشخصيّة؟
“…هل هو لطيفٌ معي فقط؟”
لكن عند التفكير… تذكّرت كيف حمى فيليكس.
وفي اليومِ الذي أمسكوا فيه بذلك اللصّ.
لو كانَ هناكَ شخصٌ آخر بدلاً مني تحتَ المبنى المنهار،
هل كان سيتركه ليموت؟
“لا…”
هل أنا مَـنْ يعتبر نفسه مميّزًا؟
ربّما لا يفكّر هو بشيء، و أنا وحدي…
“يا للعار، حقًّا.”
فركت روديلا وجهها بيديها.
لكن الشكوك ظلّت عالقة في قلبها.
إذن، لمَ أفسّرُ كلامه و تصرّفاته بشكلٍ مختلف؟
لِـمَ أعتبر تصرّفاته مميّزة؟
لِـمَ أريدُ أن يعاملني بشكلٍ مختلف؟
“…..”
توقّفت روديلا عن التّفكير أمامَ الإجابة.
شعرتْ أنّها لا يجب أن تتخطّى هذه النقطة.
ماذا لو سألته:
“هل تحبُّنـي؟”
ماذا سيقول؟
أوّلُ ما تبادر إلى ذهنها كانَ وجهه المحتاى.
“إذن، هل تكرهني؟”
“…سيكون ذلكَ جيّدًا.”
غطّت روديلا رأسها.
تذكّرت أشخاصًا في قسم الشؤون العامة طُردوا مؤخّرًا بسببِ لعبهم في الحبّ.
رجل و امرأة تقاطعت أعينهما بالصّدفة، لم يعرفا أنّهما يحبّان بعضهما، لكن بالنّسبة للآخرين، كان واضحًا أنّهما يلعبان لعبة الحبّ، و تسبّبا بكلّ أنواع المشاكل لمن حولهما.
“كيفَ يمكن للسيّدة دينيفي أن تكون لطيفةً هكذا؟”
“لطيف؟ مَـنْ؟ إيكلا دينيفي؟”
كان الرّجل من قسم الشؤون العامة، الذي كان ينظر إلى إيكلا دينيفي بعيونٍ متّقدة بالقلوب، مشهدًا لا يُطاق.
بالطّبع،
“لا، لا يمكن لشخصٍ وسيم ومن عائلة جيّدة مثل السيّد روديال أن يحبَّ شخصًا مثلي.”
كانت إيكلا دينيفي، التي كانت تحمرّ وجهها أمام السيّد روديال فقط، مشهدًا ممتعًا بنفسِ القدر.
وعندَ الحديث عن قصّتهما، حتّى كارتل النبلاء في قسم الشؤون العامة كان يتّفق مع روديلا.
“لـمَ هما الوحيدان اللذان لا يعلمان؟”
كان هذا رأي الجميع.
“لو توقّفا عن الشكوى للآخرين.”
تذكّرت فجأة كلامَ أحد أعضاء قسم الشؤون العامة، فتوقّفت روديلا لحظة.
لحظة، ألم أتذمّر كثيرًا للتوّ؟
“…..”
احمرَّ وجه روديلا.
تذكّرت نظراتها لإيكلا دينيفي و روديال.
“هما مصيبة بحدِّ ذاتهما، لا يميّزان بين العمل والحياة الشخصيّة، أغبياء. هل جاءا إلى قسم الشؤون العامة ليحبّا؟”
“…..”
هزّت روديلا رأسها بقوّة.
لن أكونَ أبدًا مثل إيكلا دينيفي أو روديال، و أسبّب المشاكل للجميع دون وعي!
* * *
عادت روديلا في تلكَ الليلة.
“أين آيفرت؟”
“ماذا؟”
ما إن وصلتْ إلى المقرّ، سألت روديلا عن مكان آيفرت دونَ وعي.
وبينما كانت تمشي في ممرّ المقرّ، تلقّى الفارس الأقدم لورينتز سؤالها بذهول.
عادةً ما كانت تناديه بالنائب، فهل اقتربا أكثر أخيرًا؟
“آه، لا، أعني نائب القائد.”
أصلحت كلامها متأخّرةً و احمرّ وجهها، وكأنّها عروس خجولة.
ضحكَ لورينتز داخليًّا.
يقولون إنّهما مخطوبان منذُ ما يقرب عشر سنوات، فلمَ لا يزالان يخجلان هكذا؟
“ذهبَ إلى ميرفول لإنهاءِ بعضِ الأمور.”
ومضت عينا روديلا عندَ سماع ذلك.
“إلى ميرفول؟”
عاد عقلها إلى العمل، وشعرت برأسها يبرد قليلًا.
هل كانَ لدى آيفرت أعمالٌ إضافيّة في ميرفول؟
“نعم، قال إنّه سيزور متاجرَ إعادة التصميم لفترة وجيزة.”
“…؟”
كان من المفترض إرسال شخصٍ لاختيارِ شركات إعادة التصميم، لكن لم يكن هناكَ داعٍ لأن يذهب آيفرت بنفسه، أليس كذلك؟
مالت روديلا رأسها.
“هل القائد موجود؟”
كانَ هناك فارس يركض في ممرّ مقرّ الفرقة وسط عاصفة من الغبار.
كان أحد الفرسان الذين تتذكّرهم روديلا.
الفارس الأقدم السير غاريس من فرع الجنوب الغربيّ، من عائلة تجّار.
“القائد غائب لفترةٍ وجيزة.”
أجابَ لورينتز. فشحبَ وجه غاريس قليلًا.
“إذن نائب القائد…”
“ذهبَ إلى ميرفول. ما الأمر؟”
عندَ هذا الكلام، شحبَ وجه غاريس تمامًا.
“كنتُ سأطلب إذنًا لخروج خارجيّ…”
تعلثم في كلامهِ وجلسَ على الأرض وكأنّ رجليه لم تعودا تحملانه.
“ما الذي حدث؟”
فتحتْ روديلا عينيها على مصراعيهما وساعدته على الوقوف.
“هل هناكَ أمر عائليّ؟”
تحدّث غاريس بوجهٍ خالٍ من الحياة:
“هناكَ مشكلة عائليّة…”
“هل يجب أن تذهبَ بنفسكَ؟ إذا كان أمرًا عاجلًا، سأتولّى مسؤوليّة إرسالكَ في مهمّة خارجيّة. ما القضيّة؟”
على الأرجح، لن يعترضَ السيّد لاتيني على مهمّة خارجيّة لأمرٍ عائليّ عاجل.
“الأمر هو…”
لكن عندما سمعت القصّة، كانت أكثر جديّة ممّا توقّعت.
تصلّبَ تعبير روديلا تدريجيًّا وهي تستمعُ إلى القصّة.
* * *
كانت القصص التي خرجت من فم غاريس كارثيّة بالنّسبةِ لشخصٍ من عائلة تجّار.
“إذن، تقول أنّ أفراد فرقة الفرسان الحمر دمّروا مكان مباني القافلة التجاريّة؟”
في جلسةِ استماع تفصيليّة لقصّته، كان آيفرت و لاتيني حاضرين أيضًا.
تصلّب وجهاهما بشكلٍ مخيف.
عندَ سؤال لاتيني الحادّ، تابعَ غاريس وهو يكاد يبكي:
“نعم، نعم… الممتلكات في القافلة، والمباني نفسها، دُمّرت، وانقطعت جميع الصّفقات…”
” الموافقة على الخروج الخارجيّ بالطّبع ليست مشكلة. لكن…”
بعد سماعِ القصّة كاملة، ظهرَ تعبيرٌ منزعج على وجه لاتيني.
“هذه ليستْ قصّة ستنتهي بذهابكَ في مهمّة خارجيّة بمفردك.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 55"