في قصرٍ متواضع، كانَ الخدم يتحرّكون بنشاطٍ واضطراب.
ومنْ بينهم، كانَ الكونت و الكونتيسة سيفريك يتحركّان بطبيعية.
من خلال مشاهدتهما، يمكنُ للمرء أن يدرك بسرعة أنهما لا يظهران الكثير منَ الرّسميات أو السلطة.
عندما تلقّى الكونت تفّاحةً حمراء من أحد الخدم المارّين و قدّمها إلى يد ابنته.
“هل كانَ يجبُ أن أطلبَ منكِ المجيء إلى المنزل وأنتِ مشغولة؟”
فجأة، نظرت الكونتيسة سيفريك إلى ابنتها بقلق.
“لا، لستُ متأخرة. كنتُ أنوي المجيءَ في هذا الوقت على أيّ حال.”
على الرغم من أنّ المسافة بين العاصمة و إقليم سيفريك بعيدة، كانتْ روديلا تحرصـ على زيارة والديها بشكلٍ دوريّ.
و مَع ذلك، كانت هُناك أيّام مثلَ اليوم تخشى فيها التّأخر عن العمل.
لكن…
روديلا سيفريك، الابنة الوحيدة المحبوبةُ لهذا القصر و نجمة قسم الشؤون العامة القوية، ابتسمت بثقة.
“أليسوا راضين عن عملكِ في قسم الشؤون العامة هذه الأيام؟”
ردّتْ روديلا بالنّفي بيدها و كأنّها تقول انّه لا داعي للقلق، لكن الكونتيسة استمرّت في التّعبيرِ عن هواجسها.
“بالطبع. الوزيرة الأولى تراقب.”
“ليست الوزيرة الأولى هي المشكلة…”
عانقت روديلا والدتها التي كانتْ على وشكِ القلق.
“سأذهب الآن! لا تقلقي كثيرًا.”
“متى ستجدين وقتًا للعودة بعدَ هذه الزّيارة؟”
نظرت روديلا إلى والدها الذي تحدث بنبرة جافّة لكنّها حنونة.
حسبتْ في ذهنها قليلًا، ثم رفعَت في نهاية جملتها ابتسامة خفيفة.
“إن لم يحدث شيء، ربّما بعد شهر… تقريبًا؟”
“حسنًا، تواصلي معنا… آه، ألا تحتاجين لقراءة هذه الرّسائل؟”
أشارَ الكونت بذقنه إلى كومة من الرّسائل التي كان يحملها.
“آه، تلك؟”
عانقت روديلا والدتها بقوّة، ثم اقتربت من والدها.
بعد أن تحقّقتْ من أسماء العائلات النبيلة المرسلة، نقرت بلسانها.
“آه، يا لهم من ملحّين…”
عادةً، يتزوّج النّبلاء قبل سنّ الرابعة والعشرين.
لكن بعد أن خطبت روديلا لآيفرت لويدن ولم تتزوج حتّى سن الرابعة والعشرين، بدأ البعض في إرسال رسائل بنية استكشافية.
رسائل وقحة للغاية تطلب منها التّحدث إن كانت لديها نوايا أخْرى.
بلْ إنّ بعضهم كانَ يرسل رسائل مزينة بغبار الذهب ليجذبَ الانتباه.
“بالطبع، يجبُ حرقها جميعًا.”
أخذتْ روديلا كومة الرّسائل من يد والدها دون تردد وألقتها في المدفأة.
―هوو!
“كح!”
في نفس اللّحظة، تناثر غبار الذهب.
كانَ هذا يحدث كلما ألقوا برسالة مزيّنة بغبار الذهب في المدفأة.
ما أكثرَ الطّرق المزعجة التي يتفنّنون بها، حقًا!
عبستْ روديلا للحظة، ثم عانقتْ والدها بقوة و اتّجهت بسرعةٍ نحو مخرج القصر.
“إذن، سأذهب الآن!”
عانقتها الكونتيسة مرّةً أخرى وقبّلتها على خدها.
عندما صدرَ صوت القبلة، ضحكت روديلا.
“هذا يدغدغ.”
“اذهبي، و إن واجهتِ أيّ صعوبات، أخبرينا دائمًا.”
فِي الإمبراطوريّة، كانتْ روديلا سيفريك نخبة ناشئة، خريجة الأكاديمية الأولى، و تحملُ العديد من الألقاب، لكن داخل البيت، كانت مجرّد ابنة محبوبة.
“سأعود!”
ابتسمت روديلا بإشراق و قامتْ بتوديعهم.
* * *
بعد عقود من انتهاء الحرب التي اجتاحت القارّة.
في إمبراطورية هارنيس التي انتهت من الحرب، كان يُطلق على الجيل الحالي “آخر جيل يمكنه النجاح بجهوده الخاصة”.
جيل قادرٌ على اختراق النبلاء المتحجرين والوصول إلى مناصبَ عليا بفضل الإنجازات فقط.
كانت روديلا سيفريك واحدةً من هؤلاء الطامحين.
كانت عائلة سيفريك في الأصل عائلة ناشئة، لكنها نالت لقب كونت الحدود بفضل دفاعها المميّز عن الحدود مع الصحراء.
كانت عائلة نبيلة ناشئة ارتقت إلى مرتبة النبلاء في هذا الجيل، و كانتْ تتمتّع بتفكير منفتح.
لهذا السّبب، تبنى كونت و كونتيسة سيفريك روديلا، التي كانتْ يتيمة حرب، و قاما بتربيتها كابنتهما.
بينما كانتْ العائلات الأخرى تتشبّث بالنّسب في زمن الحرب، اختارت عائلة سيفريك طريقًا مختلفًا.
وكانَ هذا الاختيار موفّقًا.
[أعظم موهبةٍ في تاريخ الأكاديمية الوطنية هارنيس]
[طالبة لم تفقد صدارتها منذُ دخولها حتّى تخرجها]
في هذا العصر ، انتشرت فكرة أنّ النّسب لا يرتبط بالموهبة بسبب بروز العديد من العامّة خلال الحرب.
مع اندماج هذا التّيار مع موهبتها، تلقّت روديلا دعواتٍ من جميع المؤسسات الوطنية تقريبًا في الإمبراطورية.
ومِنْ بينها، بالطبع، القصر الإمبراطوري، بل وحتى قسم الشّؤون العامة، أعلى الأقسام مباشرة تحت إدارة القصر، قدّم عرضًا لضمّها.
بل إن الوزيرة الأولى بنفسها قدّمتْ العرض.
“سأذهب!”
لم تكنْ روديلا لترفض مثلَ هذا العرض.
لكن، علَى الرّغم من انضمامها إلى قسم الشؤون العامة…
―طقطقة
تردّدَ صوت أحذية على السّجادة الحمراء الطويلة في ممرّ قسم الشؤون العامة.
“سيفريك ، لقد تأخرتِ.”
في نفس الوقت، جاء توبيخ مألوف من رئيسها في العمل، رايان.
تجهّم وجهُ روديلا.
‘لقد وصلتُ مبكرّة بعشرين دقيقة!’
لم تكن تنوي الرّد، لكن قبلَ أن تفعل، مرّ بجانبها أعضاء من قسم الشؤون العامة من عائلات نبيلة، يتحدثون عنها دون أيّ اهتمام.
ابتسمتْ روديلا برفقٍ وهي تراهم.
‘ليسوا أطفالًا في السابعة ليتصرّفوا بمثلِ هذه الطفولية!’
منذُ أن انضمّت إلى قسم الشؤون العامة بأدائها المتميز.
واجهت روديلا معارضةً شديدة من أشخاص من عائلات نبيلة. و السبب؟ كونها من أصلٍ عاميّ على الرغم من تبنيها في عائلة نبيلة.
لكن حتّى وسط هذا، حقّقتْ إنجازاتٍ مميزة عن الآخرين، و كانتْ حياتها المهنية تسير على الطّريق الصحيح.
‘اضحكوا كما شئتم.’
‘سأواصلُ العمل الجادّ …’
نظرت روديلا بهدوء نحوَ نهاية الممر.
لمعَ الباب الكبير والفخم لغرفة الوزيرة الأولى.
‘نعم، يومًا ما سأصبح سيدة هذا الباب!’
―إيماءة!
أومأتْ روديلا برأسها و هي تتذكّرُ حلمها الدّائم.
لكن، كانتْ هناكَ مشكلةٌ واحدة فقط.
“السير تين، أليس عمل عائلته يواجه صعوبات مؤخرًا؟”
“و السير رايان لديه زوجة وأطفال يعيلهم…”
مهما كانَ العصر متطوّرًا، كانت شبكة النبلاء العليا لا تزال صعبة الكسر.
لهذا السّبب، تمّت ترقية أشخاص من النبلاء قبل روديلا رغم انّهم انضمُّوا لهذا المكان بعدها لأسباب واهية.
لم يكن لديهم إنجازاتٌ بارزة حتّى.
بل إنّهم لم يكتفوا بالترقية بسرعةٍ مذهلة دون إنجازات، بل…
“هذا عملي.”
“لا، لقد أبلغَ السير رايان أنّه قام به.”
كانوا يسرقون إنجازات روديلا بسلاسة.
كانَ الشيء الوحيد الذي يتفوقون به عليها هو:
أن عائلاتهم كانت على علاقة وثيقة بكبار قسم الشؤون العامة!
بالطبع، كانتْ لدى روديلا فرصة للاستفادة من علاقات عائلات أخرى.
[نودُّ مناقشة أمور عميقة مع الآنسة سيفريك.]
[من أجل تطوّر العائلتين…]
منذ أيّام الأكاديمية، كانت الرسائل التي تبدأ بهذه العبارات و عروض الزّواج من عائلات مرموقة تأتيها باستمرار.
كانتْ تزعج دراستها، بل و كانوا يتصرّفون كما لو كانوا يقدمون يد العون لها بسبب خلفيتها الضعيفة رغمَ قدراتها.
في النّهاية، اتخذت روديلا، التي غضبت حقًا، إجراءً جذريًا.
بينما كانتْ تستعيد هذه الذكريات،
أصبح نهاية الممر صاخبًا، و فتح باب غرفة الوزيرة الأولى، و ظهر رجل.
كانَ هو “الإجراء الجذري” الذي كانتْ تتذكّره.
“آيفرت!”
تفتحت ابتسامةٌ مشرقةٌ على وجهِ روديلا.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 2"