غادرتْ روديلا، و هي تبدو و كأنّ رأسها ممتلئ بخطط لجعل فرقة الفرسان الزرق بشرًا طبيعيين.
“فتاة مليئة بالحماس.”
ابتسمتْ أميريس و هي تلامس فنجان الشاي الذي بردَ قليلًا.
كانتْ تحبّ تلكَ الفتاة. موهوبة، ذكيّة، لبقة، و ماهرة.
محبوبة من كبار المسؤولين، لكن من الصعب أن تكون محبوبة من رؤسائها المباشرين أو زملائها الطامعين.
كانتْ بارزة أكثرَ من اللاّزم.
لكن في هذا المكان، كانتْ شخصًا يجب استغلاله بالتأكيد.
خاصّة بالنسبة لأميريس و الشخص الذي تخدمه.
“أتمنى ألا تتأذى.”
أغمضتْ أميريس عينيها قليلًا.
“بما أنكَ قدّمتَ لي هذا ‘الاقتراح’، ستتحمّلُ المسؤولية، أليس كذلك، آيفرت؟”
ابتسمت.
تذكّرت محادثة أجرتها قبل ساعات.
* * *
قبل بضع ساعات، في مكتب الوزيرة.
“توقف عن التحطيم، حقًا.”
إدارة الشؤون العامة هي قسم يتعامل بالأقلام، و ليس بالسيوف أو التجوال في الميدان.
كانتْ روديلا حالة نادرة في الإدارة بجسدها الرشيق، لكن باستثناء مثلِ هؤلاء، كانَ الجميع بطيئي الحركة.
كانَ منَ الشّائع عودة أحد أعضاء الإدارة مصابًا كما حدثَ هذه المرة.
بالطّبع، هذه المرّة، بدا أنّ الإصابة كانت أكثر في القلب.
“هذه المرة، انهار برج يملكه الماركيز ليندل، وأصيب أحد أعضاء الإدارة بأزمةٍ من الصّدمة، أليس كذلك؟”
كانَ هناكَ تمثال ذهبيّ في أعلى البرج، وعندما سقط البرج، تحطّم التمثال، مما تسبّب في أضرار ماليّة هائلة تفوقُ الخيال.
نُقل عضو الإدارة الذي أصيب جسديًا و نفسيًا إلى المستشفى الوطني.
كانت هذه الحادثة السّايعة هذا العام.
“ألا تعلمين أنّ الأمور لا تسيرُ دائمًا كما نريد؟”
نظرت أميريس إلى آيفرت الذي كان يبتسم كلوحة فنية، بتعبير يحمل اهتمامًا غريبًا.
“حقًا؟ إذًا، لو كانَ الأمر كذلك، لكانت روديلا قد أُصيبتْ مرّات عديدة و هي معك.”
من َالواضح أن وجهه كان يحمل نيّةً خفية.
كما توقّعت، بعد صمتٍ قصير، فتح آيفرت عينيه الضيقتين و قال:
“كلّ شيءٍ ألمسه يتحطّم، لكن الشخص الذي تمكّن من ترويضي كانَ روديلا.”
كانَ الجميع يعلم أن آيفرت لويدن عانى في بداياته في الأكاديمية بسبب قوته الفطرية الهائلة.
لكن في مرحلة ما، تحسّن الأمر.
قليلون همْ من يعرفون السّبب بالتفصيل، يعتقد معظمهم أنّها مجرّد تغييرات نفسية.
لكن أميريس كانت من بين القليلين الذين يعرفون التفاصيل نسبيًا.
التغيير حدثَ بفضل من “روّض” آيفرت ، وهي روديلا سيفريك.
كانت هي من حوّلت كارثةً بشرية بدت غير قادرة على التأقلم مع المجتمع إلى إنسان.
كان آيفرت لويدن يقول إنّه بحاجةٍ إليها مجددًا.
“سأقترح الأمر مباشرة. أرسليها إلى فرقة الفرسان الزرق.”
“…إلى الفرسان الزرق؟”
ردّت أميريس و هي تضيّق عينيها، فقال آيفرت:
“نعم. لن تكون فرصة سيّئة بالنسبة لها.”
إذا تمكّنت من السيطرة على الفرسان الزرق؟
الشّخص الذي روّض الخيول البرية الجامحة.
ستكون الشّخصَ الذي يضمن أمان مواطني الإمبراطورية، و يحافظ على ممتلكات الإمبراطورية و اقتصادها، و سوف تُرشّحُ لمنصب الوزيرة المقبلة.
عنوان رائع للحديث و الاستماع.
“إذا نجحتْ، ستحتلّ مكانة مطلقة في إدارة الشؤون العامة.”
إذا جاءت، أنا واثق أنني سأكون مستعدًا للترويض.
لكن فقط من قبل الشخص الوحيد الذي يريده.
“إذا كان ذلك ممكنًا، فستكونُ فرصةً رائعة بالتأكيد. لكَ ، و لي، و لروديلا نفسها. لكنني لا أريدها أنْ تتأذّى.”
كانت أميريس تعتزُّ بها بصدق.
لكن آيفرت هزّ رأسه.
“أنتِ تعلمين. حتّى الآن ، يمكن أن تتأذى روديلا بما فيه الكفاية.”
كانَ يعلم أنّها تتعرّض للإنتقاذ غير المبرّر كما أنّ إنجازاتها تُسلَب.
كانَ هناك الكثيرون في إدارة الشؤون العامة الذين يرونها كالشّوكة في أعينهم.
“هل تريدين مني التدخّل؟”
لم يكن آيفرت يقفُ مكتوف الأيدي حيال ذلك.
“لا، اترك الأمر كما هو.”
لكن من رفضتْ المساعدة كانت روديلا.
كلّ ما أرادتهُ هو الوصول إلى منصب الوزيرة بقوّتها وحدها.
حتّى لو كانتْ مجرّد مساعدة بسيطة منه، فإن سماع أنّها اعتمدت على قوة عائلة لويدن سيجعل كل شيء في نظرها يبدو فشلًا.
لذلك، تراجع آيفرت.
فأصبحَ هؤلاء الأوغاد أكثرَ جرأة.
في البداية، كانوا ينتقذونها بحذرٍ وهم يراقبون ردّ فعل عائلة لويدن ، لكنّهم الآن يسرقون إنجازاتها علانية.
علاوةً على ذلك، تلقّت “لويدن”، التي يقودها آيفرت، معلوماتٍ جديدة مؤخرًا.
كانوا يخططون لكسر روديلا تمامًا، بعد أن صمدتْ بقوة أمام ضغوط إدارة الشؤون العامة.
لم يعُد يستطيع الوقوفَ مكتوف الأيدي.
إذا استمرَّ الأمر هكذا، فقد تتأذّى مجددًا، كما حدثَ “ذات مرة”.
لا مكان لخطأ ثانٍ ، لذا…
“من أجلِ سلامتها، أرسليها إلى فرقة الفرسان الزرق .”
سأحميها في منطقتي.
نظرتْ أميريس إليه لفترةٍ طويلة.
ثم سألت بهدوء:
“هل أنتَ واثق؟”
كان َسؤالها يحمل معانٍ كثيرة.
بما في ذلك ما إذا كان بإمكانه ضمان حماية روديلا و تحقيق إنجازات في فرقة الفرسان الزرق لتصبح الوزيرة المقبلة… و معانٍ أخرى لم تُذكر، لكن آيفرت أجابَ بثقة:
التعليقات لهذا الفصل " 5"