كانت هيَ من حاولت قبولَ هذا الوضع بأكبرِ قدرٍ من اللاّمبالاة.
لماذا يجبُ أنْ نعاملَ بعضنا كرجلٍ و امرأة؟
لن يؤدي ذلكَ إلّا إلى الإحراج، أليس كذلك؟
وكونها كانت دائمًا بجانب آيفرت رويدن، تجسيد الدّمار في صغره، ثم عاشت تحتَ ضغط كارتل النبلاء في كبرها، لم يكن لديها العديد من الأصدقاء.
لذا، كانتْ تخشى الإحراج أكثر.
“ما اسمك؟”
كطالبةٍ مثاليّة في الأكاديمية، كانت تُعيرُ دفاترها لمن يطلب منها ذلك و تساعدُ من يحتاج بكل سرور.
كثيرونَ أظهروا اهتمامًا بها.
لكنهم جميعًا أرادوا منها الابتعاد عن آيفرت.
“أتلعبين مع ذلكَ الشخص؟ إنه…”
وعلاوةً على ذلك، عروض الزّواج أو الضغوط من فصيل النبلاء، و الإشاعات السيئة، أبعدت الناس من جانبها.
في ذلكَ الوقت، لم تكن تهتمّ.
“يكفي أن أقومَ بعملي جيدًا.”
سأصبحُ وزيرةً بالتأكيد. لم آتِ إلى الأكاديمية لتكوين أصدقاء على أي حال، أليس كذلك؟
هكذا كانتْ تفكر.
حتى لو عادتْ بالزّمنِ إلى الوراء الآن، كانت واثقة أنها ستختارُ نفسَ الخيارات دونَ ندم.
لكن بسببِ ذلك، ظهرَ شيء تخافُ منه.
“أنا، من دونكَ، لن يكون لديّ أصدقاء، حقًا.”
تمتمت روديلا بهدوء.
لم تعرفْ لماذا قالتْ ذلك.
إذا أصبحتْ بعيدةً عن آيفرت ، ستبقى سيسيليا صديقتها الوحيدة، لكن بما أن سيسيليا تعرف آيفرت أيضًا، فقد تصبح بعيدة عنها أيضًا.
حينها، سأفقد كل أصدقائي.
لذا، كوننا في موقفٍ محرج لا يعمّ . لنبقَ هكذا، على هذا النحو.
“…..”
خلال ذلك، كان آيفرت مغمض العينين، يتنفس فقط.
قد يبدو نائمًا للآخرين، لكن بالنّسبةِ لروديلا، كان مختلفًا.
ليسَ شخصًا ينامُ بيدٍ على جبهته.
كما تعرفه روديلا، كانَ ينام بوضعية مستقيمة لدرجة أنها لن يبدو غريبًا لو تمّ وضعه في نعش.
“هل أنتَ نائم؟”
“…..”
لم يجب آيفرت.
“هل أنتَ نائم؟”
“…..”
حتى عندما سألت بصوتٍ أعلى، كانَ الجواب نفسه.
هل هو نائم حقًا؟ كانت تعرف طريقة للتحقق.
نظرتْ إلى الأوراق، و قرأتْ عمدًا بشكلٍ خاطئ التقرير الذي كانت تقرؤه بصوتٍ عالٍ للمرة الرابعة.
“…وبالتّالي، انخفضَ معدل القضاء المسبق على الوحوش للفرسان الزّرق من 80% إلى 70%…”
“90%.”
تكلّمَ آيفرت فجأةً.
كما توقّعت!
―طق!
ضربته على جبهتهِ بنزق و أزاحت يده، وضعتها بجانبه.
“نم بشكلٍ مريح.”
عندها، فتحَ آيفرت عينيه.
نظرَ إليها بعيونٍ زرقاء صافية خالية من النعاس.
“لا أستطيعُ النّوم.”
حسنًا، من المفهوم أن يكونَ قلقًا.
ردًا على ذلك، غطّت روديلا الإضاءة بجانب السرير بقماش، مما جعلَ المكان أكثر ظلمة.
“نم. لن أصدر أيّ صوت.”
ثم بدأت تقرأ محتوى التقرير في ذهنها.
تجاهلتْ عمدًا نظرات آيفرت التي كانتْ بالتأكيد لا تزال تحدّقُ بها.
إذا كنتَ سوف أسبّبُ الإحراجِ ، فتوقّف عن هذا و نم!
“…و حققت بذلكَ بين شعب الإمبراطورية…”
بينما بدأت الكلمات التي تمتمت بها تدخل إلى ذهنها تدريجيًا، أصبحَ تنفس آيفرت هادئًا تدريجيًا.
عندما التفتت، رأته مغمضَ العينين بوضعية مستقيمة.
“تصبحُ على خير.”
همستْ روديلا و ضحكتْ دونَ وعي.
بينما عادت للتّقرير، فتحَ آيفرت عينيه.
كانتْ عيناه خاليتين من النعاس تمامًا.
كانتْ ليلةً طويلةً بالنّسبةِ له مرة أخرى.
* * *
في اليوم التّالي.
في وسطِ وفد الفرسان الزّرق المتجه إلى قسم الشؤون الإدارية في القصر الإمبراطوري، كان هناك خمسة أشخاص.
بالطبع، قائد الفرسان الزّرق لاتيني ، و روديلا التي ستقدّم التقرير، و آيفرت الذي لا يمكنهُ إلا أن يكون ملتصقًا بها (…).
و أيضًا لورنتز، الذي كان بمثابةِ مساعدٍ غير رسمي، و الساحر فيليكس.
كان سبب وجود فيليكس بسيطًا.
“للتّعامل فورًا إذا حدثت مشكلة مع الأصفاد التي يرتديها الاثنان.”
كان ذلكَ بأمرٍ من لاتيني.
لذا، أصبح فيليكس أكثرَ توترًا من روديلا بين الخمسة.
في جو التوتر (?) داخل العربة، كانت أفكار الجميع مختلفة لكن متشابهة.
يجبُ ألا يُكتشف أمر الأصفاد!
إذا لم يُكتشف ذلك، لن تكونَ هناك مشاكل!
لكن الحادث غيرَ المتوقّع جاء من حيث لا يحتسبون.
* * *
في جلسةِ التقرير الدّوري التي أعدها قسم الشؤون الإدارية في القصرِ الإمبراطوري، بدأ مسؤولو الشؤون الإدارية من الفرسان الحمر و الفرسان الزّرق يتوافدون إلى القصر مع الضيوف، مما تسبّبَ في ضجّـةٍ بين الناس.
خاصّةً أولئك الذين رأوا روديلا و آيفرت.
“بالفعل، السيدة سيفريك مختلفة.”
“هل كانت تعرفُ كيف تُظهر تعبيرًا لطيفًا كهذا؟”
ظنّوا أن المسافة ستجعل كلامهم غير مسموع، لكن أذني آيفرت كانتا تلتقطان كل شيء.
بالطبع، لم يكنٔ الكلام مزعجًا لدرجةٍ تتطلّب التدخل، فتجاهله.
من ناحية أخرى، بسببِ الأصفاد، كان من الأسهل على روديلا أن تمسكَ بذراعِ آيفرت بدلاً من مرافقته رسميًا، فكانت متشبثة بذراعه.
بالطبع، لم تكن متمسكة به بما يخالف آداب القصر. كانت أقرب إلى إمساك يده أو معصمه.
لحسنِ حظهما، تغيّرت الآداب الصارمة للنبلاء مؤخرًا مع تغييرِ النّبلاء الشّباب للموضة.
الجوّ الذي كانَ يتطلّبُ الحذر حتى من لمس الأيدي قد تغيّرَ ، بحيثُ أصبح من المقبول أن يتشبث المخطوبان ببعضهما بما يشبه التشابك، بدلاً من المرافقة الرسمية.
بالطبع، لم يكن هناكَ من يفعل ذلكَ في القصر أو أماكن العمل، لكن الاثنين لم يكن لديهما خيار.
لمَ لا نقود الموضة بهذه المناسبة!
قرّرت روديلا تجاهلَ أنظار النّاس رغم إحساسها بها، لأنه لم يكن هناكَ خيارٌ آخر.
“…..”
ثم أدركت روديلا فجأةً شيئًا غريبًا.
بجانب آيفرت، شعرت بالعديدِ من الأشخاص الذين يوجهون إليه تحيات بالعيون.
بالطبع، ليسَ من الغريب أن يتلقى دوق من عائلة ما الكثير من التحيات.
لكن عادةً يأتون و يحيّون، فلمَ يرسلون تحيات بالعيون بهذه السرية؟
هل كان يتلقى هذه التحيات دائمًا في المناسبات العامة؟
عندما ألقت نظرة على آيفرت، بدا أنّه يردُّ على التحيات بشكلٍ طبيعي.
مظهر غريب و طبيعي في آنٍ واحد… بينما كانت تفكر بذلك، وصلا إلى قاعةِ الولائم حيث يُعقد التقرير الدوري.
و بعد وقتٍ قصير من جلوسهما، أعلنت الوزيرة أميريس، رئيسة قسم الشؤون الإدارية، بدء التقرير الدوري.
“إذن، سنبدأ التقرير الدوري للنصف الأول من عام 911 الإمبراطوري.”
توقّفتْ أصوات النّـاس المضطربة قليلاً.
“إذن، نتوقّع الكثيرَ من هذه الجلسة أيضًا.”
مع كلمة ترحيب قصيرة من الإمبراطور، صعدَ رئيس الخدم إلى المنصة وقال:
“سنبدأ التّقرير الدوري لهذا الربع مع الفرسان الحمر أولاً.”
توقّفت روديلا للحظة.
ألم يكن المعتاد أن يبدأ الفرسان الزّرق أوّلاً؟
بما أنها شاركت في التقرير الدوري السابق كعضوة في قسم الشؤون الإدارية، لم يكن بإمكانها ألا تعلم.
بينما تبادلَ النّـاس الذين يفكرون مثلها النظرات، انتشر همسُ رئيس الخدم في القاعة.
“يبدو أن جلالته منزعج جدًا.”
“حسنًا، من الطبيعيّ أن يريدَ سماع الأخبار الجيدة أولاً.”
كانَ الكلام يعني أن الفرسان الزّرق سيحملون أخبارًا سيئة بالتأكيد.
الأوغاد!
لكن لم يكن هذا سيئًا.
في النهاية، سأكون أنا و الفرسان الّزرق، من سيجذب الانتباه، و الناس سيتذكرون الشّخص الأخير إذا كان مثيرًا للإعجاب.
أمسكت روديلا قبضتها بقوة.
“إذن، فلتبدأ.”
في المناسبات الرّسمية، كان الإمبراطور يؤكّد سلطته بوضوح.
لكن، ربما لأنه كانَ منزعجًا حقًا، أشارَ بيده بكلمات قصيرة.
كان ذلكَ يعني أنه لا يريدُ المزيد من الرسميات.
لذا، أصبحَ جو القاعة كالجليد.
“لم تكن جلسات التقرير الدوري عادةً بهذا الحد من التوتر.”
تمتمَ لاتيني. و ألقى آيفرت نظرةً عليه.
كلاهما كانا قلقين على روديلا، لكن استنتاجهما كان مختلفًا.
كان آيفرت يؤمن أكثر من روديلا نفسها بأنها لن ترتكب خطأً، كما لو كان ذلكَ حقيقة مطلقة بالنّسبة له.
“ها؟”
لكن نظرة روديلا كانتْ في مكانٍ آخر.
صحيح أنها كانتْ متوتّرةً بسببِ التقرير، لكن وجهًا أزالَ توترها كان يصعد إلى المنصة.
“…لمَ يظهر هذا الشّخص هنا؟”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 31"