منذ طفولته، حتّى عندما كان يدمّر ما حوله، لم يُصب هو بنفسه.
لكن، ماذا عنْ الخارج؟
على الرّغمِ من أن طاقته الحيوية الزائدة كانت بمثابة درع له، إلا أنّها كانت كسيفٍ حادّ لمَنْ حوله.
تؤذي الآخرين.
والآن، بينما كانَ آيفرت يقفز أمام روديلا، فكّر:
إذا أحاطَ جسده بالطاقة الحيوية، فلن يُصاب بأنقاض المبنى.
لكن روديلا؟
صرَّ آيفرت على أسنانه.
قد تُمزّق بلا َرحمة، مثل الأشياء العديدة التي حطّمها في طفولته عندما لم يكنْ يتحكّم بطاقته.
لذلك…
―كررر!
تلقّى آيفرت أنقاض المبنى المنهار مباشرةً، دون استخدام أيّ طاقةٍ حيوية.
“…..”
اجتاحه ألمٌ شديد.
لكنه لم يُصدر أي تأوّه.
يكفي أن تكوني بخير. هذا كلّ شيء بالنسبة لي.
أنا…..
“نائب القائد!”
مع صيحةٍ مذهولة، رأى آيفرت لاناك يندفع إلى ساحة المعركة.
نقرَ اللص بلسانه وهو يستعدّ لإطلاق سحر على آيفرت و روديلا.
―طق!
بينما كانَ اللص يقفز ليتجنّب لاناك، نظرَ آيفرت إلى روديلا.
كانتْ روديلا مرتبكة.
حتى لو كان مبنى قديمًا في الطّابق الأرضي، فقد كان متينًا بما يكفي ليصمدُ لفترةٍ طويلة.
و أنْ يصدَّ أنقاضه بجسدهِ العاري؟
“هل جننت؟”
ارتياح، ذهول، لوم ذاتي، و صراخ. اندفعت مشاعر مختلطة.
على عكسِ كلماتها، لم تكن تلومه.
“أنا… بدونكَ، لن يكون لي أصدقاء، حقًا.”
قبلَ لحظات فقط، كانت قلقة من احتمال فقدان صديق.
لكن منذُ لحظة…
لم يكن الأمر مجرّدَ فقدان صديق، بل كادتْ تفقد آيفرت رويدن نفسه، و هذا الشّعور المرعب غمرها.
“أنا بخير.”
تحدّث آيفرت مطمئنًا إيّاها و هي ترتجف.
“لقد حطّمتُ مبانٍ كهذه كثيرًا.”
“هل هذا الوقت―”
هل هذه مواساة؟
لم تستطع روديلا الكلام.
هل كانت مصدومة جدًا؟
شعرت وكأنّ قلبها الذي يخفق بسرعة سيطيرُ من فمها إذا تكلّمت.
―طق طق.
لكن آيفرت، الذي كانَ ينفضُ الغبار عن ملابسه و يتّجه نحو اللّص، بدا بخير.
لا، عندَ التفكير، كان دائمًا في مثلِ هذه المواقف.
كما قال، ربّما لم يكن هذا الموقف خطيرًا جدًا بالنسبة له.
نعم، أنتَ لا تُصاب.
هو دائمًا قلقٌ من أن يؤذي الآخرين، لأنّه قوي جدًا.
شعرت روديلا براحةٍ غريبة عندما أدركت ذلك.
―كلانغ!
صدّ آيفرت سحرًا أطلقه اللّص بغمد سيفه.
ثم اندفعَ نحوه دونَ تردّد.
تجاهلَ السّحر الصغير الموجّه إليه، محميًا بطاقته الحيوية.
“ما، ما هذا؟”
تراجعَ اللّص مذعورًا من المشهد غير المألوف.
لم تستطع روديلا رؤية وجه آيفرت لأنّه كان يعطيها ظهره، لكن وجهه كان متجمدًا ببرود وهو يقوم بهذه الأفعال المذهلة.
“هل جننت؟”
صوت روديلا المذعور ملأ أذنيه و رأسه، فلم يستطع النظر إليها.
جننت؟
نعم، يبدو أنّني مجنون.
كنتُ أنا المجنون، يا روديلا.
―طق!
اندفعَ آيفرت نحوَ اللّص، الذي فقدَ إرادة القتال، وهو يفكّر:
أنا المجنون الذي دفعكِ إلى هذا الميدان.
“هل أنتَ واثق؟”
تذكّر وعده مع الوزيرة.
“هل تعتقدين أنّني سأدعها تُصاب؟”
لقد تحدّثَ بثقة.
تنهّدَ آيفرت.
―بوم!
مع تنهيدته، ضربَ اللص بقوّةٍ ثقيلة ممزوجة بلوم الذات.
“أغ!”
اندفعَ آيفرت أسرع من محاولة اللص الهروب، و لوى ذراعه للخلف.
مع صوت تكسّر عظم مروع، لم يستطع اللّص حتى الصراخ. ضربَ آيفرت مؤخرة عنقه.
“…..”
توقّفَ الفرسان مذهولين.
بغضِّ النظر عن تعبيره البارد، بدا وكأنّه لا يهتمّ إن ماتَ اللص، إذ رمى بـهِ بعنف.
بعدَ أن هدأت الأمور، تنهّدَ آيفرت تنهيدة قصيرة.
شعرَ بنظرات روديلا الحادّة أثناءَ مسح وجهه، لكنه لم يستطع النّظرَ إليها.
أدركَ أخيرًا إلى أي هاوية دفعها.
تسرّبت تنهيدة مليئة بلوم الذّات من بينِ أصابعه التي تغطّي وجهه.
* * *
لحسنُ الحظّ ، لم يمتْ اللّص.
على الرّغمِ من كسر ذراعه وإصابته الشديدة، كان قويًا بما يكفي ليتعافى بسرعة.
كسرُ ذراع لن يكونَ مشكلة بالنّسبة له.
لكن تلكَ كانت المشكلة.
“ألن يحاولَ الهروب عندما يستيقظ؟”
سقطَ سؤال روديلا المنطقي.
كان الفرسان الزّرق يسلّمون اللص إلى فرقة النقل.
سيُحاكم اللّص، و ربّما يواجه الإعدام أو عقوبة مماثلة.
إذا لم يهرب، بالطّبع.
على الرّغمِ من أن فرقة النقل تمتلك بعض القوة لنقل المجرمين المعطلين، إلا أنّها ليست بمستوى التعامل مع خصمٍ أرهقَ فرقة الفرسان.
مال آيفرت برأسه قليلاً على كلامها:
“إذا كنتِ قلقة، دعينا نتحقّق من فرقة النقل.”
“كيف؟”
“سأرتكب خطأ صغيرًا.”
“…؟”
أي خطأ؟
بينما كانت روديلا تتساءل، اقتربَ آيفرت من فرقةِ النقل:
“يا فرقة النقل، لحظة.”
توقّفت الفرقة و نظروا إليه، فاقتربَ آيفرت من اللّص بخطواتٍ واثقة.
“أغمضوا أعينكم و غطّوا آذانكم للحظة.”
بدت الفرقة متعجبة، لكن عندما رأوا روديلا، بدا أنّهم فهموا شيئًا و غطّوا آذانهم.
“سنترك المكان للحظة.”
غادرَ أحدهم، محمرّ الوجه، تاركًا شخصًا واحدًا.
ما الذي فهموه؟
لوّحت روديلا بيدها دونَ وعي.
عندما ابتعدتْ فرقة النقل قليلاً، مـدَّ آيفرت يده إلى اللّص الفاقد للوعيِ على النقالة.
―كراك!
لوى ذراعه وكاحله في الاتجاه المعاكس.
هل قال أنّه سيرتكبُ خطأ؟
على عكسِ نبرته المرحة، كان وجهُ آيفرت باردًا.
بدتْ ملامحه، كما لو كانت مغطاة بالصّقيع، غريبة، وشعرتْ روديلا أنّه…
غاضب.
“أنت…”
لم ترَ اللّص بوضوحٍ بسببِ ذراع آيفرت و القماش، لكن الصّوت وحده أكّد أنّ الوضع أصبحَ مروعًا.
“انتهى الخطأ.”
استدارَ آيفرت بتعبيرٍ أكثر نعومة من قبل.
“هيا.”
لا، بدا و كأنّه يحاولُ أن يبدو خفيفًا.
لكن ابتسامته المتصنّعة لم تكنْ تلكَ التي تعرفها روديلا.
كان لا يزالُ يبدو غاضبًا من شيءٍ ما.
عند التّفكير في احتمال هيجان اللّـص، لم يكن هذا تصرفًا سيئًا، لكن…
شعرت روديلا بشيءٍ مزعجٍ غامض يتصاعد.
بينما كان يغادر المكان بنشاط، سألته:
“لا تعتقد أن فرقة النقل لن تلاحظ، أليس كذلك؟”
لم يكن الشّعور المزعج بسببِ هذا، لكنها شعرت أنّه يجب أن تسألَ شيئًا لتخفّفَ من تعبيره.
كما توقّعت، فتحَ أحد أفراد فرقة النقل عينيه ونظر إلى اللّص.
في تلكَ اللّحظة، نسيتْ روديلا مشاعرها المعقدة وفكّرت:
كيف يُفترض أن نعالجَ هذا الحادث؟
بينما كانت روديلا تكافح للتفكير، أومأَ عضو فرقة النقل إلى آيفرت قليلاً، ثم أعاد تغطية اللص بحبال النقل والقماش.
“…..”
هل يعرفُ آيفرت أحدًا في فرقة النقل؟
مع كلّ ما فعله، من المحتمل أن يكون له معارف، لكنها سمعت أن فرقة النقل تتجنّبه بسببِ تصرفاته.
لكن هذا الشخص بدا خاليًا من أيّ مشاعر سلبية تجاه آيفرت.
بل بدا أنّ هناك في نظرتهِ القصيرة…
…احترام؟
بينما كانتْ روديلا تميل رأسها، التفت آيفرت إليها:
“الآن، إذا أبقيتِ الأمر سرًا، ستكونُ جريمةً كاملة.”
“…..”
بعد لحظة، شعرتْ روديلا وكأنّها تُسحبُ إلى مستنقع التواطؤ، فتجاهلت اللّص.
و بعد لحظات ، انطلقت عربة فرقة النّقل، و هي تحمل اللّص المقيّد و المكمّم.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 50"