ضحكت أميريس بصوتٍ عالٍ عندما سمعت عن “التدابير الاستثنائية” التي أعلنتها روديلا لفرقة الفرسان الزّرق.
لم يكن أحدٌ غير لاتيني يعلم أنّ هذه الصورة الباردة لها يمكن أن تتحوّل إلى هذا.
حتّى سيّدها الذي تخدمه بإخلاص لم يرَ هذا الجانبَ منها.
كانَ لاتيني هو الشّخصَ الوحيد الذي يرى هذه النّسخة من أميريس.
“لذلك بدتْ مختلفة كثيرًا، إذن تغيّر موقفها من الأساس؟”
“كنتُ أظنّ أنّكِ تعلمينَ كلّ شيء.”
شرب لاتيني الشاي و هزّ كتفيه.
لم يكن هذا سرًّا بالضرورة.
“أنتِ تعلمين. الأمور التي قد تتحوّل إلى إشاعات لا تصل عادةً إلى منصبي.”
ابتسمت أميريس.
“لكنّني أعرف هذا.”
شبّكت يديها و وضعت ذقنها عليهما وسألته:
“كيف كان شعورهما عندما كانا بالأصفاد؟”
“كح!”
كادَ لاتيني أن يختنق بالشاي الذي كان يشربه.
“كنتِ تعلمين بذلك؟”
كان ذلكَ شيئًا مخفيًا!
ضحكت أميريس.
“عيون جلالتهِ موجودة في كلّ مكان. و إذن؟”
لوّحَ لاتيني بيده وكأنّه يقول “لا يمكن إيقافها”، ثمّ قال:
“كانا غير مرتاحين”
“هذا فقط؟”
“و حاولا بكلّ جهده ألّا تكتشف فرقة الفرسان الحمر ذلك.”
ضحكت أميريس مرّةً أخرى. لكن لاتيني كان جادًّا.
بالنّسبة لهما ، كان هذا أهمّ من أيّ شيءٍ سياسيّ آخر.
“فرقة الفرسان الحمر لا تعلم، أليس كذلك؟”
…هذا كان المهمّ بالنّسبة له.
أجابت أميريس بثقة:
“لا فائدة من إخبارهم. أنا و جلالته، بالطّبع، لن نقول شيئًا. فرقة الفرسان الحمر لا تعلم.”
“هيو.”
بدَا لاتيني مطمئنًّا بهذا.
“بالمناسبة، هل لم يحدث شيء بينما هما مقيّدان؟”
كانت أميريس تنتظر شيئًا ما.
لكن لاتيني نفثَ شفتيه فقط.
“لم يحدث شيء، آه، لقد ناما معًا.”
قبل أن تتوقّف أميريس، أضافَ لاتيني بسرعة:
“أعني، ناما نومًا عميقًا.”
وضع يديه على وجهه ليوضّح، فضحكت أميريس مرّةً أخرى.
عندما يكون بجانبها، كان يبدو و كأنّها تُطلق كلّ الضحكات التي كبحتها في غيابه.
“حسنًا… لا يوجدُ شيء آخر، أليس كذلك؟”
بخلافِ هذه الأمور الصغيرة.
“بخلاف؟ لا، هذا ليس المشكلة. هل كنتِ تعلمين أنّهما لم يناما معًا من قبل؟”
لكن يبدو أنّ هذا كانَ أكثر إلحاحًا بالنّسبةِ للاتيني.
تحدّث بحماسٍ عن أمرٍ يبدو مستحيلًا، وكأنّه أمر شخصٍ آخر، وكان أكثر حديثًا ممّا كان عليه قبل عقدٍ من الزّمن.
ابتسمت أميريس.
لم تكن تسأل عن هذه الأمور الصغيرة.
لكن ربّما ستسمع عنها قريبًا. مهما فعلت تلكَ الفتاة.
“دوق رويدن، عليكَ فقط الالتزام بوعدٍ واحد.”
“أن تظلّ تلكََ الفتاة بأمان.”
“لقد وعدتَ بذلكَ بوضوح، يا آيفرت رويدن.”
أغلقت فمها بقوّة.
* * *
بعد بضعة أيّام.
“يقولون إنّ أداء فرقة الفرسان الحمر هذه الأيّام ليس بالهيّن.”
انتشرت الشّائعات بأنّ فرقة الفرسان الحمر ، التي كانت تهتمّ بالممتلكات أكثرَ من الأرواح، قد تغيّرت.
جاءَ ذلكَ بعد أمر الإمبراطور الذي طالبَ بتقريرٍ دوريّ متوقّع من كلا الفرقتين.
بما أنّ فرقة الفرسان الحمر كانت نشطة، تحرّكت فرقة الفرسان الزّرق أيضًا بحماسٌ لحلّ القضايا.
وفي وسطِ ذلك، كانَ على روديلا أن تبذل المزيد من الجهد لضمان عدم تدمير فرقة الفرسان الزّرق للأشياء…
―طقطقة!
روديلا، التي كانت في العربة، كانت تحدّقُ أمامها بلا تركيز.
“هل أنتَ نائم؟”
“…..”
منذُ بضعة أيّام، عندما ناما وجهًا لوجه، كان آيفرت يظهرُ فجأةً في ذهنها.
لم تعرف لمَ كانت صورته و هو نائمٌ بينما يبدو منهكًا تتردّد في عقلها.
في البداية، ظنّت أنّها قلقة لأنّه مصاب ومع ذلكَ أصرّ على عدمِ تفويت تدريب الصباح.
لكن في اليوم التّالي، عندما رأت جرحه يتحسّن بشكلٍ ملحوظ، خفّ قلقها كثيرًا.
فلمَ لا تزال تشعر بهذا الانشغال بأمره؟
كان شعورها وكأنّ عقلها لا يزال عالقًا في تلكَ الليلة.
“السّيدة مسؤولة الشؤون العامة؟”
سمعت صوتًا يناديها من خارج… العربة.
“آه.”
استعادت روديلا تركيزها متأخّرةً قليلًا.
‘سأجنّ، لمَ أنا هكذا؟’
هزّت روديلا رأسها، محاولةً طرد صورة آيفرت وهو يتصبّب عرقًا باردًا من ذهنها.
هل لأنّه بدا متألّمًا للغاية لأوّل مرّة؟
بهذا التفكير، فتحتْ باب العربة و وجدت نفسها وجهًا لوجه مع سيسيليا.
“ماذا كنتِ تفعلين في العربة؟ لمَ تأخّرتِ في النزول؟”
“هاه؟ لا…”
هل بقيتُ طويلًا إلى هذا الحدّ؟
نظرت روديلا إلى العربة بتعبيرٍ محيّر.
―طقطقة!
بينما كانت تحدّق في العربة و الباب يُغلق، نظرت سيسيليا إلى وجهها بحذر.
“لستِ مريضة، أليس كذلك؟ سمعتُ أنّ فرقة الفرسان الزّرق مشغولةٌ هذهِ الأيّام.”
“حقًّا؟”
وضعت روديلا يدها على جبهتها و جبهة سيسيليا في الوقت نفسه.
“لا أشعر أنّني أكثر سخونة.”
“حسنًا؟ إذن يمكننا الحديث عن العمل، أليس كذلك؟”
كان لقاؤهما بخصوصِ تعديل أسعار الإمدادات العسكريّة لفرقة الفرسان الزّرق.
“هذه المرّة، عندما أخذت فرقة الفرسان الزّرق الأغراض، كان الأمر أسهلَ ممّا توقّعت. لذا فكّرت في إنشاء قاعدة…”
كانت روديلا تفهمُ النقطة الأساسيّة لما تقوله سيسيليا.
لم يكن أمرًا معقّدًا، مجرّد تغيير في موقع انتشار الفرقة.
لكنّ ذلكَ يعني تغيير الموقع الذي ستذهب إليه الفرقة و تعديل الأسعار…
…هل كانَ آيفرت متعبًا جدًّا في ذلك اليوم؟
“رو-دي-لا.”
“هاه؟”
بينما كانت روديلا شاردة، وجدا نفسيهما فجأةً في مطعم.
ومضت عيناها وهي تنظر إلى الأطباق أمامها، و فكّرت:
“متى وصلنا إلى هنا؟”
“هل لديكِ أية مشاكل؟”
في النهاية، تخلّتْ سيسيليا عن الحديث عن العمل وسألت.
التفتت روديلا إليها أخيرًا.
“لا…؟”
عندَ إجابتها المبهمة، ارتفعَ حاجبا سيسيليا.
“ما هذه الإجابة المبهمة التي تترك ذيلًا؟”
“لا، أعتقد أنّه لا يوجد شيء.”
قالت روديلا بنصف وعي.
هل هو بسببِ قلّة النوم؟
لكن يبدو أنّ سيسيليا فهمت إجابتها بشكلٍ مختلف.
“لا يوجد ماذا؟ ما الذي تفكّرين فيه هكذا؟”
ما الذي أفكّر فيه؟
كان لديها ما تقوله لهذا السؤال.
كادت أن تتحدّث فجأةً ، لكنّها توقّفت لحظة.
لن يكونَ من الجيّد الحديث عن آيفرت في الخارج ، ما لم يكن الأمر يتعلّق بتمثيل التفكير في موعد زفافهما بسبب علاقتهما الجيّدة جدًّا.
في النهاية، أدارتْ روديلا عينيها بهدوء و فتحت فمها.
“اسمعي، هذه قصّة صديقتي…”
* * *
“قصّة صديقكِ…”
عندَ هذا الكلام، اقتنعت سيسيليا.
إنّها قصّتها هي.
“تقول أنَّ شخصًا ما يظلُّ يتبادر إلى ذهنها.”
“آه.”
أبدت سيسيليا إعجابًا بلا روح.
أخيرًا؟
هل بدأتْ جهود آيفرت تؤتي ثمارها أخيرًا؟
“لكنّها لا تعرف لمَ تفكّر فيه.”
كانتْ روديلا جادّة جدًّا.
حتّى أثناءَ حديثها، كانت عيناها تنظران إلى مكانٍ آخر، و كأنّها تفكّر فيه الآن.
“همم.”
ضيّقت سيسيليا عينيها.
“ثمّ ماذا؟”
“الأشياءُ التي لم تكن تُقلقها أصبحتْ تُقلقها، و تظنّ أنّ هذا قد يكونُ السّبب، لكن لا يوجدُ سبب للقلق ومع ذلكَ هي قلقة…”
كانت كلماتها متشابكة، و كان واضحًا أنّها شاردة بنصفِ عقلها.
“آه، قبلَ ذلك.”
فجأةً ، قالت روديلا كما لو تذكّرت شيئًا مهمًّا:
“لقد تغيّرَ شيءٌ ما مؤخّرًا. نعم، يبدو أنّه تغيّر أوّلًا.”
“تتحدّثين و كأنّها قصّتكِ؟”
ألم تقل إنّها قصّة صديقة؟
ارتعشت روديلا من المفاجأة.
“لا، هكذا سمعتُ القصّة من صديقتي.”
“حقًّا؟”
شبَكتْ سيسيليا ذراعيها.
“في السّابق، لم تكن تهتمّ بما يفعله، أو هكذا قالت. لكن…”
لعبت روديلا بأطرافِ أصابعها وتابعت:
“مؤخّرًا، أصبحتْ تُلاحظ كلّ شيء، و تبحثُ عن معانٍ في تصرّفاته لم تكن تبحثُ عنها من قبل، أو بالأحرى، قبلَ ذلك…”
تشابكت كلماتها مرّةً أخرى.
“بدأ يفعل أشياءً لم يكن يفعلها. يبدو أنّ هناك تغييرًا في مشاعره.”
كان تعبيرُ روديلا جادًّا.
“فجأةً يقترح أن نأخذ إجازة معًا، أو يحدّق بي مباشرةً. بالطّبع، يمكنه اقتراح ذلك، لكن…”
خفّفت روديلا من حديثها ثمّ قالت:
“ما معنى ذلك؟ هل لا يعني شيئًا؟ هل هو في مزاجٍ جيّد؟ لمَ يفعل ذلك؟”
يا إلهي، هل يجبُ أن تسأل بهذه الجدية لتعرف حقًّا؟
تنهّدت سيسيليا داخليًّا، ثمّ سألت بنبرةٍ فاترة:
“إذن، هذه قصّتكِ، أليس كذلك؟”
“لا، إنّها تخصُّ صديقتي.”
حتّى النهاية، أصرت أنّها قصّة صديقة رغم أنّها تحدّثت و كأنّها قصّتها.
رفعتْ سيسيليا حاجبيها.
ألم تكنْ تقول في السّابق أنّ صديقيها الوحيدان هما أنا و هو؟
“على أيّ حال، لمَ يفعلُ ذلك؟”
كان سؤالها غامضًا، لكن سيسيليا شعرت أنّها تفهمه.
“لا أعرف ما هي مشاعري.”
هكذا كانت تسأل روديلا. و كان الاستنتاج واحدًا.
هذه استشارة عاطفيّة، أليس كذلك؟
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 54"