كانت أراضي القصر التي تحتضن البحيرة الصغيرة مثالية حقًا لقضاء إجازة.
كانت روديلا تتوقّع أن تبدو البحيرة شبه قاحلة، لأنّها ليست بحيرة صيفيّة غنيّـة بالخضرة، لكن المنظر فاجأها بجماله.
سماء مفتوحة و واسعة، و بحيرة صافية تعكس ألوان الغروب.
و في وسطها، قارب صغير يطفو على الماء.
“واو…”
بينما كانت روديلا تتنفّس بعمق و هي تستمتع بنسيم خفيف و رائحة الطبيعة المنعشة،
“تعالـي إلى هنا.”
أخذها آيفرت إلى القارب.
ثمّ سألها بهدوء:
“هل لا بأس بركوب القارب؟”
“مـاذا؟”
“بعد ما حدث في ذلكَ اليوم…..”
مـدّ آيفرت يـده.
“آه…”
تذكّرت روديلا تلكَ الأحداث.
نظرت إلى البحيرة و القارب.
صحيح أنّه الآن ليس بحرًا، و ليست سفينة ضخمة كما في ذلك اليوم ، بل هو قارب صغير…
لكن في النهاية، كلاهما قارب على الماء.
“لسـتُ خائفـة.”
لم تشعر بالخوف على الإطلاق.
لم تكـن ذكرى الاقتراب من الموت واضحة جدًا في ذاكرتها. و الأهم من ذلك ، هي لم تفكّـر يومًا أنّها ستمـوت.
‘لأنّـكَ كنـتَ هناك.’
‘و حتّى الآن ، أنـتَ هنـا أيضًا.’
“هذا جيّـد.”
بـدا آيفرت مطمئنًا أخيرًا.
كان يراقبها طوال الطريق إلى البحيرة.
صعدت روديلا إلى القارب، ثمّ دفـع آيفرت القارب إلى البحيرة و صعـدَ ليمسك بالمجذاف.
“كنـتُ سأتخطّى زيارة البحيرة ، لكن عندما رأيتُ إعجابـكِ بها في الطريق ، قرّرت المجيء.”
رمشت روديلا بعينيهـا.
إذا قام بوضع كلّ هذه الأمور ضمن مخطّطاته ، فهذا يعني أنّ خطّتـه للإجازة كانت موجودة منذُ زمـن.
‘لا يمكن أن يكون قد أضاف ركوب القارب إلى الخطّـة بعد حادث السفينة.’
“متى خطّطتَ لهذه الإجازة؟”
ردّ آيفرت بوجـه يبدو و كأنّ الأمر بديهي:
“منذ أن وافقتِ على المجيء معي.”
“منذ أن ارتدينا الأصفاد لأوّل مرّة؟”
“بالطبـع.”
جاء ردّه بنفس الوضوح و السرعة.
“إنّهـا فرصة نادرة لأكون معـكِ.”
‘لهذا بـدت الخطّة دقيقة جدًا بالنّسبة لشيء تـمّ التخطيط له مؤخرًا.’
فتحت روديلا فمهـا قليلًا.
“لم أرد إضاعة هذا الوقت عبثًا.”
عندما رفع آيفرت زاوية فمـه و نظرَ إليها،
― توك.
فجأةً ، سقطَ شيء أبيض على شعره الأشقر.
“آه،”
بينما كانت عينـا روديلا تتجهان للأعلى،
― توك.
هذه المرّة، سقط شيء على يدهـا، ثمّ على ظهر يـد آيفرت التي تمسك المجذاف.
ثمّ…
“آه.”
أخفض آيفرت عينيه قليلًا.
رأى الثلج يهبط على طرف أنفـه.
“ثلج؟”
كان أوّل تساقط للثلـج.
نظرت روديلا حولها.
كانت الأشياء الصغيرة البيضاء تتساقط ببطء حولها.
الثلج الذي يتساقط ببطء، عندما يلامس الأرض أو الماء، كان يذوب و يختفي في البداية.
لكن مع مرور الوقت، سيتراكم ليصنع مشهدًا أبيض نقيًا.
كأنّ الثلج يتراكم دونَ أن يُلاحظه أحـد، بسرعة، لكن بهدوء و بشكلٍ طبيعيّ.
نظرت روديلا إلى آيفرت مجدّدًا.
رأت المزيد من الثلج يتساقط على شعره الأشقر بفعل النسيم الخفيف.
و أيضًا على أذنيـه المحمرّتين قليلًا.
ذاب الثلج ببطء، تاركًا رطوبة خفيفة تتلاشى.
“أذناكَ… محمرّتان.”
أشارت روديلا إلى أذنيـه.
“آه، ربّما بسببِ البـرد؟”
أدار آيفرت عينيـه قليلًا إلى الجانب.
“أنـتَ ، في هذا الطقس؟”
كانت روديلا تعلم جيّدًا أنّه ليس من النوع الذي يشعر بالبرد بسهولة.
ألم يكن هو مَـنْ خلـع معطفه و أعطاه لها قبل الوصول إلى البحيرة؟
نظرَ آيفرت إليها مجدّدًا.
بـدت عيناه مضطربتين قليلًا، و كأنّه هو أيضًا يشعر بالحرج.
ثمّ…
“…يبدو أنّـكِ أنـتِ مَـنْ تشعرين بالبرد أكثر.”
أمسكَ وجنتيها بكلتا يديـه.
و في تلكَ اللّحظة ،
― بلوم!
سقط المجذاف الذي كان يمسكـه في البحيرة.
كان خطئًا سخيفًا حقًا.
ضحكت روديلا بصوت عالٍ.
“مهلًا، لحظة.”
ضحكَ آيفرت أيضًا، كأنّه هو نفسه شعر بالسخافة.
في هذه الأثناء، كان المجذاف يبتعد بسرعة مع التيّار.
“سأذهب لأحضره “
قبل أن يبتعد المجذاف أكثر من طول سلسلة الأصفاد، قفز آيفرت إلى الماء دون تردّد.
― بلاام!
سبـح بسرعة في البحيرة التي كانت أعمق ممّا كان يتوقّع ، و أمسك المجذاف في اللّحظة الأخيرة التي سمح بها طول السلسلة.
“هاه…”
أخرج وجهه من الماء، و مـرّر يـده على شعره الأشقر المبلّل.
لو رأى أحد ما هذا المشهد لظنّ أنّه في صيف دافئ لا في شتاء مع تساقط الثلج.
― رذاذ!
بينما كان يسبح عائدًا، ضحكت روديلا بوجه محرج.
“الآن ستشعر بالبرد حقًا.”
“لا أشعر بالبرد .”
ألقى آيفرت بالمجذاف على القارب و بـدأ يدفع القارب و هو يسبح.
“ألن تصعـد؟”
“أنا مبلّل―”
― رذاذ!
غطّـت أصوات السباحة و رذاذ الماء جزءًا من ردّه.
“…لذلك.”
“مـاذا؟”
لكن بدلًا من الرد، بدأ آيفرت يدفع القارب جاعلا الماء يصدر صوتًا أعلى.
عندما ضربت روديلا ذراعه بخفّـة، قال أخيرًا:
“الهواء بالخارج أبـرد.”
ربّما لهذا السبب، كانت أذناه، التي خرجت من الماء، أكثر احمرارًا من ذي قبل.
* * *
لسوء الحظّ أنّ آيفرت لم يحضر ملابس إضافيّة للتبديل، و لكن الشيء الجيّد أنّه ليس من النوع الذي يصـاب بالزكام بسهولة.
“أشعر بالبـرد قليلًا.”
عندما خرج آيفرت من الماء، ارتجفت روديلا.
كانت ملابسه المبلّلة الملتصقة بجسـده تكشف عن خطوط جسـده القويّ الذي كان مخفيًا بالكاد.
‘لقد رأيتـه من قبل…. أحيانًا فقط!’
لكن ربّما كانت تلك هي المشكلة.
أغلقت روديلا عينيها ثمّ فتحتهما بسرعة.
“ارتـدِ هذا أوّلًا!”
أعادت روديلا معطفه إليه بسرعة.
“ما فائدة ارتدائه و أنا مبلّل؟”
نظر آيفرت إليها، و بـدأ يفكّ أزرار قميصـه، لكنّه توقّـف.
“ارتديه أنـتِ.”
أعـاد معطفه الجاف إليها.
― فوش.
على الرّغمِ من أنّ المعطف الذي لامـس نسيم البرد و جسـده البارد، كان ينبغي ألّا يكون دافئًا، إلا أنّ روديلا شعرت و كأنّها مغمورة بدفء.
هل الدفء يأتي من المعطف أم من وجهها؟
و لماذا تستمرّ صورة جسـده في الظهور في ذهنها؟
اضطرّت روديلا إلى بذل جهـد لتتجاهل ذلك.
“سيدي، تفضّـل.”
في هذه الأثناء، جلبَ الخادم الخاص دينيت ملابس إضافيّة و بطانيّة بسرعة.
من الواضح أنّه تحرّك فور رؤيته آيفرت يقفز في الماء.
“لم أسبح أثناء تساقط الثلج منذ زمن”
هل يعني أنّه فعل ذلكَ من قبل؟
نظرت روديلا إليه بدهشة، ثمّ أغلقت فمها.
كانت صورة جسده، المخفيّة الآن تحت القميص، تطفو في ذهنها.
‘لماذا طار ذلكَ المجذاف!’
ألقت روديلا نظرة على الأصفاد.
كانت متأكّدة أنّها رأت السلسلة تلمـع عندما اصطدمت بالمجذاف و دفعته بعيدًا في تلك اللحظة.
‘يبدو أنّ الأصفاد هي السبب.’
لكن حتّى لو ألقـت اللوم عليها، لم تستطع منع صورة جسده من الظهور في ذهنها.
أخيرًا، أغلقت روديلا عينيها ثمّ فتحتهما بسرعة.
ثمّ…
― فتح!
فتحت نافذة العربة.
‘ربّما بعض الهواء البارد سيجعلني أستعيد رباطة جأشي…’
“هل تشعرين بالحـرّ؟”
جاء صوت آيفرت من الجهة المقابلة.
عندما نظرت إليه، كان يلفّ البطانيّة حوله.
“…لا، ليس كذلك.”
‘هل جننتُ لأشعر بالحرّ و أفتح النافذة أمام شخص مبلّل؟’
أغلقت روديلا النافذة بسرعة و وجهها محمرّ.
كانت فترة ما بعد الظهر الخالية تمامًا من الرزانة تمـرّ.
* * *
في تلكَ الليلة،
بعد تجوالهما في أنحاء القصر دون أيّ فرصة للتفكير في العمل، غرقت روديلا في نوم عميق.
على عكس الليلة السابقة المعقّدة، كان تنفّسها هادئًا و منتظمًا.
بينما كان آيفرت يبتسم لذلك،
“سيدي، لقد وصلت رسالة من الفرع الغربي لفرقة الفرسان الزّرق.”
جاء الاتصال الذي كان آيفرت يخشاه.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 130"