* * *
بالطبع، ارتبكَ العديد من التّجار من اقتراح التجديد المفاجئ.
لكن روديلا كانت تعرف كيفَ تقنعهم.
“عندما تتدخّل فرقة الفرسان الزّرق في مهمة، تُدمّر العديد من المباني. لكن، كونكم تديرون متاجر مجوهرات بهذا الحجم، فلا بدّ أنّكم سمعتم الإشاعات.”
ابتسمت بنعومة:
“إنّ المباني التي تُدمّرها فرقة الفرسان الزّرق، تعوّض عنها الفرقة.”
“…..”
التّاجر الذكيّ يعرف ماذا يعني هذا.
“من الطبيعي أن نعوّض التجار الذين ساعدونا في المهمة عن الأضرار غير المقصودة.”
نظرتْ حولَ المتجر وقالت:
“هل هناكَ شيء في ديكور المتجر لا يعجبكم؟”
أمسكَ التجار بالفرصة فورًا:
“حسنًا، هذا الجدار على اليمين―”
“لحظة، قبل أن أستمع.”
―رفرفة.
أخرجت روديلا ورقةَ موافقة تعاون بسيطة:
“هل يمكنني أن أسمع بعد توقيعِ هذه؟”
* * *
نتيجة لقدرة روديلا على كسبِ التعاون بطريقة لم تتخيّلها فرقة الفرسان الزّرق من قبل،
تمّ رسم “منطقة التجديد” في شارع المجوهرات على الخريطة.
وصفتْ روديلا المنطقة بقولها:
“هنا يمكننا التدمير.”
“آه!”
هلّل الفرسان المشاركون في المهمة.
لأنّه، رغمَ تدريبهم على ضبط القوة، لم يكونوا مثاليين، و رأوا حجمَ التعويضات مؤخرًا.
وعلاوةً على ذلك، جعلتهم “التدابير الخاصة” التي ذكرتها روديلا حذرين في استخدام قوتهم.
في مثلِ هذه الظروف، مهمة في شارع المجوهرات، حيث يمكن أن تتراكم التعويضات كالجبال!
بدت “منطقة التجديد” التي ذكرتها روديلا وكأنّها “منطقة يمكن تدميرها”.
هناكَ مكان يمكنهم التنفّس فيه!
بالطبع، ارتفعت معنويات الفرسان.
“بالطبع، هذا فقط احتياط.”
“كانتْ هناكَ رسالة من القائد تقول إنّه سيقتلنا إذا أُصيبَ أحد.”
تلقّى آيفرت كلامها.
بالطّبع، لاتيني صرخَ فقط:
“إذا أُصيبَ أحد، سأقتله! أنا لستُ فقيرًا بعد، فإذا كان أحدكم سيدمّرُ شيئًا، فيدمّر فقط!”
لكن كلامَ آيفرت تمّ فهمه تقريبًا بنفسِ المعنى.
حاولوا تقليل التعويضات، لكن دونَ مبالغة.
“حسنًا!”
اطلق الفرسان تحيّةً بحماس.
* * *
بعدَ ذلك، بدأ شارع المجوهرات العمل بأكثرِ طريقة طبيعية تحتَ قيادة روديلا.
بالطّبع، كانَ هناك فارس أو اثنان متنكّران كزبائن في كل متجر، و كانوا طبيعيين بشكلٍ مفاجئ.
وذلك لأن بعضَ الفرسان من عائلات نبيلة كانوا مهتمّين فعلاً بالمجوهرات.
من ناحيةٍ أخرى، بدا صاحب المتجر الذي اختارته روديلا كموقع محتمل للجريمة قلقًا.
حتى لو وعدتْ فرقة الفرسان الزّرق بالتجديد (؟)…
“هل سيكون الأمر بخير حقًا؟”
“اترك الأمر لنا. متى ستستخدمون أموال الحكومة إن لم يكن الآن؟”
ربّـتت روديلا على كتفِ التاجر مطمئنةً.
كان، بالصّدفة، صاحب المتجر الذي اشترت منه هدية سيسيليا.
“كح!”
كان التاجر، الذي يتلقّى مثل هذا “اللطف القانوني” لأوّل مرة، يشعر بالتوتر لكنه قمع قلقه.
“لكنكما حقًا لا تنفصلان.”
قال صاحب المتجر بعد أن خـفَّ توتره.
كان يتحدّث عن روديلا و آيفرت بالطبع.
“حتى بين التجار، أنتما مشهوران. يقال إن دوق الإمبراطورية و ابنة عائلة صاعدة في علاقة حبّ عاطفية.”
حتى أنّهم يقولون عنها عاطفية؟
احمرَّ وجه روديلا من الإحراج.
لكن يُفترض أن يُنظر إليه كوجه خجول.
لذا لم تهتم بإدارة تعابيرها.
“كنتُ أعلم أنّ الإشاعات انتشرت، لكن لم أتوقّع أن تكونَ بهذا الحجم.”
كانت تعتقد أنّ لقب الدوق سيجذب الانتباه، لكن سماع أنّها ابنة عائلة صاعدة أعطاها بعضَ الفخر.
ليس من السّهل سماع ذلك مع لقب دوق بجانبها.
“أنتما تلائمان بعضكما جدًا. إذا احتجتما إلى هدايا زفاف، تذكّرا متجرنا. لدينا مهارة على الرغم من مظهرنا!”
لم ينسَ التاجر واجبه.
حاولت روديلا قبولَ مزاحه بشكلٍ مناسب. فهي لن تتزوّج على أيّ حال.
“بالطبع، سنتذكّر ذلك.”
لكن كلام آيفرت سبقَ مزاح التاجر.
بوجهٍ جاد، بدا و كأنّه سيُعدّ جبلًا من الهدايا.
وخزته روديلا:
“أنا مَنْ سأهتمّ بالهدايا.”
في حفلات زفاف النبلاء، من الأدب أن تتولّى المرأة، الحساسة لموضة المجتمع، تجهيز إكسسوارات المجوهرات.
“أنا مَـن ْسأفعل ذلك.”
لكن هذا النّوع من الأدب لم يكن يعني شيئًا لآيفرت، الذي كان يكفيه حضورُ روديلا فقط.
“لا تريد أن تجعل عائلتينا تبدو بلا أدب، أليس كذلك؟”
“مَنْ يجرؤ على اتهامنا بقلّة الأدب؟”
كانَ مستعدًا لسحقِ من يقول ذلك.
توقّفت روديلا، ثم استعادت رباطة جأشها:
لكن لماذا أتجادل معه حولَ أي عائلة ستتولّى الهدايا؟
“ههه… أوقات سعيدة.”
يبدو أن التّاجر أسـاءَ الفهم أكثر.
الأمر ليس كذلك، لكن لا يمكنني قول ذلك!
في تلكَ اللحظة:
“أنتما تستمتعان، أليس كذلك؟”
ظهرَ وجه مألوف فجأة.
اتّسعتْ عينا روديلا:
“لماذا أنتِ هنا؟”
كانت سيسيليا.
ذُعرت روديلا و ابتعدتْ قليلاً عن آيفرت.
شعرت و كأنّها ضُبطت وهي تفعل شيئًا غريبًا.
“جئتُ لمشاهدةِ الزوجين الممثلين للعاصمة.”
رمقتها سيسيليا بنظرةٍ ضيّقة، ملقيةً نكتةً بنبرةٍ غامضة.
كانَ صوتها غاضبًا، فلم يكن واضحًا إن كانت تمزح.
عندما رفعت روديلا حاجبها، ضحكت سيسيليا:
“إنّها مزحة. مررتُ بالصدفة و سمعت الأمر من التاجر.”
ألم تقلْ له أنّ الخطة سرّية؟ هل أخبرهم بالفعل؟
ألقت روديلا نظرةً خفية على التّاجر خلف سيسيليا.
بدا أن آيفرت يعطيه نفسَ النظرة، فاختبأ التاجر خلفها.
“لم يخبر أحدًا آخر. أخبرني فقط لأنّني أنا. إنّه تاجر مِن نقابتنا.”
لوّحت سيسيليا مطمئنةً:
“بالمناسبة، أنتم تحدّدون أماكن التجديد، أليس كذلك؟ ليست مقتصرة على متاجر المجوهرات فقط، صحيح؟”
خفضت صوتها وسألت:
“القتال قد ينتقل إلى متاجرَ أخرى.”
“أليس كذلك؟”
ابتسمت سيسيليا باتساع عند ردّ روديلا.
“إذًا، هنا، و هنا…”
أشارت إلى متاجر نقابتها “القديمة جدًا” على الخريطة.
“لا تهتمّوا بهذه، يمكنكم تدميرها.”
نظرت روديلا و آيفرت إلى الخريطة وفكّرا معًا:
إذا دمّرنا كلَّ شيء، سيكون تعبير القائد ممتعًا.
“سأذهب الآن.”
ابتسمت سيسيليا:
“استمتعا بحبّكما؟”
“حـ… حسنًا!”
لا يمكنني نفيُ ذلك!
ضربَ التاجر ضربة أخرى بعد اختفاء سيسيليا:
“استمتعا بحبّكما، و أرجو أن تنجح هذه العملية. ههه.”
ابتسمَ التاجر بطيبة.
ابتسمت روديلا بخجل، وهي عادةٌ أصبحت تظهر دون وعي، وفكّرت:
لا يهم! لن أوضّح شيئًا الآن!
وهكذا، بعد تحديد “منطقة التجديد” (؟)، غادرت المكان.
نظرتْ سيسيليا إليهما:
“همم.”
كانتْ تشكّ في صديقتها الملتصقة بآيفرت، بوجهٍ مختلف عن السابق.
هل هذا تمثيل حقًا؟
بدا و كأنّه تمثيل سابقًا، لكن لماذا يبدو و كأنّه ليس كذلك؟
كان من الممتعِ مراقبة هذينِ الزّوجين.
التعليقات لهذا الفصل " 47"