إذا حطّم آيفرت المفتاح و قال لفيليكس أن” به عيب”، فسيبدأ فيليكس من جديد في أبحاثه.
هكذا، سيتم تأخير فـكّ الأصفاد لفترةٍ طويلة بينما يسير البحث في اتجاه خاطئ.
كان آيفرت يسأل إن كان يجب أن يفعل ذلك.
“أنـتَ―”
حاولت روديلا انتزاع المفتاح من يـده بسرعة.
لكن آيفرت كان أسرع منها.
― كلانك!
رفـعَ يـده عاليًا، عندها جذبت الأصفاد روديلا لتصبح ملتصقة به، فنظرت إليه بدهشة.
…كانت عيناه الزرقاوتان اللامعتان قريبتين جدًا.
“أريد أن أكون معـكِ، هكذا.”
رنّ صوته المنخفض بالقرب منها.
كان صوته الذي يتدفّق مباشرةً إلى أذنيها غريبًا بعض الشيء، فانكمشت روديلا.
“…نحن معًـا يوميًا، أليس كذلك؟”
حتّى بدون الأصفاد، نحن―
…آه.
توقّفت روديلا.
لا ، من الممكن أن ننفصل.
إذا ذهبـتُ في الجولة الخارجيّة، فمن الممكن أن ننفصل.
لكنـكَ أنـتَ أيضًا حاولتَ وضـع مسافة بيننا.
فلمـاذا الآن؟
“لا، ليس كالمعتاد، و لا حتّى كالآن.”
نظرَ آيفرت إليها و اقتربَ منها خطوة.
اختفت المسافة الصغيرة التي كانت تفصلهما فجأة.
أصبحا ملتصقين تمامًا، كما لو كانا يرقصان.
كانت المسافة التي لم تكن تثيرها أثناء الرقص تشعرها الآن بغرابة، فتنفّست روديلا بعمق.
“أقرب من هـذا.”
اقتربَ آيفرت منها أكثر.
المسافة التي تتشابك فيها أرجلهما كانت تنتقل فيها الحرارة.
“ماذا…؟”
قبل أن تشعر بالذهول، كان الشعور الأوّل الذي أحست به هو الارتباك.
لو كانت تكره اقترابه، لقامت بدفعه بعيدًا.
لا، لقد كانت تتمنّى رؤية هذا المشهد حتّى في أحلامها.
لكن آيفرت، الذي كانت تعتقد أنّه يبعدها، أخذ يقترب منها الآن…
كيف يُفترض بها أن تفهم هذا الموقف؟
عندما نظرت إليه بعيون متقلّبة ، تشوّهت زاوية فـم آيفرت.
“نعم، أريد أن أثير اضطرابكِ هكذا.”
فتحت روديلا فمهـا قليلًا.
“―كما تفعلين بي في كلّ لحظة.”
كانت عيناه الزرقاوان مغطاة بظلال رموشه الطويلة.
“ألم تفهمي بعد؟”
أمسك يـده التي تحمل المفتاح بقوّة، ثمّ أمال رأسه نحوها.
“حتّى لو اقتربتُ منـكِ هكذا،”
عندما شعرت بأنفاسه فوق رأسها مباشرة، لامست شفاهه رأسها بصمت.
دفء ناعم و لطيف.
“حتّى لو اقتربتُ منـكِ و همست لكِ هكذا.”
حتّى لو قبّلتـكِ.
“هل ما زلـتِ تعتقدين أنّني مجرّد صديق؟”
شعرت روديلا و كأنّ ذهنها يهتـزّ بشدّة.
“لقد قلـتِ إنّ الأشخاص المجانين يجـب أن يتمّ تقييدهم.”
أحدث آيفرت تموّجًا في ذهنها الأبيض النقي.
“إذا قمـتُ بفـكّ هذه الأصفاد،”
― كلانك.
أظهرت الأصفاد سلسلتها عندما هـزّ معصمه.
“أعتقد أنّني سأجـنّ حقًّا.”
‘فما الذي علي فعله، يا روديلا؟’
كان صوته المليء بالعاطفة خشنًا، فأطلقت روديلا تنهيدة خفيفة.
“آيفرت.”
قبل لحظات، لم يكن لديها الشجاعة لتنظر إليه حتّى.
لكن الآن، كان عليها أن تنظـر إليه.
كان عليها أن تنظر لتعرف.
‘ما الذي تفكّر فيه؟’
‘هل هو جادّ؟’
التقت نظراتهما.
“…..”
كانت عيناه الزرقاوان لا تزالان ثابتتين عليها.
‘إذا كنـتَ تريد علاقة مختلفة حقًا…’
‘…لكننا…’
“نحن…اتفقنا على علاقة تعاقديّة…”
قاطعها آيفرت.
“لقد انتهـت.”
ثمّ أضاف بنبرةٍ منخفضة:
“مثل هذه المزحة.”
“ماذا؟”
بدت عيناها و كأنّهما اتّسعتا على مصراعيهما عند كلمة “مزحة”.
“ستصبحين رئيسة الوزراء ، و لم يعـد هناك ما يعيقـكِ. لقد تحقّق هدف العلاقة التعاقديّة. لكن، يا روديلا،”
كان صوته ثابتًا أيضًا.
كان يدّعي أنّ كلّ ما حدثَ بينهما حتّى الآن مجرّد مزحة.
بالنّسبة لها هي التي كان قلبها يرتجف لعدم معرفتها بمشاعره، قال آيفرت:
“أنا لم أبدأ مثل هذه المزحة أبـدًا.”
فتحت روديلا فمها قليلًا.
“ربّما رأيتِني مجرّد صديق طوال الوقت، لكن أنا لم أكـن كذلك.”
كانت كلمات آيفرت تحمل شعورًا يشبه الحلم ، تشعرها و كأنّها تمشي على الغيوم.
تحوّل ذهنها الأبيض النقي إلى ألوان فوضويّة.
“أنا أحبّـكِ، يا روديلا.”
همـسَ.
“و منذُ وقت طويل جدًا.”
تراجع نصف خطوة، و أمسكَ يدها بلطف.
كما لو كان يطلب رقصة.
في الأكاديميّة، في حفلة صغيرة بين الطلاب، كان قد طلب منها الرقص بهذه الطّريقة.
“أنا أحبّـكِ، يا روديلا.”
ذلكَ اليوم… كان في نفس فترة عيد ميلادها، أليس كذلك؟
“منذُ اللّحظة التي تجاوزتِ فيها كلماتي كمشاعر صداقة، أو حتّى قبل ذلك.”
‘لأنّني أحببتـكِ.’
عضّ آيفرت شفتيه.
لأوّل مرّة، بـدا التوتر ظاهرًا على وجهه.
“لذلك أنا أشعر بالقلق. إذا فككتُ هذه،”
نظر إلى الأصفاد وقال:
“ماذا لو عاملتِني حقًا كمجرّد صديق؟”
لم تستطع روديلا استعادة رباطة جأشها من كلماته.
“… منذُ متى؟”
‘منذُ متى و أنـتَ تمتلك هذه المشاعر؟’
لم تكـن قد أخفت مشاعرها إلّا مؤخرًا.
ربّما أحبّتـه منذُ فترةٍ أطول، ربّما أصبحت تحبّـه تدريجيًا دونَ أن تدرك، لكنها أدركت ذلك مؤخرًا فقط.
لذلك، بذلت جهدًا كبيرًا لإخفاء مشاعرها، و هي تعاني من ذلك.
‘لكن أنـتَ، ربّما…’
“لا أتذكّر منذُ متى.”
أجاب آيفرت.
“لكن الوقت لا يهـمّ . ربّما منذُ اللحظة التي جلستِ فيها بجانبي في الأكاديميّة، أو في أحد الأيّام التي ساعدتني فيها في التدريب، أو عندما أمسكتِ يدي.”
كانت اللحظات التي ذكرها محفورة في ذهن روديلا أيضًا.
بينما كانت تتذكر بالكاد لحظاتها مع الآخرين، كانت لحظاتها معـه محفورة في ذهنها كلوحة مرسومة.
“…كلّ لحظة قضيتها معـكِ كانت مثيرة، لهذا لستُ أدري منذُ متى حقًّا.”
ضحك آيفرت بنبرة منخفضة.
كان صوته يرتجف قليلًا.
كما لو كان يخشى أن تكتشف مشاعره و تبعد نفسها عنه، تمامًا كما حاولت هي إخفاء مشاعرها.
مثل لحظات توترها أمامه، كان هو يرتجف الآن.
“لذا، اختاري.”
كان صوته المرتجف، لكن الحازم، يحمل عاطفة وصلت إليها.
“متى تريدين أن أقول إنّني أحببتكِ؟”
في هذه اللّحظة، وصلت فيها مشاعره التي حاول إيصالها منذُ زمن بعيد، إلى صاحبها أخيرًا.
‘اختاري اليوم الذي تريدينه، و سأقول أنّني وقعت في حبّـكِ منذ ذلكَ الوقت.’
همس.
كانت أنظارهما المتبادلة ترتجف هذه المرّة.
“….”
عندما لم تجـب، أغلق آيفرت عينيه.
شعرت بدفء يهبط على طرف أنفها.
ماذا يعني تقبيله لطرف أنفها دونَ أن ينظر إلى عينيها؟
كانت القبلات التي كان يمرّرها عادةً دون تفكير مختلفة الآن.
لم تكن قبلة ماهرة واثقة، بل كانت لمسة خرقاء أقرب إلى الاحتكاك، تحمل صدقًا أعمق مما مضى.
“…أنـتَ.”
كان صوتها يرتجف بشكلٍ بائس.
كأنّ ارتجافه انتقل إليها.
كان يرغب في علاقة أكثر من مجرّد صداقة، لكنه يشعر بالقلق من أنّ الطرف الآخر يراه مجرّد صديق.
‘لقد شعرتَ بهذا أيضًا.’
‘مثلي تمامًا.’
‘ربّما أنـتَ تشعر الآن أنّ هذه اللّحظة طويلة كأنّها ساعات.’
‘و تراقب كلّ حركة مني، كلّ نفـس و كلّ رمشة عين.’
لذلك، عليها أن تجيب بوضوح الآن.
لأنّها تعرف مدى الشجاعة التي استجمعها آيفرت ليعترف لها.
لأنّه واجـه خوفـه من أن يفقدها إلى الأبـد إذا رُفض.
أجابت روديلا بوضوح تام:
“لا يهـمّ منذُ متى بدأ الأمر.”
شعرت بابتسامة تتشكّل على شفتيها.
كان قلبها النابض بجنون يشـلّ حتّى عضلات وجهها.
لكن كان عليها أن تبتسم.
‘هذه الابتسامة ستطمئنـكَ.’
‘أتمنّى ألّا يكون هذا حلمًـا.’
أمسكت روديلا يـده و همست:
“لا أعرف أيضًا منذُ متى أحببتـكَ.”
رأت شفتيه تنفرجان قليلًا.
كان ذلك كلّ ما رأته.
اقتربت منه و هي تقف على أطراف أصابعها، و وضعت شفتيها على شفتيه التي نطقت بكلمات الحُب.
شعرت بجسـده يتصلّب للحظة، فهمست:
“لذا، لا تقـل منذ يوم محدّد، بل منذُ زمنٍ بعيد.”
‘قل إنّـكَ أحببتني منذُ زمن بعيد.’
‘حتّى نشعر أنّ مشاعرنا الآن متساوية.’
عندما التقت نظراتهما مجدّدًا، عانقها آيفرت.
بدلًا من الرد، اقترب منها.
“…..”
كان نفسًا عميقًا.
انزلقت شفتاه من طرف أنفها إلى شفتها العليا.
كانت ناعمة بشكلٍ لا يقاوم، فسرق أنفاسها.
لـفّ الصدق المتّقد الاثنين معًا.
الشخصين الاثنين اللذين سلكا طريقًا طويلًا للوصول إلى هنا.
التعليقات لهذا الفصل " 132"