* * *
“همم. هل قابلتَ أشخاصًا كثيرين في طريقك إلى هنا؟”
كان أداء مارسيل متقنًا حقًا.
رفعَ الكيس بهدوء و وضعه على الميزان داخل المنضدة.
بدا الكيس ثقيلًا، إذ مالت كفة الميزان بشدة. وبينما كان يضيف أوزانًا ثقيلة واحدًا تلو الآخر لموازنته، ابتسمَ اللص:
“لم يتبعني أحد.”
“حسنًا. لن أطيلَ الحديث. لا أظنّكَ تريد ذلكَ أيضًا.”
أومأ مارسيل برأسه كما لو كان يقول: لا داعي للحديث الطويل بين من يفهمون بعضهم.
ثم قال:
“كما تعلم، تقييم هذه الأشياء واحدًا واحدًا أمرٌ شاق. لذا، نحن نُسعّرها حسبَ الوزن. هل هذا مناسب؟”
“بالطّبع.”
“وهل تمانع إذا أذبناها؟”
ابتسمَ اللص:
“بمجرد أن تدفع، تصبح ملككَ. افعل بها ما شئت. كم المبلغ؟”
“همم، دعني أرى.”
أضافَ مارسيل أوزانًا أخرى.
وفي تلكَ الأثناء، كان يشعر بحذرٍ بطاقة الرجل.
هذا الرّجل ليسَ عاديًا.
بالتأكيد ليس شخصًا يمكن مواجهته بمفرده.
لذا، أعطى الإشارة المتفق عليها:
“حتى الأوزان العادية لا توازي هذا.”
أخرجَ وزنًا ضخمًا من الداخل.
―جرجر!
صدر صوت خفيف و هو يجرّ الوزن على الأرض. وعندما وضعه على الجانب الآخر من الميزان:
―ثوم!
لم يتحرك الميزان، بل اقتحمَ.الناس من الجانب الآخر.
“ارفع يديك! نحن فرقة الفرسان الزّرق!”
“إذا تعاونتَ في الاعتقال، لن نستخدمَ القوة!”
مع هذا النّداء، اقتحمَ الفرسان المتّفق معهم المكان فجأة.
وفي تلكَ اللحظة القصيرة، كان مارسيل قد سحب سيفه و وجّهه إلى عنق اللص.
كان قد أوقعه في الفخّ بأداءٍ مثالي.
لكن…
“هل بدأت فرق الفرسان بالتّجارة هذه الأيام؟”
عبسَ اللّص وأخرج شيئًا من جيبه.
“…..”
قبل أن يتمكن الفرسان من إيقافه، فجّر اللص قطعة سحرية.
―بوم!
مع انفجار القوة السحرية المحفورة في القطعة، طار جدار المتجر بشكلٍ نظيف.
كان باتّجاه منطقة التجديد.
* * *
من أعلى برج الساعة، كان آيفرت يراقب كلّ شيءٍ بعناية.
―بوم!
سمعت روديلا الصّوت وخمّنت الوضع.
“ما هذا الصّوت؟”
“سحر. لقد استخدمَ قطعة سحرية لاختراق الجدار.”
تغيّر تعبير إيبرت إلى الأسوأ.
قفزت روديلا لترى ما وراء الجدار.
“ها.”
حتى من النّظرة القصيرة، رأت مباني مدمرة بشكلٍ يثير الذهول.
“عندما دَخل الرّجل، أخلى التجار المحيطون المكان، أليس كذلك؟”
أومأ آيفرت:
“كما قلتِ.”
إذا تمّ حلّ المشكلة ضمنَ نطاق الإخلاء، سيكون الأمر على ما يرام.
لكن…
―كوابوم! بوم!
دوى انفجار آخر منَ الأسفل.
هذه المرة، كانَ الصّوت قريبًا بوضوح من برج الساعة.
لحظة، باتجاهنا؟
لكن هذا هو اتّجاه إخلاء الناس!
ابيضّ وجه روديلا:
“إلى أين يتّجه؟”
“نحو الساحة…إنّه يتعمّق داخل المدينة.”
كان من المفترضُ أن يتّجه خارج المدينة!
كانَ هذا خطأً فادحًا.
نظرَ آيفرت إليها بعبوس:
“إذا أردنا محاصرته، يجب أن ننزل.”
“سأتولّى إخلاء الناس.”
أومأَ آيفرت على كلامها.
―طق!
عندما استدارت روديلا لتنزل درج البرج، ارتفعت فجأة.
“…..”
اتّسعت عيناها.
قال آيفرت و هو يحملها:
“الركض للأسفل سيرهقك.”
كانت نظرته تتجنّبها بشكلٍ غريب.
شعرت أنّه متوتر، وبينما كانتْ تحدّق فيه بدهشة، قفزَ آيفرت للأسفل.
“…..”
أمسكت روديلا بعنقه بقوّة وهي مصدومة، وشعرت بخفقانُ قلبها السّريع.
* * *
“إلى هنا! اتبعوا هذا الطريق و اركضوا بسرعة!”
―بوم!
مع اقتراب دوي الانفجارات، تسارعت حركة الناس.
“آه، متجري!”
صرخَ بعضهم، لكن روديلا رفعت شارة فرقة الفرسان الزّرق بأسفٍ تجاه لاتيني:
“فرقة الفرسان الزرق ستتحمّل المسؤولية! اخرجوا بسرعة!”
على الأقل، سيكونُ أرخص من التمثال الذهبي الذي دمّره آيفرت.
…ربّما.
فجأةً، لاحظت روديلا شيئًا.
في شارع المتاجر، حيث كان الناس يختفون بالإخلاء، كان هناك طفلٌ يبدو حائرًا.
اندفعت روديلا بين الحشود نحوَ الطّفل.
على الرّغمِ من اصطدامها بالناس الفارّين، لم تستطع إبعاد عينيها عن الطفل.
كان يرتجف بعنفٍ من الخوف.
“يا صغير!”
عندما نادت، رفعَ الطفل عينيه المغرورقتين بالدموع إليها.
“أين والداك؟”
سألت روديلا وهي تصل إليه بصعوبة بين الحشود.
نظرت حولها، لكن الجميع كانوا يهربون، ولم ترَ أحدًا يبدو كمرافق للطفل.
كما توقّعت، هزَّ الطفل رأسه.
بدى عمره حوالي خمس أو ست سنوات، ويبدو أنّه فقـدَ والديه.
“والدكَ و والدتكَ ربّما هما هناك! هيا، توقّف عن البكاء و تعالَ مع هذه الأخت الكبرى، حسنًا؟”
على الأغلب، كانا هناك، حيثُ كان الجميع يُرسلون إلى منطقة الأمان.
توقّفَ الطفل عن البكاء و اقتربَ منها. حملته روديلا ونظرت حولها.
كان الشارع قد أصبحَ شبه خالٍ.
“هل يمكن لأحدٍ نقل هذا الطفل؟”
صاحت روديلا بيأس.
ولحسنِ الحظ، استجاب رجل في منتصف العمر كان يركض:
“لوك، تعالَ مع العم!”
“العم؟”
يبدو أنّهما يعرفان بعضهما.
بدت على الطّفل علامات الارتياح وهو يرتمي في أحضان الرجل، و بدآ بالركض بعيدًا.
تنفّست روديلا الصعداء سرًا و خطت خطوة لتتفقّد المكان مرة أخيرة.
لكن في تلكَ اللّحظة:
―كوابوم!
دوى انفجارٌ قريب جدًا.
“…..”
ابيضّ وجه روديلا وهي تنقلُ نظرها بسرعة.
يبدو أنّها أضاعت وقتًا طويلًا وهي تتحرّكُ عكس اتجاه الإخلاء.
كانت ساحة المعركة أمامها مباشرةً.
* * *
كانَ اللّص يهيج و كأنّ العالم ملكه، مدمرًا كلّ شيء حوله.
يبدو أنّه كانَ يحاولُ الهروب بإثارة الفوضى، لكن تقدّمه توقّف عندما ظهرَ آيفرت.
“هه!”
لسوءِ حظّ اللص، ولحسنِ حظ فرقة الفرسان الزّرق، لم يتعرّف على آيفرت.
حاولَ اللص اختراق آيفرت مباشرةً، الذي كانَ يقف في طريقه.
بعد أن استخدمَ اللص قطعةً سحرية، بدا أنّ السحر سيصيب آيفرت مباشرةً ، لكن:
―باك!
“…..”
ارتدّ السًحر و اصطدمَ بالأرض.
كما لو كان ضوءًا ينعكس على مرآة و يتغيّر اتجاهه.
توقّفَ اللّص مذهولًا من هذا المشهدِ الغريب.
“مَـنْ أنت؟”
في بعضِ الأحيان، أولئكَ الذين يمتلكون طاقة حيوية زائدة يحدثُ لهم هذا.
طاقتهم الزائدة تحيط بهم كدرع، تردّ الهجمات الجسدية أو السحرية.
لكن لوْ كان هذا شائعًا، لما توقّف اللص.
أضاءت عينا اللص ببرود وهو يواجه خصمًا قويًا.
بدلاً من الرّد، اندفعَ آيفرت نحوه.
كان هدفه إبعاده عن المنطقة التي أُخليت.
لكن المشكلة:
―كوابوم!
أثناءَ أرجحته بالسّيف لمحاصرة اللص، أنتج اللّص لهيبًا ضخمًا.
“…..”
دمّر مبنى قريبًا، و كشفَ عن روديلا.
لم يكن لديه وقت ليسألها لماذا كانت هناك بدلاً من أنْ تكون في منطقة الإخلاء.
انهارَ المبنى تحتَ وطأة السّحر، و في الوقت نفسه، قفزَ آيفرت ليحتضنَ روديلا.
التعليقات لهذا الفصل " 49"