سُمع صوت شهقة متفاجئة، ثم حاولت هي أن تستدير بهدوء إلى الجهة الأخرى.
بدلًا من تمديد طول الأصفاد، ظلّ آيفرت ينظر إليها.
― كلانك.
ظهرت السلسلة اللامعة بشكلٍ طبيعي.
لكن حتّى مع ذلك، تظاهرت روديلا بينما تتمتم بشفتيها بأنّها نائمة، أو كأنّها تهذي في نومها.
‘أعرف أنّـكِ لسـتِ نائمـة.’
شعرَ آيفرت بالارتباك فجأة.
‘نحن أصدقاء، أليس كذلك؟ تريدين أن نبقى أصدقاء حتّى بعد إلغاء الخطوبة، صحيح؟’
لكن…
“من دونـكَ….كيف سأستطيع النوم؟”
هل يقول الأصدقاء مثل هذا الكلام؟
“…..”
هل يمكن للأصدقاء أن يفتنوا بعضهم بابتسامة نقيّـة و جميلة كتلك؟
“ماذا لو لم أذهب في الجولة الخارجيّة؟”
إذا كنتِ تعتبرينني مجرّد صديق…
مرّت أحداث كثيرة في ذهنـه، منذُ أيّام السفينة.
“لا أستطيع تحمّل الإستمرار في العيش بهذه الطّريقة ، من دون إقامة تواصل بصري معكَ حتّى.”
لو كنا مجرّد أصدقاء، هل كنتِ ستقولين هذا؟
‘ربّمـا…..’
أراد آيفرت أن يتجاهل كلّ الاحتمالات الأخرى و يفكّر في شيء واحد فقط.
‘هل يمكنني…..أن أتوهّـم و أسيء الظّن لصالح قلبي؟’
أراد أن يسألها بهذه الطّريقة.
‘هل يمكنني أن أظنّ أنّـكِ تريدينني…..تمامًا كما أريـدكِ؟’
― كلانك.
أمام ضوء السلسلة اللامعة، ظهر وجه روديلا قليلًا.
كانت أذناها محمرّتين كالزهرة تحت الضوء الخافت.
أطلق آيفرت تنهيدة قصيرة.
بينما كان ينظر إلى ضوء الأصفاد الذي يتلاشى، فكّر:
‘إذا جعلتُ هذه الأصفاد ….آخر فرصة لي، فكيف ستتظرين إليّ؟’
نظرَ إلى روديلا.
“…..”
كانت تتظاهر بالنوم لكن أذناها محمرّتان، و أنفاسها مضطربة.
ارتفعت زاوية فـم آيفرت.
“بالفعل… كيف سأعيش من دونـكِ؟”
عند ارتجافها المفاجئ، قبض على أصابعه المرتعشة بقوّة.
في تلكَ اللحظة، اتّخـذ قرار في داخله.
* * *
كلّما كانت الأوضاع مضطربة، كان لا بدّ من أن يعمل شيء واحد على الأقل بشكلٍ صحيح.
فإذا اجتاحت الفوضى كلّ شيء، فحتّى الأمور التي كانت صامدة نسبيًا ستنهار أيضًا.
…هكذا كانت تفكر رئيسة الوزراء أميريس.
لذلك، استمرّ جدول قسم الشؤون العامّة كالمعتاد، و نتيجة لذلك،
وصلت رسالة إلى روديلا، التي كانت تستعدّ للعودة إلى مقرّ فرسان الزرق في اليوم التالي للمأدبة.
[جدول التقرير الدوري الثاني]
كانت فرصة أخرى لإثبات كفاءتها بصفتها مسؤولة الشؤون العامّة في فرسان الزّرق تقترب.
“سيكون هناك جبل من العمل في انتظاري.”
رسمت روديلا ابتسامة جميلة.
حتّى لو كان منصب رئيسة الوزراء القادمة شبه مؤكّد لها، لم يكـن بإمكانها الاستهتار.
كان رايان ديفيلت يعتقد أنّه لا توجد أدلّة قاطعة ضـدّه، لذا ظلّ صامدًا.
و الأهم، أنّه في يوم التمرّد، قيل إنّه منـعَ تحرّك القوات داخل فرسان الحمر، قائلًا إنّه “لا يجب الذهاب هذه المرّة”.
ربّما هذا ما أنقـذه من الاعتقال.
لكن لديهم أدلّة قاطعة لإرساله إلى السجن.
التقرير الدوري سيكون قبـره.
بينما كانت عيناها تلمعان بهذه الفكرة،
“روديلا.”
“آه؟”
اقتربَ وجـه آيفرت فجأة.
“تفكّرين في العمل مجدّدًا، أليس كذلك؟”
“وصلتني هذه الرسالة ، فكيف لا أفكّـر بذلك؟”
رفعت روديلا جدول التقرير الدوري.
ضيّـق آيفرت عينيه، ثمّ انتزع الورقة وقال فجأة:
“هل نذهب في إجازة؟”
“مـاذا؟”
رمشت روديلا.
“في هذا الوضع؟”
الإمبراطورية في حالة اضطراب، و نحن في قلب هذه الفوضى.
لكن آيفرت رفعَ أربع أصابع:
“التحقيق مع المقبوض عليهم ليس عملنا . لقد أنهيتِ إعادة تنظيم فرقة فرسان الزرق . و الفرسان المنهكون من إعادة التشكيل …..يحتاجون فقط إلى وقت للراحة.”
بدأ يطوي أصابعه واحدًا تلو الآخر.
“القبض على بقايا المتمرّدين تتولاّه عائلة رويدن، و اجواء فصيل النبلاء ليست في حالة تسمع لهم بالتّحرك أو فعل شيء.”
طوى كلّ أصابعه.
بمعنى آخر، لا يوجد شيء يتطلّب تحرّكنا…
خدشت روديلا خدّهـا.
كان كلامه منطقيًا، لكن هناك شيء يُسمّى حالة الطوارئ.
بينما كانت على وشك الردّ،
“و الأهم…”
لم ينتهِ كلام آيفرت.
“أريـدكِ أن ترتاحي قليلًا. لم ترتاحي ليومٍ واحد حتّى منذُ يوم التمرّد.”
كان يتحدّث عن يوم التمرّد.
“حسنًا، الوضع كان في حالة طوارئ…”
“إذا استمررتِ على هذه الوتيرة، ستنهارين.”
كتّـف آيفرت ذراعيه.
“إذا لم أقم بإبعـادكِ عن العمل تمامًا ، فأنـتِ لا تفكّرين إلّا فيه ، لذلك …دعينا نذهـب في إجازة.”
بـدت مهارته في قول الحقائق الصادمة موهبة خاصّة به.
خدشت روديلا خدّها مرّة أخرى.
“كلامكَ صحيح، لكن هل سنحصل على إذن؟ و كم سنبقى؟”
“ثلاثة أيّام تقريبًا؟”
ردّه السريع أوحى أنّ لديه خطّـة جاهزة.
مع أعمال عائلة رويدن و مهامّه في فرقة الفرسان الزّرق، كان يبدو مشغولًا للغاية، فمتى وجـدَ الوقت للتخطيط لذلك؟
كانا جالسين جنبًا إلى جنب بسبب الأصفاد، لكنّها لم تلاحظ شيئًا.
كان آيفرت يمازحها دائمًا قائلًا إنّها لا تنتبـه حتّى لو تـمّ حملها عندما تركّـز ، لكنّها لم تتوقّع أن تكون غير مدركة لهذه الدرجة.
شعرت بالحيرة.
لكن، مهما يكن،
للحصول على إجازة، يجب أن يوافق قائد فرقة الفرسان الزّرق لاتيني، وكذلك رئيسة الوزراء أميريس.
و كأن آيفرت قد قرأ أفكارها، صفق بيـده ليجذب انتباهها.
“إذا حصلتُ على الإذن، ستأتين معي، صحيح؟”
عندما رأت ابتسامته الواثقة و المطمئنة، شعرت روديلا أنّ أفكارها المعقّدة تتبدّد.
عادةً، كان هذا تعبيره عندما يخطّط لشيءٍ ما.
لكنّ اتّباعه كان يحـلّ الأمور المعقّدة بطريقةٍ غريبة أحيانًا.
كان شعورًا مدمنًا . شعور بالراحة يجعلها تريد اتباعه دونَ تفكير أو حذر.
ربّما لهذا السبب، قبل أن يستطيع عقلها إيقافها، أومأت روديلا برأسها و كأنّها مسحورة.
* * *
“إجازة؟”
في القصر الإمبراطوري، تـمّ إعداد مكتب مؤقّت لقائد الفرسان الزّرق بسرعة.
في الأصل، كان يُفترض أن يكون الفرسان الزّرق و الفرسان الحمر خارج القصر، لكن الكثير من الأمور تغيّـرت بعد يوم التمرّد.
لم يتمّ إنشاء مكان للفرسان الحمر، لكن تـمّ تخصيص مكان للفرسان الزرق داخل القصر.
وكان أوّل ما أُنشئ هو مكتب قائد فرقة الفرسان الزّرق لاتيني.
لم يكـن لاتيني سعيدًا بذلك.
“مكتبان يعنيان عملًا مضاعفًا، أليس كذلك؟”
على الرّغمِ من تذمّره ، و حتّى بعد أن دخل إلى القصر ، أصبح وقته أكثر فراغًا من قبل.
لم يستطع القيام بمهام المرتزقة أو الحدادة لفترة، ولم يكن التحقيق يأخذ يومه بأكمله.
كلّ ما تبقّى كان صراعًا مع الأوراق المزعجة الناتجة عن معالجة الوضع بعد التمرّد.
لذلك، لم يكن في مزاج جيّد.
و فجأة، جاء نائب القائد و مسؤولة الشؤون العامّة و هما يتحدّثان عن إجازة؟
لو كان شخص آخر مكانه ، لكان قد قلـبَ طاولة العمل و اعتبرها فكرة سخيفة، لكن لاتيني كان مختلفًا.
“بالطبع يجب أن تأخذا قسطًا من الراحة.”
كان رجلًا يعرف الطريقة الحكيمة.
“لكن…”
أشار بيـده إلى كومة الأوراق على طاولة العمل.
“عندما تعودان، هل ستساعدان في معالجة هذه؟”
“بالطبع.”
ابتسم آيفرت بثقة.
لكن روديلا توقّفت للحظة.
‘لم يكن هذا هو سبب عدم إرسال تلك الأوراق إلى القائد منذ أيام…أليس كذلك؟’
الوجهة التالية كانت مكتب أميريس.
كانت هي أيضًا غارقة في العمل، و وجهها يحمل علامات الإرهاق.
توقّعت روديلا أن تُعارض هذه المرّة، لكن أميريس تحدّثت ببساطة:
“آه، احتفال بعيد الميلاد؟ تهانيّ ، يا روديلا. ليس سيئًا أن تأخذي قسطًا من الراحة بهذه المناسبة.”
ثمّ قالت شيئًا جعل روديلا تشعر بالخوف:
“بمجرّد الإعلان رسميًا عن منصب رئيسة الوزراء القادمة ، قد لا تجدان وقتًا لتكونا معًـا. النظرات التي ستوجّه إليكما ستكون كثيرة.”
ثم ابتسمت بلطف جميل.
“استمتعا جيّدًا قبل ذلك. الإجازة… أما بالنّسبة للمكان ..آه، لديكما قصركما، أليس كذلك؟”
“نعم.”
‘إذن سنذهب إلى هناك؟’
شعرت روديلا بإحساس غريب وهي ترى وجهة الإجازة تُحدّد بسلاسة.
أدركت ماهيّة هذا الشعور فقط عندما أنهى آيفرت تحيّاته الرسميّة مع أميريس، و استدار ليبتسم لها بثقـة.
‘كان هذا هو تعبير رئيسة الوزراء قبل أن تغمر قسم الشؤون العامّة بالعمل!’
تذكّرت كلمات أميريس الثمينة من أيّام عملها في قسم الشؤون العامّة:
“يجب أن تأخذي نفسًا قبل أن تموتي تحت وطأة العمل، أليس كذلك؟”
شحـب وجه روديلا.
حتّى لو كانت تحـبّ العمل، فذلك عندما يكون في حدود قدرتها على التحمّل.
“أنا―”
‘هل أتراجع الآن؟’
في تلكَ اللحظة التي نظرت فيها إلى مكتب أميريس،
“ستوفين بوعـدكِ، أليس كذلك؟”
سألها آيفرت.
“…..”
لماذا أشعر و كأنّني أُسحَب إلى شيء ما….؟
لكن في النهاية، أومأت روديلا برأسها.
― كلانك، كلانك.
و كأنّـه يرفض قبول إلغاء الإجازة. عندما هـزّت روديلا مقبض الباب، كان باب مكتب رئيسة الوزراء مغلقًا بإحكام.
و تلك اللّحظة جعلتها تشعر بالخوف ممّا ينتظرها بعد الإجازة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 128"