كان القصر الذي بُني عندما ارتدى الاثنان الأصفاد لأوّل مرّة يقع في إقليم رويدن.
لم يكن الطريق المؤدّي إليه مفروشًا بشكلٍ مثالي في الأصل، لكنّ السّيدة رويدن أصرت على تسويته ليصبح صالحًا للسفر.
على جانبٌ الطريق، كانت هناك حقول ممتدّة، وعلى الجانب الآخر، بحيرة صغيرة تلوح في الأفق.
على الرّغمِ من صغر حجم البحيرة، كانت محاطة بسياج طويل يمتـدّ إلى الأراضي المجاورة، مما يجعل الوصول إليها مستحيلًا لغير المالكين.
و خلال غياب الاثنين، كان الخدم يحافظون على المكان بعناية.
“من واجبنا بالطّبع حماية هذا المكان.”
على الرّغمِ من وصولهما المفاجئ، كان القصر جاهزًا بالكامل، كأنّهما غادرا في الصباح و عادَا إليه.
كانت الغرف نظيفة تمامًا، خالية من أيّ رائحة عتيقة أو ذرّة غبار.
“أشعر بالحرج بعض الشيء…”
خدشت روديلا خدّهـا بوجه محرج.
كانت ممتنة، لكنّها شعرت بالأسف أيضًا.
‘بالنسبة لنا، إنّهـا إجازة، لكن بالنّسبة لهم، إنّه حدث كبير بقدوم مالكي هذا المكان.’
بينما كانت تفكّر بهذه الطّريقة،
“تبدين و كأنّـكِ تفكّرين في العمل مجدّدًا.”
كان آيفرت ينظر إليها بالفعل.
تفاجأت روديلا و سعلت بخفّة.
“لا، ليس كذلك.”
وفقًا لادّعاء آيفرت، كان الهدف من هذه الإجازة هو جعلها لا تفكّر في العمل.
قال إنّه خطّط لطرق مختلفة لجعلها تستمتع ، لأنّها نسيتِ كيف تلهـو بسبب كثرة الدراسة و العمل.
ويط يبدو أنّه لم يكن يمزح، فرغم أنّ هذه أول مرة له في هذا القصر، إلا أنّ خطواته كانت واثقة و مباشرة
“هل أنـتَ متأكّد أنّها المرّة الأولى التي تأتي فيها؟”
“نعم، أنا متأكّـد. درستُ خريطة و مخطّط القصر جيدًا لأخطّط كيف أجعلكِ تستمتعين.”
بالنّظر إلى خطواته المرحة، ضيّقت روديلا عينيها قليلًا.
في هذه المرحلة،
“أليس الأمر لأنّـكَ تريد أن تلهو فقط؟”
استدار آيفرت لينظر إليها.
ثمّ أومأ برأسه بثقـة:
“صحيح، أردتُ اللعب معـكِ.”
ها هو مجدّدًا.
تلك الابتسامة التي تجعل أفكارها تتلاشى فجأة.
“…..”
عندما تنظر إلى وجهه، كانت أفكار العمل تختفي من ذهنها فعلًا.
في النهاية، يبدو أنّ هذه الإجازة هي حقًا نوع من الإجازة التي لا يمكن لأحد أن يمحنها لها سوى آيفرت وحده.
* * *
“لابدّ أنّكِ تشعرين بالجوع الآن، أليس كذلك؟”
بعد أن تجوّل في القصر و هز يشرح تصميمه، وصل إلى المطبخ و بدأ يطبخ بنفسه.
‘هل كان هذا الرجل ماهرًا في الطبخ من الأصل؟’
بما أنهما من طبقة النبلاء، لم يكن الطبخ من مهامهما.
لكن مظهره الواثق جعل روديلا تتوقّع شيئًا جيّدًا.
لكن…
“أظن أن النار قويّة اكثر من اللزوم…”
قالت روديلا بنبرة مليئة بالشك بعد نظرة واحدة إلى كومة الحطب المتراكمة في الموقد.
بعد لحظات، بمجرّد أن أشعل النار باستخدام أداة سحريّة، بدأ الدخان يتصاعد من المقلاة.
كانت النار قويّة لدرجة أنّها بـدت و كأنّها مشواة مباشرة. نظرت روديلا إلى الموقد بدهشة.
كان الموقد مليئًا بالنيران.
“هل وضعتُ الكثير من الحطب؟”
بـدا آيفرت مرتبكًا للحظة، ثمّ أخرج بعض الحطب من النار و وضعه في دلو ماء بجانبه.
― هسسس!
أصدر الحطب المشتعل صوتًا عاليًا وتصاعد منه الدخان عند ملامسته الماء، لكن ما أرعب روديلا كان شيئًا آخر.
“النار ، يـدكَ !”
‘أليس ذلكَ ساخنًا؟’
كانت مشكلتها في يـده العارية التي أمسكت الحطب المشتعل .
على الرّغمِ من إمكانية تمديد طول السلسلة، كانت يـده الأخرى مقيّدة بروديلا، لذا كان يتحرّك بيـد واحدة تقريبًا، كأنّـه يؤدّي عرضًا بهلوانيًا.
كان يرتدي مئزرًا مصمّمًا خصيصًا له، و تحرّكاته المفعمة بالحيوية جعلت روديلا تضحك في البداية…..لكنها الآن كانت مصدومة.
“آه.”
أدرك آيفرت المشكلة متأخرًا، فوضعَ يـده في الماء مع الحطب.
“ألم تتـأذّ يـدكَ؟”
“حتّى سحر النار أطفئه بيديّ العاريتين.”
أخرج يـده بلا مبالاة، لكنّه فجأة بدا و كأنّـه تدارك الأمر. ثمّ سأل روديلا:
“إنّها ساخنة، هل تودّيـن النّفـخ عليها؟”
‘هل هو جـادّ الآن؟’
بدلًا من النفـخ، ضربت روديلا ظهره بقوّة.
* * *
في النهاية، نجحَ آيفرت في خلق إجازة تجعلها لا تفكّر في العمل.
كيف يمكن أن تفكّر في العمل وهي مشتّتة تمامًا؟
كلّما هدأت قليلًا، كانت نظرات آيفرت تجعل أيّ أفكار عن العمل أو أيّ شيء آخر تتلاشى من ذهنها.
تلكَ الابتسامة غير المعتادة، المليئة بالتساؤل عن معناها، جعلتها تنسى الفرسان الزرق و قسم الشؤون العامّة تمامًا.
خلال وقت العشاء المزدحم هذا،
“لحسن الحظ، يمكن تعديل طول الأصفاد بسهولة.”
قال آيفرت إنّ الأمر مختلف عن المرّة السابقة، فتذكّرت روديلا تلكَ الأيّام.
عند التفكير في الأمر، فكرة الإجازة بدأت حينها أيضًا.
“إجـزة . معـكِ.”
“في المنزل.”
كانت كلمات تثير كلّ أنواع سوء الفهم.
أرادت أن تسأله إن كان يعنيها بجديّة، لكنّها كانت مشتّتة جدًا لتسأل.
‘ربّما لم أكن بكامل وعيي.’
‘كان يجب أن أعرف سبب احمرار وجهي آنذاك…’
هل كان الأمر سيختلف لو أدركت مشاعرها مبكرًا؟
هل كانت ستمتنع عن التفكير في إلغاء الخطوبة الوشيك بعد منتصف هذه الليلة؟
“هذا…”
قاطـعَ صوت آيفرت تأمّلاتها فجأة.
رفعت عينيها قليلًا، فرأته ينظر إليها.
كانت عيناه الزرقاوان تضيقان كأنّهما تحاولان استشعار أفكارها.
“هذا ليس وجهًا يفكّر في العمل…”
مالت نظرته المتردّدة قليلًا نحوها.
“ما الذي تفكّرين فيه؟”
‘هل يستطيع قراءة أفكاري حين ينظر إلى عينيّ فقط…؟’
كان دقيقًا بشكل لا يُصدّق.
تلعثمت روديلا دونَ وعي:
“صحيح، ليس العمل.”
إذا أردنا أن نكون أكثر دقّة… فهي كانت تفكّر في آيفرت.
“أفكار أخرى.”
“مثل مـاذا؟”
سألها آيفرت.
“كنتُ أفكّـر في شخصٍ ما.”
حاولت روديلا التحدّث بشكلٍ مبهم.
لكن آيفرت و كأنّه شعـر بشيء، سأل بحـدّة:
“رجـل أم امـرأة؟”
لم تفهم لماذا شعرت بغضب في عينيه الزرقاوين.
ردّت روديلا بتـردّد:
“…رجل؟”
اختفت الابتسامة من وجـه آيفرت.
“مَـنْ؟”
كان هناك نفور في صوتـه، كأنّه يشعر بالغضب و الإستياء .
“أنا―”
“أنـتِ دائمًا تفكّرين في الأمور المعقّـدة. إذا كنـتِ تفكّرين في الوضع الحالي، فهل هو دوق بينريكس؟ أم ربّمـا―”
بـدا وكأنّه مستعد لذكر كل رجل تعرفه.
‘لماذا سأفكّر في الدّوق بينريكس ؟’
صرخت روديلا دون وعي:
“أنـتَ، أنـتَ!”
توقّف آيفرت عن الحركة.
“…..”
“…..”
عـمّ صمت محرج للحظة.
أرادت روديلا أن تدفن وجهها بين يديها.
شعرت بدماء تتدفّق إلى وجهها.
“ما الذي تفكّرين فيه؟”
“أفكّر في السير دينيفي؟”
“ههه.”
“ههه، و في السير روديل أيضًا.”
تذكّرت كلمات ذلك الثنائي المزعج من قسم الشؤون العامّة الذي كانا يتبادلان النظرات العاطفيّة.
‘ما الفرق بين هذا الوضع و ذاك؟’
“ما الذي تفكّرين فيه؟” ‘أفكّـر فيكَ أنـتَ.’
آآآآآه!
اشتعل وجـه روديلا عند أدركت بماذا أجابت، فأضافت بسرعة:
“لا، كنـتُ أفكّر في الأصفاد.”
“الأصفاد ما تزال موجودة الآن أيضًا.”
رفـعَ آيفرت ذراعه، فظهرت السلسلة اللامعة مصدرة صوتًا.
“أقصـد المـرّة السّابقة…”
‘المرّة السابقة… عندما لم أكن بكامل وعيي.. لكن حتّى الآن ، لا يبدو أنّني كذلك أيضًا…’
توقّفت روديلا عن الكلام ، ثم استسلمت في النهاية
“على أيّ حال، دعنـا نأكل، سيبرد الطعام.”
دفنت وجهها في الطبق.
عندها سمعت صوت آيفرت و هو يضحك بصوتٍ عـالٍ.
لم تستطع روديلا معرفة ما يفكّر فيه أو كيف فهـمَ كلامها، فأغلقت عينيها بقوّة.
‘آه!’
لحسن الحظ، لم يبـدُ منزعجًا.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 129"