بـدت الأقسام المختلفة في القصر الإمبراطوري متردّدة في دخول القلعة الداخليّة، ربّما بسبب الارتباك النّاجم عن التغيّرات السياسيّة المفاجئة.
كان النّبلاء الذين يحجمون عن الحركة في الأجواء المتوتّرة و القاتلة إمّا من الأطراف الدنيا في الفصيل الأرستقراطيّ، أو من المحايدين، أو من مؤيّدي الإمبراطور.
في المقابل، كان نبلاء الفصيل الأرستقراطيّ هادئين، بل بدا عليهم شيء من السكينة و الثّقة غير المفهومة.
بينما كان الجميع يدخلون قاعة المثول، كلٌّ بحسب ظروفـه.
تلقّى آيفرت مذكّرة من شخصٍ جاء عبر ممرّ سرّي من عائلة رويدن.
[السّير لاتيني موديلاك ينتظر بالقرب من القصر الإمبراطوري مع الوزيرة آميريس.]
كلاهما معًـا؟
أظهرت روديلا إصبعين للشخص الذي سلّمها المذكّرة، فكتبَ هذا الأخير على ورقة أخرى وأراها إيّاها:
[لقد قرّرا أنّ القدوم معًـا هو الأكثر أمانًا.]
يبدو أنّهم تحدّثوا مع السّير لاتيني و رئيسة الوزراء آميريس أيضًا.
حسنًا، مع عدم اليقين بشأن كيفيّة تطوّر الأوضاع، كان من المنطقي أن تكون رئيسة الوزراء آميريس في أمان بجوار السّير لاتيني.
ابتسمت روديلا بخفّة.
‘لا شكّ أنّ رئيسة الوزراء آميريس شعرت بالحماس.’
تخيّلت روديلا تلكَ المشاعر و اضطرّت إلى خفض رأسها.
تداخلت ذكرياتها بركوب الخيل وهي في أحضان شخصٍ ما.
‘ عـودي إلى رشـدكِ، روديلا.’
تنفّست بسرعة، ثـمّ:
― كوونغ.
أُغلق باب قاعة الاستقبال بصوتٍ ثقيل.
بدأ ثلاثة أشخاص، باستثناء الماركيز شوان الذي كانت عيناه مغطّاتان، ينظرون إلى القاعة من خلال ثقب صغير.
* * *
كان الدّوق بينريكس يضع تعبيرًا جدّيًّا للغاية، على عكسِ ما يدور في قلبـه.
بما أنّ الإمبراطور قد توفيّ ، فإنّه الوحيد الذي يحمل دماء العائلة الإمبراطوريّة، و بـدا تعبيره كأنّـه يحمل عزمًا على إصلاح الإمبراطوريّة التي بدأت تتزعزع.
“هل تجمّـع الجميع؟”
أضاف صوته إلى الصّمت الثّقيل الذي ساد قاعة الاستقبال.
“ربّما سمـعَ بعضكم الخبر و البعض الآخر لم يسمعه بعد، لكنّني أحمل خبرًا صادمًا. اليوم، قُتل جلالة الإمبراطور على يـد القتلة.”
انتشر الذّهول بين النّبلاء الذين كانوا يعملون في أقسام القصر، و الذين لم يكونوا على اطّلاع بالأخبار الخارجيّة بسبب سيطرة الفرسان.
“ما الذي تعنيـه؟!”
“أين جلالة الإمبراطور؟!”
“هل كان قدوم الفرسان له علاقة بـ…؟”
قال الدّوق بينريكس وسط همهمات النّاس:
“جلالة الإمبراطور يرقد الآن في البرج الشّمالي.”
كان وجهه غارقًا في الحزن.
“لقد نقلناه إلى البرج الشّمالي لحمايتـه، لكنّ القتلة فجّـروا حتّى الدّرج الذي كان من المفترض أن يهرب منه، و هاجموه في النهاية.”
“من أين أتوا…؟!”
“ماذا كان فرسان الحراسة و الحرس الإمبراطوري يفعلون؟!”
أمام أولئك الذين كانوا يصرخون بعدم تصديق:
― بانغ!
ضرب الدّوق بينريكس الأرض بقدمـه.
“الحرّاس الإمبراطوريّون و فرسان الحراسة هم الخونة! لقد فتحوا الطّريق للقتلة! حتّى القتلة الذين هاجموني أنا و جلالته في البداية تمكّنوا من ذلك بسببهم!”
صرخَ بحزن شديد.
ازدادت همهمات النّاس.
“لا نعرف من أين أتى القتلة، لكنّ وجهتهم الأخيرة كانت قصر رئيسة الوزراء.”
توقّفت حتّى همهمات النّاس عند كلام الدّوق بينريكس.
“و رئيسة الوزراء آميريس لا يمكن التّواصل معها. بل إنّنا فقدنا الاتصال حتّى مع الفرسان الذين أُرسلوا إلى هناك.”
“إذن…”
كانت تعابير النّبلاء في أقسام القصر تعكس عدم التصديق.
من الوضع الحالي، ألا يبدو أنّ رئيسة الوزراء آميريس هي مَـنْ أرسلت القتلة؟
بالطّبع، لو كانت هي، لكان بإمكانها استمالة الحرس الإمبراطوري و الفرسان، لكن لماذا؟
أليست هي العمود الرّئيسي لفصيل مؤيّدي الإمبراطور؟
“حتّى الدّوق رويدن، الغائب عن هذا المكان، لا يمكننا إلا أن نشـكّ فيه. منذُ وقوع الحادث في القصر، استدعيناه مع فرقة الفرسان الزّرق، لكنّه لم يـأتِ.”
“كان معروفًا أنّ العلاقة بينه و بين جلالة الإمبراطور لم تكن جيّدة.”
“ظننتُ أنّ الأمور تحسّنت قليلاً مؤخرًا…”
انتشرت الهمهمات مجدّدًا بين النّاس.
“لذا، نخطّط أوّلاً لتفتيش قصر رئيسة الوزراء و قصر رويدن بدقّـة لمعرفة ما إذا كان هناك شيء مريب.”
تنهًّد الدّوق بينريكس.
“آمل ألّا يكون هناك أيّ شبهة على الاثنين. لقد كانا من أعمدة الإمبراطوريّة…”
بينما كان يتحدّث و كأنّه حزين حقًا:
― تونغ!
فجأة، سقطت زخرفة تحتوي على فتحة تهوية من سقف قاعة الاستقبال.
“ما هذا؟!”
بينما كان النّبلاء يتراجعون مذعورين، نزلَ شخص مربوط بحبل من السّقف.
“…؟”
كان ذلكَ الماركيز شوان.
“ماذا؟”
نظر النّاس إليه بذهول، ثمّ تتبّعوا الحبل بنظرهم إلى الأعلى.
إذا كان الشّخص ينزل بهدوء، فلا بدّ أنّ هناك من يمسك بالحبل، أليس كذلك؟
بينما كانت الأنظار تتّجـه إلى الأعلى:
“آه!”
سقط الماركيز شوان، الذي كان ينزل بعصبيّة، على الأرض.
ثمّ قفـزَ شخص آخر إلى جواره.
“جلالة الإمبراطور قد حضر.”
كان ذلك آيفرت الذي يحمل الإمبراطور بنظرة متجهّمـة.
وضعَ الإمبراطور على الأرض بطريقةٍ غير مبالية، ثمّ رفـعَ نظره إلى السّقف.
“آه!”
“جلالة الإمبراطور؟”
لم يكن النّبلاء، و معظمهم من أقسام القصر، ليعجزوا عن التعرّف على الإمبراطور حتّى لو تغيّرت ملابسه قليلاً.
كان الإمبراطور، الذي يرتدي زيًّا أسود كالقتلة، يحدّق بهم مباشرة.
― تشارك!
في تلكَ اللحظة، برزت سلسلة لامعة من السّقف.
كان طرف السّلسلة المتصل بآيفرت مربوطًا بالسّقف.
ثمّ:
― باك!
قفزت روديلا بخفّـة من الأعلى.
أمسكـها آيفرت بلطف، على عكس تعامله مع الإمبراطور أو الماركيز شوان، و كأنّـه شخص آخر، ثمّ وضعها على الأرض.
في تلكَ اللحظة، سـاد الصّمت قاعة الاستقبال.
أليس معنى وجودهم هناك أنّ جلالة الإمبراطور سمعَ كلّ شيء؟
بل قبل ذلك، إذا كان الإمبراطور على قيد الحياة، فما الذي كان يتحدّث عنه الدّوق بينريكس ؟
بينما كانت الأنظار تتحرّك بسرعة:
“سمعتُ شائعـةً عن موتي، يا عمّي.”
تحدّث الإمبراطور.
كان تعبير الدّوق بينريكس ، وهو ينظر إلى الإمبراطور، مليئًا بالذّهول.
“كيف…؟”
لم يكن ذلكَ تمثيلاً.
كان مندهشًا حقًا.
ألم يتأكّد من موتـه بنفسه؟
“لقد بكيتَ بحزن على موتي، لكن عندما عـدتُ، لم تفرح حتّى.”
تحدّث الإمبراطور.
فتح الدّوق بينريكس فمـه ثمّ قال:
“جلالتك، لقد كنتَ بالتأكيد…”
“ميّـتًـا؟”
قاطعـه آيفرت.
أشار إلى البرج و قال:
“بما أنّـكَ أرسلتَ قتلة مزوّدين بأدوات قويّة بما يكفي لتدمير درج البرج الشّمالي، كان عليكَ أن تتوقّع ألّا تتمكّن من التعرّف على وجه الجثّـة.”
أكّـد آيفرت أنّ الجثّـة التي رآها الدّوق بينريكس لم تكن جثّـة الإمبراطور، بل جثّـة القاتل.
“أدوات؟ ما الذي تعنيه؟ ما الذي يحدث هنا؟”
سأل أحد النّبلاء أخيرًا.
نظرَ آيفرت إلى شوان.
“أحضرتُ الشّاهد، فاستمعوا إليه.”
عند هذا، فتحَ الماركيز شوان فمـه و هو يرتجف:
“هذا تمرّد من الدّوق بينريكس. هو مـنْ أرسل القتلة.”
“ما الذي تقوله؟ هذا الهراء قد يُساء فهمـه من قبل جلالته!”
انتفض الدّوق بينريكس.
بـدت عينا شوان خائفتين عندما تقابلتا مع عيني الدّوق، لكنّه لكونه مدركًا أنّ قبضة آيفرت كانت أقرب، فتحَ فمـه:
“الدّوق بينريكس هو مَـنْ أرسل القتلة! كان يخطّط للسيطرة على القصر الإمبراطوري و الإمبراطوريّة بمجرّد تلقّيه إشارة موت الإمبراطور في البرج الشّمالي!”
و هكذا بدأت اعترافات الماركيز شوان التي قلبت الموازين.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 121"